المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌4 - علوم القراءات والتفسير والحديث والفقه والكلام - تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف - جـ ٧

[شوقي ضيف]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة

- ‌الفصل الأوّلالسياسة والمجتمع

- ‌1 - فتح العرب لمصر والحقب الأولى

- ‌(ا) فتح العرب لمصر

- ‌(ب) زمن الولاة

- ‌(ج) الطولونيون

- ‌(د) الإخشيديون

- ‌2 - الفاطميون-الأيوبيون

- ‌(ا) الفاطميون

- ‌3 - المماليك-العثمانيون

- ‌(ا) المماليك

- ‌(ب) العثمانيون

- ‌4 - المجتمع

- ‌الفصل الثانىالثقافة

- ‌1 - الحركة العلمية

- ‌2 - علوم الأوائل-علم الجغرافيا

- ‌(ا) علوم الأوائل

- ‌(ب) علم الجغرافيا

- ‌3 - علوم اللغة والنحو والبلاغة والنقد

- ‌4 - علوم القراءات والتفسير والحديث والفقه والكلام

- ‌5 - التاريخ

- ‌الفصل الثالثنشاط الشعر والشعراء

- ‌1 - تعرب مصر

- ‌2 - كثرة الشعراء

- ‌3 - شعر دورى ورباعيات وموشحات وبديعيات

- ‌(ا) الشعر الدورى

- ‌(ب) الرباعيات

- ‌(ج) الموشحات

- ‌ العزازى

- ‌ابن الوكيل

- ‌(د) البديعيات

- ‌4 - شعراء المديح

- ‌«المهذب بن الزبير

- ‌ابن قلاقس

- ‌ ابن سناء الملك

- ‌ابن نباتة

- ‌5 - شعراء المراثى والشكوى

- ‌على بن النّضر

- ‌على بن عرّام

- ‌6 - شعراء الدعوة الإسماعيلية

- ‌ ابن هانئ

- ‌ظافر الحداد

- ‌الفصل الرّابعطوائف من الشعراء

- ‌1 - شعراء الغزل

- ‌ ابن النبيه

- ‌ البهاء زهير

- ‌ ابن مطروح

- ‌2 - شعراء الفخر والهجاء

- ‌ تميم بن المعز

- ‌ ابن الذروى

- ‌ أحمد بن عبد الدائم

- ‌ حسن البدرى الحجازى الأزهرى

- ‌3 - شعراء الطبيعة ومجالس اللهو

- ‌ الشريف العقيلى

- ‌ ابن قادوس

- ‌4 - شعراء الزهد والتصوف والمدائح النبوية

- ‌ ابن الكيزانى

- ‌ ابن الفارض

- ‌البوصيرىّ

- ‌5 - شعراء الفكاهة

- ‌ ابن مكنسة

- ‌الجزّار

- ‌ السراج الوراق

- ‌ ابن دانيال

- ‌ عامر الأنبوطى

- ‌6 - شعراء شعبيون

- ‌الغبارى

- ‌ ابن سودون

- ‌الفصل الخامسالنّثر وكتّابه

- ‌1 - الرسائل الديوانية

- ‌ ابن الصيرفى

- ‌ القاضى الفاضل

- ‌ محيى الدين بن عبد الظاهر

- ‌2 - الرسائل الشخصية

- ‌ ابن أبى الشخباء

- ‌ ابن مماتى

- ‌3 - المقامات

- ‌ ابن أبى حجلة

- ‌القلقشندى

- ‌السيوطى

- ‌ الشهاب الخفاجى

- ‌4 - المواعظ والابتهالات

- ‌أبو الحسن الشاذلى

- ‌5 - كتب النوادر والسير والقصص الشعبية

- ‌(ا) كتب النوادر

- ‌كتاب المكافأة

- ‌أخبار سيبويه المصرى

- ‌كتاب الفاشوش فى حكم قراقوش

- ‌«هز القحوف»

- ‌(ب) كتب السير والقصص الشعبية

- ‌ سيرة عنترة

- ‌ السيرة الهلالية

- ‌سيرة الظاهر بيبرس

- ‌سيرة سيف بن ذى يزن

- ‌ ألف ليلة وليلة

- ‌خاتمة

الفصل: ‌4 - علوم القراءات والتفسير والحديث والفقه والكلام

طريفة للمعانى والألفاظ وقبحها وما بداخلها من الغرابة والابتذال والإيجاز والإطناب، وقد امتدت عنده إلى نحو مائة وأربعين صحيفة. ونلتقى فى أيام العثمانيين بشهاب الدين الخفاجى وكتابه «ريحانة الألبا» الذى ترجم فيه لشعراء زمنه فى الشام والمغرب والحجاز واليمن ومصر، وقد بثّ فيه ملاحظات نقدية كثيرة.

‌4 - علوم القراءات والتفسير والحديث والفقه والكلام

أخذ المصريون يعنون بقراءات الذكر الحكيم منذ أخذ الصحابة الذين تزلوها يعلمونه لهم.

وأسهم معهم فى هذا الصنيع التابعون من مثل عبد (1) الرحمن بن هرمز تلميذ أبى الأسود الدؤلى نزيل الإسكندرية المتوفى سنة 117 للهجرة. ورحل كثير من المصريين إلى المدينة فى القرن الثانى لحمل قراءة إمامها نافع الذى طبقت شهرته فى القراءات العالم الإسلامى حتى وفاته سنة 169.

وأشهر تلاميذه بمصر من حملة قراءته ورش (2) عثمان بن سعيد المتوفى سنة 197 وكان ماهرا فى العربية، وإليه انتهت رياسة الإقراء بالديار المصرية، وحمل عنه قراءته أهل المغرب كما مرّ بنا فى غير هذا الموضع، ولا يزالون يقرءون بها إلى اليوم. ومن أهم تلاميذه المصريين عبد (3) الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم أبو الأزهر المتوفى سنة 231 ويقول السيوطى: وعنه انتشرت قراءة ورش فى الأندلس فقد حملها إليه تلاميذه. ويبدو أن مصر مضت طوال القرن الثالث الهجرى تعنى بالقراءات وحملها عن كبار القراء، كما تعنى بما يؤلّف فيها من مصنفات، يدل على ذلك أقوى الدلالة أنه بمجرد أن صنف أبو بكر بن مجاهد المتوفى سنة 324 كتابه السبعة فى القراءات الذى جمع فيه قراءات نافع إمام أهل المدينة وابن كثير إمام أهل مكة وأبى عمرو بن العلاء إمام أهل البصرة وعاصم وحمزة والكسائى أئمة أهل الكوفة وابن عامر إمام أهل الشام نجد عالما مصريا معاصرا له من علماء القراءات هو أبو غانم المتوفى سنة 333 يؤلف كتابا فى اختلاف السبعة (4)

(1) سبقت مصادر ترجمته ص 108.

(2)

انظر فى ورش. حسن المحاضرة 1/ 485 وطبقات القراء 1/ 502.

(3)

انظر فى عبد الصمد حسن المحاضرة 1/ 486 وطبقات القراء 1/ 389.

(4)

حسن المحاضرة 1/ 488 وانظر طبقات القراء 2/ 301 حيث يذكر تلمذته لأحد تلاميذ ابن مجاهد.

ص: 128

المذكورين، وقد أحصى السيوطى 135 قارئا ممن تصدروا للقراءات بمصر حتى زمنه. ولا ريب فى أنه كان وراءهم كثيرون لم يبلغوا مبلغهم فى الشهرة، ولن نستطيع أن نقف عندهم جميعا إنما نكتفى منهم بمن تركوا فى القراءات مصنفات طارت شهرتها فى العالم الإسلامى. وأول من نقف عنده عبد (1) المنعم بن غلبون المتوفى سنة 389 صاحب كتاب الإرشاد ثم ابنه طاهر (2) المتوفى سنة 399 صاحب كتاب التذكرة فى القراءات الثمان، وعليه تخرج أبو عمرو الدانى أكبر قراء الأندلس فى زمنه صاحب كتاب التيسير وغيره كما تخرج عليه وعلى أبيه مكى بن أبى طالب القيروانى نزيل قرطبة صاحب كتاب التبصرة وغيره. ونمضى فى القرن الخامس فنلتقى بعبد (3) الجبار الطرسوسى المتوفى سنة 420 صاحب كتاب المجتبى، كما نلتقى بالحسن (4) بن محمد البغدادى المالكى نزيل مصر المتوفى سنة 438 صاحب كتاب الروضة، ونلتقى بإسماعيل (5) بن خلف المتوفى سنة 455 وكتابه «العنوان» . ونلتقى بعده بموسى بن الحسين المعروف باسم المعدل المصرى وكتابه الروضة فى اختلاف الأئمة القراء الخمسة عشر (6)، ونلتقى فى القرن السادس بابن الفحام (7) شيخ الإسكندرية المتوفى سنة 510 وكتابه التجريد، كما نلتقى بابن (8) بليمة القيروانى نزيل الإسكندرية المتوفى سنة 514 وكتابه تلخيص العبارات.

ويلقانا أيام الأيوبيين علم كبير من أعلام القراءات هو الإمام الشاطبى (9) الضرير المتوفى بالإسكندرية سنة 590 وقصيدته «حرز الأمانى» المعروفة باسم الشاطبية نسبة إليه، وقد عنى بشرحها كثيرون من أئمة القراء وفى مقدمتهم تلميذه العلم (10) السخاوى المتوفى-كما مر بنا-سنة

(1) راجع فى عبد المنعم بن غلبون حسن المحاضرة 1/ 490 وطبقات القراء 1/ 470 والنشر فى القراءات العشر 1/ 79.

(2)

انظر فى طاهر حسن المحاضرة 1/ 491 وطبقات القراء 1/ 356 والنشر فى القراءات العشر 1/ 73.

(3)

انظر فى الطرسوسى حسن المحاضرة 1/ 492 وطبقات القراء 1/ 357 والنشر 1/ 71.

(4)

راجع فى الحسن بن محمد حسن المحاضرة 1/ 493 وطبقات القراء 1/ 130 والنشر 1/ 74.

(5)

انظر فى ابن خلف حسن المحاضرة 1/ 494 وطبقات القراء 1/ 164 والنشر 1/ 64.

(6)

انظر فى المعدل المصرى طبقات القراء 2/ 318 والنشر فى القراءات العشر 1/ 66.

(7)

راجع فى ابن الفحام حسن المحاضرة 1/ 495 وطبقات القراء 1/ 374 والنشر 1/ 75.

(8)

انظر فى ابن بليمة حسن المحاضرة 1/ 494 وطبقات القراء 1/ 211 والنشر 1/ 72.

(9)

راجع فى الشاطبى حسن المحاضرة 1/ 496 وطبقات القراء 2/ 20 وطبقات الشافعية 7/ 270 ونكت الهميان ص 228 ومعجم الأدباء 16/ 294 والنشر 1/ 61.

