الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عصم من فتنة الدجال. وفي رواية: من آخرها. فعلى من أراد الحفظ من فتنته- عصمنا الله منها بيقين- فليحفظ عشرا من أولها وعشرا من آخرها عملا بالروايتين.
ويوجد سورة أخرى فقط مختومة بما ختمت به هذه السورة وهي الإخلاص في ج 1.
وليعلم أن كلمة الشرك المزجور عنها تكررت في القرآن في مواضع كثيرة لأنها أعظم شيء مكروه عند الله، ولهذا فإن كل شيء داخل تحت المشيئة بالعفو عنه والمغفرة إلا الشرك، لأنه الكفر الظاهر، وقد شبه به الرياء إذ ورد الرياء هو الشرك الخفي، لعظم وزره عند الله، راجع الآية 33 من سورة الأعراف في ج 2 والآيتين 22/ 79 من الإسراء أيضا، وسنبحث عنه كلما مررنا بما ينم عليه في اللفظ والمعنى كما جعلنا ذلك قبل. هذا، والله أعلم، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.
تفسير سورة النحل عدد 20- 70- 16
نزلت بمكة بعد الكهف، عدا الآيات 126 و 127 و 128، وهي مئة وثمان وعشرون آية، والفان وثمنمئة وأربعون كلمة، وسبعة آلاف وسبعمئة وسبعة أحرف.
وتسمى سورة النعم، ولا يوجد في القرآن سورة مبدوءة بما بدئت به، ولا بما ختمت به، ولا يوجد مثلها في عدد الآي.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: «أَتى أَمْرُ اللَّهِ» بقيام الساعة أي يأتي، وجاء بلفظ الماضي لأنه محقق الوقوع، قال الشيخ عبد القاهر:
إن إخبار الله تعالى بالتوقع يقام مقام الإخبار بالواقع، إذ لا خلف فيه فيجري المستقبل مجرى الماضي المحقق وقوعه «فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ» أيها الناس فإنه آت لا محالة «سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» 1 به غيره، وهذا مما يعد سببا لتلو هذه السورة التي قبلها، إذ ختمها بذم الشرك، وبدأ هذه بتقبيحه أيضا، قال ابن عباس لما نزلت (اقتربت الساعة) المارة في ج 1 قال الكفار إن هذا الرجل يزعم أن القيامة قربت فأمسكوا عما كنتم تعملون حتى ننظر ما هو كائن، فلما رأوا أنه
لا ينزل شيء قالوا ما نرى شيئا، فنزل قوله تعالى (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ) .
فأشفقوا، فلما امتدت الأيام قالوا يا محمد ما نرى شيئا مما تخوفنا به فنزل (أتى أمر الله) فوثب النبي صلى الله عليه وسلم ورفع الناس رءوسهم وظنوا أنها أتت حقيقة، فنزل (فلا تستعجلوه) .
ويطعن في هذا عدم نزول سورة الأنبياء أو شيء منها قبل هذه السورة، تدبر.
واعلم أن هذه الآية لما نزلت على حضرة الرسول قال بعثت أنا والساعة كهاتين، ويشير بإصبعيه بمدهما، أخرجاه في الصحيحين من حديث سهل بن سعد، ورويا في السنن مثله بزيادة كفضل إحداهما على الأخرى وضم السبابة والوسطى. قال تعالى «يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ» الوحي سمي روحا لأن فيه حياة القلوب، أو أن الباء بمعنى مع، أي ينزل الملائكة مع الروح وهو جبريل عليه السلام، وهذه الآية تقارب في المعنى الآية 57 من سورة الشورى المارة، وهذا الإنزال «مِنْ أَمْرِهِ» جل أمره «عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ» الذين اصطفاهم لرسالته آمرا لهم «أَنْ أَنْذِرُوا» الناس وأخبروهم «أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ» 2 لتنالوا رحمتي والعاقبة الحسنة مني أنا، ذلك الإله العظيم الذي «خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» 3 به غيره وهو الذي «خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ» 4 مظهر الخصام له كأنه لم يخلقه مما يعلم أو كأنه خلق نفسه ونسي ما كان عليه من الضعف اغترارا بما صار إليه. نزلت هذه الآية في أبي بن خلف الجمحي كما نزلت فيه آية (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ) الآية 77 من سورة يس المارة إلى قوله (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) في ج 1، وهي عامة في كل مخاصم لله وفي آياته.
قال تعالى «وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ» أيها الناس «فِيها دِفْءٌ» من صوفها ووبرها وشعرها تستدفئون به بما تعملون منها من اللباس والخباء للاستظلال وغيرها «وَمَنافِعُ» من درّها وركوبها ونسلها وتحميلها «وَمِنْها تَأْكُلُونَ» 5 من لحمها وسمنها ولبنها واقطها وجبنها وزبدها وهو مما يعتمد عليه غالبا للتقوت، أما أكل الطيور والأسماك فيجري مجرى التفكه، وإنما قدم منفعة اللباس على منفعة الأكل لأنها أكثر وأعظم من منفعة الأكل إذ قد يكون من غيرها من الحيوان