الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب من لم ير السجود في المفصل)
أي في بيان دليل من قال لا سجود في المفصل
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ نَا أَزْهَرُ بْنُ الْقَاسِمِ -قَالَ مُحَمَّدٌ رَأَيْتُهُ بِمَكَّةَ- نَا أَبُو قُدَامَةَ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
(ش)(رجال الحديث)(أزهر بن القاسم) الراسبي أبو بكر البصري. روى عن أبي قدامة الحارث بن عبيد وهشام الدستوائي والمثنى بن سعيد. وعنه أحمد وإسحاق ومحمود بن غيلان ومحمَّد بن رافع وآخرون. وثقه أحمد والنسائي. وقال أبو حاتم شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ، وقال في التقريب صدوق من التاسعة. روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه
(قوله قال محمَّد رأيته بمكة) أي قال محمَّد بن رافع رأيت أزهر بمكة، ولعله أتى بها لدفع ما يتوهم من أنه ما اجتمع عليه.
و(مطر الوراق) هو ابن طهمان أبو رجاء الخراساني السلمي روى عن عكرمة وعطاء وحميد بن هلال ورجاء بن حيوة وشهر بن حوشب وكثيرين. وعنه إبراهيم بن طهمان والحمادان وروح بن القاسم وسعيد بن أبي عروبة وشعبة وجماعة. ضعفه ابن معين وابن سعد وقال العجلي صدوق وقال أبو بكر البزار لا بأس به وقال أبو داود ليس عندي بحجة ولا يقطع به في حديث إذا اختلف وقال الساجي صدوق يهم وقال ابن حبان ربما أخطأ قيل مات سنة خمس وعشرين ومائة. روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي
(معنى الحديث)
(قوله لم يسجد في شيء من المفصل الخ) احتج به مالك ومن وافقه على أنه لا سجود في المفصل، لكن الحديث ضعيف لأنه من طريق أبي قدامة وهوضعيف قال فيه ابن حبان كان ممن كثر وهمه حتى خرج عن جملة من يحتج بهم إذا انفرد وقال الساجي عنده مناكير وضعفه ابن معين وقال أبو حاتم ليس بالقوى يكتب حديثه ولا يحتج به وقال أحمد مضطرب الحديث، وفيه أيضًا مطر الوراق وتكلم فيه بعضهم كما علمت وقد عيب على مسلم إخراج حديثه وعلى تقدير صحته فتقدم رواية من أثبت السجود في المفصل كما سيذكره المصنف بعد إذ المثبت مقدم على النافي ولعل ابن عباس لم يطلع على سجوده صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في المفصل فقال بما علم
(والحديث) أخرجه أيضًا البيهقي
(ص) حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ نَا وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
قُسَيْطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- النَّجْمَ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا.
(ش)(ابن أبي ذئب) محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب و (يزيد بن عبد الله بن قسيط) بضم القاف ابن أسامة وعطاء بن يسار وغيرهم. وعنه ابناه عبد الله والقاسم ومالك وابن إسحاق والليث بن سعد وآخرون، وثقة النسائي وابن حبان وابن عبد البر وابن سعد وقال كان كثير الحديث، وقال ابن معين ليس به بأس. مات بالمدينة سنة اثنتين وعشرين ومائة. روى له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله قرأت على رسول الله النجم الخ) من أدلة من قال إن المفصل لا سجود فيه ومن قال لا سجود في آخر النجم خاصة وهو قال عطاء وأبي ثور والحسن البصري وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وعكرمة وطاوس. وأجاب عنه من قال بالسجود في المفصل وبالسجود في النجم بأن تركه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم السجود لاحتمال أنه كان غير متطهر حينئذ أو أن الوقت كان وقت كراهة أو أنه لم يسجد لبيان الجواز. قال في الفتح وهذا أرجح الاحتمالات وبه جزم الشافعي اهـ
ويؤيده ما ذكره المصنف بعد من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سجد فيها
(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم والبيهقي والنسائي وأحمد والترمذي والدارقطني
(ص) حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ نَا أَبُو صَخْرٍ عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- بِمَعْنَاهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ كَانَ زَيْدٌ الإِمَامَ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا.
(ش)(رجال الحديث)(أبو صخر) هو حميد بن زياد بن أبي المخارق المدني الخراط. روى عن أبي صالح السمان وسلمة بن دينار ونافع وكريب ومكحول وجماعة. وعنه حيوة ابن شريح وعبد الله بن وهب ويحيى القطان وحاتم بن إسماعيل، وثقه الدارقطني وقال أحمد لا بأس به وضعفه النسائي وابن معين. قيل مات سنة تسع وثمانين ومائة. روى له مسلم وأبو داود الترمذي وابن ماجة والبخاري في الأدب، و (خارجة بن زيد بن ثابت) الأنصاري. روى عن أبيه أسامة بن زيد وسهل بن سعد. وعنه ابنه سليمان وابنا
أخويه سليمان بن زيد بن ثابت وقيس بن سعد بن زيد والزهري وعثمان بن حكيم وجماعة، وثقه العجلي وابن سعد وقال كان كثير الحديث، وقال أبو الزناد كان أحد الفقهاء السبعة (المعنى)
(قوله بمعناه) أي معنى حديث ابن أبي ذئب السابق. ولا يقال إن في سند الحديث اضطرابًا لأن ابن قسيط رواه مرة عن عطاء وأخرى عن خارجة لاحتمال أن يكون لابن قسيط فيه شيخان
(قوله وكان زيد الإِمام فلم يسجد) بنصب الإِمام خبر كان والمراد أن زيدًا كان هو القارئ وأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يسمع فلم يسجد. وأراد المصنف بهذا الجواب عن عدم سجود النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. قال الترمذي حديث زيد بن ثابت حديث حسن صحيح. وتأول بعض أهل العلم هذا الحديث فقال إنما ترك النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم السجود لأن زيد بن ثابت حين قرأ فلم يسجد لم يسجد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم.
