الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولكنَّ الخوارج والمعتزلة يقولون: إن صاحب الكبائر ليس معه من الإيمان والإسلام شيء، وهذا القول مخالف للكتاب
(1)
والسنة وإجماع السلف من الأمة.
لكن هؤلاء إذا كانوا طائفةً ممتنعة، قوتلوا حتى يَلْزَموا شرائع الإسلام، وأما الواحد فيُقام عليه الحدود الشرعية إذا أمكن ذلك، وإلّا فيفعلُ المؤمن ما يقدِر عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:«من رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعفُ الإيمان»
(2)
.
فصل
* في
الرّجُل وقعت عليه جنابة، والوقت بارد، إذا اغتسل فيه يؤذيه
، وتعذّر عليه الحمّام أو تسخين الماء، فيجوز أن يتيمم ويصلي ولا إعادة عليه؟
والجواب: أنه لا يجوز لأحدٍ قطّ أن يؤخّر الصلاة عن وقتها، لا لعذرٍ ولا لغير عذرٍ، بل يجوز عند العذر الجمعُ بين الصلاتين ــ صلاتي الظهر والعصر، وصلاتي المغرب والعشاء ــ وأما تأخير المغرب حتى تطلع الشمس فلا يجوز بحال، وكذلك تأخير صلاة الظهر والعصر حتى تغرب الشمس. بل إذا كان عادمًا للماء أو خاف الضرّر باستعماله، فعليه
(1)
تحتمل في الأصل: «الكتاب» .
(2)
أخرجه مسلم (49) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
أن يتيمَّم ويصلي في الوقت، سواء كان جُنبًا أو مُحْدِثًا. وله أن يقرأ القرآن في الصلاة وخارج الصلاة.
ويتيمّم إذا عدم الماء في السّفَر، وكذلك إذا خاف إن اغتسل بالماء البارد يضرّه، والتسخين يتعذَّر، ولتعذُّر الحمّام أو التسخين فإنه يتيمّم ويصلي.
ولا إعادة على أحدٍ صلى في الوقت كما أمره الله تعالى، فإنّ الله لم يوجب على أحدٍ أن يصلي مرّةً في الوقت ومرّةً بعد الخروج من [ق 29] الوقت، بل إذا نسي وصلى بلا وضوء فإنه يؤمر بالقضاء؛ لأنه لم يفعل ما أمره الله به، فمن نسي الصلاة أو بعض فرائضها صلى إذا ذكرها؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«مَن نام عن صلاةٍ أو نسيها فليصلِّها إذا ذكرها»
(1)
.
وأمر مَن صلى وفي قدمه لُمْعة لم يُصِبْها الماء أن يعيد الوضوء والصلاة
(2)
.
وأما مَن ترك بعض الواجبات جهلًا لا يؤاخذ، فإن عَلِم في الوقت أعاد، وإن لم يعلم إلا بعد الوقت، فلا إعادة عليه، كالأعرابي الذي صلى بلا طمأنينة، فإنه أمره بإعادة تلك الصلاة، ولم يأمره بإعادة ما صلى قبل
(1)
أخرجه بنحوه البخاري (597)، ومسلم (684) من حديث أنس رضي الله عنه.
(2)
أخرجه أحمد (15495)، وأبو داود (175) من حديث خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال أحمد: إسناده جيد، نقله عنه الأثرم. انظر «المنتقى»:(1/ 104) للمجد ابن تيمية، و «البدر المنير»:(2/ 238 ــ 239).
ذلك مع قوله: «والذي بعثك بالحق لا أُحْسِن غير هذا»
(1)
. وكذلك لم يأمر المُسْتحاضة بإعادة ما تركته
(2)
. ولم يأمر عُمر وعمّارًا
(3)
بإعادة ما تركا مع الجنابة حيث لم يعلما التيمُّمَ الشرعيّ
(4)
. ولم يأمر أبا ذرٍّ بالإعادة
(5)
. ولم يأمر الذين اعتقدوا أنَّ الخيطَ الأبيض والخيط الأسود هو الحبل الأبيض والأسود لمَّا أكلوا إلى أن تبينت الحال، لم يأمرهم بالإعادة
(6)
. ولم يأمر الصحابة الذين صلّوا بلا ماءٍ ولا تيمّم بالإعادة لما صلوا بلا ماءٍ قبل أن يشرع التيمّم
(7)
. ونظائر هذه متعددة.
(1)
أخرجه البخاري (757)، ومسلم (397) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
كما في حديث حمنة بن جحش. أخرجه أحمد (27474)، وأبو داود (287)، والترمذي (128)، وابن ماجه (622) وغيرهم. قال الترمذي وأحمد بن حنبل: حسن صحيح، وحسَّنه البخاري فيما نقله عنه الترمذي. وانظر «البدر المنير»:(3/ 58 ــ 60).
(3)
الأصل: «عمار» .
(4)
أخرجه البخاري (338)، ومسلم (368) من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه.
(5)
أخرجه أحمد (21304)، وأبو داود (332)، والترمذي (124)، والنسائي (322)، وابن خزيمة (2292)، وابن حبان (1311)، والحاكم (1/ 176) وصححه، وغيرهم. قال الترمذي: حسن صحيح. وقال ابن الملقن: جيد. انظر «البدر المنير» : (2/ 650 ــ 653).
(6)
أخرجه البخاري (1917)، ومسلم (1901) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.
(7)
في غزوة بني المصطلق. أخرجه البخاري (336)، ومسلم (367) من حديث عائشة رضي الله عنها.