الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكانوا يجهلونها بتاتا. وانما عرف من بعدهم النحاس فسمي عصرهم بالعصر النحاسي، ثم ترقوا الى معرفة الحديد فسمي هذا العصر بالعصر الحديدي. وما زال العالم في هذا العصر الى اليوم لوفور منافع الحديد ولذلك ذكره الله من بين سائر المعادن بأسلوب يدل على عموم حاجة البشر اليه في جميع الازمان اذ قال:{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} .
4 - ادوار مدنية قدماء الجزائر
مكث قدماء الجزائر- كغيرهم- احقابا لا يعلم تقديرها الا العزيز العليم ومدنيتهم محصورة في الحجارة: يستخدمونها في جميع شؤونهم الضرورية والكمالية. غير انهم كانوا يترقون- وفق ناموس النشوء والارتقاء- في احكام صنع الحجارة واتقانها، ويتفننون في نقشها ورتنميقها.
وقد قسم المؤرخون ذلك العصر السحيق الطويل- حسبما هدتهم الآثار المختلفة صنعا وزمنا- الى ثلاثة ادوار:
1 -
عصر الحجارة القديم. كان الانسان فيه في اول عهده بالطبيعة جاهلا بطرق الاستفادة منها مقتصرا في حياته على استعمال ما اهتدى اليه فكره الابتدائي من المواد الطبيعية التي يسهل تناولها من غير حاجة الى حذق في صناعتها. استعمل من الحجارة مع تهذيبها قليلا جهازه الحيوي.
وقد عثر الباحثون على شيء من هذا الجهاز بجهات من الجزائر تقدم ذكرها. من ذلك هراوي ومناقير ومساح. وهي من اقدم ما عرف من مدنية الجزائريين في ذلك العصر.
2 -
عصر الحجارة الاوسط. تقدم الانسان في هذا الدور قليلا
فرقى الصناعة الحجرية، ومد يده الى غير الحجارة أيضا: اتخذ من مغارات الكهوف اكنانا، وصنع الفؤوس الحجرية، وجعل ابرا وخناجر من العظام؛ وأواني من بيض النعام.
وآثار هذا الدور متوفرة فيما بين قابس شرقا وسطيف غربا.
3 -
عصر الحجارة الحديث. في هذا الدور اتقن الانسان صناعة الحجارة وتفنن فيها وتوسع في الاستفادة منها ولم يقف عندها فقط: اتخذ بعض جهازه الحربي- مثل السهام- من الحجارة، ورسم عليها الرسوم العجيبة.
وقد عثروا على بعض تلك الرسوم بجبل بني راشد ووادي ايتل وجهات قالة واتخذ الاواني الطينية للطبخ (مما يدل على تعرفه الى النار).
وصنع الاوعية من الخشب، والعربات تقودها الخيل لنقل الآلات الحربية والبيوت الخشبية. واتقن التصوير فرسم صور الحيوانات ومناظر الاصطياد. واشرف على المبادئ التاريخية فرسم على اواني الفخار أشكالا هندسية تمثل الكتابة. وقدر علماء الآثار قدم تلك الاواني الفخارية بنحو ستة آلاف سنة قبل المسيح عليه السلام.
مدنية أية أمة من الامم مستمدة استمدادا علميا من معقولها ودرجة تفكيرها، واستمدادا عمليا من كسب ابنائها وجهودهم، ويتكون عقلها وعملها من طبيعة المكان الذي تقطنه؛ وتتأثر بما تشاهده من جيرانها او يبلغها من اخبار الامم الاخرى.
ولهذا كانت مدنية قدماء الجزائر ذات اقسام ثلاثة:
1 -
مدنية محلية لا مشابهة بينها وبين مدنيات الامم المجاورة لها. من ذلك مدنية اطلق عليها اسم "الصناعة الجيتولية" وآثارها تبتدئ