الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّحِيمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ بِسْمِ
مسألة: في جماعة من النِّساء قد تظاهرنَ بسلوك طريق الفُقَرَاء
، وصار منهنَّ شيخات يجتمع عندهنَّ الفُقَراء: الرِّجَال والنِّساء، ويُقِمنَ السماع، ويحضر سماعهُنَّ الرجالُ والنساء، ويرفعن أصواتهن ويقطعن ثيابهن، ويُظهرن التولُّه بين الناس، ويزورهنَّ الرجال والنساء، ومن سائر البلاد، فهل هنّ آثمات بذلك ومخطئات أم لا؟ وما يجب عليهنّ وعلى من يحضر سماعهنّ؟
ومن الناس من يعتقد زيارتهنّ والحضور معهنّ قُرْبة إلى الله تعالى، فهل يأثم بذلك؟ وماذا يجب عليه؟
وهل كانت هذه طريقة أحد من السلف الصالحين أم لا؟ وهل يجب على وليّ الأمر ردعهنّ وردع من يسعى إليهنّ أم لا؟
أجاب بحرُ العلوم وبدر النجوم، سيّد الحُفّاظ، وفارس المعاني والألفاظ، علامة الزمان وترجمان القرآن، البحر الزاخر والصارم الباتر، مفتي الأمم ومستخرجُ المعاني والحكم، بقية السلف وقدوة الخلف، مفتي الأنام وشيخ الإسلام، أبو العباس، تقي الدين، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني. قدس الله روحه ونوَّر ضريحه، وتغمده برضوانه ورحمته، وأسكنه بُحْبوحة جنته، وأقرَّ أعيننا في الآخرة برؤيته:
الحمد لله.
كلّ من خرج عن موجب الكتاب والسنة من الرجال والنساء والمشايخ وغيرهم، فإنه يُنهى عن ذلك ويُؤمر بمتابعة الكتاب والسنة، ولو كان مِنْ حاله ما كان، فإنّ الأحوال منها ما هو شيطانيّ، كما قال الله تعالى:{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشعراء: 221 ــ 222]، وهذه أحوال أهل الكذب والفجور، الذين تختلط رجالهم ونساؤهم في الرقص والغناء، والشخير والنخير، والتولُّه، وفَتْل الشعور، وكشف الروؤس، والصياح والمنكر، والرُّغاء والإزباد، وإظهار الإشارات؛ كالمسك والماورد واللاذن والجبة والنار، فهؤلاء من شرار الخلق وأبعدهم عن طاعة الله ورسوله، وليس فيهم وليٌّ لله، ولا كرامة من كرامات أولياء الله، بل هم بين حال شيطانيّ وحال بُهتاني.
وأرباب الأحوال النفسانية: قوم لهم جوع وسَهَر وخَلوة، فيحصل لهم نوع من الكشف والتأثير، وإن كانوا كفارًا، كما يحصل للرهبان.
وأما الأحوال الرحمانية، فهي لأولياء الله المتقين، الذين يتقربون إلى الله بأداء الفرائض واجتناب المحارم، ثم يتقرَّبون إليه بالنوافل حتى يحبّهم، كما ثبت في "الصحيح"
(1)
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يقول الله تعالى: مَنْ عادى لي وليًّا فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرّب إليّ عبدي
(1)
البخاري (6502) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعَه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها؛ فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يمشي، وبي يبطش، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته، لا بد له منه".
فهؤلاء النساء اللواتي يجتمع عندهنّ الرجال والنساء على سماع الغناء، ورفع الأصوات، وإظهار التولُّه، وغيره من المنكرات= يجب على ولاة الأمور وغيرهم منعهنّ من ذلك، وعقوبة من لم يمتنع عقوبةً بليغة تردعهنّ وأمثالهنّ مِنْ أهل الغواية والضلالة. والله تعالى أعلم.