(10)

راجع مصادر ترجمته فى ص 118

ص: 129

643 وله فى القراءات كتاب جمال القراء وكمال الإقراء. وكان يعاصره عبد الرحمن (1) بن إسماعيل الصفراوى الإسكندرى المتوفى سنة 636 صاحب كتاب الإعلان. ويتوالى التأليف فى القراءات ونلتقى بابن الجندى المتوفى سنة 760 وكتابه البستان، وبشرح للسيوطى على الشاطبية. ويختم الإمام شهاب (2) الدين القسطلانى المتوفى سنة 923 زمن المماليك بكتابه الرائع:«لطائف الإشارات لفنون القراءات» وفيه يجمع طرق القراءات الأربع عشرة، بإضافة قراءات أبى جعفر يزيد بن القعقاع المدنى ويعقوب بن إسحق البصرى وخلف بن هشام الكوفى المكملين للعشرة، وإضافة قراءات ابن محيصن المكى واليزيدى البصرى والحسن البصرى والأعمش الكوفى إلى ما ذكرناه آنفا من قراءات السبعة الذين صنف فيهم ابن مجاهد كتابه. ويظل التأليف فى القراءات لزمن العثمانيين ناشطا ومن أهم ما ألف فى زمنهم كتاب إتحاف البشر وهو يعنى بعرض ألقراءات الأربع عشرة ألفه البناء أحمد بن محمد الدمياطى المتوفى سنة 1117.

ومعروف أنه تكوّنت علوم كثيرة حول القرآن الكريم، ونجد مصر تشاطر فيها مشاطرة واضحة منذ القرن الثالث الهجرى، ولا يلبث أبو جعفر النحاس الذى مر ذكره أن يؤلف فى جوانب منها، فقد ألف كتابا فى الناسخ والمنسوخ وكتابا فى الوقف والابتداء وألف كتابا-كما مر بنا-فى إعراب القرآن وهو أحد الأصول المهمة فى هذا الموضوع. وظلت مصر تعنى بعلوم القرآن من بعده وتصنّف فيها مصنفات مختلفة تتصل بتجويده وبناسخه ومنسوخه ولغاته وغريبه وأسباب نزوله وما فيه من الوقف والابتداء والصور البلاغية إلى غير ذلك من علومه المتنوعة. ويطول الحديث لو أنا تتبعنا ما كتبته مصر بهذا العصر من تلك العلوم، ولكن نكتفى بالإشارة إلى كتابين هما البرهان فى علوم القرآن لبدر (3) الدين الزركشى المتوفى سنة 794 والإتقان فى علوم القرآن للسيوطى، وهما يعرضان مادة هذه العلوم وما ألّف فيها حتى نهاية القرن التاسع إذ توفى السيوطى كما مر بنا سنة 911.

ومن أهم هذه العلوم علم التفسير، وطبيعى أن تعنى به مصر منذ دخلت فى الإسلام حتى تفهم

(1) انظر فى الصفراوى حسن المحاضرة 1/ 456 وشذرات الذهب 5/ 18.

(2)

راجع فى القسطلانى الضوء اللامع ج 2 رقم 313 والشذرات 8/ 121 والبدر الطالع 1/ 102. .

(3)

انظر فى الزركشى الدرر الكامنة 4/ 17 وشذرات الذهب 6/ 335 وحسن المحاضرة 1/ 437 وإنباء الغمر بأبناء العمر 1/ 446.

ص: 130

آى الذكر الحكيم، وكان حفّاظها يروون خلفا عن سلف ما قيل فى معانى آى الذكر الحكيم، واشتهر بها فى القرن الثانى طريق وثيق عن ابن عباس المشهور بتفسير القرآن الكريم، هو طريق على بن أبى طلحة الهاشمى وفيه يقول أحمد بن حنبل:«إن بمصر صحيفة فى التفسير رواها على بن أبى طلحة الهاشمى لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا» . ويذكر السيوطى أن البخارى اعتمد على هذه الرواية كثيرا فى صحيحه فيما يعلقه عن ابن عباس (1). وكأنها بعض ما حمله البخارى عن مصر فى رحلته إليها لتدوين الحديث عن جلّة رواته فيها. وتظل مصر معنيّة بالقرآن وتفسيره وأحكامه، ويؤلف أبو جعفر الطحاوى الفقيه الحنفى المتوفى سنة 321 كتابا فى أحكام القرآن. ويعنى أبو جعفر النحاس بعلوم القرآن، ولا يلبث أحد تلاميذه، وهو أبو بكر الإدفوى (2) محمد بن على المصرى المقرئ المتوفى سنة 388 أن يؤلف فى التفسير كتابا ضخما يقول المترجمون له إنه كان فى مائة وعشرين مجلدا، وسماه كتاب الاستغناء فى علوم القرآن، وأهم تلاميذه الحوفى المار ذكره بين النحاة، وله كتاب البرهان فى تفسير القرآن فى ثلاثين مجلدا ويقول القفطى: صنّف كتابا كبيرا فى إعراب القرآن فى عشرة مجلدات. وهو وأستاذه أهم المفسرين فى زمن الفاطميين، وممن نلتقى به فى زمن الأيوبيين المرسى (3) السلمى محمد بن عبد الله نزل مصر واستقر بها سنة 624 وتوفى سنة 655 وله تفسير كبير فى أكثر من عشرين جزءا سماه «رى الظمآن فى تفسير القران» . وكان يعاصره العز بن عبد السلام الفقيه الشافعى المشهور وله تفسير، منه مخطوطة بدار الكتب المصرية، بناه على الوجوه البيانية والبلاغية فى آى الذكر الحكيم.

ونمضى فى زمن المماليك ونلتقى بالقرطبى (4) محمد بن أحمد نزيل مصر والمستقر بمدينة المنيا (منية الخصيب فى الصعيد) المتوفى سنة 671 وله التفسير المشهور المسمى «جامع أحكام القرآن والمبين لما تضمن من السنة وآى القرآن» . ويلقانا بعده ابن (5) المنير أحمد بن محمد الإسكندرى المتوفى سنة 683 وله تفسير سماه «البحر الكبير فى نخب التفسير» وكتاب ثان تتبع فيه

(1) الإتقان فى علوم القرآن للسيوطى 2/ 223.

(2)

انظر الإدفوى فى طبقات المفسرين للسيوطى وحسن المحاضرة 1/ 490 وطبقات القراء 2/ 198.

(3)

راجع فى المرسى السلمى طبقات المفسرين ص 35 ومعجم الأدباء 18/ 209 وشذرات الذهب 5/ 269.

(4)

انظر القرطبى فى الديباج المذهب لابن فرحون (طبع فاس) ص 279 وطبقات المفسرين للسيوطى ص 28 وشذرات الذهب 5/ 335.

(5)

راجع ابن المنبر فى الديباج المذهب ص 78 وشذرات الذهب 5/ 381 والنجوم الزاهرة 7/ 361 وفوات الوفيات 1/ 132.

ص: 131

آراء الزمخشرى الاعتزالية التى بثّها فى تفسيره وحاول نقضها بما يتفق وآراء أهل السنة، سماه الانتصاف من الكشاف وهو مطبوع على هوامشه. ويتلوه ابن (1) النقيب محمد بن سليمان المتوفى سنة 698 وله تفسير كبير الحجم سماه «التحرير والتحبير لأقوال أئمة التفسير» وجعل له مقدمة كبيرة تحدث فيها عن الوجوه البلاغية فيه. وقد سقط الكتاب من يد الزمن، ربما لضخامة حجمه. وكان يعاصره عبد (2) العزيز الديرينىّ المتصوف المتوفى سنة 694 وله المصباح المنير فى علم التفنسير، وأيضا كان يعاصره العلم (3) العراقى المصرى المتوفى سنة 704 وسمى العراقى نسبة إلى جده لأمه، وكان هذا الجد مصريا غير أنه دخل العراق فلقب بهذا الاسم الذى انتقل إلى حفيده، وله كتاب فى الانتصار للزمخشرى من ابن المنير وله مختصر فى التفسير.

وأكبر المفسرين فى القرن الثامن أبو حيان الأندلسى وتفسيره البحر المحيط مشهور، وكان قد اتخذ القاهرة دار مقام له غير أن عداده فى الأندلسيين. وأهم المفسرين بعده جلال الدين السيوطى وله تفسير كبير يسمى «الدر المنثور فى التفسير بالمأثور» مطبوع فى ستة مجلدات. وكان جلال الدين المحلى محمد بن أحمد المتوفى سنة 864 فسّر نحو نصف القرآن من أول سورة الكهف إلى آخره فأكمل تفسيره جلال الدين السيوطى من أول سورة البقرة إلى آخر سورة الإسراء، وتفسيرهما مطبوع فى جزءين باسم تفسير الجلالين. ويدخل زمن العثمانيين، وأهم المفسرين فيه شمس الدين الخطيب (4) الشربينى المتوفى سنة 977 وله تفسير مطبوع يسمى السراج المنير.

وتموج مصر بحفاظ الحديث النبوى منذ نزلها الصحابة وفى مقدمتهم أبوذر الذى سكنها مدة وعقبة بن عامر الجهنى وعبد الله بن عمرو بن العاص، وظل ينزلها كثير من حفاظ التابعين وفى مقدمتهم نافع مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب والأعرج عبد الرحمن بن هرمز صاحب أبى هريرة ويزيد بن أبى حبيب. وكثر حفاظ الحديث ورواته فى القرن الثانى الهجرى، ومن أهمهم أبو زرعة

(1) انظر ابن النقيب فى طبقات المفسرين ص 32 وشذرات الذهب 5/ 442 وفوات الوفيات 2/ 430.

(2)

راجع الديرينى فى حسن المحاضرة 1/ 421

(3)

انظر فى العلم العراقى حسن المحاضرة 1/ 421 ونكت الهميان ص 195 والدرر الكامنة 3/ 13.

(4)

راجع فى الخطيب الشربينى شذرات الذهب 8/ 384.

