الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويُسقطون ويجرِّمون
(1)
من خالف بعض قوانينهم المبتدعة
(2)
.
و
لم يكن السلف يرمون بالبندق
، ولا يفعلون شيئًا من هذه البدع؛ لأن الاجتماع على رمي البندق كثيرُ الشرّ والضرر، قليلُ الخير والمنفعة؛ فإنه لم يُهزم عدوٌّ [ق 47] برمي البندق، ولا فُتِحَت به مدينة، ولا قام به دين، وقتيله
(3)
لا يحلّ أكله، لاسيّما وأكثر ما يرمونه من الطير لا يحلّ أكله.
والمقصود بالرمي عدوٌّ يقتله أو صيدٌ يأكله، وهذا
(4)
لا يُقْصَد به عدوّ يقتله ولا صيد
(5)
يأكله، بل الافتخار بالباطل الذي [لا]
(6)
ينفع.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أن يُتَّخَذ شيء فيه الرّوح غَرَضًا
(7)
، ولعن النبيّ صلى الله عليه وسلم من يفعل ذلك
(8)
، فنهى أن يُجعل الطير والبهيمة غَرَضًا يُقصَد برمي الأغراض التي تُنْصب للرمي
(9)
، فإنّ ذلك تعذيب للحيوان
(1)
الأصل بحاء مهملة، ولعل صوابه ما أثبته.
(2)
وانظر «مجموع الفتاوى» : (35/ 407 - 408)، (11/ 451).
(3)
بعده في الأصل: «وقيل» ولعلها مقحمة أو سهو.
(4)
في الأصل «ولهذا» .
(5)
الأصل «صيدًا» .
(6)
سقطت من الأصل.
(7)
أخرجه مسلم (1957) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(8)
أخرجه مسلم (1958) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(9)
الأصل: «الرمي» .
بغير مصلحةٍ راجحة، وهذا لا يجوز، فإنَّ الله تبارك وتعالى إنما أباحَ تعذيبَ الحيوان بالذبح والركوب، لما في ذلك من مصلحة بني آدم، فإذا جُعل الطيرُ هدفًا يُرمى إليه، كان ذلك تعذيبًا له بغير مصلحةٍ راجحة.
ورُماة البندق لا يقصدون بالرّمي ذكاة الطير ليؤكل، وإنما يقصدون الإصابة، من جنس ما [يتخذ] لرمي الأغراض والأهداف
(1)
، وهذا لا يجوز. بل لو قَصد قومٌ أن يرموا الطير بالنُّشّاب لمجرّد إصابة الطير من غير قصد الذكاة لم يجز ذلك.
وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قتل عصفورًا بغير حقه جاء يوم القيامة وأوداجه تشخب دمًا»
(2)
. ولفظه: «من قتل عصفورًا عبثًا جاء يوم القيامة وله جؤار إلى الله يقول: يا رب سل هذا فيمَ قتلني»
(3)
، وفي لفظ:«من قتل عصفورًا بغير حقه سأله الله عنه يوم القيامة» . رواه أحمد
(4)
،
(1)
العبارة في الأصل محرفة: «لا يقصدون للرمي ذكاة
…
يقصدون الأصنام من جنس ما الرمي
…
» ولعل صوابها ما أثبت.
(2)
لم أقف عليه بهذا اللفظ.
(3)
بنحوه أخرجه أحمد (19470)، والنسائي (4446)، وابن حبان (5894) وغيرهم من حديث الشريد بن سويد رضي الله عنه. وفي سنده صالح بن دينار، لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه إلا واحد.
(4)
(6550) من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما. وأخرجه النسائي (4445)، والحاكم:(4/ 233)، قال الحاكم: صحيح الإسناد. وأعلّه ابن القطان بصهيب مولى ابن عامر، فقال: لا يُعرف حاله. «بيان الوهم والإيهام» : (4/ 590).
وروي عنه صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى عن قتل الحيوان لغير مأكَلَة»
(1)
.
