الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6-
الذي يفهم من الحلق في هذا الحديث، هو أخذ جميع شعر الرأس.
وهو الصحيح الذي يدل عليه الكتاب والسنة من قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، وهو مذهب الإمامين، مالك، وأحمد.
باب طواف الإفاضة والوداع
الحديث الأول
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: حَجَجْنَا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَأفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ فأراد النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أهْلِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إنَّهَا حَائِضٌ، فقالَ:" أحَابِسَتُنَا هِي؟ " فقالوا: يَا رَسُولَ الله، إنَّهَا قَدْ أفَاضَتْ يَوْمَ النَحْرِ. قال "اخْرُجُوا".
وفي لفظ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم "عَقْرَى حَلْقَى، أَطافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قيل: نَعَمْ. قال "فَانْفِرِي".
الغريب:
أفضنا يوم النحر: فاض الماء، سال. وسمي طواف الزيارة بطواف الإفاضة لزحف الناس ودفعهم بكثرة في بطاح مكة، إلى البيت الحرام.
أحابستنا: الاستفهام للإنكار والإشفاق مما يتوقع.
عقري حلقي: بفتح الأول منهما وسكون الثاني، والقصر بغير تنونين. هكذا يرويه الأكثرون بوزن غضبى لأنه جاء على المؤنث. والمعروف في اللغة التنوين مثل سقياً ورعياً هكذا قال سيبويه وأبو عبيد. ومعناه الدعاء علها بالعقر وهو مثل الجرح في جسدها. والدعاء عليها بوجع الحلق أيضاً. وخرج الزمخشري معناه على أنهما صفتان للمرأة المشؤومة أي أنها تعقر قومها وتستأصلهم ويحتمل أن يكونا مصدرين مثل الشكوى. ولم يقصد منهما حقيقة الدعاء وإنما هما لفظان يجريان على لسان العرب، كـ"تربت يداك" و" ثكلتك أمك".
فانفري: بكسر الفاء وضمها، والكسر أفصح، وبه جاء القرآن "انْفِرُوا خفافاً وَثِقَالاً" ومعناه: اخرجي.
المعنى الإجمالي:
ذكرت عائشة رضي الله عنها: أنهم حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.
فلما قضوا مناسكهم أفاضوا ليطوفوا بالبيت العتيق، ومعهم زوجه صفية رضي الله عنها.
فلما كان ليلة النفر، حاضت "صفية" فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يريد منها ما يريد الرجل من أهله، فأخبرته عائشة أنها حاضت.
فظن صلى الله عليه وسلم أنه أدركها الحيض فلم تطف طواف الإفاضة.
لأن هذا الطواف ركن لا يتم الحج بدونه، قال صلى الله عليه وسلم:
أحابستنا هي هنا حتى تنتهي حيضتهاْ وتطوف لحجها؟.
فأخبروه أنها قد طافت طواف الإفاضة قبل حيضها.
فقال: فلتنفر، إذ لم يبق عليها إلا طواف الوداع، وهي معذورة في تركه.
ما يؤخذ من الحديث:
1-
أن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، لا يسقط بحال.
2-
أن على أمير الحج ورئيس الرفقة ونحوهما انتظار من حاضت حتى ينتهي حيضها، وتطوف طواف الحج.
3-
أن طواف الوداع غير واجب على الحائض، وأنها تخرج، وليس عليها فداء، لتركها الطواف.
الحديث الثاني
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: أُمِر النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إلَاّ أَنَّهُ خففَ عَنِ الْمَرأةِ الْحَائِض.
المعنى الإجمالي:
لهذا البيت الشريف تعظيم وتكريم، فهو رمز لعبادة الله والخضوع والخشوع بين يديه فكان له في الصدور مهابة، وفِى القلوب إجلال وتعلق، ومودة.
ولذا شرع للقادم عليه أن يحييه بالطواف به قبل كل عبادة، لأن الطواف ميزته، ولدى السفر أن يكون آخر عهده به ليتفرغ لتلك الساعة الرهيبة، التي تتقطع فيها القلوب، وتذرف فيها الدموعٍ، عند مفارقة هذا البيت الذي تهفو إليه الأفئدة وتحن للقرب منه القلوب شوقاً إلى رحابه المقدسة، ومشاعره المعظمة، حيث تنزلت وحلَّت البركات، وهبطت الرحمات، وشعَّت الأنوار.
وهذا الطواف الأخير، وتلك الوقفة الحزينة بين الركن والباب في حق كل راحل من مقام هذا البيت، سواء كان حاجَّا أو غيره. إلا المرأة الحائض، فلكونها تلوث المسجد بدخولها سقط عنها الطواف بلا فداء.
ما يؤخذ من الحديث:
1-
وجوب طواف الوداع في حق كل مسافر من مكة، سواء كان حاجَّاً أم غيره. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وطواف الوداع ليس من تمام الحج، ولكن كل من خرج مِن مكة عليه أن يودع، ولهذا من أقام بمكة لا يودع على الصحيح، فوجوبه ليكون آخر عهد الخارج بالبيت.
2-
أن الحائض ليس عليها طواف للوداع، ولا دم بتركه.
3-
أن طواف الوداع يكون آخر شئون المسافر، لأن هذا معنى الوداع، ومثل شراء بعض الأشياء في طريقه إلى السفر، أو انتظار الرفقة، أو نحو ذلك من التأخر اليسير، لا يضر.
اختلاف العلماء:
ذهب مالك إلى استحباب طواف الوداع دون وجوبه على كل أحد لسقوطه عن الحائض. ولو كان واجباً لما سقط بحال.
وذهب الجمهور- ومنهم الأئمة الثلاثة - إلى وجوبه على غير الحائض. لظاهر الأمر به. قال ابن المنذر: قال عامة فقهاء الأمصار: ليس على الحائض التي أفاضت طواف وداع.