ص: 132

المتوفى سنة 158 وابن لهيعة المتوفى سنة 174 والليث بن سعد الفقيه المشهور، وعبد الله (1) بن وهب وعبد الرحمن بن القاسم تلميذا مالك والإمام الشافعى وتلاميذه: البويطىّ وحرملة والمزنىّ والربيع. ومن كبار الحفاظ حينئذ أسد السنة المتوفى سنة 212 وأحمد بن صالح المتوفى سنة 248 والحارث بن مسكين المتوفى سنة 250 ويونس بن عبد الأعلى المتوفى سنة 264 ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم المتوفى سنة 268. ولاشتهار مصر بحفاظ الحديث نزلها فى طلبه من أصحاب الصحاح الستة البخارى ومسلم وأبو داود وابن ماجه والنسائى وقد اتخذها دار مقام له حتى توفى سنة 303 ومن مصنفاته: السنن الكبرى والصغرى وهى إحدى الصحاح الستة، وله مسند على ومسند مالك. ويلقانا الطحاوى الفقيه الحنفى وله فى الحديث كتاب السنن ومعانى الآثار ومشكل الآثار، وابن حنزابة وزير كافور المتوفى سنة 391 وكان له مجلس لإملاء الحديث فى وزارته، وسمع الدارقطنى حافظ العراق فى زمنه وصاحب كتاب السنن الكبرى وغيره المتوفى سنة 385 أنه يؤلف مسند افجاء مصر ليعينه، تموّل، وكان فيها يروى الحديث ويمليه، ويأخذه عن حفّاظه المصريين ويأخذه المصريون عنه. ومن أهم تلاميذه بمصر عبد (2) الغنى بن سعيد الحافظ المتقن المتوفى سنة 409 وله فى الحديث المختلف والمؤتلف فى أسماء الرجال وكتاب مشتبه النسبة. وأشهر المحدثين بمصر فى القرن الخامس تلميذه الحبال (3) الإمام الحافظ المتوفى سنة 482 وله مصنفات مختلفة، وجمع عوالى سفيان بن عيينة.

وينزل الإسكندرية سنة 521 السّلفى (4) أكبر الحفاظ فى القرن السادس الهجرى، وقد قصده طلاب الحديث النبوى من كل فج، على نحو ما يصور ذلك معجمه، وهو مطبوع، وبنى له العادل بن السلار وزير الظافر الفاطمى مدرسة سنة 546. كما مر بنا، وفوّض أمرها إليه، وسمع عليه الحديث صلاح الدين الأيوبى حين صارت مصر إليه وبعض أبنائه وأهل بيته، وظلت إليه

(1) هو من أوائل من جمعوا الحديث بمصر، وقد عثر على كتابه أخيرا فى ورق بردى بمدينة إدفو فى جنوبى مصر واسمه الجامع فى الحديث، وهو مكتوب فى القرن الثالث الهجرى، وقد نشر هذا الكتاب فى المعهد الفرنسى بالقاهرة. وانظر فى ابن وهب حسن المحاضرة 1/ 302، 346 والديباج المذهب 187 وتهذيب التهذيب 10/ 372 وميزان الاعتدال للذهبى 2/ 86 وبروكلمان 3/ 155.

(2)

انظر فى عبد الغنى المنتظم 7/ 290 وابن خلكان 3/ 223 وتذكرة الحفاظ 3/ 250 وشذرات الذهب 3/ 188.

(3)

راجع فى الحبال حسن المحاضرة 1/ 353.

(4)

انظر فى السلفى طبقات المفسرين للسيوطى ص 56 وطبقات الحفاظ له 2/ 39 وابن خلكان 1/ 105 وتذكرة الحفاظ وأزهار الرياض 3/ 167 - 283 وتهذيب ابن عساكر 1/ 449 والسبكى 6/ 32 والأنساب 302 وشذرات الذهب 4/ 255 وطبقات القراء 1/ 102 وميزان الاعتدال 1/ 155.

ص: 133

الرحلة فى الحديث حتى توفى سنة 576. ومن أهم تلاميذه أبو الحسن على (1) بن المفضل المالكى المقدسى ثم السكندرى المتوفى سنة 611 تولى القضاء بالإسكندرية ودرّس بمدرسة ابن شكر فى القاهرة، وله كتاب الأربعين، وهو أربعون حديثا عن أربعين شيخا.

ونزل مصر الحافظ ابن دحية الأندلسى واستوطنها وتولى بها دار الحديث (2) الكاملية حتى توفى فى سنة 633. وولى مشيخة هذه الدار بعده زكى الدين المنذرى الحافظ الكبير الإمام شيخ الإسلام عبد (3) العظيم بن عبد القوى المصرى الشافعى المتوفى سنة 656 يقول السيوطى إنه انقطع لمشيخة المدرسة الكاملية عشرين سنة، وكان عديم النظير فى معرفة علم الحديث على اختلاف فنونه متبحرا فى معرفة أحكامه ومعانيه ومشكله قيّما بمعرفة غريبه، إماما حجة بارعا فى الفقه والعربية والقراءات. وله كتاب الترغيب والترهيب وهو أحاديث مرتبة حسب الموضوعات للترغيب فى الخير والحق والترهيب من الشر والباطل، طبع مرارا. وله فى الفقه شرح على كتاب التنبيه. وأهم تلاميذه الدمياطى (4) شرف الدين عبد المؤمن بن خلف المتوفى سنة 705 لازم الحافظ المنذرى واتخذه معيدا له، وقد ولى مشيخة الظاهرية ودرّس الحديث فى المدرسة المنصورية: مدرسة المنصور قلاوون، وتحتفظ دار الكتب المصرية بكثير من مصنفاته فى الحديث.

ومن كبار المحدثين فى القرن الثامن عز الدين بن (5) جماعة الشافعى المتوفى سنة 767 ولى القضاء، واشتهر بإكثاره من سماع الحديث ودرس فى المدرسة الخشابية، صنّف تخريج أحاديث الإمام الرافعى الشافعى وغير ذلك. ويعنى بشرح البخارى غير حافظ فى هذا القرن ويكثر التأليف فى الحديث ومصطلحه على نحو ما يلقانا عند مغلطاى (6) المتوفى سنة 762 يقول السيوطى له أكثر

(1) راجع فى ابن المفضل حسن المحاضرة 1/ 354 وشذرات الذهب 5/ 47.

(2)

ذكر السيوطى فى حسن المحاضرة 2/ 262 ثبتا بمن تولوا هذه الدار من كبار المحدثين.

(3)

انظر فى عبد العظيم طبقات الحفاظ للسيوطى 2/ 59 والسبكى 8/ 359 وحسن المحاضرة 1/ 355 وشذرات الذهب 5/ 277 وتذكرة الحفاظ للذهبى 4/ 228 وفوات الوفيات 1/ 610.

(4)

راجع فى الحافظ الدمياطى حسن المحاضرة 1/ 357 وطبقات الحفاظ 2/ 65 والسبكى 10/ 102 وطبقات القراء 1/ 472 وتذكرة الحفاظ 4/ 268 والدرر الكامنة 3/ 30 وفوات الوفيات 2/ 37 والبداية والنهاية 14/ 40 والبدر الطالع 1/ 403.

(5)

انظر فى ابن جماعة حسن المحاضرة 1/ 359 وشذرات الذهب 6/ 208 والسبكى 10/ 79 والدرر الكامنة 2/ 489.

(6)

راجع فى مغلطاى حسن المحاضرة 1/ 359 والدرر الكامنة 5/ 122.

ص: 134

من مائة تصنيف كشرح البخارى وشرح ابن ماجة، وولى مشيخة الظاهرية للمحدّثين. ويلقانا بعده الحافظ (1) العراقى المولود بالقاهرة والمتوفى بها سنة 806 وله فى الحديث مصنفات مختلفة، منها منظومة فى ألف بيت اشتهرت مع شرحها فى الآفاق، ومنها تخريج أحاديث كتاب الإحياء للغزالى. وأهم تلاميذه ابن حجر المتوفى سنة 852 يقول السيوطى عنه:«انتهت إليه الرحلة والرياسة فى الحديث فى الدنيا بأسرها، فلم يكن فى عصره حافظ سواه، وألّف كتبا كثيرة «مثل فتح البارى فى شرح صحيح البخارى» وهو مطبوع، وله غير كتاب فى تراجم المحدثين. وأهم الحفاظ بعده السيوطى، وله شروح على الموطأ لمالك وصحيح البخارى وصحيح مسلم وسنن أبى داود وابن ماجة إلى شروح أخرى كثيرة وإلى كتب فى الحديث ومصطلحه وتخريجاته تعد بالعشرات (2)، من أهمها جمع الجوامع وهو دائرة معارف كبرى فى الحديث مع رواياته وأسانيده. ومر بنا فى القراء ذكر معاصره شهاب الدين القسطلانى وله إرشاد السارى إلى صحيح البخارى، وهو مطبوع. ونلتقى فى أيام العثمانيين بعبد الرءوف المناوى المتوفى سنة 1031 وله «كنوز الحقائق فى حديث خير الخلائق» وهو معجم يشتمل على عشرة آلاف حديث اختارها من أربعة وأربعين كتابا، وهو مطبوع مرارا. ويموج كتاب تاريخ الجبرتى بأسماء حفاظ الحديث وتلاميذهم وما كانوا يحملون من كتبه، ونكتفى بذكر أحد أعلامهم، وهو الحفنى محمد بن سالم المتوفى سنة 1181 فقد ذكر الجبرتى أنه كان من جلة شيوخه الشيخ محمد البديرى الدمياطى، يقول:«أخذ عنه التفسير والحديث والمسندات والمسلسلات والإحياء للإمام الغزالى وصحيح البخارى وصحيح مسلم وسنن أبى داود وسنن النسائى وسنن ابن ماجة وكتاب الموطأ لمالك ومسند الشافعى والمعجم الكبير للطبرانى والمعجم الأوسط والصغير له أيضا وصحيح ابن حبان والمستدرك للنيسابورى وحلية الأولياء للحافظ أبى نعيم وغير ذلك (3)» . ولعل فى هذا ما يدل بوضوح على نشاط مصر فى دراسة الحديث النبوى وروايته حتى نهاية هذا العصر، فقد ظلّ حفاظه النابهون يعدّون بالعشرات.

وكان لمصر نشاط خصب فى الفقه، ومعروف أن أقدم المذاهب فى النشأة المذهب الحنفى، وتبعه المذهب المالكى فالمذهب الشافعى فالمذهب الحنبلى، وتأخرت مصر فى التعرف على مذهب

(1) انظر فى العراقى الضوء اللامع للسخاوى 4 رقم 452 وحسن المحاضرة 1/ 360 والشذرات 7/ 55.

(2)

انظر فى مؤلفات السيوطى فى الحديث كتابه حسن المحاضرة 1/ 340.

(3)

تاريخ الجبرتى 1/ 289.

ص: 135

أبى حنيفة، إلى أن نزلها بعض قضاة بغداد الأحناف عملا بقرار أبى يوسف تلميذ أبى حنيفة، وكان مقرّبا لهارون الرشيد: أن يكون القضاة فى الدولة العباسية أحنافا. وأهم هؤلاء القضاة الأحناف بكار (1) بن قتيبة الذى تولى قضاء مصر لعهد المتوكل سنة 246 وظل بها حتى وفاته سنة 270 وله تصانيف فقهية مختلفة. ولم تلبث مصر أن أنجبت إماما حنفيا كبيرا هو الطحاوى (2) أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة المتوفى سنة 321 وإليه انتهت رياسة الحنفية بمصر، وكتبه تعدّ مراجع أساسية فى المذهب الحنفى، ومن أهمها الجامع الكبير فى الشروط وكتاب اختلاف الفقهاء والمختصر فى الفقه وله شروح كثيرة ورسالة فى أصول الدين أو عقيدة أهل السنة والجماعة. وذكرنا آنفا أن له فى الحديث كتاب السنن ومعانى الآثار ومشكل الآثار. ومن أهم تلاميذه إسحق (3) بن إبراهيم الشاشى السمرقندى المتوفى سنة 325 وقد استوطن مصر، وتولى القضاء بها. ويذكر السيوطى من فقهاء المذهب زمن الفاطميين عبد المعطى (4) بن مسافر الذى فقه المذهب بموطنه فى الإسكندرية على يد أبى بكر محمد بن إبراهيم الرازى، وكان ابن مسافر من حملة الحديث النبوى، ومنه سمع السلفى حين نزل الإسكندرية.

