الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً صلاة الظهر {؟} ، فقرأ معه رجل من الناس فى نفسه ، فلما قضى صلاته ، قال: هل قرأ معى منكم أحد؟ قال ذلك ثلاثاً فقال له الرجل: نعم يا رسول الله أنا كنت أقرأ بـ (سبح اسم ربك الأعلى) قال: ما لى أنازع القرآن؟ أما يكفى قراءة إمامه؟ إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا قرأ فأنصتوا ".
رواه البيهقى فى " كتاب وجوب القراءة فى الصلاة " كما فى " الجامع الكبير "(3/334/2) .
(500) - (قال صلى الله عليه وسلم: " من كان له إمام فقراءته له قراءة
" رواه أحمد فى مسائل ابنه عبد الله ورواه سعيد ، والدارقطنى مرسلاً (ص 120) .
* حسن.
وقد روى عن جماعة من الصحابة ، منهم جابر بن عبد الله الأنصارى وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن مسعود ، وأبو هريرة ، وابن عباس ، وفى الباب عن أبى الدرداء وعلى والشعبى مرسلاً.
أما حديث جابر فله عنه {طرق} .
الأولى: عن أبى الزبير عنه مرفوعاً: " من كان له إمام ، فقراءة الإمام له قراءة " أخرجه ابن ماجه (850) والطحاوى (1/128) والدارقطنى (126) وابن عدى فى " الكامل "(ق: 5/1) وعبد بن حميد فى " المنتخب "(ق 114/2) وأبو نعيم فى " الحلية "(ق7/334) من طرق عن الحسن بن صالح بن حى عن جابر عن أبى الزبير به. وقال أبو نعيم: " مشهور من حديث الحسن ".
قلت: ولكنه قد اختلف عليه فى إسناده على وجوه:
1 ـ عنه عن جابر وحده كما ذكرنا.
2 ـ عنه عن جابر وليث عن أبى الزبير.
أخرجه الطحاوى والدارقطنى وابن عدى (ق 280/2) وابن الأعرابى فى معجمه (ق 173/2) والبيهقى (2/160) من طرق عنه. وقال البيهقى: " جابر الجعفى وليث بن أبى سليم لا يحتج بهما ، وكل من تابعهما على ذلك أضعف منهما أو من أحدهما ، والمحفوظ عن جابر فى هذا الباب ما أخبرنا
…
".
ثم ساق حديث جابر الآتى فى الكتاب بعد هذا ، ساقه موقوفاً عليه ، وسيأتى تحقيق القول فيه هناك إن شاء الله تعالى.
وجابر الجعفى ضعيف جداً قال الزيلعى فى " نصب الراية "(2/7) : " مجروح روى عن أبى حنيفة أنه قال: ما رأيت أكذب من جابر الجعفى ، لكن له طرق أخرى ، وهى وإن كانت مدخولة ، ولكن يشد بعضها بعضاً ".
ونحو جابر فى الضعف قرينه الليث بن أبى سليم قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق ، اختلط أخيراً ، ولم يتميز حديثه فترك ".
وقال ابن عدى عقب الحديث: " ليث مع الضعف الذى فيه يكتب حديثه ".
قلت: ولكن لا يتقوى الحديث باقترانه مع جابر لشدة ضعفه.
3 ـ عنه عن أبى الزبير به. بإسقاط جابر والليث من بينهما.
أخرجه الإمام أحمد فى مسنده " (3/339) : حدثنا أسود بن عامر أنبأنا حسن بن صالح عن أبى الزبير عن جابر (1) .
(1) لكن رواه ابن الجوزي في التحقيق (1/320) من طريق أحمد عن الأسود به ، أنه ذكر في إسناده جابر الجعفي ، وبه أعله ، والله أعلم.
والأسود بن عامر ثقة احتج به الستة ، وقد توبع ، فقال ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/150/1) : حدثنا مالك بن إسماعيل عن حسن بن صالح به.
ومالك هذا ثقة احتج به الستة أيضاً ، ولهذا قال ابن التركمانى:" وهذا سند صحيح ، وكذا رواه أبو نعيم عن الحسن بن صالح عن أبى الزبير ، ولم يذكر الجعفى. كذا فى أطراف المزى. وتوفى أبو الزبير سنة ثمان وعشرين ومائة ، ذكره الترمذى وعمرو بن على. والحسن بن صالح ولد سنة مائة ، وتوفى سنة سبع وستين ومائة ، وسماعه من أبى الزبير ممكن ، ومذهب الجمهور إن أمكن لقاؤه لشخص وروى عنه فروايته محمولة على الاتصال ، فحمل على أن الحسن سمعه من أبى الزبير مرة بلا واسطة ، ومرة أخرى بواسطة الجعفى وليث ".
