الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا ما نقوله عن تاريخ انتقال البربر الى ليبية اما ما انضاف اليهم من الامم فقد كان في اوقات مختلفة يعسر الوقوف عليها جميعها، ومنهم من كانوا جاليات قليلة لا يهتم المؤرخ بذكر تاريح استيطانهم لأفريقية.
ومن هذه الامم التي كان لهجرتها الى أفريقية ضرب من الوضوح أمة الفرس فانهم نزلوا أفريقية لما مات ملكهم اليوناني، هرقليس. ولم اعثر على تاريخ هذا الملك.
ومنهم الفلسطينيون فقد علمت انهم فروا امام يوشع. والمظنون ان يوشع كان في القرن السادس عشر قبل الميلاد. لان داوود عاش في القرن الحادي عشر. وقد ذكر ابن خلدون ان بين خروج بني اسرائيل من مصر وملك داوود (ص)(600) باتفاق. ويوشع إنما رأس بني اسرائيل بعد خروجهم من التيه الذي مكثوا فيه (45) سنة.
ومنهم العرب اليمنيون قبيلتا كتامة وصنهاجة اللتان تركهما افريقش بأفريقية. وقد علمت ما في زمنه من الاضطراب.
3 - أوصاف البربر وأخلاقهم
اذا كان للامكنة دخل في صبغ البشر بما تشاء من الالوان فان منها اوصافا خلقية لا بد للامكنة فيها وانما ترجع الى خاصة جنسية.
وهذا ما دعا بعض المتأخرين الى اضافة هذا البحث الى مواد البحث عن جنس البربر ولكنه وضع للشيء في غير محله وطلب للنتيجة من غير شكلها فان هذا المبحث إنما يفيد في قرابة الامم بعضها من بعض لا في في اصالة امة لاخرى.
والاخلاق من الاشياء التي تتوارث باتفاق الفلاسفة وانما اختلفوا في انها تتوارث عن الاصل ام الوسط، وهذا الخلاف إنما تظهر ثمرته في الاشخاص دون الامم، لان الأمة اصلها هو وسطها ومجتمعها.
اما اوصاف البربر فمنها اوصاف عامة لكل بربري وهي: ان البربري وجهه معتدل، خط عينيه مستو ليس كبعض الامم التي يكون خطا عينيها عندما يتلاقيان بالانف زاوية منفرجة، عيناه غير ناتئتين، انفه متوسط الطول والعرض، اعضاؤه متناسبة، قوي البنية، مستطيع لتحمل الاتعاب وغير سريع التأثر من تغيرات الهواء، بشرته بيضاء وإنما تؤثر فيها الشمس بالسمرة.
1 -
ومن الاوصاف ما يختص ببعض الفرق: ففرقة منهم طوال القامة، مستطيلو الرؤوس والوجوه حواجبهم ناتئة، انوفهم طوال رقاق. قليلوا شعر اللحية، اكتافهم عريضة، خصورهم ضيقة، ضعاف البنية. وهذه الفرقة موجودة بكثرة.
2 -
ومنهم صنف قصير القامة، طويل الرأس وبه عظام ناتىة، عريض الوجه، ناتئ الوجنتين، عريض الانف، واسع الفم، غليظ الشفتين، ناتئ الذقن، كثير شعر اللحية، عريض الصدر والرفغ.
3 -
ومنهم صنف ربعة الى القصر، مستدير الرأس، عريض الوجه مستدير الجبهة، غليط الحاجبين، قصير الانف، واسع الفم، مشتدير الذقن، عريض الصدر. والصنفان الاولان معروفان بالغرب من قديم الازمنة. وثلاثتها توجد بالجزائر وتونس، والثالث منها مشهور بجربة ومزاب.
واما اخلاق البربري مطلقا فانه فلاح مقيم، عامل كناز، تاجر حاذق حربي شجاع، وقد يكون لصا متردا، حار ينتقم ممن اغضبه بأكثر مما يستحق. حر متطرف في الحرية الى درجة انه يكره الرآسة عليه ويتقزز منها الى ان تسنح له الفرصة لهدم تلك الرياسة وتخريب سلطانها فخور باصله وعشيرته، هائم بمسقط رأسه حتى إذا فارقه لضرورة بقي حنينه اليه لا يضعف منه طول الاغتراب بل يزيده قوة التهاب فمتى امكنه العود عاد الى وطنه.
وهذه الاخلاق ترشد الى ان البربري محب لجنسه ووطنه مستكمل لصفات العمل لسعادتهما ودفاع الاجنبي عنها او على الاقل عدم الرضى من سلطته ولو طال امدها. وقد ذكر بيروني- وعنه اخذنا مادة هذا الفصل- ان من اخلاق البربري كونه شحيحا جلفا منقادا للخرافات ومؤثرا لها.
وهذا من هناته فان كونه شحيحا جلفا خلاف الواقع المشاهد والمتواتر والمسطر في كتب التاريخ، وسترى ما يقوله ابن خلدون عنهم من صفات الكمال، وهو رجل عرفهم وعاشرهم في اواخر ايام عزهم ودخل بجاية احدى عواصمهم.
واما انقيادهم للخرافات وايثارهم لها فهو واقع مشاهد في زمننا هذا ولكنه ليس من طبيعتهم بل من طبيعة الجهل الذي ثار منهم وبالغ في الانتقام وامدته في ذلك عوامل من الايام.
وقد كان منهم قبل اليوم عظماء في العلوم والمعارف. منهم بوغورطة الموجود قبل الميلاد، ابدى في كفاحه للرومان مقدرة فائقة في الحرب والسياسة، ومنهم يوبا الثاني الموجود قبيل الميلاد، كان من اعظم الفلاسفة وامهر المؤلفين، ومنهم القديس اوغسطين الموجود في عصر الانحطاط الروماني، كان نادرة الوجود علما وفصاحة وتقوى واخلاصا وتفانيا في خدمة دينه وجنسه وغير هؤلاء كثير قبل الاسلام منهم من قصهم علينا التاريخ ومنهم من لم يقصصهم علينا.
اما بعد الاسلام فيكفي المرتاب ان يلقي نظرة على بعض عواصمهم التي كانت من عواصم العلم الكبرى مثل تيهرت وبجاية وتلمسان هذا بالقطر الجزائري فقط. ولا اطيل بذكر المدن الثانوية بله الرجال المظام.
ودونك ما يقوله ابن خلدون عن اخلاق البربر باختصار وتصرف لفظي: واما تخلقهم بالفضائل الانسانية وتنافسهم في الخلال الحميدة