ويأخذ المذهب فى النشاط يمصر منذ أنشأ فيها صلاح الدين المدرسة السيوفية لتدريسه. وقد عين بها عبد (5) الله الجريرى وظل بها حتى توفى سنة 584. وخلفه فيها-على ما يبدو- عبد (6) الوهاب بن النحاس الحنفى المعروف بالبدر بن المجن، وقد ظل يدرس بالسيوفية حتى توفى سنة 599. وممن درسوا المذهب الحنفى بها أبو الحسن (7) الغزنوى المتوفى سنة 632. ومن كبار فقهاء الأحناف فى العهد الأيوبى يحيى بن معطى المغربى المتوفى سنة 628 وأبو (8) القاسم القوصى المتوفى سنة 643. وينشط المذهب الحنفى بمصر منذ زمن المماليك إذ جعل الظاهر بيبرس القضاء شركة بين أصحاب المذاهب الأربعة: الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية، فكان لكل مذهب

(1) انظر فى بكار حسن المحاضرة 1/ 463 وابن خلكان 1/ 279 والجواهر المضيّة فى طبقات الحنفية 1/ 168 وتاج التراجم فى طبقات الحنفية لإبن قطلويغا ص 19.

(2)

راجع فى الطحاوى تهذيب ابن عساكر 2/ 54 والمتنظم 6/ 250 وحسن المحاضرة 1/ 350 وابن خلكان 1/ 71 وطبقات القراء 1/ 116 والجواهر المضيئة 1/ 102 وتاج التراجم ص 8 والشذرات 2/ 288.

(3)

انظر فى إسحق الجواهر المضيّة 1/ 136 والفوائد البهية 22.

(4)

راجع فى ابن مسافر حسن المحاضرة 1/ 464 والجواهر المضيّة 1/ 330.

(5)

انظر فى الجريرى حسن المحاضرة 1/ 464.

(6)

راجع فى ابن النحاس حسن المحاضرة 1/ 464 وشذرات الذهب 4/ 341.

(7)

انظر فى الغزنوى حسن المحاضرة 1/ 465 والجواهر المضيّة 1/ 352.

(8)

انظر القوصى فى حسن المحاضرة 1/ 465 والجواهر المضيّة 1/ 304.

ص: 136

قاضيه، وأيضا فإنه جعل للحنفية نصيبا فى مدرسته الظاهرية وأول حنفى درّس المذهب بها لأيامه عبد الرحمن بن عمر بن العديم المتوفى سنة 677. وممن درس المذهب بالسيوفية لؤلؤ (1) بن أحمد وأبو بكر (2) بن محمد الإسنوى. ومن قضاتهم النعمان (3) بن الحسن المتوفى سنة 692 وعلى بن نصر المتوفى سنة 695 وله كتاب زوائد الهداية على القدورى. ويختم القرن السابع بابن النقيب الذى مر ذكره بين المفسرين. ومن فقهاء القرن الثامن النابهين احمد (4) بن إبراهيم السروجى المدرس بالسيوفية المتوفى سنة 710 وقد ولى القضاء، وله شرح فى كتاب الهداية للمرغينانى.

وابن (5) يلبان المتوفى سنة 731 وله شرح على الجامع الكبير لمحمد بن الحسن الشيبانى ورتب صحيح ابن حبان على الأبواب وكذلك معجم الطبرانى. وكان يعاصره ابن (6) التركمانى المتوفى سنة 731 وكان يدرس المذهب بمدرسة المنصور قلاوون، وألقى بها شرحا له على الجامع الكبير أملاه دروسا على الطلاب. وأنجب فقيهين: أحمد (7) المتوفى سنة 744 ومن تصانيفه شرح الهداية وشرح الجامع الكبير. وعلى (8) المتوفى سنة 745 وله مختصر الهداية ومختصر علوم الحديث لابن الصلاح، وتولى قضاء الديار المصرية. وكان يعاصرهما فخر الدين الزيلعى (9) المتوفى سنة 743 وله شرح على كتاب كنز الدقائق فى الفروع للحافظ النسفى سماه تبيين الحقائق على كنز الدقائق طبع بمصر فى ستة أجزاء. ويلقانا السراج (10) الهندى قاضى القضاة بالديار المصرية المتوفى سنة 773 وله شرح الهداية والشامل فى الفروع وشرح البديع، وكان يعاصره ابن (11) أبى الوفا عبد القادر بن محمد المتوفى سنة 775 وهو صاحب كتاب الجواهر المضيّة فى طبقات الحنفية

(1) انظر فى لؤلؤ حسن المحاضرة 1/ 466 والجواهر المضيّة 1/ 416.

(2)

انظر فى أبى بكر حسن المحاضرة 1/ 467.

(3)

راجع فى النعمان حسن المحاضرة 1/ 467 والجواهر المضيّة 2/ 201.

(4)

انظر فى السروجى حسن المحاضرة 1/ 468 والجواهر المضيّة 1/ 53 وتاج التراجم ص 11.

(5)

راجع فى ابن يلبان حسن المحاضرة 1/ 468 والجواهر المضيّة 1/ 354 وتاج التراجم ص 43.

(6)

انظر فى ابن التركمانى حسن المحاضرة 1/ 469 والجواهر المضيّة 1/ 345 وتاج التراجم ص 40 والدرر الكامنة 3/ 49.

(7)

راجع أحمد فى حسن المحاضرة 1/ 469 والجواهر المضيّة 1/ 77.

(8)

انظر فى على حسن المحاضرة 1/ 469 والجواهر المضيّة 1/ 366.

(9)

راجع فى الزيلعى حسن المحاضرة 1/ 470 والجواهر المضيّة 1/ 345 والدرر الكامنة 3/ 61.

(10)

انظر فى السراج حسن المحاضرة 1/ 470 والدرر الكامنة لابن حجر 3/ 230 والفوائد البهية 149 وإنباء الغمر 1/ 27.

(11)

راجع فى ابن أبى الوفا حسن المحاضرة 1/ 471 والدرر الكامنة 3/ 6 والفوائد البهية 99 وإنباء الغمر 1/ 66.

ص: 137

المثبوت فى الهوامش. ونلتقى بأكمل (1) الدين البابرتى المتوفى سنة 786 وله شروح كثيرة على أمهات كتب الفقه الحنفى منها شرح الهداية وشرح البزدوى.

وما يزال السيوطى فى حسن المحاضرة يعدد فقهاء الحنفية وقضاتهم بالديار المصرية، حتى نصل، إلى (2) ابن الهمام كمال الدين محمد بن عبد الواحد المتوفى سنة 861 وله مصنفات مختلفة فى مذهبه أهمها فتح القدير، وهو شرح على كتاب الهداية للمرغينانى، طبع بمصر فى ثمانية أجزاء. ونلتقى بالقاسم (3) بن قطلوبغا المتوفى سنة 789 وهو صاحب كتاب تاج التراجم فى طبقات الحنفية المذكور فى الهوامش وله مصنفات فقهية مختلفة. ونمضى إلى زمن العثمانيين.

وينشط منذ هذا التاريخ بمصر الفقه الحنفى وأصحابه، إذ كان القضاء فى الدولة العثمانية للأحناف وحدهم. ومن كبار فقهاء الأحناف فى أيامهم زين العابدين (4) بن نجيم المصرى المتوفى سنة 970 وله كتاب الأشباه والنظائر فى الفقه الحنفى، وهو مطبوع، وكتاب البحر الرائق على كنز الدقائق وهو مطبوع أيضا فى عدة أجزاء. ومنهم شمس الدين التمر تاشى الغزى المتوفى بالقاهرة سنة 1004 وله فى الفقه الحنفى تنوير الأبصار وجامع البحار. ومنهم أبو الإخلاص الشرنبلاوى المتوفى سنة 1069 وهو من علماء الأزهر، وله مصنفات مختلفة فى فقه الأحناف لا تزال مخطوطة ومحفوظة بدار الكتب المصرية. ومنهم السيد أحمد الحموى وله تصانيف عدة، منها شرح الكنز وحاشية الدرر والغرر، توفى سنة 1142. ويحصى الجبرتى فى تاريخه أسماء كثيرين منهم إلى نهاية الأيام العثمانية.

وكان انتشار المذهب المالكى فى مصر مبكرا، وكان بعاصر مالكا فقيه مصرى كبير هو الليث (5) بن سعد المتوفى سنة 175 وفيه يقول الشافعى:«الليث بن سعد أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به» يريد أن أصحابه وتلاميذه المصريين لم يحملوا عنه مذهبه. ولو أنهم حملوه

(1) انظر فى البابرتى حسن المحاضرة 1/ 471 والفوائد البهية 195 وإنباء الغمر 1/ 298.

(2)

انظر فى ابن الهمام الضوء اللامع 8 رقم 301 والشذرات 7/ 298 والبدر الطالع 2/ 201 وحسن المحاضرة 1/ 474.

(3)

راجع فى ابن قطلوبغا الضوء اللامع 6/ 635 والشذرات 8/ 326 والبدر الطالع 2/ 45.

(4)

انظر فى ابن نجيم خلاصة الأثر للمحبى ودائرة المعارف الإسلامية.

(5)

راجع فى الليث تاريخ بغداد 13/ 3 وابن خلكان 4/ 127 والنجوم الزاهرة 2/ 82 وصفة الصفوة 4/ 281 وتذكرة الحفاظ 225 وميزان الاعتدال 3/ 423 وتهذيب التهذيب 8/ 459 وعبر الذهبى 1/ 266.

ص: 138

لأصبح مذهبا مستقلاّ بجانب المذاهب الأربعة، غير أنهم آثروا عليه مذهب مالك إمام المدينة (دار الهجرة). وكان من أهم تلاميذ مالك الذين حملوا مذهبه عنه عبد الله بن وهب، جامع أول كتاب بمصر فى الحديث كما مر بنا آنفا، وعبد (1) الرحمن بن القاسم المتوفى سنة 191 وقد فرّع على أصول مذهبه فروعا كثيرة سجلها فى مؤلفه المشهور باسم المدونة، وعنه حملها سحنون القيروانى إلى تونس موطنه، ونشر المذهب المالكى هناك ولا يزال غالبا على بلاد المغرب إلى اليوم.

