الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نرجسة فيه مستحيّه
…
ووردة تحتها أقاحه
والخال فى الوجنة المضيّه
…
فى الماء لا يحسن السّباحه
وقد جمع فى الدور أروع صورة للملاحة، فالعين ملأى بالخفر والحياء، والوجنة ورد ناضر، تحتها أقحوان الثغر المتلألى والخال فى الوجنة غارق فى ماء النضارة والحسن لا يريم.
وبذلك أعدّ ابن سناء الملك المصريين بعده لكى يبرعوا براعة فائقة فى نظم الموشحات، ويتوفى سنة 608 وكان يعاصره مظفر (1) الأعمى العيلانى المتوفى سنة 623 صاحب الموشحة المشهورة:
كلّلى يا سحب
…
تيجان الرّبى بالحلى
واجعلى سوارها
…
منعطف الجدول
والموشحة تفيض بكئوس الفرحة بالخمر والحديث عن ليلة الوصل والبهجة بالمحبوب، بهجة ما بعدها بهجة. وكان يعاصره ابن النبيه المتوفى سنة 619 وفى ديوانه موشحة بديعة يقول فيها (2):
قل لمن يلوم
…
فى مهفهف أسمر
ثغره النّظيم
…
مسكر وسكّر
آه لو سقانى اطفأت نيرانى
…
درّة ثمينه فى الياقوت مكنونة
وواضح تعبيره عن رضاب الثغر بأنه يطفئ نيران قلبه وأن ياقوت الشفتين يحمل درة بل دررا ثمينة وهى كناية بديعة. ونمضى إلى زمن المماليك فنلتقى بكثير من الوشاحين، وفى مقدمتهم
العزازى
وابن الوكيل. وظلت الموشحات مزدهرة فى أيام المماليك على لسان ابن نباتة وغيره (3) وشاع استخدامها على لسان المتصوفة فى أذكارهم، ولعلى بن محمد بن وفا شيخ الطريقة الوفائية فى زمنه المتوفى سنة 807 ديوان موشحات صوفية لا يزال مخطوطا، وأنشد منه السخاوى فى سجع الورق المذكور آنفا خمسا وخمسين موشحة ونخص كلاّ من العزازى وابن الوكيل بكلمة.
العزازىّ (4)
هو شهاب الدين العزازى أحمد بن عبد الملك وكان تاجرا بقيسارية جهاركس فى القاهرة
(1) انظر فى مظفر وموشحه المغرب (قسم القاهرة) ص 348، 370 وراجع فيه معجم الادباء 19/ 148 وفوات الوفيات 2/ 111 ونكت الهميان 290 والشذرات 5/ 110
(2)
ديوان ابن النبيه (طبعة عبد الله فكرى) ص 54.
(3)
انظر فهرس كتاب عقود اللآل فى الموشحات والأزجال للنواجى بتحقيق عبد اللطيف الشهابى ولابن نباتة فيه تسع موشحات ولمجد الدين بن مكانس أربع موشحات.
(4)
انظر فى العزازى المنهل الصافى 1/ 340 وما بعدها والنجوم الزاهرة 9/ 214 وفوات الوفيات لابن شاكر الكتبى 1/ 88 والوافى 7/ 152 والدرر لابن حجر 1/ 205.
قرب حى الغوريّة الحالى ويقول ابن تغرى بردى: كان أديبا مطبوعا ظريفا له النظم الرائق الفائق ولا سيما نظمه للموشحات فإنه غاية فى ذلك. ويقول ابن حجر: له فى الموشحات يد طولى توفى سنة 710 وله ثلاث وثمانون سنة. وفى دار الكتب المصرية نسختان من ديوانه غير تامتين، والديوان فى خمسة أقسام: فى مدائح الرسول وأهل بيته وفى مدائح الأمراء والوزراء والكتاب والقضاة، وفى النكت والملح والأفغاز والأحاجى، وفى الغزل والتهانى والتعازى، وفيما وقع بين أدباء عصره وشعراء زمانه، وفى غرائب الأوزان من المخمسات والموشحات. وفى مكتبة جامعة القاهرة مصوّرة منتخبة من ديوانه بخط الصفدى. ويذكر ابن تغرى بردى بعض موشحاته، وبالمثل يذكر طائفة منها ابن شاكر فى فوات الوفيات والنواجى فى عقود اللآل فى الموشحات والأزجال، ومن أطرفها موشحة موزعة بين النشوة بالخمر وبالحب وبجمال الطبيعة استهلّها بقوله:
يا لهلة الوصل وكأس العقار
…
دون استتار علّمتمانى كيف خلع العذار (1)
اغتنم اللذات قبل الذهاب
…
وجرّ أذيال الصّبا والشباب
واشرب فقد طابت كئوس الشّراب
واختتمها بقوله:
يا ليلة أنعم فيها وزار
…
شمس النّهار حيّيت من بين الليالى القصار
وله فى مطلع موشحة بديعة:
ما سلّت الأعين الفواتر
…
من غمد أجفانها الصّفاح (2)
إلا أسالت دما المحاجر
…
من غير حرب ولا كفاح (3)
ومن طريف موشحاته موشحة بناها من رباعيات، كما يقول ابن شاكر، وهى فى الحقيقة مخمس رباعى، وهو يدل كما تدل موشحاته على غزارة ينبوع الشعر عنده، وأنه كان يتدفق على لسانه تدفقا، مع الحلاوة وحسن الألفاظ وجمال النغم والإيقاع.
(1) خلع العذار: كناية عن الانهماك فى المجون
(2)
الصفاح: السيوف
(3)
المحاجر: ما استدار حول العيون وأراد بها العيون نفسها.