وهؤلاء يقتلون الطير لغير مأكلة وبغير حقه، بل عبثًا ولعبًا بالباطل.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في «الصحيح»
(2)
: أنه نهى عن الخذف وقال: «إنه لا يصيد صيدًا ولا ينكأ عدوًّا، ولكن يفقؤ العَيْنَ ويكسر السنّ» ، فدلّ ذلك على أن ما كان من الرمي لا يُقصد به الصيد ولا يُنكأ به عدوّ= فهو ينهى عنه. ورَمْي البندق لا يقصد به نِكاية عدوّ، فإنّ غالب ما يقتلونه بالبندق لا يحل أكلُه، ولا يُعرف أنه فتح مدينة برمي البندق، ولا هُزِمَ به عدوّ، ولا قام به دين، وإنما يقصد أصحابه
(3)
التقدّم بأمر لا منفعة فيه للمسلمين لا في دينهم ولا دنياهم.
وأيضًا فرمي البندق تُنفق فيه الأموال لا في مصلحة دين ولا دنيا،
(1)
لم أجده بهذا اللفظ مرفوعًا، وروي موقوفًا على أبي بكر الصديق رضي الله عنه ولفظه: «
…
ولا تعقرنّ شاة ولا بعيرًا إلا لمأكَلَة». أخرجه مالك (1292)، وابن أبي شيبة (33793)، وسعيد بن منصور (2/ 149).
وقال ابن الملقن في «البدر المنير» : (6/ 771): «هذا الحديث أقرب ما رأيت فيه رواه أبو داود في «مراسيله» (316) من حديث عمرو ابن الحارث، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن القاسم مولى عبد الرحمن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحرقن نخلة
…
» إلى أن قال: «ولا تقتل بهيمة ليست لك بها حاجة» .
(2)
أخرجه البخاري (6220)، ومسلم (1954) من حديث عبدالله بن مغفل رضي الله عنه.
(3)
الأصل: «أصحاب» .
ويصدّهم ذلك عما
(1)
ينفعهم في الدين والدنيا، ويوقع بينهم الشرَّ، ويجرّهم إلى الاختلاء لفعل الفواحش وفساد الأولاد المسلمين، قلّ من يصحبهم من الأحداث إلا كان عند المسلمين معيبًا ناقص الحُرْمة، من جنس المجتمعين بقاعات العلاج
(2)
، فإن سيرة الطائفتين مذمومةٌ عند عامة المسلمين. والله أعلم.
(1)
في الأصل: «فما» .
(2)
كذا في الأصل، ومثله في «الاختيارات» (ص 212 ــ ضمن مجموعة فتاوى) وفي بعض نسخه الخطية، ووقع في نسخٍ أخرى «قاعات البغايا». «الاختيارات» (ص 518 ط الخليل) ونص الاختيارات:«ومن دخل قاعات البغايا، فتح على نفسه باب الشرّ، وصار من أهل التُّهَم عند الناس؛ لأنه اشتهر عمن اعتاد دخولها وقوعه في مقدّمات الجماع المحرم أو فيه، والعِشْرة المحرمة، والنفقة في غير الطاعة. وعلى كافل الأمرد منعه منها، ومِن عِشْرة أهلها ولو لمجرَّد خوف وقوع الصغائر، فقد بلغ عمر رضي الله عنه: أن رجلًا تجتمع إليه الأحداث فنهى عن الاجتماع به بمجرد الريبة» اهـ.
مسألة
(1)
:
* قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} [الأعراف: 143]، هل استقرار الجبل ممكن أم لا؟
* وهل هذا الكلام محظور
(2)
أم لا؟ ومن قال: إن استقرار الجبل ممكنٌ، هل تلزمه عقوبة أم لا؟
* وعلى من قال: السماع بالدفّ والشّبابة وما هو الغالب [ق 48] على الناس، هو على الناسِ حرامٌ وعليَّ حلالٌ، هل يفسق أم لا؟ وهل يكون قليل المروءة ساقط العدالة أم لا؟
* وصلاة الرغائب والمعراج وألفية نصف شعبان وغيرها من صلوات الأيام والليالي، هل وردَ فيها حديثٌ صحيح أو ضعيف، وهل هي سنة أو بدعة؟
* وهل يُسنّ تخصيص الجمعة بقيام أم لا؟
* وهل إذا مات ضفدع في
(3)
مائع كالعسل والدبس ونحوه
(4)
أم هو مما لا نفس له سائلة؟
(1)
في هذه المسألة ثمانية أسئلة، ثلاثة منها أجوبتها في «مجموع الفتاوى» (11/ 603، 23/ 134، 33/ 169) وهي على التوالي: الكلام على السماع بالدف والشبابة، وصلاة الرغائب، ومن قال: أنت طالق ..