وممن تتلمذ عليه وعلى عبد الله بن وهب يحيى بن يحيى الليثى ناشر مذهب مالك فى الأندلس، وكان قد حضر دروس مالك فى كتابه الموطأ وتفقّه بهذين المصريين (2) ثم عاد إلى موطنه ينشر المذهب حتى غلب على أهل الأندلس كما غلب على أهل المغرب. ومن كبار تلاميذ مالك المصريين أيضا عبد (3) الله بن عبد الحكم المتوفى سنة 214 وإليه أفضت رياسة المالكية فى مصر بعد ابن القاسم وابن وهب، وخلفه على رياسته ابنه محمد (4) المتوفى سنة 268. وكان يعاصره الحارث (5) بن مسكين، وقد حمله المأمون إلى بغداد فى أيام محنة خلق القرآن، وسجنه لأنه لم يجب إلى القول بخلقه، ورد إليه حريته المتوكل وولاه قضاء مصر سنة سبع وثلاثين ومائتين، وظل يتولى قضاءها ثمانى سنوات، وتوفى سنة 250. ويعدّ السيوطى فى حسن المحاضرة من تلامذة ابن وهب وابن القاسم وعبد الله بن عبد الحكم خمسة عشر فقيها مالكيا اشتهروا بمصر. وممن نلتقى به فى أوائل القرن الرابع أحمد (6) بن الحارث بن مسكين، جلس مجلس أبيه بعده بجامع عمرو يدرس للناس الفقه المالكى حتى توفى سنة 311. وكثير من الفقهاء حينئذ ينسبون إلى الإسكندرية والصعيد، . إذ كان المذهب منتشرا بهما. ومن فقهاء الإسكندرية أبو الحسن (7) المعافرى قاضيها

(1) انظر فى ابن القاسم الديباج المذهب 146 وابن خلكان 3/ 129 وتذكرة الحفاظ 356 والتهذيب لابن حجر 6/ 252 والشذرات 1/ 329 وحسن المحاضرة 1/ 303.

(2)

المغرب لابن سعيد (نشر دار المعارف) 1/ 163.

(3)

انظر فى عبد الله بن عبد الحكم حسن المحاضرة 1/ 305 والديباج المذهب 98 وعبر الذهبى 1/ 366 وابن خلكان 3/ 34 وتهذيب التهذيب 5/ 289 والشذرات 2/ 34.

(4)

راجع فى محمد حسن المحاضرة 1/ 309 والديباج المذهب 231 والسبكى 2/ 67 والوافى بالوفيات 3/ 338 والشذرات 2/ 154 وميزان الاعتدال 3/ 611.

(5)

انظر فى الحارث رفع الإصر عن قضاة مصر 1/ 167 والسبكى 2/ 113 وتذكرة الحفاظ 514 وتاريخ بغداد 8/ 216 وابن خلكان 2/ 56.

(6)

راجع أحمد فى حسن المحاضرة 1/ 449 والديباج المذهب 37.

(7)

انظر فى المعافرى حسن المحاضرة 1/ 449 والغبر 2/ 250.

ص: 139

المتوفى سنة 339 وكان يعاصره أبو الذكر (1) الأسوانى قاضى مصر المتوفى سنة 340. ونمضى إلى زمن الفاطميين، وقد عدّ السيوطى من الفقهاء المالكيين لعهدهم ستة عشر فقيها، منهم أبو (2) بكر النعالى إمام المالكية بمصر فى وقته. وإليه كانت الرحلة والإمامة بمصر، وكانت حلقته فى الجامع تدور على سبعة عشر عمودا لكثرة من يحضرها. توفى سنة 380. ومنهم أبو القاسم (3) الجوهرى المتوفى سنة 381 مصنف مسند الموطأ لإمام المذهب مالك. ونزل بالقاهرة القاضى عبد (4) الوهاب فقيه بغداد المالكى وكان شاعرا بارعا، ويقال إنه يوم فصل عن بلده شيّعه من أكابرها وأصحاب محابرها جملة وافرة وأنه قال لهم: لو وجدت بين ظهرانيكم رغيفين كل غداة وعشية ما عدلت ببلدكم بلوغ أمنية، واجتاز بمعرّة النعمان بلدة أبى العلاء فأضافه، وله فى الإشادة بفقهه وبشعره:

إذا تفقّه أحيا مالكا جدلا

وينشر الملك الضّلّيل إن شعرا

والملك الضليل: امرؤ القيس. وتوجه إلى مصر فحمل لواء المالكية بها وانثالت فى يديه الرغائب. ولم يلبث أن ألم به مرض الموت سنة 422 فكان يقول-كما مر بنا-لا إله إلا الله عندما عشنا متنا. ومن كبار فقهاء المالكية حينئذ أبو (5) بكر الطرطوشى نزيل الإسكندرية المتوفى سنة 525 واشتهر بكتابين له فى السياسة ألفهما أو ألف أحدهما لوزير الفاطميين المأمون البطائحى هما سراج الملوك وسراج الهدى. ومن تلاميذه سند (6) بن عنان الأزدى المتوفى سنة 541 خلفه فى حلقته وانتفع به الناس وله شرح المدونة. وكان يعاصره أبو القاسم (7) بن مخلوف الإسكندرى أحد الأئمة الكبار من المالكية، تفقه به أهل الثغر زمانا.

ونمضى إلى زمن الدولة الأيوبية، ويلقانا صدر الإسلام أبو الطاهر (8) إسماعيل بن مكى تلميذ الطرطوشى المتوفى سنة 581 وقد طارت شهرته فى المذهب، وقصده صلاح الدين الأيوبى وسمع

(1) راجع فى أبى الذكر حسن المحاضرة 1/ 449 والطالع السعيد للإدفوى 364.

(2)

انظر فى النعالى حسن المحاضرة 1/ 450 والديباج المذهب 258.

(3)

راجع فى الجوهرى حسن المحاضرة 1/ 451 والعبر 3/ 17.

(4)

انظر فى عبد الوهاب حسن المحاضرة 1/ 314 والعبر 3/ 149 وابن خلكان 3/ 219 والديباج المذهب وفوات الوفيات 2/ 44 والشذرات 3/ 223.

(5)

راجع فى الطرطوشى حسن المحاضرة 1/ 452 والصلة لابن بشكوال: 545 والمغرب 2/ 242 وابن خلكان 4/ 262 والعبر 4/ 48 وأزهار الرياض 3/ 162.

(6)

انظر فى سند حسن المحاضرة 1/ 452 والديباج المذهب 126.

(7)

راجع فى ابن مخلوف حسن المحاضرة 1/ 453.

(8)

انظر فى أبى الطاهر حسن المحاضرة 1/ 452 والديباج المذهب 95.

ص: 140

منه الموطأ، وله مصنفات، قال فيه ابن فرحون: كان إمام عصره فى المذهب وعليه مدار الفتوى. ومرّ بنا أن صلاح الدين أنشأ مدرسة للمالكية هى المدرسة القمحية، وتبعه ابن شكر وزير أخيه العادل، فأنشأ لهم مدرسة ثانية هى المدرسة الصاحبية، وأنشأ لهم وللشافعية القاضى الفاضل مدرسة مشتركة هى المدرسة الفاضلية، وجعل الصالح أيوب مدرسته للمذاهب الأربعة.

وأتاح ذلك كله للفقه المالكى بمصر نشاطا واسعا منذ زمن الأيوبيين، ومن كبار فقهائه حينئذ ابن شاس (1) عبد الله بن محمد شيخ المالكية وصاحب كتاب الجواهر النمينة فى المذهب، درس بالمدرسة القمحية، استشهد مجاهدا الفرنج بدمياط حين حاصروها سنة 616 - 618. ومن مدرسى هذه المدرسة الحسين (2) بن عتيق ابن رشيق شيخ المالكية وصاحب الفتيا فى وقته، توفى سنة 632. واشتهر بالإسكندرية من فقهاء المالكية ابن الصفراوى الذى مر ذكره بين القراء. ومن كبار فقهاء المذهب ابن الحاجب الذى مر ذكره بين النحاة، وله مختصر الفروع فى الفقه المالكى اعتمد فيه على جواهر الفقيه ابن شاس وأضاف إليه زيادات من كتب مختلفة، وله شروح لا تزال مخطوطة ومحفوظة بدور الكتب. وكان يعاصره رفيقه عبد الكريم (3) بن عطاء الله الإسكندرانى، كان إماما فى الفقه والأصول والعربية، ومن تصانيفه شرح التهذيب ومختصر التهذيب ومختصر المفصل. ومن تصانيفه شرح التهذيب ومختصر التهذيب ومختصر المفصل.

ونمضى فى زمن المماليك، ونلتقى بابى حفص عمر (4) بن عبد الله السبكى المتوفى سنة 669 وهو أول من ولى قضاء المالكية حين جعل الظاهر بيبرس من كل مذهب قاضيا. وولى قضاء المالكية بعده نفيس (5) الدين محمد بن هبة الله بن شكر المتوفى سنة 680. وكان يعاصره القرافى (6) شهاب الدين أحمد بن إدريس المتوفى سنة 682 ولى التدريس فى مدرسة الصالح نجم الدين أيوب المعروفة بالصالحية وقد صنف فى الفقه المالكى وفى الأصول الكتب المفيدة مثل الذخيرة فى مذهب مالك وكتاب الفروق فى الفقه المالكى وهو مطبوع. وكان يعاصره هو ونفيس الدين ابن

(1) انظر فى ابن شاس البداية والنهاية 13/ 86 وحسن المحاضرة 1/ 454.

(2)

راجع فى ابن عتيق حسن المحاضرة 1/ 455 والديباج المذهب 105.

(3)

انظر فى عبد الكريم حسن المحاضرة 1/ 456 والديباج المذهب 167.

(4)

راجع فى عمر السبكى حسن المحاضرة 1/ 457 والديباج المذهب 159.

(5)

انظر فى نفيس الدين حسن المحاضرة 1/ 458.

(6)

راجع فى القرافى حسن المحاضرة 1/ 316 والديباج المذهب 62 والمنهل الصافى لابن تغرى بردى (طبع دار الكتب) 1/ 215.

ص: 141

المنير أحمد بن محمد قاضى الإسكندرية الذى مر ذكره بين المفسرين، وكان إماما فاضلا متبحرا، وله فى الفقه مختصر التهذيب.

