الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المحرمات من النكاح
المحرمات من النكاح قسمان:
1-
قسم يحرم إلى الأبد 2- وقسم يحرم إلى أمد.
فالأول: سبع من النسب هن:
1-
الأمهات وإن علون.
2-
والبنات وإن نزلن.
3-
والأخوات من أبوين، أو أب، أو أم.
4-
وبناتهن.
5-
وبنات الإخوة.
6-
والعمات.
7-
والخالات.
ودليل تحريم هؤلاء قوله تعالى {حرمت عليكم أمهاتكم
…
إلخ} .
ويحرم ما يماثلهن من الرضاعة، لقوله صلى الله عليه وسلم:"يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب".
ويحرم أربع بالمصاهرة وهن:
1-
أمهات الزوجات وإن علون.
2-
وبناتهن وإن نزلن إن كان قد دخل بهن.
3-
وزوجات الآباء والأجداد وإن عَلَوا.
4-
وزوجات الأبناء وإن نزلوا.
ويحرم ما يماثلهن من الرضاع، ودليل هذا قوله تعالى:{وَأمهَاتُ نِسَائِكُم....} الخ.
أما المحرمات إلى أمد، فهن أخت الزوجة، وعمتها وخالتها، والخامسة للحر الذي عنده أربع زوجات، والزانية حتى تتوب، ومطلقته ثلاثا حتى تنكح زوجاً غيره، والمُحْرمة بنسك حتى تحل، والمعتدة من غيره. حتى تنقضي عدتها.
وماعدا هؤلاء فهو حلال، كما قال تعالى- حين عدد المحرمات- {وأحِل لَكُم ما وراء ذلِكُم} .
وفي هذين الحديثين الآتيين في هذا الباب، الإشارة إلى بعض ما تقدم
الحديث الأول
عَنْ أم حَبِيبَةَ بنْتِ أبي سُفْيَانَ رضي الله عنهما أنَهَا قَالَتْ: يا رسول الله، أنكح أختي ابنةَ أبي سُفيَانَ، فقال:" أوَ تُحِبينَ ذلِكَ "؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأحَبُ مَنْ شَارَكَنِي في خَيْر، أختي.
فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: "إن ذلِكَ لَا يَحِلُّ لي ".
قالت: فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة. قال: "بنت أم سلمة"؟ قلت:
نعم، فقال:"إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأبا سلمة ثويبة، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن".
قال (1) عروة: وثوبية مولاة لأبي لهب، كان أبو لهب أعتقها، فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم.
فلما مات أبو لهب رآه بعض أهله بشر حيبة، فقال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألق بعدكم خيرا، غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثوبية.
الحيبة، بكسر الحاء: الحالة.
الغريب:
بمخلية: بضم الميم، وسكون الخاء المعجمة، وكسر اللام. اسم فاعل من "أخلى يخلى" أي لست بمنفردة بك، ولا خالية من ضرة.
نحدث: بضم النون وفتح الخاء، بالبناء للمجهول.
بنت أم سلمة: استفهام قصد به التثبت لرفع الاحتمال في إرادة غيرها.
ربيبتي في حجري: الربيبة مشتقة من الرب وهو الإصلاح، لأنه يقوم بأمرها.
والحجر بفتح الحاء وكسرها، وليس له مفهوم، بل لمجرد مراعاة- لفظ الآية.
ثويبة: بالمثلثة المضمومة، ثم واو مفتوحة، ثم ياء التصغير، ثم باء موحدة ثم هاء.
بشر حيبة: بكسر الحاء المهملة، وسكون الياء التحتية، ثم باء موحدة. أي بسوء حال. ووقع مضبوطاً في بعض نسخ البخاري بالخاء المعجمة.
المعنى الإجمالي:
أم حبيبة (2) بنت أبي سفيان هي إحدى أمهات المؤمنات رضى الله عنهن وكانت حظية وسعيدة بزواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم -وحق لها ذلك- فالتمست من النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج أختها.
فعجب صلى الله عليه وسلم، كيف سمحت أن ينكح ضرة (3) لها، لما عند النساء من الغيرة الشديدة في ذلك، ولذا قال -مستفهما متعجبا-: أو تحبين ذلك؟ فقالت: نعم أحب ذلك.
ثم شرحت له السبب الذي من أجله طابت نفسها بزواجه من أختها، وهو أنه لابد لها من
(1) قوله: [قال عروة
…
الخ] يوهم أنه من المتفق عليه، وليس كذلك، فهو من أفراد البخاري خاصة، كما قاله (عبد الحق) في جمعه بين الصحيحين.
(2)
قيل اسمها: (رمله) وقيل: عزة.
(3)
ضرة المرأة، هي امرأة زوجها.
