الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبالخروب قبر أحد ملوك نوميديا. ويظنه مؤرخو الافرنج لهذا العهد أنه قبر مصينيسا. حدثني بذلك مرسي أحد المؤرخين وأساتذة الكلية بمدينة الجزئر.
____
ـ[صورة]ـ (ش-7) نقود الملك مصنييسا وعليه رسمه
____
10 - مصيبسا
MICIPSA (149 - 119)
مصيبسا بن مصينيسا جلس على عرش المملكة بعد ابيه. وكان اعطاه خاتمه ترشيحا منه لخلافته. وأوصاه وبقية ابنائه بمسالمة الرومان لا يعلمه من قوتهم.
ولما وصل سبيون الى قرطة ووجد مصينيسا قد توفي انتخب ثلاثة من أبنائه. فأجلس على كرسي المملكة مصيبسا وعين غولوسة قائدا عاما للجيش وعين منسشابعل (1) وزيرا للقضاء. ولم يفعل سبيون
(1) سماه اغسال والكعاك مصتنا بعل.
بذلك سوى ما يتفق ورغبة مصينيمسا. حيث أنه هو الذي رشح مصيبسا للملك وكان يعطي رئاسة الجند لولده غولوسة منذ كان حيا.
ولما سقطت قرطاجنة في يد الرومان بقي مصيبسا على عرشه لم يضره ذلك السقوط ولم يزعجه جوار الرومان لحدوثه. ثم مات أخواه فاستقل بالملك سنة (145). واعتاض عنهما بابنيه آذر بعل وهيمصال. وكان لاخيه منستابعل ابن تلوح عليه آيات الفطانة والشجاعة يدعى يورغوطة. فأضافه إلى ولديه ونزله منزلتهما. ووجهه مرة سفيرا عنه إلى رومة.
كان مصيبسا مسالما للرومان جريا على سياسة والده ووصيته. وكان يعين رومة في حروبها. ففي سنة (133) كانت مشتغلة بحرب ضروس. فأعانها بجيش جعله تحت قيادة يوغورطة. يقول بعض المؤرخين: ولعله كان يريد من ارسال يوغووطة الى هذه الحرب هلاكه والاستراحة منه. لانه كان يخشى منه مناهضة ابنائه.
كانت مملكة مصيبسا تشمل ما بين ملوشات (1) غربا والسرت (2) شرقا. فهي عبارة عن وطن الجزائر اليوم وبعض تراب مراكش غربا. ان قلنا- كما هو الصحيح- ان ملوشات هو ملوية. وتمتد شرقا الى تراب طرابلس لا ينقص منها إلا الولاية الرومانية الضيقة بعمالة تونس.
وقد سار هذا الملك بهذه الدولة الواسعة سيرة محمودة. ودبرها
(1) هو ملوية وقيل المقطع.
(2)
السرت أسم لخليجين احدهما خليج قابس وثانيهما خليج طرابلس. والثانى هو المراد حسبما تفيده عبارات المؤرخين في غير موضع.
تدبيرا رشيدا. فعاش البربر تحت عنايته بسعادتهم عيشا رغدا. لم يرم بهم في الحروب تلذذا بسعة النفوذ. ولا كان يعتني بشخصه ويهمل شأن أمته. فيعم الفقر ويقل الامن. ولا كان ظلوما جائرا. فيضطر الناس إلى الثورة. بل كان سياسيا حكيما وحاكما عادلا.
كان محافظا على عاصمته قرطة وعاملا لترقيتها وتحصينها. فجلب اليها أهل العلم والفن من الاجانب. وأصبحت على عهده مدينة علم وجمال ورفاهية. قال بارس في كتابه قرطة: " ويذكر المؤرخ ابيان ان مصيبسا حصنها تحصينا لا يمكن معه لاحد أن يفتحها عنوة. وجلب لها طائفة من اليونان. وزاد في تحصينها وخصبها حتى صارت يمكنها أن تجند عشرة آلاف فارس وعشرين ألف راجل. وبعد وفاته وانتصاب آذر بعل بها حاصرها يوغرطة ولم يتمكن من فتحها إلا بعد أن أضرت المجاعة بأهلها ".
وقد كان مصيبسا نفسه مكبا على العلم. فاشتغل بالعلوم اليونانية، والرومانية حتى برز فيها، وأصبح عالما مضطلعا بالفلسفة. وما أسعد أمة يحكمها ملك عالم غير متأثر بأمة أساتذته من الاجانب ولا مقدم لها على قومه.
ولما أحس بدنو أجله جمع ابنيه وابن أخيه وأوصاهم بالاتحاد في السلم والتعاون على حفط المملكة، حتى لا ينفرط عقد عزهم وتذهب دولتهم ضحية الشقاق.
وفي سنة (119) أدركه حمامه بعدما أدار دولته أحسن إدارة ثلاثين سنة. وترك مملكته الواسعة في هناء واطمئنان ذات عمران مستبحر لم تنقصه الثورات الداخلية ولا عطلته الحروب الخارجية.