ويلقانا فى القرن الثامن تاج (1) الدين بن عطاء الله الإسكندرى المتصوف المشهور المتوفى سنة 709 وله فى الفقه تهذيب المدونة غير كتب كثيرة فى التصوف. وكان يعاصره قاضى القضاة على (2) بن مخلوف النويرى المتوفى سنة 713 ولى قضاء الديار المصرية ثلاثا وثلاثين سنة. ومن كبار فقهاء المالكية ابن (3) الحاج محمد بن محمد العبدرى المتوفى سنة 737 وله كتاب المدخل وهو كتاب نفيس فى أربعة أجزاء يصف فيه أحوال البلاد الخلقية والاجتماعية وما يتصل بذلك من العادات عند العامة وغيرها، مع نقد نزيه ومع بيان للعلاج الشرعى الملائم. وكان يعاصره الزواوى (4) عيسى بن مسعود المتوفى سنة 743 وإليه انتهت رياسة المالكية، وله مصنفات مختلفة، منها شرح صحيح مسلم وشرح مختصر ابن الحاجب فى الفقه وشرح المدونة، وتاريخ ومناقب مالك. وأكثر فقهاء المالكية فى القرن الثامن شهرة خليل (5) بن إسحق المتوفى سنة 767 وله كتاب المختصر فى الفقه المالكى، ويعنى بتدريسه المالكية منذ ظهوره وخاصة فى المغرب ويعرف هناك باسم مختصر سيدى خليل. وأهم تلاميذه (6) بهرام بن عبد الله المتوفى سنة 805 وله الشامل فى الفقه وشرح مختصر أستاذه خليل. ونزل مصر فى زمنه عبد الرحمن بن خلدون وعداده فى فقهاء المغرب. ونلتقى بالبساطى (7) محمد بن أحمد شيخ الإسلام المتوفى سنة 842 ولى القضاء، وكانت إليه الفتيا.

ويظل لفقهاء المالكية نشاطهم فى بقية زمن المماليك وفى أيام العثمانيين. ومن أعلامهم فى القرن الحادى عشر أبو الإمداد برهان الدين اللقانى المتوفى سنة 1041 وله مصنفات فى علمى الكلام والفقه، وكان يعاصره نور الدين الأجهورى، وهو من شيوخ الأزهر المالكية

(1) انظر فى ابن عطاء الله حسن المحاضرة 1/ 424 وطبقات الشعرانى 2/ 19 والسبكى 9/ 23 والخطط الجديدة لعلى مبارك 7/ 70 والبدر الطالع 1/ 107 والديباج المذهب 70 وشذرات الذهب 6/ 19 والدرر الكامنة.

(2)

راجع فى ابن مخلوف النويرى حسن المحاضرة 1/ 458 والدرر الكامنة.

(3)

انظر فى ابن الحاج حسن المحاضرة 1/ 459 والديباج المذهب 327 والدرر الكامنة 4/ 355.

(4)

راجع فى الزواوى حسن المحاضرة 1/ 459 والدرر الكامنة.

(5)

انظر فى خليل حسن المحاضرة 1/ 460 والديباج المذهب 117 ونيل الابتهاج ص 95 والدرر الكامنة 2/ 175 ونفح الطيب (طبع بولاق) 2/ 120.

(6)

راجع فى بهرام حسن المحاضرة 1/ 461 والضوء اللامع 3/ 20.

(7)

انظر فى البساطى حسن المحاضرة 1/ 462 والضوء اللامع 7/ 5.

ص: 142

وله مصنفات مخطوطة محفوظة بدار الكتب المصرية. ونلتقى بكثيرين من فقهاء المالكية فى تاريخ الجبرتى ومن أهمهم الزرقانى (1) أبو عبد الله محمد بن عبد الباقى المتوفى سنة 1122 خاتمة المحدثين.

وشرحه على موطأ مالك مشهور، وأيضا من أهمهم على (2) بن أحمد بن مكرم العدوى الصعيدى إمام المحققين وعمدة المدققين المتوفى سنة 1189 يقول الجبرتى عنه:«قبل ظهوره لم تكن المالكية تعرف الحواشى على شروح كتبهم الفقهية، فهو أول من خدم تلك الكتب بها» ويعدّد حواشيه ومن أهمها حاشية له على شرح الزرقانى على موطأ مالك.

وعلى شاكلة ازدهار مذهب مالك الفقهى بمصر كذلك كان مذهب الشافعى (3) مزدهرا، بل ربما كان أكثر ازدهارا، إذ نزل الإمام الشافعى المتوفى سنة 204 مصر، واكتمل له فيها مذهبه الفقهى. وحمله عنه تلاميذه من أبنائها ونشروه فى العالم الإسلامى، كما مر بنا فى غير هذا الموضع، بحيث غدا أكثر المذاهب الفقهية الأربعة أتباعا. ويتميز مذهبه بإحكامه التوفيق بين المذهب الحنفى مذهب أهل الرأى، والمذهب المالكى مذهب أهل الحديث، وهو الذى أسس علم أصول الفقه بمبحثه الرائع الذى سماه الرسالة وفيها يبحث أدلة الأحكام الدينية وما يتصل بها من طرق الاستنباط والاجتهاد. وله فى الفقه مصنفه المشهور: الأم، وهو مطبوع فى القاهرة مثل الرسالة، وعنى به فقهاء الشافعية طوال هذا العصر فاختصروه وشرحوه مرارا، ومثلهما كتاب السنن المأثورة والمسند. وطبع له على هامش الأم كتاب اختلاف الحديث. وأهم تلاميذه بمصر البويطى والمزنى، أما البويطى فهو يوسف (4) بن يحيى القرشى الإمام الجليل المتوفى سنة 231 يقول السيوطى عنه: أحد أئمة الإسلام وأركانه، كان خليفة الشافعى فى حلقته بعده، وله فى الفقه المختصر المشهور الذى اختصره من كلام الشافعى، وحمل إلى بغداد فى محنة القول بخلق القرآن، فأصرّ على رأيه هناك وظل سجينا حتى توفى. والمزنى (5) هو إسماعيل بن يحيى المتوفّى سنة 264 وقد

(1) راجع الزرقانى فى تاريخ الجبرتى 1/ 69.

(2)

انظر ابن مكرم فى تاريخ الجبرتى 1/ 414.

(3)

انظر الإمام الشافعى فى الجزء الأول من طبقات الشافعية للسبكى وتاريخ بغداد 2/ 56 ومعجم الأدباء 17/ 281 وابن خلكان 4/ 163 وتذكرة الحفاظ 361 تهذيب التهذيب 9/ 25 وصفة الصفوة 2/ 140 وحلية الأولياء 9/ 63 وألف كثيرون فى سيرته ومذهبه قديما وحديثا.

(4)

راجع فى البويطى السبكى 2/ 162 وتاريخ بغداد 14/ 299 وعبر الذهبى 1/ 411 وتهذيب التهذيب 11/ 423 وابن خلكان 7/ 61 وحسن المحاضرة للسيوطى 1/ 306.

(5)

انظر فى المزنى السبكى 2/ 93 والعبر 2/ 28 واللباب 3/ 133 وابن خلكان 1/ 217 والنجوم الزاهرة 3/ 39 والسيوطى 1/ 307 وشذرات الذهب 2/ 148.

ص: 143

أخذ عنه خلائق من علماء خراسان والعراق والشام، ومضوا فنشروا المذهب فى بلدانهم، وله فى الفقه الشافعى: الجامع الكبير والجامع الصغير والمختصر والمنثور والمسائل المعتبرة وكتاب الوثائق وكتاب العقارب، سمى بذلك لصعوبته وفى كتاب طبقات الشافعية للسبكى غرائب منه. ومن كبار فقهاء الشافعية بمصر فى القرن الثالث أبو زرعة (1) محمد بن عثمان المتوفى سنة 302 ولى قضاء مصر سنة 284 ثمانى سنين، ثم ولى قضاء دمشق، فأدخل فيها مذهب الشافعى وحكم به القضاة هناك، ولم يزل القضاء بعده للشافعية بمصر والشام إلى أن ضم الظاهر بيبرس سنة 663 القضاة الثلاثة من مذاهب أبى حنيفة ومالك وابن حنبل إلى الشافعية. وكان يعاصره النسائى وقد مر ذكره بين أهل الحديث ومنصور (2) بن إسماعيل الفقيه المتوفى سنة 306 وله مصنفات عدة فى المذهب من أهمها كتاب الهداية والواجب والمستعمل والمسافر.

ويلقانا فى القرن الرابع أبو إسحق (3) المروزى إبراهيم بن أحمد المتوفى سنة 340 نزيل الفسطاط وكانت قد انتهت إليه رياسة المذهب فى بغداد وانتشر عنه فى البلاد، وشرح مختصر المزنى، وانتقل إلى الفسطاط وجلس فى مجلس الشافعى واجتمع الناس عليه وضربوا إليه أكباد الإبل. وكان يعاصره أبو بكر (4) بن الحداد محمد بن أحمد المتوفى سنة 344 قاضى الفسطاط، وله كتاب الباهر فى الفقه يقال إنه كان فى مائة جزء، وله أيضا كتاب جامع الفقه وكتاب الفروع المولدات الذى شرحه كثيرون. ونمضى إلى زمن الفاطميين، وقد أحصى السيوطى عشرة من الفقهاء فى المائة سنة الأولى من أيامهم، أهمهم القضاعى (5) أبو عبد الله محمد بن سلامة المتوفى سنة 454 مصنف كتاب الشهاب، ولى قضاء الديار المصرية وأرسل به الخليفة المستنصر إلى الروم رسولا. وأحصى السيوطى فى المائة الثانية من أيام الفاطميين تسعة من فقهاء الشافعية أهمهم الخلعى (6) على بن الحسين المتوفى سنة 492 وله فى الفقه كتاب المغنى بين البسط والاختصار.

(1) راجع فى أبى زرعة السبكى 3/ 196 والسيوطى 1/ 399 والعبر 2/ 123 والشذرات 2/ 239.

(2)

انظر فى منصور السبكى 3/ 478 والسيوطى 1/ 400 والمغرب فى حلى المغرب (قسم الفسطاط) ص 262 وابن خلكان 5/ 289 ونكت الهميان 297 ومعجم الأدباء 19/ 185 والمنتظم 6/ 152.

(3)

راجع فى المروزى تاريخ بغداد 6/ 11 وابن خلكان 1/ 26 والسيوطى 1/ 312.

(4)

انظر فى ابن الحداد السبكى 3/ 79 والسيوطى 1/ 313 وتذكرة الحفاظ 3/ 108 والعبر 2/ 264 وابن خلكان 4/ 197 والوافى 2/ 69 والشذرات 2/ 317.

(5)

راجع فى القضاعى السبكى 4/ 150 وابن خلكان 4/ 212 والوافى 3/ 116 والسيوطى 1/ 403 والشذرات 3/ 293.

(6)

انظر فى الخلعى السبكى 5/ 253 والعبر 3/ 334 والسيوطى 1/ 404 والشذرات 3/ 398 وابن خلكان 3/ 317.