قلت: هذا الحمل بعيد عندى ، بل الظاهر أن الحسن بن صالح على ثقته كان يضطرب فيه ، فرواه على هذه الوجوه المتقدمة ، على أنه لو سلم بما قاله ابن التركمانى لكانت لا تزال هناك علة أخرى قائمة فى الإسناد على جميع الوجوه تمنع من الحكم عليه بالصحة وهى عنعنة أبى الزبير فإنه كان مدلساً كما هو معروف ولم يصرح بالسماع فى جميع الروايات عنه. وكأنه لما ذكر قال الزيلعى (2/10) بعد
أن ساقه من طريق أحمد: " فى إسناده ضعف ".
ثم إن رواية أبى نعيم عن الحسن ، قد أخرجها عبد بن حميد وأبو نعيم الأصبهانى وفيها جابر الجعفى. فلعل عدم ذكره إنما هو فى رواية عن أبى نعيم.
4 ـ عنه عن جابر عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً به.
أخرجه ابن عدى (ق 50/1) والطحاوى (1/128) .
5 ـ عنه عن أبى هارون العبدى عن أبى سعيد الخدرى مرفوعاً به.
أخرجه ابن عدى (ق 14/2) والطبرانى فى " الأوسط "(1/36/2 ـ من الجمع بينه وبين الصغير) من طريقين عنه.
وقال الطبرانى: " لم يروه عن الحسن بن صالح إلا النضر بن عبد الله الأزدى ".
قلت: بلى ، فقد تابعه إسماعيل بن عمرو البجلى عند ابن عدى وقال:" لا يتابع عليه ، وهو ضعيف ".
فخفى عليه ما علمه الطبرانى ، وعلى العكس.
وأبو هارون العبدى متروك ، وقد رواه عنه معتمر موقوفاً على أبى سعيد.
رواه ابن أبى شيبة (1/150/1) .
قلت: فهذه وجوه خمسة ، اضطرب الرواة فيها على الحسن بن صالح ، والاضطراب ضعف فى الحديث لأنه يشعر أن راويه لم يضبطه ولم يحفظه. هذا إذا قبل بعد ترجيح وجه من هذه الوجوه ، وإلا فالراجح عندى الوجه الثانى لاتفاق أكثر الرواة عن الحسن عليه ، ولأنه لا ينافى الوجه الأول والثالث لما فيه من الزيادة عليهما ، وزيادة الثقة مقبولة ، وأما الوجه الرابع والخامس فشاذان بمرة.
وله طريق أخرى عن أبى الزبير عن جابر. يرويه سهل بن العباس الترمذى حدثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن أبى الزبير به.
أخرجه الإمام محمد فى " الموطأ "(ص 99) والدارقطنى (154) وعنه ابن الجوزى فى " التحقيق "(1/320) وقال الدارقطنى:
" حديث منكر ، وسهل بن العباس متروك ".
الطريق الثانية عن جابر. قال الإمام محمد فى " الموطأ "(98) : " أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا أبو الحسن موسى بن أبى عائشة عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن جابر بن عبد الله مرفوعاً به.
وأخرجه الطحاوى والدارقطنى (ص 123) والبيهقى (2/159 والخطيب (10/340) من طرق عن أبى حنيفة به. وقال الدارقطنى:
" لم يسنده عن موسى بن أبى عائشة غير أبى حنيفة والحسن بن عمارة ، وهما ضعيفان ".
ثم أخرجه الدارقطنى وابن عدى (ق 83/1) من طريق الحسن بن عمارة عن موسى بن أبى عائشة به.
وقال الدارقطنى: " والحسن بن عمارة متروك الحديث ".
وقال ابن عدى: " لم يوصله فزاد فى إسناده جابراً غير الحسن بن عمارة وأبو حنيفة ، وهو بأبى حنيفة أشهر منه من الحسن بن عمارة ، وقد روى هذا الحديث عن موسى بن أبى عائشة غيرهما فأرسلوه ، مثل جرير وابن عيينة وأبى الأحوص والثورى وزائدة ووهب وأبو عوانة وابن أبى ليلى وشريك وقيس وغيرهم عن موسى بن أبى عائشة عن عبد الله بن شداد مرفوعاً مرسلاً ".
