الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن اللغة الاعلام. وقد اتخذ البربر لبعض مدنهم أعلاما فينيقية. ومن ملوك نوميديا من سمي أبناءه باعلام فينيقية. فقد كان لمصينيسيا ابن يدعى منستبعل وابن آخر يدعى آذر بعل. واقتفت السوقة أثر الملوك في ذلك قرونا. ويوجد بجهات سطيف وجبل أوراس وسور الغزلان كتابات بحروف لطينية لاعلام فينيقية. منها نمفامو، صدر بعل، بريق بعل، بو ملكار، مع أن هذه الجهاث لم تدخلها قرطاجنة قط.
فأنت ترى أن اللغه الفينيقية عاشت بالجزائر بعد قرطاجنة قرونا، ولم تقض عليها أو تذهب بأغلبيتها لغة الامم التي جاءت بعد القرطاجنيين، الى أن جاء العرب فقضت لغتهم على هذه اللغة.
قال يبروني: اتفق المؤرخون على أنه لا يمكن معرفة ما بقي من آثار هذه اللغة لانها لغة سامية وقد دخلت عليها أختها العربية وحلت محلها.
هذا وان انتشار الفينيقية بتلك الدرجة ودوام عمرها قرونا لا يفيدان أن اللسان البربري حفظها كما هي. بل لا بد أن تكون قد تغيرت وامتزجت بالبربرية. وهذا وجه آخر عندي لعدم امكان معرفة ما بقي من آثارها.
4 - تأثير قرطاجنة على البربر في العقيدة
كانت للبربر ديانتهم التي لا تختلف عن ديانات الامم القديمة الوثنية الا من حيث تفاصيل العبادات وتماثيل المعبودات وأسماؤها التي هي من توابع اللغات.
ولما جاورهم القرطاجنيون تأثروا بهم في عقيدهم وقلدوهم في
كثير من طرائق عبادتهم وغيروا بعض ما ورثوه عن أسلافهم بما شاهدوه عند جيراهم.
عبد الفينيقيون إله البربر "أمون" لكن حسب تقاليدهم وبعد تسميته "بعلهمون" وبعد صنع تماتيل له غير تمثالي التيس والكبش. فقلدهم البربر في تلك التماثيل أيضا وشادوا- اجلالا لبعلهمون- تماثيل بقرطة وميلة وقالمة. وعبدوا من آلهة الفينيقيين " استارتي" و"جليست ". ومن الآلهة التي بقي اسمها الى ما بعد الاستيلاء الروماني "بليدير " ومعناه الرب العظيم. وكان معبودا بسيقوس وجوار قالمه.
قال اغسال: " وثم آلهة فينيقية تحت حجاب اللغة الفينيقية ".
ولم تزل ديانة الفينببقيين التي أدمجها البربر مع ديانتهم حتى جاءت وثنية الرومان فتعاشر الثلاث ثم ظهر الدين المسيحي فتدثر به جانب من البربر مستبطنا لوثنيته الملفقة من الوثنيات الثلاث وبقي أكثرهم وثنيا صريحا حتى جاء الدين الاسلامي على ايدي فاتحي أفريقية من العرب فقضى على الجميع. على أنه لم تزل الى اليوم عوائد متخذة عقائد لا تتفق مع روح الدين الاسلامي، ويبعد أن تكون من بقايا الوثنية الاولى، فان الاسلام قد تمكن من قلوب البربر حتى ان تلك العقائد الفاسدة إنما عاشت بينهم لاحتمائها بالاسلام وتسترها بجداره، فلو وجد من العلماء المخلصين لدينيهم وقومهم عدد كاف لحمل العامة على الثقة بما يقولون، وأخذوا في رفع الستار عن فساد تلك العقائد لنفض مسلموا اليوم أيديهم منها، ولكن ما لم يكن اليوم فعسى أن يوجد غدا. ان رحمة الله قريب من المحسنين. وقد اتضح لك من هذا الفصل وما قبله ان القرطاجنيين أثروا في البربر تأثيرا بعيد الاثر، لا يحوي تاريخهم نظيرا له إلا ما كان