(2)
الأصل: «محظورًا» .
(3)
الأصل: «إلى» ولعله ما أثبت.
(4)
كذا ولعله سقط «ينجس» .
* ومن قال: أنت طالق إن دخل زيد الدار، فدخل زيدٌ ناسيًا، هل تطلق أم لا؟
* وإذا باعه غرارة حنطةٍ بثمنٍ نسيئةً، فعند حلول الأجل هل له أن يأخذ حنطةً بالثمن أكثر مما أعطى أم لا؟
* وهل قبل الجمعة سنة أم لا؟ فإنَّا نرى الروياني ذكر في «الحِلية» أن قبل الجمعة سنة، وذكرها صاحب «المنهاج» في منهاجه، رواها أبو محمد البغوي في «تفسيره»: أن ابن عمر كان يصلي قبل الجمعة ركعتين. ورفع الحديث. أفتونا مأجورين رضي الله عنكم.
فأجاب شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه فقال:
الحمد لله رب العالمين.
* إن كان مراد القائل: على أن يجعل الجبل مستقِرًّا، وأن يُري نفسه لموسى، فالله قادر على ذلك. وإن كان مراده أن الجبل استقرّ وأن موسى رأى ربه، فهذا كاذب مفترٍ، مخالفٌ الكتابَ والسنةَ والإجماع، يستتاب فإن تاب وإلا قُتِل.
وقد أجمع سلف الأمة على أن المؤمنين يرون ربهم في الآخرة، وقد أجمعوا على أنهم لا يرونه في الدنيا بعيونهم، وثبت في «الصحيح»
(1)
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «واعلموا أن أحدًا منكم لن يرى
(1)
صحيح مسلم، كتاب الفتن، باب ذكر ابن صياد (169). وانظر ما سبق (ص 297).
ربَّه حتى يموت».
* ومن ادّعى أنّ المحرَّمات تحريمًا عامًّا كالفواحش والظلم والملاهي، حرامٌ على الناس حلالٌ له، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قُتِل. وإن ادعى في الدفوف أنها حرامٌ على بعض الناس دون بعض، فهذا مخالف للسنة والإجماع ولأئمة الدين، وهو ضالٌّ من الضُّلّال، وإن أصرَّ على اتباع هواه كان فاسقًا.
* وصلاة الرغائب بدعةٌ باتفاق أئمة الدين، لم يسنّها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحدٌ من خلفائه الراشدين، ولا استحبَّها أحدٌ من أئمة الدين كمالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي والليث بن سعد وغيرهم، والحديث المرويّ فيها كذبٌ بإجماع أهل المعرفة بالحديث
(1)
.
وكذلك الصلاة التي تُذكر أول ليلة الجمعة من رجب، وفي ليلة المعراج، وألفية نصف شعبان، وكذلك الصلوات التي تذكر في يوم الأحد والاثنين وغيرهن
(2)
أيام الأسبوع. وإن كان قد ذكر هذه الصلاة
(1)
حديث صلاة الرغائب أخرجه ابن الجوزي في «الموضوعات» (1008) وقال: «هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اتهموا به ابن جهضم ونسبوه إلى الكذب، وسمعت شيخنا عبد الوهاب الحافظ يقول: رجاله مجهولون، وقد فتشت عليهم جميع الكتب فما وجدتهم» .
(2)
كذا، ولعلها:«وغيرها [من]» ، وفي «الفتاوى»:«وغير هذا من» .
