المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌13 - الحياة البربرية تحت السلطة الرومانية - تاريخ الجزائر في القديم والحديث - جـ ١

[مبارك الميلي]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء الكتاب

- ‌إسداء شكر

- ‌رسالة من الأستاذ عبد الحميد بن باديسإلى المؤلف

- ‌الجزء الأول بين يدي الأميرشكيب أرسلان

- ‌شكر واعتذار

- ‌مقدمة الطبعة

- ‌الكتاب الأولفي تاريخ الجزائر قبل الإستيلاء العربي

- ‌تاريخ الجزائر قبل الإستيلاء العربي

- ‌جغرافية الجزائر الطبيعية

- ‌1 - تمهيد

- ‌2 - الحدود

- ‌3 - جو الوطن الجزائري

- ‌4 - الشاطئ الجزائري

- ‌5 - جبال الجزائر

- ‌6 - مياه الجزائر

- ‌7 - مناظر الجزائر

- ‌8 - الغابات والنباتات الطبيعية

- ‌9 - الحيوانات الوحشية

- ‌10 - المعادن

- ‌11 - الفلاحة

- ‌الباب الأولفي ذكر قدماء الجزائرأهل العصر الحجري

- ‌تمهيد

- ‌1 - أصل قدماء الجزائر

- ‌2 - آثار قدماء الجزائر

- ‌3 - حياة قدماء الجزائر

- ‌4 - ادوار مدنية قدماء الجزائر

- ‌5 - لغة قدماء الجزائر

- ‌6 - ديانة قدماء الجزائر

- ‌الباب الثانيفي ذكر البربر

- ‌تمهيد

- ‌1 - أصل البربر

- ‌2 - هجرة البربر الى ليبية

- ‌3 - أوصاف البربر وأخلاقهم

- ‌4 - القبائل البربرية الكبرى

- ‌5 - برابرة وطن الجزائر ومراكزهم به

- ‌6 - الحياة البربرية

- ‌7 - نظام المجتمع البربري

- ‌8 - لغة البربر وكتابتهم

- ‌9 - المعتقد البربري

- ‌الباب الثالثفي ذكر الفينيقيين

- ‌تمهيد

- ‌1 - أصل الفينيقيبين

- ‌2 - الفينيقيون بالجزائر

- ‌3 - تأسيس قرطاجنة

- ‌4 - ممتلكات قرطاجنة بالجزائر

- ‌5 - اللغة الفينيقية وخطها

- ‌6 - الديانة الفينيقية

- ‌7 - نظام الدولة القرطاجنية

- ‌8 - العمل القرطاجني في العمران والحضارة

- ‌9 - الحروب القرطاجنية

- ‌أ - حروب صقلية (536 - 306) ق. م

- ‌ب - الحروب البونيقية

- ‌ج - الحرب البونيقية الاولى (264 - 241)

- ‌د - الحرب البونيقية الثانية (218 - 202)

- ‌هـ - الحرب البونيقية الثالثة (149 - 146)

- ‌الباب الرابعفي ذكر البربرعلى عهد قرطاجنة وجمهورية رومة

- ‌1 - علاقات البربر مع القرطاجنيين

- ‌2 - الحضارة القرطاجنية بالجزائر

- ‌3 - تأثير قرطاجنة على البربر في الخط واللغة

- ‌4 - تأثير قرطاجنة على البربر في العقيدة

- ‌5 - نشوء الممالك البربرية العظمى

- ‌6 - ذكر بعض رؤساء البربر

- ‌1 - مطوس:

- ‌2 - نارفاس

- ‌3 - غولة:

- ‌4 - اصالساس:

- ‌5 - قولوسا:

- ‌6 - لكومسيس:

