الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال عُقبة بن عامر: له بكل إشارة عشر حسنات
(1)
.
***
[مسألة في إجبار البكر البالغ]
من كلام الشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية ــ أيضًا ــ رحمه الله:
قال: البكر البالغ في إجبار الأب لها على النكاح قولان للعلماء، هما روايتان عن أحمد:
أحدهما: تُجْبَر، وهو قول مالك والشافعي.
والثاني: لا تُجْبَر، وهو قول أبي حنيفة، وهو الراجح في الدليل.
وعلى الأول إذا عيَّنَتْ كفوًا وعيّن الأب كفوًا آخر، فالاعتبار بتعيينها في أظهر الوجهين من مذهب الشافعي وأحمد. فعلى هذا إذا طلبت من الأب أن يزوجها بكفؤ، واختار الأب أن يزوجها بكفؤ آخر، وجب على الأب أن يزوجها بالكفؤ الذي تختار عند أكثر العلماء، وهو ظاهر مذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم.
فإن امتنع الأب من تزويجها زوَّجها إما الحاكم، وإما الوليّ الأبعد. ففي مذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين يزوجها الحاكم. وفي
(1)
ذكر الأثر الإمام أحمد في "مسائل عبدالله"(323). وأخرجه الطبراني في "الكبير"(17/ 297) بلفظ مقارب. وحسنه الهيثمي في "المجمع": (2/ 272).
مذهب أبي حنيفة وأحمد ــ في الرواية المشهورة عنه ــ يزوجها الوليّ الأبعد.
وإذا زوّجها الحاكمُ بالكفؤ الذي اختارته ثم زوّجها الأبُ الآخرَ بغير إذنها، فنكاح الأب باطل عند عامة العلماء، ونكاح الحاكم نافذ، ليس لحاكم آخر ولا للأب نقضُه، بل يجب تسليم المرأة إلى زوجها بمقتضى تزويج الحاكم لها من الكفؤ الذي عيّنته.
أما على مذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين فظاهرٌ؛ لأن الولاية للحاكم. وأما على قول من يجعل الولاية لغيره، فلأنّ الحاكم إذا فعل ما يسوغ فيه الاجتهاد، كان فعله حُكمًا منه في محلّ الاجتهاد في أظهر قولي العلماء، وهو مذهب أبي حنيفة، وأظهر الوجهين في مذهب أحمد وغيره.
وفيه وجهٌ آخر في مذهب أحمد والشافعي: أنه إذا فَعَل مختَلَفًا [فيه] فهو كفعل غيره حتى يحكم هو أو حاكمٌ غيره بصحته، فلا يسوغ نقضه حينئذٍ بالاتفاق. فإذا قال الحاكم في مثل هذا: حكمتُ بصحة هذا النكاح، نفَذَ حكمُه باتفاق الأئمة، وكذلك إن لم يقل ذلك عند الشافعي وأبي حنيفة وأحمد في الراجح من مذهبه. والله أعلم.
* * *