الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكن ليجوز إلغاؤها، لكن إذا صح الجمع في حالة النزول فالعمل به أولى، لقيام دليل آخر على الجواز في غير هذه الصورة، أعنى السير، وقيام ذلك الدليل يدل على إلغاء اعتبار هذا الوصف، ولا يمكن أن يعارض ذلك الدليِل بالمفهوم من هذا الحديث، لأن في دلالة ذلك المنطوق على الجواز في تلك الصورة بخصوصها أرجح. أهـ.
4-
يدل الحديث وغيره من الأحاديث أن الجمع يختص بالظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، وأن الفجر لا تجمع إلى شيء منها.
بَابُ قصْر الصَّلاة في السفر
القصر: هو للصلوات الرباعية، وهي الظهر، والعصر والعشاء. ونقل ابن المنذر الإجماع على أنه لا قصر في المغرب والفجر.
وليس له سبب إلا السفر، لأنه من رخصه التي شرعت رحمة بالمسافر. شفقة عليه.
عَنْ عَبْدِ الله بْن عُمَرَ رضىَ الله عَنْهُمَا قال: صَحِبْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَكانَ لَا يَزِيدُ في السَّفَرِ عَلىَ رَكْعَتَيْن، وَأبا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمانَ كَذلِكَ (1) .
المعنى الإجمالي:
يذكر عبد الله بن عمر أنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره، وكذلك صحب أبا بكر وعمر وعثمان في أسفارهم.
فكان كل منهم يقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، ولا يزيد عليهما.
اختلاف العلماء:
اختلف العلماء في القصر: هل هو واجب أو رخصة، يستحب إتيانها؟ فذهب الأئمة الثلاثة، مالك، والشافعي، وأحمد إلى جواز الإتمام، والقصر أفضل.
وذهب أبو حنيفة، إلى وجوب القصر، ونصره ابن حزم وقال: إن فرض المسافر ركعتان.
وأدلة الموجبين للقصر، مداومة النبي صلى الله عليه وسلم عليه في أسفاره. وأجيب بأن الفعل لا يدل على الوجوب عند الجمهور.
(1) هذا لفظ " البخاري " ولفظ " مسلم " أكثر وأزيد
. وخلاصة زيادة " مسلم " أن ابن عمر صلى برفقته في السفر، الظهر ركعتين. فرأى أناساً يتنفلون فقال: لو كنت مسبحا لأتممت صلاتي. ثم ذكر أنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان فكانوا لا يزيدون في السفر على ركعتين.
واستدلوا أيضاً بحديث عائشة في الصحيحين " فُرِضتِ الصلَاةُ رَكْعَتَيْن فأُْقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَأْتِمَّتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ ".
وأجيب عنه بأجوبة، أحسنها أن هذا من كلام عائشة، ولم يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعائشة لم تشهد زمان فرض الصلاة.
أما أدلة الجمهور على عدم وجوب القصر فقوله تعالى: {لَيْسَ عَليكُمْ جُنَاحٌ أن تَقصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} فَنًَفْيُ الجناح يفيد أنه رخصة، وليس عزيمة. وبأن الأصل الإتمام، والقصر إنما يكون من شيء أطول منه.
وبحديث عائشة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في السفر ويتم ويفطر ويصوم " رواه الدارقطني وقال: إسناده حسن.
وقد أجيب عن أدلة الجمهور بأن الآية وردت في قصر الصفة في صلاة الخوف، وبأن الحديث متكلم فيه، حتى قال شيخ الإسلام " ابن تيمية "، هذا حديث كذب على النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: الأولى للمسافر أن لايدع القصر، اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم، وخروجاً من خلاف من أوجبه، ولأنه الأفضل عند عامة العلماء.
وشيخ الإسلام " ابن تيمية " نقل عنه في " الاختيارات " كراهة الإتمام، وذكر أنه نفل عن الإمام أحمد التوقف في صحة صلاة المُتِمِّ. وقال الشيخ تقي الدين أيضاً: قد علم بالتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يصلى في السفر ركعتين. وكذلك أبو بكر وعمر بعده، وهذا يدل على أن الركعتين أفضل، كما عليه جماهير العلماء.
ما يؤخذ من الحديث:
1-
مشروعية قصر الصلاة الرباعية في السفر إلى ركعتين.
2-
أن القصر هو سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسنة خلفائه الراشدين في أسفارهم.
3-
أن القصر عام في سفر الحج والجهاد، وكل سفر طاعة.
وقد ألحق العلماء الأسفار المباحة قال النووي: ذهب الجمهور إلى أنه يجوز القصر في كل سفر مباح. وبعضهم لم يجز القصر في سفر المعصية والصحيح أن الرخصة عامة، يستوي فيها كل أحد.
4-
لطف المولى بخلقه، وسماحة هذه الشريعة المحمدية، حيث سهَّل عبادته على خلقه.
فإنه لما كان السفر مظنة المشقة، رخّص لهم في نقص الصلاة.
وإذا زادت المشقة بقتال العدو، خفف عنهم بعض الصلاة أيضاً.
5-
السفر في هذا الحديث مطلق، لم يقيد بالطويل، والأحسن أن يبقى على إطلاقه فيترخص في كل ما سُمِّي سفراً.
أما تقييده بمدة معينة، أو بفراسخ محدودة، فلم يثبت فيه شيء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: السفر لم يحده الشارع، وليس له حد في اللغة فيرجع فيه إلى ما يعرفه الناس ويعتادونه، فما كان عندهم سفراً فهو سفر. اهـ.