الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضال. وأما أصوات العباد بالقرآن والمداد الذي في المصحف، فلم يكن أحدٌ من السلف يتوقف في ذلك، بل كلّهم متفقون على أنّ أصوات العباد مخلوقة
(1)
، وكلام الله الذي كُتِبَ بالمداد غير مخلوق، قال الله تعالى:{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: 109].
وهذه المسائل قد بُسِطَ الكلام عليها، وذُكِر أقوال العلماء
(2)
واضطرابهم فيها في مواضع أخر
(3)
.
فصل
(4)
* و
الذي يُصلي وقتًا ويترك الصلاةَ كثيرًا أو لا يصلي
؟
فالجواب: إن مثل هذا ما زال المسلمون يُصلون عليه، بل المنافقون الذين يكتمون النفاق يُصلي المسلمون عليهم ويُغسَّلون وتُجرى عليهم أحكامُ المسلمين، كما كان المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإن كان من قد علمَ نفاقَ شخصٍ لم يَجُز له أن يصلي عليه؛ كما نُهي النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على من عَلِم نفاقَه، وأما من شكّ في حاله فيجوزُ الصلاةُ عليه إذا كان ظاهره الإسلام [ق 35]، كما صلى
(1)
(ف) زيادة: «والمداد كله مخلوق» .
(2)
(ف): «الناس» .
(3)
انظر «مجموع الفتاوى» المجلد الثاني عشر (القرآن كلام الله).
(4)
وانظر السؤال الأخير في هذه الرسالة (ص 99 - 110).
النبيّ صلى الله عليه وسلم على مَن لم يُنْه عنه، وكان فيهم من لم يعلم نفاقه، كما قال تعالى:{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [التوبة: 101]. ومثل هؤلاء يجوزُ النهيُ عنهم، ولكن صلاة النبي والمؤمنين على المنافقين لا تنفعه؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما ألْبَس ابنَ أُبيٍّ قميصَه:«وما يغني عنه قميصي من الله»
(1)
. وقال تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [المنافقون: 6].
وتارك الصلاة أحيانًا وأمثاله من المتظاهرين بالفسق، فأهلُ العلم والدين إذا كان في هجر هذا وترك الصلاة عليه منفعةٌ للمسلمين، بحيث يكون ذلك باعثًا لهم على المحافظة على الصلاة؛ تركوا الصلاة عليه، كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على قاتل نفسه، والغالِّ، والمَدِين الذي لا وفاء له
(2)
، وهذا شَرّ
(3)
منهم.
(1)
أخرجه ابن جرير: (11/ 614)، وأبو الشيخ كما في «الدر المنثور»:(3/ 476) عن قتادة مرسلًا.
(2)
أما ترك الصلاة على قاتل نفسه فأخرجه مسلم (978) عن جابر بن سمرة رضي الله عنه. وأما تركها على الغال فأخرجه أحمد (17031)، وأبو داود (2710)، والنسائي (1958)، وابن ماجه (2848) من حديث زيد بن خالد رضي الله عنه. وأما تركها على الذي لاوفاء له فأخرجه البخاري (2298)، ومسلم (1619) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والبخاري (2289) من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه.
(3)
الأصل: «بشر» ولعل الصواب ما أثبت.