الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يزل الرومان كذلك على بساطة حياتهم حتى فتحوا البلدان. واستولوا على الأمم، وأقاموا بين ظهرانيهم، وطالت معاشرتهم لهم. اذ ذاك تأثر الغالب بالمغلوب وجاراه في حياة النعيم والرفاهية. وفي الحقيقة ان المغلوب لا يؤثر في الغالب، وانما أثرت تلك الامم في الرومان لانهم مغلوبون لها في العلم والحضارة.
أخذوا عن اليونان وأهل المشرق الملابس الرقيقة. وزينوا البيوت بالتماثيل والرخام والحجارة النفيسة، وفرشوها بالزرابي. وأكثر ما تأثروا في حياتهم بالاغريق، ومع ذلك لم يأخذوا عنهم فنهم في البناء. ولم تزل آثار البناءات الرومانية دالة على فقد الذوق اللطيف للرومان، وهي تمتاز بأنها عظيمة ذات أقواس. بسيطة ليس فيها تحسين.
6 - الرومان في افريقية
انتهت الحرب البونيقية الثالثة بالقضاء على مملكة قرطاجنة وتخريب تلك العاصمة وحلول الرومان محل القرطاجنيين، فاستولوا استيلاء فعليا على التراب الاصلي لقرطاجنة، وأطلقوا عليه اسم "مملكة الرومان بافريقية" وجعلوا على هذه المملكة أو الولاية واليا مقره عوتيقية.
وهذه الولاية عبارة عما بين وادي توسكا (ناحية طبرقة) شمالا، ومدينة تينة (جنوب صفاقس) جنوبا. وخطها الغربي من جهة نوميديا غير مستقيم فانه يمر من توسكا حتى يقترب من قفصة ثم ينحني حيث ينتهي في تينة قرب البحر. فهي عبارة عن جزء غير كبير من عمالة تونس.
ولم تكن تطمع الجمهورية الرومانية اذ ذاك في توسيع هذه
الولاية وبسط نفوذها الفعلي على الشمال الأفريقي، لعلمها بشجاعة البربر وحماسهم في الدفاع عن وطنهم، وجهلها بدواخل هذا الوطن، فاكتفت باعتراف ملوك البربر بالسيادة الاسمية ريثما تلين قناتهم، وتضعف شوكتهم.
وكانت، الجمهورية لما فتحت قرطاجنة بعثت عشرة من الاعيان لينظروا مع سبيون في مصير قرطاجنة، فاتفق رأيهم على هدم ما أبقاه الحريق منها فتركوها قاعا صفصفا كان لم تغن بالامس، ولعنوا باسم آلهتهم موضعها، ولكنهم بعد قليل اضطروا لتجديدها.
وذلك ان ايطاليا ضاقت باهلها بسبب استحواذ طبقة الاغنياء على أراضيها وجلب العبيد لخدمة تلك الاراضى، ويقال: ان عدد هؤلاء العبيد بلغ ثلاثة ملايين. وأصبح عدد عديد من الايطاليين لا اراضي لهم يستغلونها ولا عمل يشتغلون به، حتى انه كان برومة أكثر من اربعمائة الف لا عمل لهم غير الجولان بالازقة.
وكان كايوس انتخب للمحامات عن الشعب سنة (123) فاقترح - لرفع هذه الازمة- ارسال جاليات من أولئك الفقراء من المال والعمل الى الولايات الرومانية.
وكان روبريوس من محامي الشعب ايضا فاقترح سنة (120) ق. م، تجديد قرطاجنة وارسال طائفة من فقراء الشعب لتعميرها.
قبل الشيوخ اقتراحه، وعين كايوس لتنفيذه، فجاء الى قرطناجنة بستة آلاف ايطالي، ومكث في تجديدها ثلاثة أشهر، وحينما تم تجديدها اطلق عليها اسم "جونونيا" تبركا باسم جونون وجعلت هي حامية قرطاجنة.
وكما ان هدهم لمدينة قرطاجنة لم يذهب بها وحييت من جديد