مشارك فيه من النساء، ولن تنفرد به وحدها، فإذا فليكن المشارك لها في هذا الخير العظيم هو أختها.
وكأنها غير عالمة بتحريم الجمع بين الأختين، ولذا فإنه أخبرها صلى الله عليه وسلم أن أختها لا تحل له (1) .
فأخبرته أنها حدثت أنه سيتزوج بنت أبي سلمة.
فاستفهم منها متثبتاً: تريدين بنت أم سلمة؟ قالت: نعم.
فقال: مبينا كذب هذه الشائعة: - إن بنت أم سلمة لا تحل لي لسببين.
أحدهما: أنها ربيبتي التي قمت على مصالحها في حجري، فهي بنت زوجتي.
والثاني: أنها بنت أخي من الرضاعة، فقد أرضعتني، وأباها أبا سلمة، ثويبة -وهي مولاة لأبي لهب- فأنا عمها أيضاً، فلا تعرضْنَ علي بناتِكن وأخواتكن، فأنا أدرى وأولى منكن بتدبير شأني في مثل هذا.
ما يؤخذ من الحديث:
1-
تحريم نكاح أخت الزوجة، وأنه لا يصح.
2-
تحريم نكاح الربيبة، وهى بنت زوجته التي دخل بها. والمراد بالدخول- هنا- الوطء، فلا يكفي مجرد الخلوة.
3-
ليس (الحجر) -هنا- مرادا، وإنما ذكر لقصد التبشيع والتنفير.
4-
تحريم بنت الأخ من الرضاعة، لأنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب.
5-
أنه ينبغي للمفتي- إذا سئل عن مسألة يختلف حكمها باختلاف أوجهها- أن يستفصل عن ذلك.
6-
أنه ينبغي توجيه السائل ببيان ما ينبغي له أن يعرض عنه وما يقبل عليه، لاسيما إذا كان ممن تجب تربيته وتعليمه، كالولد والزوجة.
7-
الظاهر أن أم حبيبة فهمت إباحة أخت الزوجة للرسول صلى الله عليه وسلم من باب الخصوصية له. ذلك أنه لا قياس بين أخت الزوجة والربيبة، وإنما- لما سمعت أنه سيتزوج بربيبته وهي محرمة عليه بنص الآية التي حرم فيها الجمع بين الأختين- ظننت الخصوصية من هذا العموم.
(1) يعني لا تحل له أختها مادامت هي زوجة، فهي من المحرمات إلى أمد.
الحديث الثاني
عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يُجْمَعُ بين المرأة وعمتها، ولا بَيْنَ المرأة وَخَالتِهَا ".
المعنى الإجمالي:
جاءت هذه الشريعة المطهرة بكل ما فيه الخير والصلاح وحاربت كل فيه الضرر والفساد ومن ذلك أنها حثت على الألفة والمحبة والمودة، ونهت عن التباعد، والتقاطع، والبغضاء.
فلما أباح الشارع تعدد الزوجات لما قد يدعو إليه من المصالح، وكان- غالبا- جمع الزوجات عند رجل، يورث بينهن العداوة والبغضاء، لما يحصل من الغيرَةِ، نهى أن يكون التعدد بين القريبات، خشية أن تكون القطيعة بين الأقارب.
فنهى أن تنكح الأخت على الأخت، وأن تنكح العمة على بنت الأخ وابنة الأخت على الخالة وغيرهن، مما لو قدر إحداهما ذكرا والأخرى أنثى، حرم عليه نكاحها في النسب. فإنه لا يجوز الجمع والحال هذه.
وهذا الحديث يخصص عموم قوله تعالى: {وأحِلَّ لكم ما وَرَاءَ ذلِكم} وأدمجنا أحكامه، فلا حاجة إلى تفصيلها، لوضوحها من المعنى الإجمالي.
فائدة:
الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، قال ابن المنذر. لست أعلم في ذلك خلافا اليوم، واتفق أهل العلم على القول به، ونقل ابن عبد البر وابن حزم والقرطبي والنووي الإجماع. قال ابن دقيق العيد. وهو مما أخذ من السنة، وإن كان إطلاق الكتاب يقتضي الإباحة لقوله تعالى. {وأحل لكم ما وراء ذلكم} إلا أن الأئمة من علماء الأمصار خصصوا ذلك العموم بهذا الحديث، وهو دليل على جواز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد، وهو مذهب الأئمة الأربعة.
قال الصنعاني: ليس المراد بالواحد الفرد، بل ماعدا المتواتر، فالحافظ ابن حجر ذكر أن هذا الحديث رواه من الصحابة ثلاثة عشر نفراً، وعدهم، ففيه رد على من زعم أنه لم يروه إلا أبو هريرة.