وذكر نحوه الدارقطنى وقال: " وهو الصواب ". يعنى المرسل.
وقد تعقب بعض المتأخرين قول الدارقطنى المتقدم أنه لم يسنده غير أبى حنيفة وابن عمارة بما رواه أحمد بن منيع فى " مسنده ": أخبرنا إسحاق الأزرق حدثنا سفيان وشريك عن موسى بن أبى عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر مرفوعاً به.
قلت: وهذا سند ظاهره الصحة ، ولذلك قال البوصيرى فى " الزوائد " (56/1) :" سند صحيح كما بينته فى زوائد المسانيد العشرة ".
قلت: وهو عندى معلول ، فقد ذكر ابن عدى كما تقدم وكذا الدارقطنى
والبيهقى أن سفيان الثورى وشريكاً روياه مرسلاً دون ذكر جابر فذكر جابر فى إسناد ابن منيع وهم ، وأظنه من إسحاق الأزرق ، فإنه وإن كان ثقة فقد قال فيه ابن سعد:" ربما غلط "، وقد قال ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/149/2) : حدثنا شريك وجرير عن موسى بن أبى عائشة عن عبد الله بن شداد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره مرسلا لم يذكر جابراً.
وهذا هو الذى تسكن إليه النفس وينشرح له القلب أن الصواب فيه أنه
مرسل ، ولكنه مرسل صحيح الإسناد.
الطريق الثالثة: عن يحيى بن سلام قال: حدثنا مالك عن وهب بن كيسان عن جابر
مرفوعاً بلفظ: " كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهى خداج ، إلا أن يكون وراء إمام " أخرجه الطحاوى (1/128) والدارقطنى (124) والقاضى أبو الحسن الخلعى فى " الفوائد "(ج 20/47/1) من طريق يحيى بن سلام به.
وقال الدارقطنى: " يحيى بن سلام ضعيف ، والصواب موقوف ".
ثم أخرجه هو والطحاوى والبيهقى (2/160) والخلعى من طرق صحيحة عن مالك به موقوفاً. وهكذا هو فى " الموطأ "(1/84/38) وقال البيهقى: " هذا هو الصحيح عن جابر من قوله غير مرفوع ، وقد رفعه يحيى بن سلام وغيره من الضعفاء عن مالك ، وذاك مما لا يحل روايته على طريق الاحتجاج به ".
قلت: ثم أخرجه الطحاوى من طريق إسماعيل بن موسى ابن ابنة السدى قال: حدثنا مالك فذكر مثله بإسناده (يعنى الموقوف) قال: فقلت لمالك: أرفعه؟ فقال: خذوا برجله.
قلت: فلينظر مراد الإمام مالك بقوله هذا ، هل هو إقرار الموقف واستنكار السؤال عن رفعه؟ أم ماذا؟
ثم أخرجه الدارقطنى فى " غرائب مالك " من طريق عاصم بن عصام عن يحيى بن نصر بن حاجب عن مالك به مرفوعاً باللفظ الأول:
" من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ".
وقال الدارقطنى:
" هذا باطل لا يصح عن مالك ولا عن وهب بن كيسان ، وعاصم بن عصام لا يعرف ". كما فى " نصب الراية " و" اللسان ".
ويتلخص مما سبق أنه لا يصح شىء من هذه الطرق إلا طريق عبد الله بن شداد المرسلة.
وأما حديث ابن عمر ، فله عنه طريقان:
الأولى: عن محمد بن الفضل بن عطية عن أبيه عن سالم بن عبد الله عن أبيه مرفوعاً باللفظ الأول. أخرجه الدارقطنى (124) وقال: " محمد بن الفضل متروك".
الثانية: عن خارجة عن أيوب عن نافع عنه مرفوعاً به.
أخرجه الدارقطنى (ص 154) والخطيب (1/237) .
وقال الدارقطنى: " رفعه وهم ، والصواب وقفه ".
ثم ساقه من طريق إسماعيل بن علية حدثنا أيوب عن نافع وأنس بن سيرين أنهما حدثا عن ابن عمر به موقوفاً عليه.
