الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي يأخذها مصادرة لاحتياجه إليها في الحرب وإذا رآها معيبة تركها فكان ما فعلته صلاحا لأهلها إذ يمكنهم إصلاح ما أفسدته منها والانتفاع بها. وفي هذه الآية دليل على أن العامل الذي لا يكفيه عمله يسمى مسكينا ويعطى من الزكاة، قالوا وكان ذلك كافرا اسمه الجلندى، وتوجد في العراق عائلة كريمة تدعى بيت الشاوى من رؤساء عشائر العبيد ينتسبون إلى هذا الملك ولهم مكانة في العراق، وكانت رؤساء العشائر حينما يأتون بغداد يدخلون معرضين رماحهم ويمرون من تحت الطاق العائد لهم إذعانا واحتراما لهم.
مطلب عدم جواز القراءة بما يخالف ما عليه المصاحف والقول في نبوة الخضر وولايته وحياته ومماته:
قال تعالى «وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ» وكان ابن عباس يقرأ (وكان كافرا) وليس بشيء، راجع الآية 6 من الزخرف المارة تعلم أنها تفسير لا قراءة وأن كل ما هو مخالف لرسم المصاحف لا تجوز قراءته «فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً» 80 بعقوقه وسوء صنيعه فيحملهما حبه على اتباعه فيكفران «فَأَرَدْنا» بقتله «أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً» صلاحا وتقى «وَأَقْرَبَ رُحْماً» 81 بهما وعطفا عليهما منه، روى البخاري ومسلم عن عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو عاش لأرهق أبويه طغيانه وكفره، ولذلك فإن أبوي الولد لم يعارضا الخضر عليه السلام بشأن قتله لعلمهما أنه لا يفعل شيئا إلا لحكمة وقد جربوه وهذا أقصى حد في الاعتقاد بالأولياء إذ لا يمكن الأحد أن يحذو حذوه، فاعتبروا يا أولي الأبصار، قال تعالى «وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما» روى أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان الكنز ذهبا وفضة- أخرجه الترمذي- «وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً» قالوا اسمه كاشح واسم ولديه أحرم وحريم، قال محمد بن المنكدر: إن الله تعالى يحفظ بصلاح العبد ولده وولد ولده وعشيرته وأهل دويرات حوله، فلا يزالون في حفظ الله تعالى ما دام فيهم، قال سعيد بن المسيب: إني لأصلي فأذكر ولدي فأزيد في صلاتي
راجع الآية 22 من الطور الآتية تجد هذا البحث، «فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما» إذا كبرا وعقلا ويا أخي موسى إنما أقمت لهم الجدار «رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ» بهما حتى يبقى الكنز محفوظا لهما ولا يليق بنا أن نترك هذا لعدم قيام أهل البلدة بضيافتنا. واعلم أن الذي وقع مني كله بأمر الله «وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي» ولا باختياري ورأبي «ذلِكَ» الذي ذكرته لك «تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً» 82 واعترضت به علي، هذا وفي قول الخضر عليه السلام عند ذكر العيب (أردت) أضافه إلى نفسه على سبيل الأدب مع ربه، وفي الحقيقة إن ذلك من الله لأنه بأمره فعل ما فعل كما قضاه في الأزل عز وجل، وفي ذكر القتل قال (أردنا) بلفظ الجمع تنبيه على أنه من العارفين بعلمه تعالى، العاملين بأمره فيما يؤول إليه الأمر، وأنه لم يقدم على فعل القتل إلا لحكمة عالية بإلهام من ربه، ولذلك أذعن والداه كما مر آنفا، وقال ثالثا (فَأَرادَ رَبُّكَ) لأن حفظ الأنبياء وصلاح أحوالهم لرعاية حق الآباء ليس إلا لله وحده، ولذلك أضافه إليه. هذا، وقد استدل بعض العلماء بقوله تعالى (ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) إلخ على أن الخضر نبي لأن النبي من لم يفعل بأمره بل بالوحي، والوحي من شأن الأنبياء، وأول هذا المستدل قوله تعالى (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا بأنها النبوة لأن لفظ الرحمة أطلقت في مواضع كثيرة على الرحمة والنبوة والرسالة في القرآن العظيم، وقد أخرج هذا القول ابن ابي حاتم عن ابن عباس، ولذلك مشى عليه جمهور من العلماء على أنه نبي لا رسول، وقال القشيري وجماعة أنه ولي وهو الصحيح، وأجابوا عن قوله تعالى (ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) بأنه إلهام من الله والأولياء ملهمون والإلهام من درجات الأنبياء لأنهم أول ما يرون الرؤيا الصالحة الصادقة، ثم الإلهام، ثم الوحي بواسطة الملك، وعن قوله (آتيناه رحمة) إلخ أنه علم الباطن، وعلى هذا أكثر العارفين وأهل العلم. وكما اختلفوا في نبوته وولايته اختلفوا في حياته ومماته فقال أكثر العلماء أنه حي واتفقت الصوفية وأهل الصلاح والمعرفة على حياته وذكروا عنه حكايات كثيرة وأجمعوا على رؤيته والاجتماع به ووجوده في المواقع الشريفة كما ذكر الشيخ الأكبر في فتوحاته المكية
