الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالبقاء مع أزواجهم خارج المراكز العسكرية بصفة مستمرة. فصارت تلك المراكز اما مواضع لتمرين الجند واما مختزنات للسلاح والمؤن.
ولحسن ذلك النظام في حفظ الحدود بقي الحد الروماني الذي بلغوه في القرن الثالث بحاله رغم الثورات المتعددة داخله. واستمر غير متأثر بما يجري داخل المملكة حتى سقط الحكم الروماني من الجزائر.
10 - النظام الروماني بالجزائر
علمت ان استيلاء الرومان على الجزائر كان تدريجيا وغير ثابت الاركان. لذلك لم يستقر النظام الروماني بالجزائر على حال.
كان ما أخذه الرومان من نوميديا- على عهد يوليوس قيصر- تحت ولاية سالوست. وبقيت نوميديا كذلك لها واليها غير والي البروقنصلية، ومن هؤلاء الولاة سكستيوس نائب اكتافيوس، واخيرا تغلب على والي البروقنصلية واضافها الى ولايته. ثم عزل على عهد اكتافيوس نفسه وجعل مكانه فانغو على نوميديا خاصة، وولي هو على البروقنصلية، فوقعت بين هذين الواليين معارك انتهت بانتصار سكستيوس وقتل فانغو نفسه. وأصبح هذا المنتصر هو الوالي الوحيد بجميع ممتلكات رومة بأفريقية.
ثم في عهد امبراطورية اكتافيوس ايضا سمي يوبا الثاني على نوميديا. ثم نقل منها الى موريطانيا سنة (17) واضيفت نوميديا الى البروقنصلية وحعلتا تحت عامل يسميه مجلس الشيوخ.
وفي سنة (37م) على عهد غليقلا تركت البروقنصلية على نظامها العثيق وجعلت نوميديا ذات وحدة ادارية يرأسها ضابط عسكري في
رتبة عضو بمجلس الشيوخ. وهذا الوالي يخاطب رومة من غير واسطة. وهو تحت نظر الامبراطور ويلقب ليغاتوس.
وفي سنة (42) قسم الامبراطور قلوديوس الجزائر الى قسمين:
نوميديا من طبرقة شرقا إلى مساغا غربا، وموريطانيا القيصرية من مساغا شرقا الى ملوشات غربا.
وجعلت موريطانيا القيصرية تحت نظر الامبراطور يسمي بها العمال ولهم تفويض في الادارة. وكان لنائب الامبراطور بموريطانيا القيصرية مرتبا يقدر بنحو اربعين الف فرنك.
وقد كان بالشمال النوميدي مدن مستقلة كما كانت جبال جرجرة ممتنعة عن الرومان. وفي سنة (297) بعدما انحلت الصلة بين هذه الجمهوريات، وعمت بها الفوضى، وتغلب ديوقلطيانس على جبال جرجرة حدث تغيير في نظام الحكومة الرومانية بالجزائر فقسمت الى أربعة أقسام:
1 -
نوميديا القرطية (وهي الشمال النوميدي) قاعدتها قرطة.
2 -
نوميديا العسكرية (وهي الجنوب النوميدي) قاعدتها لمبس.
3 -
موريطانيا السطيفية (ما بين مساغا وصلداي) قاعدتها سطيف.
4 -
موريطانيا القيصرية (ما بين صلداي وملوشات) قاعدتها قيصرية.
ولما ثبتت قدم قسطنطين بامبراطورية رومة أحدث سنة (323) تغييرا في الولايات الامبراطورية، فقسمها ثلا ثة أقسام كبرى:
ولاية ايطاليا، ولاية الغاليا، ولاية المشرق. وجعل تونس
والجزائر تابعتين لولاية أيطاليا، وتداران من طرف واليها المقيم برومة. وهذا الوالي تحته وزراء: وزير للمالية ووزير للاملاك الدولية ووزير للحربية، وكلهم برومة ولهم نواب يمثلونهم بأفريقية: فكان للوالي يمثله قنصل افريقية، ووزير الحربية يمثله:
1 -
كونت افريقية، ولم 16 قائدا على الجنود المرابطة بالحدود الجنوبية والفرق المتنقلة (الكونت: عين من الاعيان).
2 -
دون موريطانيا القيصرية وله 8 قواد. وقد تكون بيد السلطة المدنية (دوق: شريف).
ولم تكن هذه التقاسيم مبنية على اعتبارات جغرافية، وانما نظر فيها الى المصالح الحربية، ولذلك تغيرت حسب الظروف.
وبما ان الاستيلاء الروماني لم يكن عاما فقد كانت المدن تنقسم الى قسمين: مدن تحت السلطة الفعلية للرومان، ومدن لم تتمكن منها اليد الرومانية. والاولى كانت على ثلاث درجات:
1 -
مدن رومانية: هذه معتبرة كوطن روماني، أهلها يتمتعون بكل الحقوق الرومانية، ينتخبون ومعفون من الضرائب.
2 -
مدن بلدية (MUNICIPES). هذه لها كل الحقوق الرومانية ما عدا الانتخاب.
3 -
مدن لطينية: لها حرية التجارة والتملك، وليس لها حق الانتخاب والاعفاء من الضرائب، وانما هذان الحقان لخصوص المتقاعد من حكامها.
والثانية كانت على ثلاثة أقسام أيضا:
1 -
مدن معتبرة حليفة للرومان.
2 -
مدن حرة.
3 -
مدن معفاة من الخراج.
وهذه الاقسام للنوع الثاني من المدن تختلف ادارتها: فمنها ما هو محافط على شكل الادارة البونيقية لها حكام وقضاة ومجالس من الاعيان، ومنها ما هو تحت رؤساء بربريين يعينهم الامبراطور ويمنحهم رداء يدعى "رداء الولاية" وقد يعطيهم اعانات ويوجب عليهم حراسة ما بجوارهم من الحدود. وقد تسمح رومة لبعض هذه المدن بانتخاب مجالس بلدية.
ورئاسة الرؤساء البربريين على بني جنسهم وراثية ويدعون اما عمالا أو أمراء، وقد يلقبون انفسهم بلقب ملك.
اما المدن الرومانية فكانت تنتخب كل سنة حكامها. وهؤلاء الحكام يتصرفون في مالية البلدة ويقومون بإصلاح القناطر والطرق والبناءات العمومية ويقبضون المغارم ويسهرون على حفظ الامن العام ويقضون بين الناس.
والى جانب الحكام مجلس بلدي يعينهم ويراقب أعمالهم ويشترط في العضو بهذا المجلس ان يبلغ ثروة محدودا أقلها قانونا، وان يدفع للميزانية البلدية من ماله قدرا من المال. ولا مرتب له.
وأعضاء هذا المجلس ضامنون في مالية البلدة التي يتصرفون فيها. واذن فادارة المدن كانت بيد طبقة مثرية قليلة العدد.
وكان نطاق أكثر البلديات واسعا جدا: بلدية هبون (بونة) كانت تمتد غرب المدينة ثلاثين ميلا، وشرقها خمسين ميلا.
وكانت للامبراطور ورجال من أعيان الشيوخ أملاك واسعة مستقلة عن تراب البلديات. يقوم بحفظ تلك الاملاك وكلاء عن اربابها. والوكيل على أرض هو الحكم على من بها والقائم بحفظ الامن فيها. ولسكان تلك الاملاك نواب يختارونهم للدفاع عن حقوقهم.