ص: 144

وربما كان أهم منه مجلى (1) بن جميع قاضى القضاة المتوفى سنة 550 كان من أئمة الفقهاء وكبارهم وله فى الفقه مصنفات أهمها كتابه الذخائر. وكان يعاصره الفقيه الشافعى ابن رفاعة المتوفى سنة 561. وبمجرد أن يظل مصر لواء صلاح الدين الأيوبى يؤسس مدرسة للشافعية وثانية للمالكية وثالثة للحنفية كما أسلفنا. وفوّض القضاء بمصر للشافعية، فاتسع نشاطهم، وقد أسند صلاح الدين مدرستهم للخبوشانى (2) محمد بن الموفق المتوفى سنة 587 وله فى الفقه كتاب تحقيق المحيط.

ومن كبار فقهاء الشافعية فى عهد الأيوبيين إبراهيم بن منصور العراقى المصرى المتوفى سنة 596 رحل إلى العراق وأقام به مدة ثم عاد إلى موطنه فعرف باسم العراقى، وله شرح على كتاب المهذب لأبى إسحق الشيرازى أول مدرس للمدرسة النظامية ببغداد وكان شرحا كبيرا فى عشرة مجلدات.

وكان يعاصره عبد (3) الملك بن عيسى بن درباس المتوفى سنة 605 قاضى قضاة الشافعية فى عهد صلاح الدين، وأناب عنه أخاه عثمان (4) فى قضاء القاهرة وله شرح على المهذب سماه الاستقصاء، وشرح ثان على كتاب اللمع لأبى إسحق الشيرازى، توفى سنة 622. ويلقانا محمد (5) بن عين الدولة المتوفى سنة 639 قاضى القضاة بالقاهرة والوجه البحرى، واشتهر لزمنه بأنه رد شهادة السلطان الكامل، وقال له: أنت تحكم ولا تشهد. وأهم الفقهاء بعده فى زمن الأيوبيين العز (6) بن عبد السلام وقد مرّ لنا فى الفصل السابق حديث عنه مع المماليك، ولى خطابة جامع عمرو بن العاص بالفسطاط والقضاء بها وبالوجه القبلى. ولما بنى السلطان الصالح نجم الدين أيوب مدرسته الصالحية فوّض تدريس الشافعية بها إليه، وطالت أيامه إلى زمن المماليك إذ توفى سنة 660 وله فى الفقه كتاب القواعد الكبرى ومصنفات مختلفة ومر بنا أن له تفسيرا وكتابا فى مجاز القرآن.

وقد أحصى السيوطى من فقهاء الشافعية زمن المماليك أكثر من مائة فقيه، لأكثرهم مصنفات

(1) راجع فى مجلى السبكى 7/ 277 والسيوطى 1/ 405 والعبر 4/ 141 والشذرات 4/ 157 وابن خلكان 4/ 154.

(2)

انظر فى الخبوشانى السبكى 7/ 14 والسيوطى 1/ 406 وابن خلكان 4/ 239 والعبر 4/ 262 والشذرات 4/ 288 والنجوم الزاهرة 6/ 115.

(3)

راجع فى ابن درباس السيوطى 1/ 408 ورفع الإصر: 367.

(4)

انظر فى عثمان السبكى 8/ 337 والسيوطى 1/ 408 والشذرات 5/ 7 وابن خلكان 2/ 242.

(5)

راجع فى ابن عين الدولة السبكى 8/ 63 والسيوطى 1/ 412 والعبر 5/ 162 والشذرات 5/ 205.

(6)

انظر فى العز السبكى 8/ 209 والسيوطى 1/ 314 والشذرات 5/ 301 والعبر 5/ 260 ومرآة الجنان 4/ 153 وفوات الوفيات 1/ 594 والنجوم الزاهرة 7/ 208.

ص: 145

وشروح على أمهات كتب الفقه الشافعى، ومن أهمهم ابن (1) دقيق العيد المتوفّى سنة 702 وهو تلميذ العز بن عبد السلام وله مصنفات كثيرة فى الفقه والحديث ومصطلحه. وكان يعاصره ابن الرفعة أحمد (2) بن محمد المتوفى سنة 710 وهو ثالث الشيخين: الرافعى القزوينى والنووى الدمشقى فى الاعتماد عليه فى ترجيح الآراء الفقهية فى مذهب الشافعى، درّس بالمدرسة المعزية وتولى الحسبة، وصنف تصنيفين عظيمين هما الكفاية فى عشرين مجلدا والمطلب فى ستين مجلدا.

ومن كبار الفقهاء الشافعية القمولى (3) أحمد بن محمد المتوفى سنة 727 صاحب البحر المحيط فى شرح الوسيط للغزالى وكتاب جوامع البحر جمع فيه فأوعى. وكان يعاصره بدر (4) الدين بن جماعة قاضى القضاة بالديار المصرية المتوفى سنة 733 وله تصنيفات فى فنون كثيرة. ونلتقى بالزنكلونى (5) أبى بكر بن إسماعيل المتوفى سنة 740 وله شرح على التنبيه لأبى إسحق الشيرازى عم النفع به وشرح ثان على المنهاج للنووى. وكان يعاصره سليمان (6) بن جعفر الإسنوى المتوفى سنة 756 صنف طبقات الشافعية وهو مطبوع. ونلتقى بتقى (7) الدين السبكى على بن عبد الكافى المتوفى فى نفس السنة المذكورة تلميذ ابن الرفعة وله مصنفات كثيرة فى الفقه وشروح كتبه الكبرى. ومن تلاميذه ابنه بهاء الدين السبكى الذى مرّ ذكره بين البلاغيين، وله فى الفقه شرح على كتاب الحاوى للشيخ نجم الدين القزوينى المتوفى سنة 665. وكان يعاصره عبد (8) الرحيم بن الحسن الإسنوى المتوفى سنة 777 صاحب التصانيف السائرة، منها المهمات والجواهر وشرح المنهاج والفروع وإليه انتهت رياسة الشافعية فى زمانه.

(1) راجع فى ابن دقيق العيد السبكى 9/ 207 والسيوطى 1/ 317 والشذرات 6/ 5 والبدر الطالع 2/ 229 ومرآة الحنان 4/ 236 والوافى 4/ 193 والطالع السعيد للإدفوى 317 وفوات الوفيات 2/ 484 والدرر الكامنة 4/ 310 وتذكرة الحفاظ 1481.

(2)

انظر فى ابن الرفعة السبكى 9/ 24 والسيوطى 1/ 320 والشذرات 6/ 22 ومرآة الجنان 4/ 249 والبدر الطالع 1/ 115 والدرر الكامنة 1/ 303.

(3)

راجع فى القمولى السبكى 9/ 30 والسيوطى 1/ 424 والدرر الكامنة 1/ 324 والشذرات 6/ 75 والطالع السعيد 125 والنجوم الزاهرة 8/ 279.

(4)

راجع فى ابن جماعة السبكى 9/ 139 والسيوطى 1/ 425 والدرر الكامنة 3/ 367 وفوات الوفيات 2/ 353 ونكت الهميان 235 ومرآة الجنان 4/ 287 والنجوم الزاهرة 9/ 298.

(5)

انظر فى الزنكلونى السيوطى 1/ 426 والشذرات 6/ 125.

(6)

راجع فى سليمان السيوطى 1/ 429.

(7)

السبكى ترجم له ابنه بهاء الدين فى طبقات الشافعية 10/ 139 وانظر فى ترجمته السيوطى 1/ 321 والدرر الكامنة 3/ 134.

(8)

انظر فى الإسنوى السيوطى 1/ 429 والدرر الكامنة 2/ 463.

ص: 146

ويلقانا ابن (1) الملقن المتوفى سنة 804 وهو أكثر أهل زمنه تصنيفا، ومن تصانيفه شرح التنبيه وشرح الحاوى وشرح المنهاج وشرح كتاب العمدة وما به من أحاديث موزعة على أبواب الفقه.

وتوفى بعده بعام شيخ الإسلام البلقينى (2) عمر بن رسلان وله فى الفقه والحديث والتفسير تصانيف مختلفة، وحمل عنه فقهه وعلمه ابنه علم الدين صالح المتوفى سنة 868 وهو شيخ السيوطى.

وكان يعاصره فقيهان هما المحلى والمناوى وبهما ختم السيوطى حديثه عن فقهاء الشافعية. ويعد السيوطى نفسه خاتمهم الحقيقى إذ توفى سنة 911 كما مر بنا فى الحديث عن اللغويين وله فى الفقه مصنفات كثيرة منها مختصر الروضة للنووى وحاشية عليها ومختصر لكتاب التنبيه وشرح عليه وكتاب الأشباه والنظائر، واللوامع والبوارق فى الجوامع والفوارق، غير رسائل كثيرة أحصاها فى ترجمته لنفسه بحسن المحاضرة. ونلتقى بالشيخ زكريا (3) الأنصارى المتوفى سنة 926 وله فى الفقه مختصر مشهور هو المنهج وله شروح مختلفة.

ونمضى إلى زمن العثمانيين ويظل التصنيف فى الفقه الشافعى ناشطا. ومن كبار الفقهاء فى القرن العاشر ابن حجر (4) الهيثمى المتوفى سنة 973 وله الفتاوى الهيثمية طبعت يمصر فى أربعة مجلدات. وكان يعاصره شمس الدين الشربينى الخطيب الذى مرّ ذكره بين المفسرين، وله فى الفقه شرح منهاج النووى، وهو مطبوع، وله شرح على متن أبى شجاع، ولسليمان البجيرمى حاشية عليه. ويكتظ كتاب تاريخ الجبرتى بأسماء فقهاء الشافعية وأشهر أئمتهم حينئذ الرملى (5) المتوفى سنة 957 وفتاويه تكتظ بها كتب الفقه الشافعى بعده.

وظلت مصر لا تعرف المذهب الحنبلى طويلا، ويعلل السيوطى ذلك بأن المذهب لم يبرز خارج العراق إلا فى القرن الرابع، وكان الفاطميون بمصر وكانوا لا يهتمون بغير عقيدتهم الشيعية الغالية، ويقال إنهم اضطهدوا فى أول أمرهم المذاهب الثلاثة التى كانت قائمة بمصر، وهى مذاهب الشافعية والملكية والحنفية، فتأخر ظهور المذهب الحنبلى، وأول إمام لهم نزل مصر الحافظ عبد الغنى (6) الجمّاعيلى المقدسى المتوفى سنة 600 صاحب كتاب عمدة الأحكام فى معالم

(1) راجع فى ابن الملقن السيوطى 1/ 438 والضوء اللامع 6/ 100 وشذرات الذهب 7/ 44.

(2)

انظر فى البلقينى السيوطى 1/ 329 والضوء اللامع 6 رقم 286 والشذرات 7/ 51.

(3)

انظر فى الشيخ زكريا الضوء اللامع ج 3 رقم 892 والكواكب السائرة 1/ 196 والبدر الطالع 1/ 252 والنور السافر ص 125.

