الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم (وأجاب عن حديث الباب) من قال بالقنوت في الصبح دائمًا بأن المراد ترك القنوت في غير الصبح من الصلوات لحديث أنس لم يزل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقنت حتى فارق الدنيا. وقد علمت ما فيه، وعلمت أن الراجح أن القنوت خاص بالنوازل في الصبح وغيرها
"وما رواه" الدارقطني من طريق مطرت أبي الجهم عن البراء بن عازب قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها "محمول" على النوازل كما يؤيده حديث ابن عباس المتقدم "وما رواه" أيضًا من طريق محمَّد بن يعلي بن زنبور عن عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن أم سلمة قالت نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن القنوت في الفجر "فهوضعيف" قال الدارقطني محمَّد بن يعلى وعنبسة وعبد الله بن نافع كلهم ضعفاء ولا يصح سماع لنافع عن أم سلمة اهـ
وعلى تقدير صحته فهومحمول على غير النازلة
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه والبيهقي.
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا بِشْرُ بْنُ مُفَضَّلٍ نَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- صَلَاةَ الْغَدَاةِ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قَامَ هُنَيَّةً.
(ش)(قوله من صلى مع النبي) هوأنس كما في التقريب وتفيده الرواية السابقة
(قوله هنية) بضم الهاء وفتح النون وتشديد المثناة التحتية تصغير هنة. وفي رواية الدارقطني هنيهة أي قام صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد رفع رفع رأسه من الركوع زمنًا يسيرًا يمجد الله فيه ويثنى عليه
(والحديث) أخرجه أيضًا النسائي.
(باب فضل التطوع في البيت)
(ص) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَزَّازُ نَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ نَا عَبْدُ اللهِ -يَعْنِي ابْنَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ- عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ احْتَجَرَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- في الْمَسْجِدِ حُجْرَةً فَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَخْرُجُ مِنَ اللَّيْلِ فَيُصَلِّي فِيهَا قَالَ فَصَلَّوْا مَعَهُ بِصَلَاتِهِ -يَعْنِي رِجَالًا- وَكَانُوا
يَأْتُونَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي لَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَتَنَحْنَحُوا وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَحَصَبُوا بَابَهُ -قَالَ- فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- مُغْضَبًا فَقَالَ "يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا زَالَ بِكُمْ صَنِيعُكُمْ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنْ سَتُكْتَبَ عَلَيْكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ في بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ في بَيْتِهِ إِلَاّ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ".
(ش)(رجال الحديث)(مكي بن إبراهيم) بن بشير بن فرقد التميمي الحنظلي أبو السكن البلخي. روى عن أيمن بن نابل وبهز بن حكيم وأبي حنيفة ومالك وابن جريج وكثيرين. وعنه البخاري ومحمد بن حاتم وأحمد بن أبي سريج ومجاهد بن موسى وجماعة، وثقة أحمد وابن معين والعجلي والدارقطني. وقال أبو حاتم محله الصدق، وفي تهذيب التهذيب قال الخليلي ثقة متفق عليه وأخطأ في حديثه عن مالك عن نافع عن ابن عمر في الصلاة على النجاشي، والصواب عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة اهـ. توفي سنة أربع عشرة أو خمس عشرة ومائتين. روى له الجماعة
و(عبد الله بن سعيد) بن أبي هند الفزاري مولاهم أبو بكر المدني. روى عن أبي أمامة ابن سهل وسعيد بن المسيب وإسماعيل بن أبي حكيم وبكير بن الأشج وعامر بن عبد الله ونافع مولى ابن عمر وجماعة. وعنه مالك وابن المبارك ووكيع وإسماعيل بن جعفر وسليمان ابن بلال وآخرون، وثقة أحمد ويعقوب وابن معين وابن سعد والعجلي وابن المديني وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ وقال أبو حاتم ضعيف الحديث. مات سنة ست أوسبع وأربعين ومائة. روى له الجماعة.
و(أبو النضر) سالم بن أبي أمية تقدم بالثاني صفحة 260
(معنى الحديث)
(قوله احتجر رسول الله الخ) أي اتخذ له حجرة من الحصير في المسجد. وكان ذلك في رمضان كما تقدم، واتخذها ليصلي فيها تطوعًا ولينفرد للعبادة فيتفرغ قلبه لها والظاهر أنه كان معتكفًا فجعل الحصير ليحجزه عن الناس حال الأكل والنوم، ويؤخذ منه جواز اتخاذ الحجرة في المسجد من حصير ونحوه لكن بشرط ألا يحجز أكثر مما يسعه وإلا حرم إن كان ثمة من يحتاج لذلك المحل لما فيه من التضييق على المصلين. أما لو علم أن الناس وإن كثروا في المسجد لا يحتاجون لما حجزه فلا حرمة
(قوله فكان يخرج من الليل الخ) أي يخرج من بيته ليلًا ليصلي في الحجرة ويصلي الناس معه فتأخر ليلة في البيت ولم يخرج فاجتمع الناس ورفعوا أصواتهم بالتنحنح ورموا بابه بالحصباء لظنهم أنه قد نام كما تقدم ولإعلامه
بحضورهم ليخرج إليهم
(قوله مازال بكم صنيعكم الخ) أي استمر حرصكم على المحافظة على صلاة التراويح في الجماعة حتى ظننت أنها ستفرض عليكم ولو فرضت عليكم ما قمتم بها كما في رواية النسائي فصلوا صلاة التطوع في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المفروضة فإنها في المسجد أفضل (وبالحديث) استدل على أن صلاة التراويح في البيت أفضل وأنها تصلى جماعة وانفرادًا، والجمهور على أن الأفضل في زماننا صلاتها بالمسجد جماعة
(وأجابوا) عن الحديث بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إنما قال فعليكم بالصلاة في بيوتكم خوف الافتراض وقد زال الخوف بوفاته فارتفع المانع وصار فعلها في المسجد جماعة أفضل لأنها من الشعائر الظاهرة فأشبهت صلاة العيد والكسوف والاستسقاء. قال ابن حجر وبه أخذ أئمتنا فقالوا يسن فعل النوافل التي لا تسن فيها الجماعة في البيت فهوأفضل منه في المسجد ولو الكعبة أو الروضة الشريفة لأن فضيلة الاتباع تربوعلى فضيلة المضاعفة ولتعود بركتها على البيت ولأنه أبعد عن الرياء وإن خلا المسجد اهـ
قال صاحب المرقاة والظاهر أن الكعبة والروضة الشريفة تستثنيان للغرباء لعدم حصولهما في مواضع أخر فتغتنم الصلاة فيهما قياسًا على ما قاله أئمتنا إن الطواف للغرباء أفضل من صلاة النافلة اهـ.