طائفةٌ من المصنفين في الرقائق والفضائل والفقه، فلا نزاع بين أهل المعرفة بالحديث أن أحاديثها موضوعة، ولا نزاع بين أهل المعرفة بالفقه أن هذه لم يستحبَّها أحدٌ من أئمة الدين، وفي «صحيح مسلم»
(1)
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تخصّوا ليلةَ الجمعة [ق 49] بقيام ولا يوم الجمعة بصيام» . والأحاديث التي تُذكر في إحياء ليلة الجمعة وليلة العيدين كذبٌ على النبي صلى الله عليه وسلم
(2)
.
* والضفدع إذا مات في ماءٍ قليل، فإن كان لها دمٌ يسيل، ففي نجاسته نزاع بين العلماء، فمذهب أبي حنيفة: لا ينجس، ومذهب الشافعي وأحمد: ينجس.
وليس هذه مسألة مالا نفس له سائلة لم ينجس
(3)
عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد، وهو أحد قولي الشافعي، فإن كان هذا في العسل ونحوه لم ينجسه، وأما الأول إذا كان في العسل فإن كان جامدًا ألقي وما حوله، وإن كان مائعًا ففيه قولان للعلماء وإحدى الروايتين عن
(1)
رقم (1144). ولفظه: «لا تختصوا يوم الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام
…
».
(2)
انظر «الموضوعات» : (2/ 427، 445، 450) لابن الجوزي. وللمصنف عدة أجوبة في صلاة الرغائب وغيرها من الصلوات المبتدعة في «الفتاوى» : (23/ 132 - 135، 414).
(3)
كذا العبارة، فلعل فيها سقطًا.
أحمد ومالك، فإنّ حكم المائعات حكم الماء، وهذا هو الأظهر في الدليل.
* وإذا قال لامرأته: إن دخلت الحجرة
(1)
فأنت طالق، ودخلت ناسيةً، لم يقع الطلاق في أظهر قولي العلماء، وهو مذهب أهل المدينة، كعَمْرو بن دينار وابن جريج وغيرهما، وهو أظهر قولي الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد.
* فأما إذا باع حنطة إلى أجل واعتاض عن ثمنها بحنطة، فهذا فيه نزاع، فمذهب مالك وأحمد أنه يجوز، والأظهر أنه إذا كان في ذلك رفق بالمشتري، مثل أن لا يكون عنده إلا حنطة يحتاج أن يبيعها ويوفّي ثمنها، وإعطاءُ الحنطة أرفق به جاز، وإن لم يكن أرفق وإلا فلا
(2)
.
* وليس قبل الجمعة سنةٌ راتبة عن النبي صلى الله عليه وسلم ركعتان معدودة في وقت مخصوص، بل الذي جاءت به السنة: أن يصلي قبلها ما تيسَّر من حين يدخل المسجد. ومذهب مالك لا سنة لها، وكذلك الذي عليه الشافعي وجمهور أصحابه، وكذلك المشهور عن أحمد، ولكنَّ القول
(1)
تحرفت في الأصل إلى «العمرة» . والذي في «الفتاوى» : «الدار» . لكن نص السؤال كان: «من قال: أنت طالق إن دخل زيد الدار، فدخل زيد ناسيًا
…
» فلعله ذهولٌ عن نصّ السؤال.
(2)
كذا، وهو أسلوب درج عليه المؤلف، وبحذف «وإلا» يستقيم السياق. وتقدم التنبيه على مثله.
عن أبي حنيفة وطائفة من أصحاب الشافعي وأحمد: أن قبلها سنة، قيل: ركعتان، وقيل: أربع.
ومن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي يوم الجمعة بعد الزوال وقبل الصلاة سنة فقد كذب عليه. فإن الثابت الصحيح أنه كان لا يؤذَّن على عهده إلا أذانه على المنبر، وقبل ذلك لا أذان، ولم يصلّ سنةً قبل الخروج. والله أعلم
(1)
.
(1)
انظر «مجموع الفتاوى» : (24/ 188 ــ 200)، و «زاد المعاد»:(1/ 417 ــ 425)، وللبرهان ابن القيم رسالة مفردة في المسألة، ومثلها للشيخ المعلمي. وانظر «الأجوبة النافعة» (ص 21 ــ 28) للألباني.