الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9-
أنه لا يجوز الذبح بالسن والظفر.
[والحكمة في ذلك ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من أن السن عظم، وأما الظفر فلمخالفة الكفار، لم يجز الذبح به.
10-
من هذا التعليل يفهم أنه لا يجوز التذكية بجميع العظام وهو الصحيح، وهو رواية عن الإمام أحمد.
أما المشهور من المذاهب فيختص بالسن فقط.
ويؤخذ منه عدم جواز مشابهة الكفار وتقليدهم، ومتابعتهم بشيء من أعمالهم.
وأما العلوم والصناعات، فلا تدخل هنا، لأنه حق مشاع مشترك بين الناس، فالأفضل أن لا يسبقونا إليها.
بَابُ الأضاحي
الأضاحي جمع أضْحِيَة، بضم الهمزة، وسكون الضاد، وكسر الحاء، بعدها ياء، ثم تاء. ْ مشتقة من اسم الوقت الذي شرع ذبحها فيه.
وهى- شرعا-: ما يذبح في أيام النحر بسبب العيد، تقربا إلى الله تعالى.
والأصل في مشروعيتها، الكتاب، والسنة، والإجماع.
أما الكتاب، فقوله تعالى:{فَصَلِّ لِربِّكَ وَانحَرْ} قال بعض المفسرين: المراد به الأضحية بعد صلاة العيد
وأما السنة، فما روى أنس، وسيأتي الحديث والكلام عليه إن شاء الله تعالى.
وأجمع المسلمون على مشروعية الأضحية.
حكمة مشروعيتها: في الأضحية، التقرب إلى الله تعالى بإراقة الدماء، لأنها من أفضل الطاعات وأجمل العبادات.
وقد قرنها الله تعالى مع الصلاة في آيات من القرآن الكريم. منها قوله تعالى: {إن صلاتي ونسكي ومحياي وَمَمَاتي لله رَبِّ العَالميَن}
وقوله سبحانه: {فصل لِرَبكَ وَانحَرْ} والأضحية التي تقع في ذلك اليوم العظيم، يوم النحر الأكبر، فيها الصدقة على الفقراء والتوسعة عليهم.
وفيها القيام بشكر الله تعالى على توالى نعمه بسلامة العمر والعقل والدين، واقتداء بأبي الأنبياء إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين قدَّم ولده قربانا لله تعالى، طاعةً ورضا بأمر الله، ففداه الله تعالى بكبش، فكانت سنة من بقبة أبينا إبراهيم، جددها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وفيها الفرح والسرور والتوسعة على النفس، والأهل، في هذا العيد الإسلامي الكبير.
وفيها حِكَمٌ وأسرار لله تعالى، تدرك منها الأفهام والعقول بقدر طاقتها.
والأصل في الأضحية أنها للأحياء.
ويجوز أن تجعل صدقة عن الموتى، وفيها ثواب وأجر لهم.
لكن يوجد في بعض البلاد، أنهم لا يكادون يجعلونها إلا للموتى فقط.
فكأنهم يظنون أن الأضحية خاصة للموتى، ولذا فإن الحي منهم يندر أن يضحي عن نفسه.
فإذا كتب وصية، أول ما يجعل فيها أضحية أو ضحايا، على حسب يُسْره وعسره.
ويندر أن يوصى الموصى بغير الأضحية وتقسيم الطعام في ليالي الجمع من رمضان. أما غيرها من أنواع البر فقليل.
وهذا راجع إلى تقصير أهل العلم الذين يكتبون وصاياهم، لا يذكرونهم، ولا يعلمونهم أن الوصية ينبغي أن تكون في الأنفع من البر والإحسان.
والأضحية وإن كانت فضيلة وبرًا وإحساناً، إلا أنه يوجد بعض جهات من البر ربما تكون أحسن منها. والله ولى التوفيق.
الحديث الثامن والثمانون بعد الثلاثمائة
عَنْ أنس بْنِ مَاِلكٍ رضي الله عنه قَالَ: ضحَّى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين امْلَحَيْن أقْرَنينِ، ذَبحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكبَّر وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلى صِفَاحِهِمَا.
الغريب:
كبشين: الكبش هو الثَنيُّ إذا خرجت رباعيته، وحينئذ يكون عمره سنتين، ودخل في الثالثة.
أملحين: الأملح من الكباش، هو الأغبر الذي فيه بياض وسواد، وبياضه أكثر من سواده.
صفاحهما: بكسر الصاد والحاء المهملتين.
قال في (النهاية) صفحة كل شيء وجهه وجانبه، والمراد هنا صفاح أعناقهما.
المعنى الإجمالي:
من تأكد الأضحية أن النبي صلى الله عليه وسلم مع حثه عليها فعلها هو، صلى الله عليه وسلم فقد ضحى بكبشين، في لونهما بياض وسواد ولكل منهما قرنان.
فذبحها بيده الشريفة لأنها عبادة جليلة قام بها بنفسه، وذكر اسم الله تعالى عندها استعانة بالله لتحل بها البركة ويشيعها الخير، وكبر الله تعالى لتعظيمه وإجلاله، وإفراده بالعبادة، وإظهار الضعف والخضوع بين يديه تبارك وتعالى.
بما أن إحسان الذبحة مطلوب- رحمة بالذبيحة، بسرعة إزهاق روحها- وضع رجله الكريمة على صفاحهما، لئلا يضطربا عند الذبح، فتطول مدة ذبحهما، فيكون تعذيباً لهما، والله رحيم بخلقه.
ما يستفاد من الحديث:
1-
مشروعية التضحية وقد أجمع عليها المسلمون. قال شيخ الإسلام: والأضحية أفضل من الصدقة بثمنها، فإذا كان له مال يريد التقرب به إلى الله كان له أن يضحي.
2-
أن الأفضل أن تكون الأضحية من هذا النوع الذي ضحى به النبي صلى الله عليه فلعله قصد هذا الوصف لمعنى فيه والله أعلم.
3-
أن الأفضل لمن يحسن الذبح، أن يتولاه بنفسه، لأن ذبح ما قصد به القرب عبادة جليلة.
4-
أن يقول عند الذبح: [باسم الله والله أكب] ومناسبتها هنا ظاهرة.
5-
أن يضع رجله على صفحة المذبوح لئلا يضطرب، وليتمكن من إرهاق روحه بسرعة فيريحه.
6-
أن الأفضل في ذبح الغنم، إضجاعها، ويكون على الجانب الأيسر لأنه أسهل.
فوائد من كلام شيخ الإسلام ابن تنمية:
الأولى: تجوز الأضحية عن الميت كما يجوز الحج عنه والصدقة عنه
الثانية: يتصدق بثلث الأضحية، ويهدي ثلثها، وإن أكل أكثرها أو أهداه أو طبخه ودعا الناس إ ليه جاز.
الثالثة: إن ضحى بشاة واحدة عنه وعن أهل بيته أجزأ ذلك في أظهر قولي العلماء، وهو مذهب مالك وأحمد، فإن الصحابة كانوا يفعلون ذلك.