وأبو طالب المكي في كتبه والحكيم الترمذي في نوادره وغيرهم من المحققين الذين لا يتصور اجتماعهم على الكذب لا سيما وفيهم الإمام النووي. وقال الشيخ عمر بن الصلاح في فتاواه: هو حي عند جماهير العلماء والصالحين، وقالوا إنه يجتمع بالناس كل سنة بالموسم وانه شرب من عين الحياة وإذ ثبت وجوده بنص القرآن وإجماع المفسرين على أنه هذا العبد الذي أرشد الله رسوله موسى إليه هو الخضر، وقد اكتسب هذا القول درجة التواتر في أقوال الكثيرين فلا يكون عدمه إلا
بدليل على موته، ولا نص فيه في كتاب أو سنة أو إجماع أو نقل عن بعض الثقات، وقد وردت أحاديث كثيرة في حياته ضربنا عنها صفحا لعدم وجود ما يقابلها في مماته من صحة السند وثقة الرواة المشهورين من الرجال. هذا وقد احتج من قال بوفاته دون أن يعين زمانا أو مكانا أو معاصرا له من ملك أو مملوك أو حادثة أو واقعة ما، بأن البخاري سئل عنه وعن الياس عليهما السلام هل هما حيان؟ فقال كيف يكون هذا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بقليل لا يبقى على رأس المائة ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد. وما جاء في صحيح مسلم عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته: ما من نفس منفوسة يأتي عليها مئة سنة وهي يومئذ حية. وما قاله بعض الأئمة عند سؤاله عنه أنه قرأ (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) الآية 31 من الأنبياء الآتية، ولا يخفى على ذي الرّوية أن هذه الأحاديث والآية في معرض العام، وما من عام إلا وخصص وما يدرينا لعل الله خصه من ذلك، على أن الآية قد يدخل فيها الخضر لأنه لا بد سيموت، وما قاله ابن تيمية لو كان الخضر حيا لوجب عليه أن يأتي إلى الرسول ويجاهد بين يديه، وقوله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض، وكانوا ثلاثمائة رجل وثلاثة عشر رجلا، معروفين بأسمائهم وأنسابهم، ولم يكن الخضر معهم، لهذا أصح وأقوى ما جاء في هذا الباب على أنه يجوز أن يكون مخصوصا من عموم ما جاء في ذلك كله كما ذكرنا آنفا، إذ لا عامّ إلا وخصص ولا مطلق إلا وقيد، أو أنه كان يعبد الله تعالى على الماء أو في الهواء لا على الأرض فلا يشتمله قوله صلى الله عليه وسلم لا تعبد على الأرض، ولا يبعد أنه جاء إلى الرسول وبايعه وجاهد معه إلا أنه
لم يره أحد كالملائكة، ولم يخبر الرسول عنه لأمر ما وكم من مؤمن في زمانه صلى الله عليه وسلم موجودا ولم يتيسر له الوصول إليه والجهاد معه، وهذا أويس القرني من أخيار التابعين لم يتيسر له الوصول إليه والمرافقة له في الجهاد ولا التعليم، وكذا النجاشي رضي الله عنهما، أما الخبر القائل: لو كان الخضر حيا لرآني، فقد قال الحافظ إنه موضوع لا أصل له، ولا مانع من القول إنه كان يأتي الرسول ويتعلم منه خفية، لأنه غير مأمور بالظهور لحكمة إلهية، على أن كثيرا من الأصحاب والتابعين رأوه وصافحوه حتى في الجهاد منهم عبد الله بن المبارك الشائع الصيت دفين هيت رضي الله عنه الذي لا يشك أحد في صدقه. قال تعالى مبينا القسم الثاني مما سألوه عنه «وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ» اعلم أن ما قالوه بأن اسمه مزربان ابن مرزية بن قيلقوس بن يافث بن نوح عليه السلام، وما قالوا بأنه الإسكندر المشهور غير صحيح، وان الله تعالى لم يسمه الإسكندر وإنما سماه ذا القرنين الذي ملك الدنيا إذ قالوا ملكها مؤمنان هذا وسليمان، وكافران نمروذ وبختنصر واختلف في نبوته ونبوة لقمان وعزيز على أقوال لم يترجح أحدها على الآخر عند الأكثر خوفا من إدخال من لم يكن نبيا مع الأنبياء أو إخراج من كان نبيا منهم وهو أمر عظيم لم يقدم عليه الكاملون العارفون، على أنه رجح صاحب بدء الأمالي عدم نبوتهم بقوله:
وذو القرنين لم يعرف نبا
…
كذا لقمان فاحذر عن جدال
راجع الآية 20 من سورة لقمان لماره، وللبحث صلة في الآية 260 من سورة البقرة في ج 3 نوضحه فيها إن شاء الله، هذا ومن قال بنبوة ذى القرنين استدل بقوله تعالى (قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ) الآية الآتية بأن خطاب الله تعالى لا يكون إلا مع الأنبياء، وهو غير وجيه، لأن الله تعالى خاطب مريم في آل عمران، راجع الآية 17 منها في ج 3 وليست نبية بالاتفاق، راجع الآية 57 من سورة مريم في ج 1، وقال في بدء الأمالي:
ولم تكن نبيا قط أنثى
…
ولا عبد وشخص ذو افتعال
ومن قال إنه ملك احتج بقول عمر رضي الله عنه حين سمع رجلا يقول لآخر