- ‌7 - صيفاقس

- ‌8 - فرمينة

- ‌9 - مصينيسميا

- ‌10 - مصيبسا

- ‌11 - هيمصال الاول

- ‌12 - آذر بعل

- ‌13 - يوغورطة

- ‌14 - غودا

- ‌15 - بوكوس الأول

- ‌16 - يرباص

- ‌17 - هيمصال الثاني

- ‌18 - ماصنته

- ‌19 - بوكوس الثاني

- ‌20 - يوبا الأول

- ‌21 - مصانسيس

- ‌22 - بوغيد الاول

- ‌23 - عرابيون

- ‌24 - بوكوس الثالث

- ‌25 - يوبا الثاني

- ‌26 - بطليموس

- ‌7 - انقراض الممالك البربرية

- ‌8 - ذكر العواصم الكبرى لملوك البربر

- ‌1 - قرطة

- ‌2 - صيغة

- ‌3 - يول

- ‌4 - هبون

- ‌الباب السادسفي ذكر الرومان وحكومتهم بالجزائر

- ‌1 - تمهيد

- ‌2 - أصل الرومان

- ‌3 - تأسيس دولة الرومان

- ‌4 - ديانة الرومان

- ‌5 - الحياة الرومانية

- ‌6 - الرومان في افريقية

- ‌7 - استيلاء الرومان على الجزائر

- ‌8 - حدود حكومة الرومان بالجزائر

- ‌9 - جند الاحتلال

- ‌10 - النظام الروماني بالجزائر

- ‌11 - جمهورية المدن الخمس

- ‌12 - الحياة الرومانية بالجزائر

- ‌13 - الحياة البربرية تحت السلطة الرومانية

- ‌14 - الثورات بالوطن البربري

- ‌15 - العمران الروماني بالجزائر

- ‌16 - اللغة والآداب الرومانية بالجزائر

- ‌17 - ديانة الرومان بالجزائر

- ‌18 - الديانة المسيحية

- ‌19 - الديانة المسيحية بالجزائر

- ‌20 - المسيحية والوثنية بالجزائر

- ‌21 - ذكر بعض رجال البربر في الدور الروماني

- ‌22 - سقوط حكومة الرومان بالجزائر

- ‌23 - الحضارة الرومانية والبربر

- ‌24 - ذكر اباطرة رومة مدة الاستيلاء على الجزائر

- ‌الباب السابعفي ذكرى الوندال ومدل امرهم

- ‌1 - تمهيد

- ‌2 - أصل الوندال

- ‌3 - ديانة الوندال

- ‌ استيلاء الوندال على الجزائر

- ‌5 - تأسيس حكومة الوندال

- ‌6 - نظام دولة الوندال

- ‌7 - ملوك الوندال وسياستهم

- ‌8 - اعمال الوندال

- ‌9 - ثورات البربر

- ‌10 - انتهاء دولة الوندال

- ‌الباب الثامنفي ذكرى دولة الروم

- ‌1 - تمهيد

- ‌2 - بيزنطة

- ‌3 - الروم في أفريقية

- ‌4 - الروم بالجزائر

- ‌5 - أمراء البربر في العصر الرومي

- ‌6 - حروب الروم والبربر

- ‌7 - البناءات والاستحكامات الرومية بالجزائر

- ‌8 - الحالة الدينية في العهد الرومي

- ‌9 - الحالة الاجتماعية بالجزائر

- ‌10 - السلطة الرومية وانقراضها من الجزائر

الفصل: ‌13 - الحياة البربرية تحت السلطة الرومانية

ومن محال الاجتماع عندهم الحمامات. ولهم عناية بها. قال بارس: "وكان بقرطة قرب دار الامارة التي هي المعبد العظيم حمامات عظمى. عرف آثارها سائح انكليزي ووصفها وذلك سنة 1742 وماء الحمامات معدني".

ومن المباني التي يعتنون بشأنها المراسح والملاعب والهياكل الدينية. قال بارس: "وكل طريق توصل الى كنيسة محفوفة بالتماثيل يمينا وشمالا، علاوة على ما في الكنيسة". وقد عبث الدهر بتلك المباني الرومانية على عظهمتها. فلم يبق منها غير خرابات أكثرها مستور بطبقات التراب. قال غروت: "ولم يزل الباحثون يستكشفون مدنا تدهش أهل القرن العشرين".

‌13 - الحياة البربرية تحت السلطة الرومانية

مر بك في الباب الخامس ما ينير امامك الحياة البربرية قبل الاحتلال الروماني ويكفي للملم بسعادة البربر اذ ذاك ان تعلم أنهم مستقلون، ورومة تخطب ود ملوكهم وأمرائهم.

