الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حصارا قضى على حياة خلق كثير من أهلها. وأخيرا أفرج عنها عوض غرامة كبيرة أخذها. ثم عاد اليها سنة (409) فخضعت له. وتداخل في شأن الامبراطورية. فأسقط هنوريوس لانه لم يسند اليه رئاسة الجند. ونصب مكانه شخصا يدعى اتال. ثم نزل هنوريوس على رغبته. فأعاد عليه كرسيه وعزل اتال. وما زال ألريك على عظمته حتى طمع في فتح أفريقية سنة (410) ولكن الزوابع اغرقت اسطوله. فعاد الى ايطاليا وتوفي سنة (411).
وكان لالريك صهر يدعى اتولف. فقربه هنوريوس وزوجه أخته بلاسيدية وسماه بطريقا. كل ذلك ليعينه على ابعاد أمم القوط من ايطاليا. فانتقل اتولف بالقوط الغربيين الى الغاليا. وكان بها السويف والألان والوندال. فأخرجهم منها الى اسبانيا. وفي سنة (415) قتل اتولف وخلفه في ملكه وليا. فتوسع في اسبانيا، وأخرج الوندال الى نواحي غرناطة وجيان من الجنوب الاسباني. فاستقروا بذلك القسم. ونسب اليهم. فصار يدعى "وندلوسيا" وقد صقلته العرب فغيرته الى كلمة اندلس.
2 - أصل الوندال
قد رأيت من سياقة تاريخ الوندال عند الافرنج انهم شعب من القوط. وذكر ابن خلدون ان القوط من ماغوغ ابن يافث.
ورواية الافرنج هذه هي الصحيحة عندي لما فيها من الشرح والبيان لاحوال الوندال الى ان استقروا باندلس. وذلك يدل على فضل اطلاعهم في هذه المسألة. فيترجح الاخذ بروايتهم.
وهناك روايتان أخريان حكاهما ابن خلدون:
الاولى انهم من الاغريق. وهم أيضا من يافث. وهاك عبارته:
"ولحق بالاندلس ثلاث طوائف من الغريقيين فاقتسموا ملكها. وهم الابيون والشوانيون والفنداش. وباسم فندلس سميت الاندلس"(1) وعبر عن هؤلاء الطوائف بالطوالع.
الرواية الثانية حكاها بقوله: "وقد يقال ان هؤلاء الطوالع كلهم من ولد طوال بن يافث، وليسوا من الغريقيين".
وفي كلتا روايتيه نظر: أما الاولى فيبطلها ان الرومان كانوا يطلقون على الوندال وغيرهم من أمم القوط اسم المتوحشين. ولم يعهد منهم هذا اطلاق في الاغريق. كيف وهم اساتذتهم في العلوم والحضارة؟ ولعل منشأ الوهم في هذه الرواية ما ذكره ابن خلدون نفسه من ان القوط اختلطوا بالروم واليونان منذ عهد الاسكندر. فاختلط على صاحب الرواية بعض شعوب القوط بشعوب الاغريق.
واما الثانية فقد أشار الى ضعفها بقوله وقد يقال. ووجه سقوطها ان أبناء قطوبال استوطنوا الاندلس بعد الطوفان على ما ذكره في موضع آخر، وتقدمت الاشارة اليه في الباب الثاني. وهؤلاء الطوالع إنما نزلوا الاندلس أوائل القرن الخامس للميلاد كما تقدم في سياقة تاريخ الافرنج. وتدل عليه أخبار ابن خلدون.
ومما يرشح الاخذ برواية الافرنج أن أسماء الطوالع عند ابن خلدون قريبة من أسماء الشعوب التي صرح الافرنج أنهم من القوط: فالفندلس هم الوندال، والابيون يظهر أنهم ألان صحفت النون باء، والشوانيون يظهر أنهم السويف، ووضع الشين مكان السين من الشائع، فابن خلدون نفسه عبر عن الوندال مرة باسم فندلش وأخرى
(1) ج2 ص235 وما ذكره باسم طوال ذكره في تفصيل انساب العالم باسم قطوبال، وذكره في الكلام على انساب اليونان والروم باسم طوبال.