الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه العبرة لمن له قلب واع وسمع سامع وبصر ناظر وفكر ثاقب وتدبر واسع، أما من ليس له شيء من ذلك فهو عات فاسق، ولهذا يقول الله تعالى «فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ» 35 الخارجون عن طاعة الله الذين لا يتعظون بالإنذار والوعيد. ولا يوجد سورة مختومة بمثل هذه اللفظة ولا مثلها في عدد الآي.
قال قوم من القوم ما في الرجاء لرحمة الله أقوى من هذه الآية، أخرج الطبراني في الدعاء عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا طلبت حاجة وأحببت أن تنجح فقل لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم، لا إله الا الله وحده لا شريك له الحليم الكريم، بسم الله الذي لا إله إلا هو الحي الحكيم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا ساعة أو ضحاها، كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار، بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون. اللهم إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة، والنجاة من النار، اللهم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين. هذا والله أعلم، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين وعلى أتباعه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.
تفسير سورة الذاريات عدد 17- 67- 51
نزلت بمكة بعد سورة الأحقاف وهي ستون آية، وثلاثمئة وستون كلمة، وألف ومئتان وتسعة وثلاثون حرفا، لا يوجد سورة مبدوءة بما بدئت به ولا مثلها في عدد الآي.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: «وَالذَّارِياتِ ذَرْواً» 1 الرياح التي تذر التراب وغيره فتفرقة وتبدده تشبيها بتذرية الهشيم لاجتماع التفرق في كل «فَالْحامِلاتِ وِقْراً» 2 السحب التي تحمل المياه حملا ثقيلا «فَالْجارِياتِ
يُسْراً»
3 الفلك التي تجريها الرياح على الماء بسهولة وتؤده، كما يشعر به قوله يسرا، ويراد بها السفن ذات الشراع «فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً» 4 الرياح التي تقسم الأمطار وتفرق السحب إلى حيث يشاء الله وبالمقدار الذي يعلمه الكائن بأمره، لا دخل ولا تأثير لها ولا لغيرها بشيء منه. هذا، وقد أقسم الله تعالى بهذه الأشياء لعظم منافعها وجواب القسم قوله «إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ» حق لا خلف فيه فكل ما أخبركم به الرسول من البعث والحساب والثواب والعقاب والجنة والنار صدق لا مرية فيه «وَإِنَّ الدِّينَ» الجزاء على الأعمال وغيرها حسنها وسيئها والحساب عليها «لَواقِعٌ» 6 حتما والوعد به منجز حقا ثم أكد قسمه بقسم آخر فقال «وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ» 7 البناء المتقن الرصين الذي لا تفاوت فيه المستوي الحسن البديع الخلق، المزيّن بالنجوم البديعة وقيل الطرق، قال زهير:
مكلل بأصول النجم تنسجه
…
ريح فريق لضاحي مائه حبك
جمع حبكة كطريقة يقال حبك الماء للتكسّر الجاري فيه إذا ضربته الريح، ويؤيد الأول قوله تعالى في الآية 47 الآتية (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ) والآية 5 من سورة والشمس (وَالسَّماءِ وَما بَناها) في ج 1، وقوله (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها) الآية 27 من النازعات الآتية وأقسم تعالى بها لحسن خلقها وجواب القسم قوله «إِنَّكُمْ» يا أهل مكة ويا أيها الناس أجمع «لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ» 8 فيما أنزلناه على رسولنا فمنكم من يقول ساحر ومنكم من يقول كاهن ومن يقول شاعر ومن يقول أساطير الأولين في حق القرآن وكهانة وسحر أيضا، ومنكم من يقول افتراه من نفسه وتعلمه من الغير، ومنهم من يقول لو نشاء لقلنا مثل هذا «يُؤْفَكُ» يصرف «عَنْهُ» عن الإيمان به «مَنْ أُفِكَ» 9 من صرفه الله عن خيره وحرمه من هداه ومنعه من رشده بسبب اختلاق هذه الأكاذيب «قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ» 10 الكذابون المبهتون
«الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ» غفلة وجهالة وعمى «ساهُونَ» 11 عن التعرض لنفحات نور القرآن لاهون عن التفكر في معناه معرضون عن الإيمان به لشدة انهماكهم في زخارف الدنيا وتوغلهم في شهواتها «يَسْئَلُونَ» سؤال سخرية واستهزاء «أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ» 12 الذي تذكره لنا يا محمد، كأنهم أعماهم الله