اما بعد الاحتلال الروماني فان الحياة البربرية تختلف درجة سعادتها ودركة شقاوتها على نسبة النفوذ الامبراطوري: فالجهات التي يضعف فيها ذلك النفوذ أو ينعدم تكون سعيدة، والجهات التي يتمكن منها تكون حياة البربر بها حياة العبيد.

قال بيروني: "ان الادارة الرومانية لم تكن متحدة في جميع المستعمرات ولا في أقسام أفريقية نفسها، وذلك لاختلاف أنظار القياصرة في التشريع وفيما يناسب نفوذهم على الطائفة التي تحت حكمهم".

ص: 277

انتزع الرومان من البربر جل أراضيهم وأثقلوا كاهلهم بالضرائب وأدخلوهم في الجندية ولم يحفلوا بحقوقهم الطبيعية.

1 -

أما الاراضي البربرية فانها في الاصل اما مملوكة لملوك البربر واما مملوكة للشعب. فلما جاء الرومان أخذوا كل ما كان مملوكا للملوك والامراء. فاختصت الحكومة ببعضه، ووزعت بعضه على الرومان الاصليين، ومنحت بعضه قدماء الجند. وما كان مملوكا للشعب بقي لاربابه مع ضرب الخراج عليهم.

ومن ثار عليهم منهم انتزعت أملاكه وتصرفت فيها الدولة بوجه من الوجوه السابقة. وبطول المدة استولى الماليون من الرومان على أراضي البربر. ومن الرومان من كانوا يكترون من البربر الى آجال، ولهم أن يجددوا عند انتهائها، وبفضل العدل الروماني كان المكتري الروماني أسعد من المالك البربري. قال بيروني:"والمالك الاهلي إنما هو عامل مجبور على العمل طبعا لا قانونا. وحالة العملة سيئة جدا لا تنصفهم الحكومة في شيء".

ولكل أرض عدد من العملة يبتاعون معها. والرومان يعتبرون سادة لهم. وبطول الامد أطلق عليهم لقب "مماليك".

وقال غروت: "ان الرومان ألزموا البربر بالعمل في أراضي المعمرين تحت قوانين ثقيلة".

2 -

واما الضرائب فانها من أهم مقاصد الاستعمار الروماني، وهي- وان كانت مختلفة المقادير- متحدة في كونها فادحة. وتنقسم أربعة أقسام:

1 -

الاداء الشخصي: وهو واجب على الرجل والمرأة. ومقداره مختلف.

ص: 278

2 -

الاداء على العقار: وهو اما عين أو حبوب. وفي الغالب يكون العشر من حاصل الفلاحة. حتى ان الجابين يسمون العشارين.

3 -

الاداء على التجارة الخارجية: وهو واجب على السلع المنقولة من عمالة الى أخرى.

4 -

سخرة ادارية: منها تموين الجند واسكانهم. وقد تكون منها كسوة بعض رجال الشرطة.

وكانت الدولة الرومانية لا تتولى استخلاص الضرائب، وانما تسندها الى أعيان يتولونها، هؤلاء المستخلصون كانوا يسمون "العشارين" تتفق معهم الدولة على مقدار يؤدونه لها من مالهم، ويجبون من الاهالي ما يشاؤون. ولهم جنود يستعينون بها على قبض الضرائب حتى انهم فيخروجهم للاستخلاص أشبه شيء بالخارج للغزو.

ولقد كان ضرر العشارين بثروة الشعب فادحا جدا وأشهر أبطال الضرر الخراجي الامبراطور غلاريوس. فانه زاد في الضرائب على الاهالي. قال مرسيي: "فصار يقيد أسماءهم ذكرانهم وأناثهم وصغارهم وكبارهم، ويضبط أموالهم. واتخذ لذلك الجواسيس حتى صارت المرأة تسعى بزوجها والولد يسعى والده. فتغيرت لذلك قلوب البربر عليه. ولم يبق له صديق غير الجنود لكونهم معفيين من الضرائب".

