الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(491) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة لجار المسجد إلا فى المسجد
" (ص 119) .
* ضعيف.
وقد روى عن أبى هريرة ، وجابر بن عبد الله وعائشة مرفوعاً ، وعن على موقوفاً.
أما حديث أبى هريرة ، فهو من رواية سليمان بن داود اليمامى عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عنه.
أخرجه الدارقطنى (161) والحاكم (1/246) والبيهقى (3/57) وقال: " وهو ضعيف ".
قلت: وعلته من اليمامى هذا فإنه واهٍجداً ، قال البخارى:" منكرالحديث "(1) .
وقال ابن معين: " ليس بشىء ".
وأما حديث جابر: فقال الدارقطنى: حدثنا أبو حامد محمد بن هارون الحضرمى حدثنا أبو السكين الطائى زكريا بن يحيى.
وحدثنا محمد بن مخلد حدثنا جنيد بن حكيم حدثنا أبو السكين الطائى حدثنا محمد ابن سكين الشقرى المؤذن حدثنا عبد الله بن بكير الغنوى عن محمد بن سوقة عن محمد ابن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: فقد النبى صلى الله عليه وسلم قوماً فى صلاة الفجر ، فقال: ما خلفكم عن الصلاة؟ قالوا: لحاء كان بيننا فقال: فذكره وقال الدارقطنى: هذا لفظ ابن مخلد ، وقال أبو حامد:" لا صلاة لمن سمع النداء ثم لم يأتِإلا من علة ".
قلت: وبهذا اللفظ الثانى رواه الدولابى فى " الكنى والأسماء "
(1) أي لا تحل الرواية عنه ، كما هو اصطلاح البخاري.
(1/197) معلقاً والعقيلى فى " الضعفاء "(383) بإسناده عن محمد بن سكين به وقال: " محمد بن سكين ، قال البخارى: فى إسناده نظر ". يعنى أنه متهم ، كما هو معروف عن البخارى.
ثم قال العقيلى: " هذا يروى بغير هذا الإسناد من وجه صالح ".
قلت: يعنى اللفظ الثانى ، وهو كما قال ، وهو من حديث ابن عباس وسيأتى قبيل " صلاة أهل الأعذار " رقم () .
وأما حديث عائشة ، فهو من رواية عمر بن راشد عن ابن أبى ذئب عن الزهرى عن عروة عنها مرفوعاً.
أخرجه ابن حبان فى " الضعفاء " وقال: " عمر لا يحل ذكره إلا بالقدح "
قلت: ولذلك أورده ابن الجوزى فى " الموضوعات " من طريق ابن حبان معتمداً عليه فيما جرح به عمر. وتعقبه السيوطى فى " اللآلى "(2/16) بقوله: " قلت: قد وثقه العجلى وغيره ، وروى له الترمذى وابن ماجه ".
قلت: وهذا تعقب مردود من وجهين:
الأول: أن السيوطى ظن (1) أن عمر بن راشد هو اليمامى فهو الذى روى له من ذكر السيوطى وقال فيه العجلى: " لا بأس " ، وليس به ، بل هو عمر بن راشد الجارى فإنه يروى عن ابن عجلان ومالك وغيرهما من طبقة ابن أبى
(1) وجاراه في ذلك ابن عراق في " تنزيه الشريعة "(2/99ـ100) .
ذئب ، فهو يروى عن أتباع التابعين. وأما اليمامى فإنه أعلى طبقة من هذا ، فإنه يروى عن نافع وغيره من التابعين. ثم تأكدت مما ذكرته حين رجعت إلى " التهذيب " فوجدته قد ذكر فى شيوخ الجارى ابن أبى ذئب ، شيخه فى هذا الحديث ، فثبت أنه هو وليس كما توهم السيوطى. وإذا كان الأمر كذلك ، فالجارى هذا متفق على تضعيفه ، بل قال فيه الدارقطنى:" كان يتهم بوضع الحديث على الثقات "، وقال الحاكم وأبو نعيم:" يروى عن مالك أحاديث موضوعة ".