(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم والترمذي والنسائي والبيهقي مختصرًا ومطولًا.
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللهِ أَنَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "اجْعَلُوا في بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا".
(ش) هذا الحديث تقدم في باب صلاة الرجل التطوع في بيته من الجزء السادس وذكر هنا للمناسبة (يحيى) بن سعيد القطان. و (عبيد الله) بن عمر بن حفص العمري تقدم بالأول صفحة 271.
(معنى الحديث)
(قوله اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم) أي اجعلوا بعض صلاتكم وهي النافلة مؤداة في بيوتكم. فمن تبعيضية مفعول أول وفي بيوتكم مفعول ثان قدم اهتمامًا بشأن البيوت وأن من حقها أن تؤدي فيها النوافل لتستنير
(قوله ولا تتخذوها قبورًا) أي لا تجعلوها كالقبور مهجورة من الصلاة فيها، وهو من التمثيل البديع حيث شبه البيت الذي لا يصلي فيه بالقبر والغافل عن الطاعة بالميت. وقيل معناه لا تدفنوا فيها موتاكم فيكون من باب الحقيقة
(ويؤخذ) من حديثي الباب فضل صلاة التطوع في البيت. وتقدم الكلام عليه في "باب صلاة الرجل التطوع في بيته"
(باب)
كذا في جميع النسخ باب بلا ترجمة كأنه تتمة لما قبله، فقد ذكر فيه فضيلة طول القيام في النافلة
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَا حَجَّاجٌ قَالَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَلِيٍّ الأَزْدِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُبْشِيٍّ الْخَثْعَمِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ "طُولُ الْقِيَامِ". قِيلَ فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ "جُهْدُ الْمُقِلِّ". قِيلَ فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ قَالَ "مَنْ هَجَرَ مَا حَرَّمَ الله عَلَيْهِ". قِيلَ فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ قَالَ "مَنْ جَاهَدَ الْمُشْرِكِينَ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ". قِيلَ فَأَيُّ الْقَتْلِ أَشْرَفُ قَالَ "مَنْ أُهْرِيقَ دَمُهُ وَعُقِرَ جَوَادُهُ".
(ش) هذا الحديث تقدم للمصنف في باب افتتاح صلاة الليل بركعتين من الجزء الساب مقتصرًا على أول سؤال هنا وجوابه (حجاج) بن محمَّد تقدم بالأول ص 95، وكذا (ابن جريج) عبد الملك ابن عبد العزيز صفحة 74 و (عبد الله بن حبشي) بضم الحاء المهملة وسكون الباء الموحدة وكسر الشين المعجمة ومثناة تحتية ثقيلة، تقدم بالسابع صفحة 254
(قوله أي الأعمال أفضل) أي أعمال الصلاة أفضل فأل في الأعمال للعهد وتقدم الكلام على هذه الجملة
(قوله جهد المقل) الجهد بالضم الوسع والطاقة وبالفتح المشقة والغاية. والمراد هنا الأول. والمقل بضم الميم وكسر القاف وتشديد اللام الفقير الذي معه شيء قليل أي أن أفضل الصدقة ما يتصدق به قليل المال على قدر طاقته ووسعه. وكانت صدقة الفقير أفضل من صدقة الغني لأن الفقير يتصدق بما يحتاج إليه بخلاف الغني فإنه يتصدق بفضول ما له. وهذا نظير ما أخرجه النسائي من حديث أبي ذر والحاكم وابن حبان من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال سبق درهم مائة ألف درهم رجل له درهمان أخذ أحدهما فتصدق به ورجل له مال كثير فأخذ من عرضه مائة ألف درهم فتصدق بها. ولا تنافي بين هذا وبين ما رواه البخاري ومسلم عن حكيم بن حزام من قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خير الصدقة ما كانت عن ظهر غنى. فإن حديث الباب ونحوه محمول على قوي الإيمان الذي يصبر على الفاقة ويكتفي بأقل الكفاية.
وحديث حكيم محمول على ضعيف الإيمان، ويحتمل أن المراد بالغنى في حديث حكيم غنى القلب الذي يصبر صاحبه على الجوع والشدة وهو المراد بالمقل في حديث الباب فيكون المعنى أن تصدق الفقير الغني القلب