الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ـ[صورة]ـ (ش-18) نقود الملك يوبا وعليها رسمه
ـ[صورة]ـ (ش-19) نقود الملك يوبا وعليها رسمه غلى اليسار ورسم زوجه غلى اليمين
____
26 - بطليموس
23 م - 40 م
بطليموس هو ابن يوبا الثاني. سماه بهذا الاسم الاغريقي من شغفه بالاغريق. ورث عرش ابيه بعد وفاته. وكما كان اسمه غير بربري كان هو عديم الغيرة البربرية والحماس القومي. فلم يعمل كجده يوبا الاول ومن قبله من سلفه للاستقلال البربري. بل كان كأبيه يؤيد النفوذ الاجنبي ويخدم مصلحة رومة.
لم يرث بطليموس عن أبيه غير عرشه واخلاصه لرومة. ولم يرث عنه أذواقه العلمية وتدابيره الادارية. فترك أمور دولته بيد الحاشية. وانهمك في الملاهي والفجور. وبذلك وجد البربر سبيلا إلى استعادة حياتهم الحربية.
كان بنوميديا ثائر بربري يدعى تقفاريناص. فاستدعته حاشية بطليموس الى موريطانيا ووعدته الاعانة. فلبى طلبها ونقل الحرب الى تلك الناحيه.
نقفار يناص هذا رجل بربري تجند بالجند الروماني وبلغ رتبة ضابط معين. ثم فر الى القبائل البربرية المقيمة بجهات اوراس. وأثارهم على الرومان سنة (17) م. فهجموا على الجنود الرومانية في مراكزها. واتسعت ميادين الثورة من خليج طرابلس الى الحضنة.
برز لمحاربته كاملوس والي افريقية فلم يقو تتقفاريناص على مقابلته وفر الى الصحراء. واشتغل فيها بتنظيم الجنود على الطريقة الرومانية. فاتخذ الفرسان والمشاة. وفي ظرف عام تمم تنظيمه وتمرينه. فأعاد الكرة على الرومان. وهزمهم بوادي باجيدة (ساحة لمبس) فتركوا له حصونا. وغنم غنائم جليلة. فتشجع بهذا الانتصار. وذهب الى تالة (بعمالة تونس) وحاصرها. فضاعف الرومان قوتهم مضاعفة أعجزت تقفاريناص عن مقابلتها. ففر أيضا الى الصحراء. وذلك سنة (20) م.
وبعد قليل ارسل الى الامبراطور طيبريوس وفدا يعرص عليه الصلح على ان يقتسم معه أراضي افريقية. فأبت للإمبراطور عظمته النزول لقبول هذا الشرط. وراءه وقاحة من تقفاريناص. فارسل الى الجيتوليين يعدهم بالعفو ان هم وضعوا السلاح. وجعل جعلا لمن يقتل تقفاريناص. فلم يجد من بطانة هذا الثائر خائنا.
وفي سنة (12) وجه الامبراطور لحربه القائد بليسوس (BLOESUS) وكان ذا دراية بالحرب. فقسم جيشه أقساما وراء كل قسم حصن. فمكث في مطاردة تقفاريناص عاما. وكان يهزمه كلما التقيا. ولما اعجزت تقفاريناص الحيلة ويئس من الانتصار عاد الى الصحراء ملجئه من قديم سنة (22).
سر الرومان بانتصار بليسوس سرورا عظيما. ولقبوه الغازي. ولكن هذا الانتصار لم يكن حاسما للثورة. فان تقفاريناص رجل
لا يأبه بمعاكسة الايام. ولا تقف أمام عزيمته العقبات. ولا يفشل للنوائب والصدمات. فمكث بعيدا عن الرومان بالصحراء حتى بلغته وفاة يوبا. فجدد عزمه. وجمع جموعه. واستثار القبائل الجيتولية من جديد. وحاصر بعض المدن. فعين الرومان لحربه دولبلة (DOLABELLA). وابتدأ هذا الروماني بقتل عظماء الجيتوليين.؛ واتخذ مراكز للجنود على حدود الصحراء. وطلب من بطليموس امداده برجال البربر فأمده. وبلغ تقفاريناص مدينه توبوسبطوس (TUBUSUPTUS) - تيكلات-، فحاصرها. وبرز اليه دولبلة بعد ذلك الاستعداد فأجلاه عنها. وفر أمامه- كعادته- الى الصحراء. فلقيته الجنود المرابطة بحدودها.
هنالك توجه نحو موريطانيا اعتمادا على وعد حاشية بطليموس له بالاعانة. فأحاطت به الاعداء في الطريق. وما بلغ عوزية (سور الغزلان) حتى أدركه دولبلة. وانقض عليه ليلا فافنى جيشه وقتله! وذلك سنة (24).
وهكذا انتهت حياة هذا البربري الذي يحمل بين جنبيه روحا استقلالية، وهو يعلم ما فيها من المصاعب، اذ ما كان يجهل قوة رومة ولا انتشار نفوذها بالوطن البربري. ولكنها العزائم الفولاذية تدفع باربابها الى ما وراء التأمل في العواقب. والبطولة قد تنتهي بصاحبها إلى الجنون.
سر الرومان بالقضاء على شخص تقفاريناص الذي شغلهم مدة ثماني سنين. وجازى مجلس الشيوخ بطليموس على اعانته بقضيب من عاج وحلة مطرزة بالذهب. حمل هذه الجائزة أحد الشيوخ وذهب بها الى بطليموس مكلفا من قبل زملائه بمقابلته وتهنئته باسم "ملك حبيب حليف".
ما أجود بطليموس! بل بئس الجود جود بطليموس: يعين الرومان على قتل بني جنسه ليملكوا أراضيهم ونفوذهم ورقاب بقية الامة، في مقابلة القاب وتحف! وبعد كيف كانت عاقبته معهم؟
في سنة (39) ارسل اليه الامبراطور غليقلا (CALIGULA) يستدعيه الى رومة- وكانت بينهما خؤلة- فلبى الدعوة حينا. وذهب في هيئة عظيمة غار لها الامبراطور. وحضرا ذات يوم المرسح. فأعجب الحاضرون بثوب بطليموس الارجواني. فاغتاظ لذلك الامبراطور وزجه في السجن وقطع عنه الطعام ولم يترك له ماء غير ماء الميازيب. وانتهى به الغيظ الى أن قتله. يقول مرسيي: " أما غيرة من هيئته واما نهما في سفك الدماء واما طمعا في الحاق مملكته برومة رأسا" وسواء كان القتل لاحد تلك الاغراض أو لثلاثتها فإن غيرة الامبراطور من هيئة بطليموس وبهت العامة مما يدل على تفوق الازياء البربرية على الازياء الرومانية.
كان لنعي بطليموس أسوأ الاثر في نفوس البربر دفع بأحد مواليه المسمى أدمون الى رفع لواء الثورة وعزره الجيتوليين. ولكن الرومان تمكنوا من اخماد ثورته. فرجع الامر الى نصابه، والحقت موريطانيا برومة. وذلك سنة (42) م تقريبا.
____
ـ[صورة]ـ (ش - 20) رسم بطليموس عثر عليه بشرشال