قلت: وكذلك هو فى " الموطأ "(1/86/43) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل: هل يقرأ أحد خلف الإمام؟ قال: إذا صلى أحدكم خلف الإمام فحسبه قراءة الإمام ، وإذا صلى وحده فليقرأ ، قال: وكان عبد الله بن عمر لا يقرأ خلف الإمام ".
وأما حديث ابن مسعود فأخرجه الطبرانى فى " الأوسط " ومن طريقه الخطيب فى تاريخه (11/426) من طريق أحمد بن عبد الله بن ربيعة بن العجلان حدثنا سفيان ابن سعيد الثورى عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال: " صلى بنا النبى صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ، فقرأ سورة (سبح اسم ربك الأعلى)
فلما فرغ من صلاته قال: من قرأ خلفى؟ فسكت القوم ، ثم عاود
النبى صلى الله عليه وسلم: من قرأ خلفى؟ فقال رجل: أنا يا رسول الله ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ما لى أنازع القرآن؟ إذا صلى أحدكم خلف الإمام فليصمت ، فإن قراءته له قراءة ، وصلاته له صلاة ".
وقال الطبرانى: " لم يروه عن الثورى إلا أحمد بن عبد الله بن ربيعة ".
وقال الخطيب: " وهو شيخ مجهول ".
قلت: وهذا الحديث لم يورده الهيثمى فى " مجمع الزوائد " ، ولا هو فى " الجمع بين معجمى الطبرانى الصغير والأوسط " ولا أورده الزيعلى فى " نصب الراية " مع استقصائه لطرق الحديث ، وإنما عزاه للأوسط الحافظ ابن حجر فى ترجمة أحمد المذكور فى " اللسان ".
وأما حديث أبى هريرة فهو من طريق محمد بن عباد الرازى حدثنا إسماعيل بن إبراهيم التيمى عن سهل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة به. أخرجه الدارقطنى (126 و154) وقال: " لا يصح هذا عن سهيل ، تفرد به محمد بن عباد الرازى عن إسماعيل وهو ضعيف ".
وقال فى الموضع الأول: " وهما ضعيفان ".
وأما حديث ابن عباس فيرويه عاصم بن عبد العزيز عن أبى سهيل عن عوف عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم: " تكفيك قراءة الإمام ، خافت أو جهر ".
أخرجه الدارقطنى (126) فى موضعين منها ، قال فى الأول منهما ، " عاصم ليس بالقوى ، ورفعه وهم ". وقال فى الآخر: " قال أبو موسى (إسحاق بن موسى الأنصارى ": قلت لأحمد بن حنبل
فى حديث ابن عباس هذا؟ فقال: هذا منكر ".
وأما حديث أبى الدرداء فيرويه زيد بن الحباب حدثنا معاوية بن صالح حدثنا أبو الزاهرية عن كثير بن مرة عنه قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أفى كل صلاة قراءة ، قال: نعم ، فقال رجل من الأنصار وجبت هذه ، فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ـ وكنت أقرب القوم إليه ـ ما أرى الإمام إذا أم القوم إلا كفاهم ".
أخرجه النسائى (1/146) والطبرانى فى " الكبير " والدارقطنى (126) وأعله بقوله: " كذا قال وهو وهم من زيد بن الحباب ، والصواب: فقال أبو الدرداء: ما أرى الإمام إلا قد كفاهم ".
وقال النسائى: " هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطأ ، إنما هو قول أبى الدرداء ".
ثم ساق الدارقطنى من طريق ابن وهب: " حدثنى معاوية بهذا قال: فقال أبو الدرداء: يا كثير ما أرى الإمام إلا قد كفاهم ".
وقال الهيثمى فى " المجمع "(2/110) بعد أن عزاه للطبرانى: " وإسناده حسن ".
قلت: وهو كما قال أو أعلى لولا أن النسائى والدارقطنى أعلاه بالوقف والله أعلم.
وأما حديث على فيرويه غسان بن الربيع عن قيس بن الربيع عن محمد بن سالم عن الشعبى عن الحارث عنه قال: " قال رجل للنبى صلى الله عليه وسلم: أقرأ خلف الإمام أو أنصت؟ قال: بل أنصت فإنه يكفيك " أخرجه الدارقطنى (125) وقال: " تفرد به غسان وهو ضعيف وقيس ومحمد بن سالم ضعيفان ، والمرسل
الآتى أصح منه ". يعنى مرسل الشعبى وهو:
وأما حديث الشعبى ، فيرويه على بن عاصم عن محمد بن سالم عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا قراءة خلف الإمام ".