(4)

راجع فى ابن حجر الهيثمى مقدمة فتاويه والشذرات 8/ 370 والنور السافر ص 287 والبدر الطالع 1/ 109.

(5)

انظر فى الرملى الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة للغزى 2/ 119 والخطط التوفيقية (طبعة بولاق) 4/ 119.

(6)

انظر مصادر ترجمة عبد الغنى المقدسى فى قسم الشام ص 584.

ص: 147

الحلال والحرام عن خير الأنام، وله شروح كثيرة. ولمؤلف العمدة كتاب الكمال فى معرفة أسماء الرجال، وصنع له تهذيبا المزى جمال الدين يوسف بن الزكى وأكمل التهذيب مغلطاى الذى مرّ ذكره. وأخذ المذهب الحنبلى يشيع فى مصر منذ أنشأ السلطان الصالح نجم الدين أيوب مدرسته الصالحية سنة 641 إذ جعل للمذهب الحنبلى ودراسته فيها إيوانا بجانب أواوين المذاهب الثلاثة السابقة، ودعم ذلك الظاهر بيبرس بضم قضاة للحنابلة والمالكية والحنفية بجانب قاضى الشافعية.

وتوالى اهتمام المماليك، فى تأسيس مدارسهم، بالفقه الحنبلى وفقهائه بجانب فقهاء المذاهب الثلاثة الأخرى على نحو ما مر بنا فى صدر هذا الفصل. ويترجم السيوطى فى حسن المحاضرة لعشرين من فقهاء المذهب وقضاته فى مصر مثل نجم (1) الدين أحمد بن حمدان الحرانى المتوفى سنة 695 مؤلف الرعاية الكبيرة وعمر (2) بن عبد الله المقدسى قاضى الديار المصرية المتوفى سنة 696 وموفق (3) الدين عبد الله بن عبد الملك المقدسى قاضى الديار المصرية لنحو ثلاثين سنة توفى سنة 769، وناصر (4) الدين نصر الله بن أحمد الكنانى المتوفى سنة 795 ناب عن موفق الدين فى قضاء الحنابلة ثم استقل به ستّا وعشرين سنة، وعماد (5) الدين الحنبلى أبو بكر بن أبى المجد المتوفى سنة 854 صنّف تجريد الأوامر والنواهى من كتب الصحاح الستة، واختصر تهذيب الكمال للمزّى.

ويختم السيوطى فقهاء الحنابلة زمن المماليك بأستاذه أحمد (6) بن إبراهيم الكنانى العسقلانى الأصل المصرى المولد، وفيه يقول: ولى قضاء الحنابلة بالديار المصرية، ودرّس للحنابلة بغالب مدارس القاهرة، وله تعاليق وتصانيف ومسودات كثيرة فى الفقه وأصوله والحديث والعربية، ومنها مختصر كتاب المحرر للرافعى توفى سنة 876. ويظل الفقه الحنبلى ناشطا بمصر زمن العثمانيين، وفى كتاب تاريخ الجبرتى أسماء كثيرين من فقهاء الحنابلة ومن أكبر ائمتهم مرعى (7) بن يوسف المتوفى سنة 1033 وله مؤلفات كثيرة فى المذهب، منها غاية المنتهى. ويبدو أن المذهب الظاهرى ظل معروفا بمصر وظل علماء يعنون به ويتدارسونه، ونلتقى فى كتب التراجم من حين إلى آخر

(1) انظر فى نجم الدين السيوطى 1/ 480 والشذرات 5/ 428 والمنهل الصافى 1/ 272.

(2)

انظر فى عمر المقدسى السيوطى 1/ 480 والشذرات 5/ 436 والنجوم الزاهرة 8/ 111.

(3)

راجع فى موفق الدين السيوطى 1/ 481 والشذرات 6/ 215.

(4)

انظر فى ناصر الدين السيوطى 1/ 481 والشذرات 6/ 343 والدرر الكامنة 5/ 163 وإنباء الغمر 1/ 466.

(5)

راجع فى عماد الدين السيوطى 1/ 482 والضوء اللامع 11/ 66 والشذرات 7/ 42.

(6)

انظر فى الكنانى السيوطى 1/ 484 والضوء اللامع 1/ 205 والشذرات 7/ 321.

(7)

خلاصة الأثر 4/ 358.

ص: 148

بأسماء من كانوا يعتقنون هذا المذهب مثل بدر الدين محمد بن إبراهيم المعروف بالبشتكى المتوفى سنة 831.

ومعروف أنه حين حكم الفاطميون مصر كانوا يولون على القضاء فقهاء من عقيدتهم، ومرّ بنا فى الفصل الأول بيان لمبادئ عقيدتهم الأساسية وإشارة إلى بعض آرائهم الفقهية التى خالفوا فيها الجماعة، وأول قضاتهم بمصر النعمان (1) بن منصور التميمى الملقب بأبى حنيفة الشيعة، كان فى أول أمره مالكيا، ثم تحول إلى مذهب الإمامية الشيعى، ثم انتقل إلى عقيدة الإسماعيلية فى خدمة المعز لدين الله بإفريقية، وقدم معه إلى مصر فأسند إليه القضاء، ولم يلبث أن توفى سنة 363. وله مصنفات فقهية شيعية مختلفة أهمها كتابه «دعائم الإسلام فى الحلال والحرام والقضايا والأحكام عن أهل بيت رسول الله» وهو المصدر الأساسى فى الفقه وعلم الكلام عند الشيعة الإسماعيلية.

ونشر له المرحوم الدكتور محمد كامل حسين كتاب الهمة فى آداب اتباع الأئمة، وذكر فى مقدمته له كثيرا من الكتب الفقهية الإسماعيلية.

وظل القضاء الفاطمى بعده فى بيته إلى نهاية القرن الرابع الهجرى. وينزل مصر سنة 407 كبير دعاة الفاطميين وفقهائهم فى الشرق حميد (2) الدين الكرمانى ولا يلبث أن يتوفى سنة 408 ومن أهم مصنفاته كتاب «راحة العقل» الذى حققه ونشره المرحومان: الدكتور محمد مصطفى حلمى والدكتور محمد كامل حسين، وهو يزخر بمسائل فلسفية وعقيدية متشابكة. وينزل مصر بعده المؤيد (3) فى الدين هبة الله الشيرازى أكبر دعاة الفاطميين وفقهائهم فى القرن الخامس، وقد ظل بها نحو 30 عاما حتى توفى سنة 470 وأهم مصنفاته المجالس المؤيدية، وهى ثمانمائة مجلس فى العقيدة الفاطمية وتشتمل على كثير من المسائل العقيدية والفقهية، ونشر الدكتور محمد عبد القادر عبد الناصر فى القاهرة ملخصا لهذه المجالس من صنعة حاتم بن إبراهيم. ونعيد هنا ما قلناه فى الفصل الأول من أن هذه العقيدة وكل ما اتصل بها من فقه وغير فقه، ظلت غريبة فى مصر، وظل المصريون مبتعدين عنها حتى انتهت تلك الدولة الشيعية المتطرفة.

(1) راجع فى النعمان ابن خلكان 5/ 415 ولسان الميزان 6/ 167 والشذرات 3/ 47 ومرآة الجنان 2/ 379 والنجوم الزاهرة 4/ 106 ومقدمة كتاب الهمة فى آداب اتباع الأئمة وكتاب دعائم الإسلام.

(2)

انظر فى حميد الدين بروكلمان 3/ 355 ومقدمة كتابه راحة العقل.

(3)

راجع فى المؤيد فى الدين السيرة المؤيدية بتحقيق د. محمد كامل حسين وكتابه فى آداب مصر الفاطمية ص 59، 116.

ص: 149

ومرّ بنا أن الشافعى هو الذى أسس علم أصول الفقه ورفع أركانه وشاد بنيانه، فكان طبيعيا أن تظل مصر بعده عاكفة على هذا العلم وأن يلقانا كثيرون من فقهاء الشافعية منكبّين عليه، وسرى ذلك منهم إلى فقهاء الحنفية، بل أيضا إلى فقهاء المالكية والحنابلة. ولن نستطيع أن نلم بما كتب فى هذا الميدان لكثرته، ولذلك سنكتفى بذكر بعض كتبه المهمة، من ذلك كتاب الإحكام فى أصول الأحكام لسيف (1) الدين الآمدى نزيل مصر سنة 592 المتوفى سنة 631 وهو من أجمع وأروع ما وضع فى هذا العلم. ولابن الحاجب الذى مر ذكره بين النحاة مختصر له شرح مرارا وتكرارا، ولشمس (2) الدين الأصفهانى بعده المتوفى سة 688 شرح كبير لكتاب المحصول فى علم الأصول لفخر الدين الرازى. ولبهاء الدين السبكى المذكور فى فقهاء الشافعية كتاب بديع فى الأصول سماه جمع الجوامع.

ولم ينشأ فى مصر مذهب مستقل فى علم الكلام، فقد كانت تعتمد دائما على ما يأتيها من الخارج، غير أنه يلاحظ أنه منذ عهد صلاح الدين غلب مذهب الأشعرى الذى يقف بين المعتزلة وأهل السنة، يقول المقريزى فى الحديث عن مذاهب أهل مصر:«وأما العقائد فإن السلطان صلاح الدين حمل الكافة على عقيدة الشيخ أبى الحسن على بن إسماعيل الأشعرى. . وشرط ذلك فى أوقافه التى بديار مصر كالمدرسة الناصرية بجوار قبر الإمام الشافعى من القرافة والمدرسة التى عرفت بالشريفية بجوار جامع عمرو بن العاص والمدرسة المعروفة بالقمحية وخانقاه سعيد السعداء بالقاهرة، فاستمر الحال على عقيدة الأشعرى بديار مصر وبلاد الشام وأرض الحجاز واليمن وبلاد المغرب أيضا لإدخال ابن تومرت رأى الأشعرى إليها» (3). ولعل أكبر كتاب أشعرى ألف فى مصر كتاب أبكار الأفكار لسيف الدين الآمدى المذكور آنفا وفيه مباحث كبرى عن العلم والنظر وأقسام المعلوم والنبوات والمعاد. ويظل التأليف فى علم الكلام على مذهب الأشعرى ناشطا حتى نهاية زمن العثمانيين.

(1) انظر فى الآمدى ابن خلكان 3/ 293 والسبكى 8/ 306 والسيوطى 1/ 541 والعبر 5/ 124 والشذرات 5/ 144 ولسان الميزان 3/ 134 وميزان الاعتدال 2/ 259 والنجوم الزاهرة 6/ 285.

(2)

راجع فى شمس الدين الأصفهانى السبكى 8/ 100 والسيوطى 1/ 542 والعبر 5/ 359 والشذرات 5/ 406 وفوات الوفيات 2/ 523 ومرآة الجنان 4/ 208.

(3)

خطط المقريزى 3/ 279.

ص: 150