الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصفة الصلاة عليه أربع تكبيرات، بعد الأولى الفاتحة، وبعد الثانية الصلاة على النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم، وبعد الثالثة الدعاء للميت، وبعد الرابعة سكتة لطيفة، ثم السلام.
قال شيخ الإسلام: الذي ثبت في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم على قبر الرجل من أصحابه إذا دفن، ويقول: سلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل. وقد ثبت أن المقبور يسأل ويمتحن. وأنه يؤمر بالدعاء له.
بَابٌ في الصَّلَاة على الغائب وعلى القبر
(1)
الحديث الأول
عَنْ أبي هُريرة رضي الله عنه قال: نَعَىِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم النجَاشي في اليَوْم الذي مَاتَ فِيهِ وَخَرَجَ إِلى الْمُصَلَّى فصَفَّ بِهمْ وَكَبَّرَ أرْبَعَاً.
الحديث الثاني
عن جَابر رضي الله عنه أنَّ النَبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى على النَّجَاشِيِّ، فَكُنْتُ في الصَّفِّ الثاني أو الثالِث.
الغريب:
نعى: نعاه ينعاه بفتح أوله. والنعي: الإخبار بالموت.
النجاشي: بفتح النون على المشهور، قال في النهاية: والصواب تخفيف الياء - اسمه "أصحمة" توفى في رجب، سنة تسع، رضي الله عنه.
المعنى الإجمالي:
النجاشي ملك الحبشة له يد كريمة على المهاجرين إليه من الصحابة، حين ضيِّقت عليهم قريش في مكة، ولم يسلم أهل المدينة بعد فأكرم وفادتهم.
ثم قاده حسن نيته، واتباعه الحق، وطرحه الكبر إلى أن أسلم، فمات بأرضه، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم.
فلإحسانه إلى المسلمين، وكبر مقامه، وكونه بأرض لم يصَلَّ عليه فيها أخبر النبي صلى الله عليه وسلم
(1) المؤلف لم يفصل كاتب الجنائز، وإنما أنا الذي فصلته في هذه الأبواب الآتية لمزيد الفائدة ا. هـ شارح.
أصحابه بموته في ذلك اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلَّى، فصف بهم، وكبر عليه أربع تكبيرات، شفاعة له عند الله تعالى.
اختلاف العلماء:
اختلف العلماء في الصلاة على الغائب.
ذهب أبو حنيفة ومالك: إلى أنها لا تشرع. وجوابهم على هذه الأحاديث أنها خاصة بالنبي صلى الله صلى الله عليه وسلم.
وذهب الشافعي وذلك المشهور عند أصحاب الإمام " أحمد " إلى أنها مشروعة لهذه الأحاديث الصحيحة، والخصوصية تحتاج إلى دليل، وليس هنا دليل.
وتوسط شيخ الإسلام " ابن تيمية " فقال: إن كان الغائب لم يصل عليه، صُلِّىَ عليه كهذه القضية، وإن كان قد صُلِّىَ عليه، فقد سقط الفرض بذلك عن المسلمين.
وهو مروي عن الإمام أحمد، وصححه " ابن القيم " في الهدى، لأنه توفى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أناس من أصحابه غائبين، ولم يثبت أنه صلى على أحد منهم.
ونقل شيخ الإسلام " ابن تيمية " عن الإمام أحمد أنه قال: إذا مات رجل صالح، صُلِّىَ عليه، واحتج بقضية " النجاشي ".
وقد رجح هذا التفصيل شيخنا " عبد الرحمن آل سعدى " وعليه العمل في " نجد" فإنهم يصلون على من له فضل على المسلمين، ويتركون من عداه. وقال ابن القيم: أصح الأقوال هذا التفصيل.
ما يؤخذ من الحديث
1-
مشروعية الصلاة على الميت، لأنها شفاعة ودعاء من إخوانه المصلين.
2-
مشروعية الصلاة على الغائب، وتقدم أن الحديث ليس على إطلاقه، بل يخص بها من له فضل وإحسان عامٌّ على الإسلام والمسلمين.
3-
الصلاة على الميتِ في مصلَّى العيد إذا كان الجمع كثيرا.
4-
التكبير في صلاة الجنازة أربع، وتقدم في أول الباب ما يقال بعد كل واحدة منهن.
5-
فضيلة كثرة المصلين وكونهم ثلاثة صفوف.
لما روى أصحاب السنن أيضا " ما من مؤمن يموت فيصلى عليه أمة من المسلمين، يبلغون أن يكونوا ثلاثة صفوف، إلا غُفِرَ له ".
6-
الإخبار بموت الميت للمصلحة في ذلك، من تكثير المصلين، وإخبار أقاربه فإن ذلك ليس من النعي المنهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم:" إياكم والنعي، فإن النعي عمل الجاهلية "
وذلك أنهم يأخذون ينادون عليه في المحلات العالية بأنواعه المدائح الصحيحة والمكذوبة، وفيه مفاسد من وجوه كثيرة.
الحديث الثالث
عن ابنِ عَبَّاس رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلى قَبْر بَعْدَ مَا دُفِنَ، فَكَبَّر عَلَيْهِ أرْبَعاً.
المعنى الإَجمالي:
قد جُبلَ النبي صلى الله عليه وسلم على محاسن الأخلاق، ومن ذلك ما اتصف به من الرحمة والرأفة، فما يَفْقِدُ أحداً من أصحابه حتى يسأل عنه، ويتفقد أحواله.
فقد سأل عن صاحب هذا القبر، فأخبروه بوفاته، فأحب أنهم أخبروه ليصلى عليه، فإن صلاته سكنُ للميت، ونور يزيل الظلمة التي هو فيها، فصلى على قبره كما يصلى على الميت الحاضر.
الأحكام:
1-
مشروعية الصلاة على القبر، ولا يلتفت إلى من منعه، لرَدِّه النصوص بلا حجة.
وقيده بعض العلماء، بمدة شهر، وبعضهم حتى يَبْلَى جسده، وبعضهم جوَّزه أبداً. وقد جاء في البخاري أنه صلى الله عليه وسلم مر بقبر دفن ليلا فقال: متى دفِن هذا؟ قالوا: البارحة. قال ابن القيم: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم " كان إذا فاتته الصلاة على الجنازة صلى- على القبر" في ستة أوجه حسان.
2-
أن الصلاة على القبر، مثل الصلاة على الميت الحاضر.
3-
َ ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الرحمة والرأفة، وتفقد الواحد من أصحابه.
مهما كانت منزلته، فقد ذكر الحافظ ابن حجر أن صاحب هذا القبر امرأة سوداء كانت تقم المسجد، أي تكنسه.