3 -

واما التجنيد فقد كانت رومة تجند من البربر وتنقلهم خارج وطنهم: تنقل فرسان نوميديا الى أروبا الشمالية (المجر، جرماني، بلجيكا)، وتنقل المشاة الى ضفاف النيل. ترسل جنود البربر الى الخارج وتأتي الى الوطن البربري بجنود أجنبية. ومنذ أواخر القرن الثاني استغنت بجنود البربر المقيمين في أفريقية عن

ص: 279

الجلب من الخارج. وعندما تدعو الضرورة الى الاستزاد في الجيثس تطلب الحكومة من رؤساء البطون البربرية مددا نظير ما يعرف اليوم "بالقوم".

4 -

واما الحقوق فقد كان الرومان- سواء القادمون من إيطاليا أو من مستعمرات أخرى- لهم التفوق المطلق على جميع السكان، والبربر عندهم متساوون في فرض طاعة رومة عليهم واعتبارهم- كوطنهم- أداة لسعادتهم: يستغلون أرضهم الخصبة وابدانهم القوية. فكل ما كان للرومان من خدمة الاراضي للفلاحة وضخامة البناء للفخفخة والنزهة فهو على حساب الجهود البربرية.

وكانت حالة البربر على عهد الجمهورية أتعس منها على عهد الامبراطورية. ذلك بأن الجمهورية كانت في آخر دورها، فالولاة إنما كانوا يعملون لانفسهم لا للدولة، فتضاعف جورهم وكثر تعديهم.

وفي عهد الامبراطور طريانس (98 - 117) كان الولاة بأفريقية يبيعون الحق بالاثمان وفشا فيهم الجور، ذلك بأن هذا الامبراطور كان مشتغلا بحروب بعيدة عن افريقية. ضج الاهالي من سوء سيرة الولاة ورفعوا عقيرتهم بالشكوى الى رومة. وكان بها علماء أهل انصاف فأيدوهم وحكموا بأحقية مطالبهم. ولكن الحكومة لم تقض بغير عزل والي افريقية مريوس برسكوس.

وفي سنة (193) تولى سبتموس سويرس أمبراطورية رومة. وهو بربري أصله من طرابلس. فاعتنى بافربقية كثيرا وترك بها آثارا لم تزل الى اليوم. وكانت حاشيته وحرسه أكثرهم أفريقيون وبالغ في الاحسان الى أبناء جنسه حتى أنهم ربما تحدثوا بلغتهم في مجلسه الامبراطوري. قال مرسيي:

ص: 280

"وترقى الأفريقيون على عهده وظهرت مواهبهم المدهشة برومة في الجندية والمحاماة. ولم يهمل البربر هذا الاحسان بل اعترفوا به، واحبوا الامبراطوس حبا جما بحيث لم تقع ثورة أيامه. ولما مات اتخذوه الها".

وبعد سويرس جاء ابنه قراقلا وسار سيرته وقابله البربر بالمعروف وبقي اسمه منقوشا على الاحجار.

قال مرسيي: "وفي سنة (216) أصدر قانونا بحرية البربر ومنحهم كل الحقوق التي للرومان. فصارت أفريقية ذات طبقتين فقط: الاحرار والعبيد. ولكن هذا القانون لم ينفذ. فلم يستفد منه البربر بل أضر بهم واستفادت منه الدولة الرومانية. بهذا القانون التحق البربر بالرومان في الواجبات الدولية من خراج وتجنيد، وبقوا كذي قبل في الحقوق السياسية". وهكذا القانون العادل إذا لم يجد ولاة عادلين ينفذونه انقلب أداة شر على الشعب. فعلى الأمة التي ساقها القدر إلى أن تكون تحت رحمة أمة أخرى- اذا رأت منها قوانين غير ملائمة لحياتها واستصدرت قوانين عادلة- ان تستصدر ولاة عادلين، ولا تكتفي بمراقبة الاحاكام عن مراقبة الحكام.

وإذا كان لبعض الاباطرة احسان الى البربر فان أكثرهم أساءوا اليهم. ولم يكن لاساءتهم من مصدر سوى التخلق بالجور أو حب الانتقام من قوم نصروا مترشحا الى الامبراطورية رجاء عدله، فتغلب عليه منافسه.

وإذا أجملنا لك في هذا الفصل سيآت الرومان اباطرتهم وولاتهم وملاكهم فان البربر يفصلون لك ذلك بما تقرأه عن ثوراتهم وما كانوا يقتحمونه لها من خسارة الانفس والاموال.

ص: 281