قلت: وهذا مع إرساله ضعيف السند فإن على بن عاصم ومحمد بن سالم كلاهما ضعيف.
وقد روى عن محمد بن سالم عن الشعبى عن الحارث عن على متصلاً كما تقدم.
والمرسل أصح لما قال الدارقطنى.
ويتلخص مما تقدم أن طرق هذه الأحاديث لا تخلوا من ضعف ، لكن الذى يقتضيه الإنصاف والقواعد الحديثية أن مجموعها يشهد أن للحديث أصلاً ، لأن مرسل ابن شداد صحيح الإسناد بلا خلاف ، والمرسل إذا روى موصولاً من طريق أخرى اشتد عضده وصلح للاحتجاج به كما هو مقرر فى مصطلح الحديث ، فكيف وهذا المرسل قد روى من طرق كثيرة كما رأيت. وأنا حين أقول هذا لا يخفى على ـ والحمد لله ـ أن الطرق الشديدة الضعف لا يستشهد بها ، ولذلك فأنا أعنى بعض الطرق المتقدمة التى لم يشتد ضعفها.
(تنبيهان) :
الأول: عزا المؤلف الحديث لمسائل عبد الله ، وقد فتشت فيها عنه فلم أجده ، فالظاهر أنه وهم ، وعلى افتراض أنه فيه فكان الأولى أن يعزوه للمسند دون المسائل أو يجمع بينهما لأن المسند أشهر من المسائل كما لا يخفى على أهل العلم
الثانى: سبق أن الدارقطنى ضعف الإمام أبا حنيفة رحمه الله لروايته لحديث عبد الله بن شداد عن جبر موصولاً ، وقد طعن عليه بسبب هذا التضعيف بعض الحنفية فى تعليقه على " نصب الراية "(2/8) ولما كان كلامه صريحاً بأن التضعيف منالدارقطنى كما مبهماً غير مبين ولا مفسر ، ولما كان يوهم أن الدارقطنى تفرد بذلك دون غيره من أئمة الجرح والتعديل ، لاسيما وقد اغتر به
بعض المصححين ، فكتب بقلمه تعليقاً ينبىء عن تعصبه الشديد للإمام على أئمة الحديث وأتباعهم ، بعبارة تنبىء عن أدب رفيع! فقد رأيت أن أكتب هذه الكلمة بياناً للحقيقة وليس تعصباً للدارقطنى ، ولا طعناً فى الإمام. كيف وبمذهبه تفقهت؟ ! ولكن الحق أحق أن يتبع ، فأقول:
أولاً: لم يتفرد الدارقطنى بتضعيفه بل هو مسبوق إليه من كبار الأئمة الذين لا مجال لمتعصب للطعن فى تجريحهم لجلالهم وإمامتهم ، فمنهم عبد الله بن المبارك فقد روى عنه ابن أبى حاتم (2/1/450) بسند صحيح أنه كان يقول:" كان أبو حنيفة مسكيناً فى الحديث ". وقال ابن أبى حاتم: " روى عنه ابن المبارك ثم تركه بآخره. سمعت أبى يقول ذلك ".
ومنهم الإمام أحمد ، روى العقيلى فى " الضعفاء " (434) بسند صحيح عنه أنه قال:" حديث أبى حنيفة ضعيف ".
ومنهم الإمام مسلم صاحب الصحيح فقال فى " الكنى "(ق 57/1) : " مضطرب الحديث ليس له كثير حديث صحيح ".
ومنهم الإمام النسائى فقال فى " الضعفاء والمتروكين "(ص 29) : " ليس بالقوى فى الحديث ".
ثانياً: إذا سلمنا أن تجريح الدارقطنى كان مبهماً. فلا يعنى ذلك أن التجريح هو فى الواقع مبهم ، فإن قول الإمام أحمد فيه:" حديثه ضعيف " فيه إشارة إلى سبب الجرح وهو عدم ضبطه للحديث ، وقد صرح بذلك الإمام مسلم حين قال:" مضطرب الحديث ". وكذلك النسائى أشار إلى سبب الضعف نحو إشارة أحمد حيث قال: " ليس بالقوى فى الحديث "، وقد أفصح عن قصده الذهبى فقال:" ضعفه النسائى من جهة حفظه وابن عدى وآخرون ".
وقد اعترف الحنفى المشار إليه بأن جرح الإمام من بعضهم هو مفسر (ولم