وروى الشافعي مرسلًا عن عطاء بن يسار أن رجلًا قرأ عند النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فسجد فسجد النبي ثم قرأ آخر عنده السجدة فلم يسجد فلم يسجد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال يا رسول الله قرأ فلان عندك السجدة فسجدت وقرأت فلم تسجد فقال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كنت إمامنا فلو سجدت سجدت.
وروى ابن أبي شيبة من طريق ابن عجلان عن زيد بن أسلم قال إن غلامًا قرأ عند النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم السجدة فانتظر الغلام النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلما لم يسجد قال يا رسول الله ليس في هذه السجدة سجود قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بلى ولكنك كنت إمامنا ولو سجدت لسجدنا
(ورواية أبي صخر) أخرجها الطبراني والدارقطني عنه عن يزيد بن قسيط عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال عرضت النجم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلم يسجد منا أحد. قال أبو صخر وصليت وراء عمر بن عبد العزيز وأبي بكر بن حزم فلم يسجدا فيها
(والحديث) أخرجه أيضًا البيهقي
(باب من رأى فيها سجودًا)
أي باب في دليل من رأى في النجم سجودًا وكذا غيرها من المفصل
(ص) حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ نَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ سُورَةَ النَّجْمِ فَسَجَدَ فِيهَا وَمَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلَاّ سَجَدَ فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى وَجْهِهِ
وَقَالَ يَكْفِينِي هَذَا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا.
(ش)(قوله قرأ سورة النجم) وكان ذلك في مكة كما صرح به في رواية للبخاري عن غندر وهي أول سورة نزلت فيها آية السجدة كما في رواية للبخاري عن الأسود بن يزيد عن ابن مسعود قال أول سورة أنزلت فيها سجدة النجم الخ
(قوله فسجد فيها) أي سجد عواقب الفراغ منها وفي نسخة فسجد بها أي بسبب تلاوتها
(قوله وما بقي أحد من القوم إلا سجد) المراد بالقوم الإنس والجن مؤمنهم ومشركهم كما في رواية للبخاري عن ابن عباس وفيها أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس. وسجد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم امتثالًا لأمر الله تعالى بالسجود في قوله (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا) ، وشكرًا للنعم العظيمة المعدودة في السورة، وسجد المؤمنون تبعًا له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وسجد المشركون لسماع أسماء آلهتهم من اللات والعزى أولما ظهر من سطوة سلطان العز وسطوع الأنوار العظيمة والكبرياء من توحيد الله عز وجل وصدق رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حتى لم يبق لهم شك ولا أثر جحود واستكبار إلا من كان أشقى القوم وأطغاهم وهو من أخذ كفًا من حصى أوتراب فرفعه إلى وجهه. قال القاضي عياض أما ما يرويه الأخباريون والمفسرون أن سبب ذلك ما أجرى الله عز وجل على لسان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الثناء على آلهة المشركين فباطل لا يصح فيه شيء من جهة النقل ولا من جهة العقل لأن مدح إله غير الله عز وجل كفر لا يصح نسبة ذلك إلى لسان نبي ولا أن يمر به الشيطان على لسان نبي ولا يصح تسلط الشيطان على ذلك لأنه داعية إلى الشك في المعجزة وصدق الرسول اهـ
(قوله فأخذ رجل الخ) هو أمية بن خلف كما في رواية للبخاري في كتاب التفسير عن ابن مسعود. وقيل هو المطلب بن أبي وداعة كما رواه النسائي عنه قال قرأ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم النجم فسجد وسجد من معه فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد ولم يكن يومئذ أسلم المطلب. ويمكن الجمع بينهما بأن كلا من أمية ابن خلف والمطلب لم يسجد وأن ابن مسعود لم ير المطلب ورأى أمية فأخبر عمن رآه، أو خص ابن مسعود أمية بالذكر لأنه هو الذي أخذ كفًا من التراب أو الحصى دون الآخر. وييده ما أخرجه ابن أبي شيبة عن أبي قال سجدوا في النجم إلا رجلين من قريش أرادا بذلك الشهرة
(قوله يكفيني هذا) يعني عن السجود على الأرض، وصنع ذلك كبرًا أو ظنًا منه أن المقصود منه التواضع والانقياد لله تعالى بوضع أشرف الأعضاء على الأرض
(قوله فلقد رأيته بعد ذلك قتل كافرًا) وذلك يوم بدر
(وفي هذا الحديث) الرد على من قال إن المفصل لا سجود