الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا الانساع كله لم تكن له عزة نفس ونخوة ملك، فيترفع عن خدمة الرومان الذين لا يزيده جبنه معهم وخدمته لهم إلا طمعا في الوطن البربري وخيراته.
بعد أن فعل فعلته الاولى عززها بثانية. وذلك أنه حدث برومة شقاق بين مريوس وصيلة ففر الاول الى يرباص الذي أعانه على منافسه. فأرسل صيلة قائده بمبيوس (1) الى أفريقية بجنود كثيرة. وأعانه بوكوس بفيلق عظيم من فرسان موريطانيا تحت رئاسة غودا (قيل هو ابن بوغيد بن بوكوس وقيل حفيد بوغيد) وكان يرباص قد فر من بمبيوس. فاعترضه غودا وشتت جموعه. وأخيرا قتله.
وهكذا لم نر لبوكوس إلا اعانة للرومان على أبطال البربر الذين يأنفون من استعباد الاجنبي لهم ولقومهم.
وبعد أن ملأ صحائف حياته بمثل هذه الأعمال توفي في حدود سنة (80) وترك ولدين اقتسما مملكته.
16 - يرباص
(102 - 81)
اختلف في اسم هذا الملك: فمنهم من سماه يرباص، ومنهم من سماه هرتاص. وهو من أسرة يوغورطة. قال مرسيي:" والظاهر انه ابن غودا أخي يوغورطة ".
انتصب بعد وفاة غودا على نوميديا الوسطى. وكان- كبقية
(1) في ابن خلدون فمقيوس. وهو تصحيف مطبعي صوابه فمفيوس على قاعدة تعريب حرف p بحرف (ف). والمعمول به اليوم تعريبه باء.
أمراء البربر- تحت سيادة رومة: يذهب اليها، ويرسل أبناءه ليتعلموا بها. وتخلق بالاخلاق الرومانية. وصار يتكلم باللغة اللطاينية. ويحافظ على الفنون الرومانية. ويشيد بالمدن البناءات الأنيقة. ويعتني بالفلاحة.
ومع كونه تحت سيادة رومة وآخذا من أخلاق أهلها وحضارتهم كانت غايته تهيئة الأمة البربرية للاستقلال التام وطرد النفوذ الروماني من وطنها.
وفي مدته نازع صيلة مريوس على رئاسة رومة. فراى مريوس أنه عاجز عن مقاومة خصمه، وأراد أن يستعين بأمراء البربر. فوجه ولده إلى هيمصال الثاني من ملوكهم يعرض عليه حمايته وإعانته فلم يقبله، لأنه رأى نجاح صيلة برومة. فخشي عاقبة قبوله. إذ ذاك عاد الولد الى والده مريوس، وأشار عليه بالفرار. ففر الى الولاية الرومانية بأفريقية. ولكن واليها طرده. فبقي هائما بحدود نوميديا. ثم تمكن من الفرار الى قرقنة. وأخيرا أجاره يرباص. وقضى عنده شتاء سنة (88).
كانت حماية يرباص لمريوس بعد اعراض هيمصال عنها سببا في انتشاب حرب بينهما انتصر فيها يرباص وطرد هيمصال من مملكته واستولى عليها. وبذلك أصبح مريوس منتصرا بأفريقية ومنهزما برومة. وكانت أتباع صيلة تأوي إلى عوتيقة. فأرسل ستة فيالق بقيادة بمبيوس لحرب مريوس. وتقابل الجيشان فانهزة مريوس، وفر يرباص بطائفة من جنوده. وكان بوكوس قد وجه كتيبة من الخيل تحت رئاسة غودا نصرة لبمبيوس. فالتقى غودا بيرباص في الطريق وشتت جنوده. ففر إلى عاصمته بولريجيا (1) وهجم بمبيوس
(1) هي حمام الدراجي جنوب طبرقة.