الثانى: أنه لو كان هو اليمامى فلا اعتداد بتوثيق العجلى له ، لأنه قد خالفه من هو أعلم منه بالجرح والتعديل وأكثر كأحمد وابن معين والبخارى وغيرهم كثير ، كلهم أطبقوا على توهين شأنه ، بل قال فيه ابن حبان ما عرفت وقال النسائى: ليس بثقة. والجرح مقدم على التعديل كما هو معروف ، فسقط بذلك تعقب السيوطى على ابن الجوزى.
نعم تعقبه إياه بطريق أبى هريرة وجابر وارد. ولذلك سلمه له العلامة ابن عراق فى " تنزيه الشريعة المرفوعة "(2/100) فقال:
" وممن حكم على هذا الحديث بالوضع العلامة رضى الدين الصنعانى فى جزئه الذى جمع فيه ما وقع فى " الشهاب " للقضاعى ، و" النجم " للأفليشى من الأحاديث الموضوعة. ورده الحافظ أبو الفضل العراقى فى جزء له تعقب فيه على الصنعانى فى أحاديث ، فقال: أخرجه الحاكم فى مستدركه من حديث أبى هريرة ، ثم قال: واعترض غير واحد من الحفاظ على الحاكم فى تصحيحه بأن إسناده ضعيف ، ثم قال: وإن كان فيه ضعف فلا دليل على كونه موضوعاً ".
قلت: والاعتراض المذكور على الحاكم غير وارد عليه ، لسببين:
الأول: أنه لم يصححه.
الثانى: أنه إنما أورده شاهداً لحديث ابن عباس الآتى ، وقد سبقت الإشارة إليه. وهم يتساهلون فى الشواهد كما هو معلوم. لكن الاعتراض يمكن
توجيهه على الحاكم فى صورة أخرى ، بأن يقال: إنه لا يصلح شاهداً لشدة ضعفه كما سبق ، فقد قال ابن الصلاح وتبعه جماعة:" لا يلزم من ورود الحديث من طرق متعددة أن يكون حسناً لأن الضعف يتفاوت ، فمنه ما لا يزول بالمتابعات كرواية الكذابين والمتروكين ". (1)
قلت: وهذا الحديث من هذا القبيل ، فإن فى الطريقين الأوليين متهمين ، وفى الثالث وضاعا. فمن حسن الحديث من المعاصرين فقد غفل عن القاعدة التى نقلناها عن ابن الصلاح ، وأمثاله كثيرون ممن يغفل عن ذلك! ولذلك قال الحافظ فى تخريج الحديث من " التلخيص " (123) :" مشهور بين الناس ، وهو ضعيف ، ليس له إسناد ثابت ، أخرجه الدارقطنى عن جابر وأبى هريرة ، وفى الباب عن على وهو ضعيف أيضاً ".
قلت: أما حديث على فهو موقوف كما ذكرنا فى صدر الكلام خلافاً لما أوهمه كلام الحافظ رحمه الله تعالى. وهو من رواية أبى حيان عن أبيه عن على. قيل له: ومن جار المسجد؟ قال: من أسمعه المنادى. أخرجه البيهقى (3/57) .
قلت: وهذا إسناد ضعيف علته والد أبى حيان واسمه سعيد بن حيان ، قال الذهبى:" لا يكاد يعرف ، وعنه ولده ، روى له الترمذى حديثاً عن على وقال فيه: غريب ".
وأما قول الحافظ فى " تخريج الهداية " بعد أن عزاه للشافعى: " ورجاله ثقات " فإنما عمدته فى ذلك توثيق ابن حبان وكذا العجلى لسعيد بن حيان ، وهما من المعروفين بالتساهل فى التوثيق ، فلا يطمئن القلب لتفردهما بالتوثيق وكأنه
(1) انظر "الباعث المثبت"(43)