الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية تغمَّده الله برحمته:
مسألة في الرّمي بالنُّشَّاب
(1)
والبُندُق
(2)
، وما اصطلحوا عليه من الرسوم في الأستاذية:
الجواب: الحمد لله رب العالمين.
الرمي بالنُّشّاب من الأعمال الصالحة
التي أمر الله بها ورسوله، قال الله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60].
وثبت في «صحيح مسلم»
(3)
عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قرأ هذه الآية على المنبر وقال: «ألا إنّ القوَّة الرمي» ، وفي «الصحيح» أيضًا أنه قال:«ارموا واركبوا، وأن ترموا أحبّ إليّ [من] أن تركبوا، ومَن تعلَّم الرمي ثم نسيه فهي نعمةٌ جَحَدَها»
(4)
، وقال صلى الله عليه وسلم: «كلّ لهوٍ يلهو به الرجل باطل إلا رميه بقوسه، أو تأديبه فرسه، أو ملاعبته امرأته، فإنهنَّ
(1)
النُّشّاب: السهم الذي يُرمى به عن القِسِي الفارسية. انظر «الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي» (ص 414).
(2)
البندق: كرة في حجم البندقة يُرْمَى بها في القتال والصيد. «المعجم الوسيط» .
(3)
رقم (1917).
(4)
تقدم تخريجه (ص 127) والتنبيه على ما وقع في لفظه من دمج حديثين في حديث واحد.
من الحقّ»
(1)
. وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابُه يرمون بالنُّشَّاب.
فصل: ويجوز فيه الرّهان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا سَبَق إلا في ثلاث: خُفٍّ أو حافرٍ أو نصلٍ»
(2)
.
وأما الرّمْي بالبُنْدق، ويسمى الرمي بالجُلاهِق
(3)
، فلم
(4)
يكن السلف يفعلونه، ولكن أحدثه بعضُ الناس في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، فنهى عنه أميرُ المؤمنين
(5)
.
وذكر بعضُ العلماء أنه من أعمال قوم لوط
(6)
.
وما قَتَله البندق فهو وقيذ، وقيل: لا يحلّ أكله باتفاق الأئمة الأربعة،
(1)
قطعة من حديث عقبة بن عامر السالف.
(2)
أخرجه أبو داود (2574)، والترمذي (1700)، والنسائي (3585)، وابن ماجه (2878)، وابن حبان (4690)، والبيهقي:(10/ 16) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال الترمذي: حديث حسن، وصححه ابن حبان، وابن القطان، وابن دقيق العيد. انظر «البدر المنير»:(9/ 418 - 422).
(3)
بضم الجيم، البندق المعمول من الطين، الواحدة جلاهقة، وهو فارسي. «المصباح المنير»:(ص 41).
(4)
الأصل: «ولم» .
(5)
أخرجه ابن عساكر: (39/ 228).
(6)
جاء ذلك عن عليّ عند ابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» (146)، وعن الحسن مرفوعًا عند ابن عساكر:(50/ 322). ولايصح شيء منها. وانظر «السلسلة الضعيفة» : (1233).
بخلاف ما قتله النُّشّاب، فإنه إذا سمَّى الله وقَتل به حلّ أكلُه باتفاق علماء المسلمين.
والأمور التي ابتدعها رماةُ البندق من الأيمان التي يسمّونها أيمان البندق= من البدع التي لا أصل لها في الشريعة، لاسيّما ما يُذكر عنهم أنهم يحلفون بالله ويكذبون، ويحلفون بأيمان البندق ويصدقون، فإن هذا ليس من فِعْل من يؤمن بالله واليوم الآخر.
(1)
لاسيّما إذا حكم حاكمهم ــ حاكم الجاهلية الذين يحكمون بغير ما أنزل الله ــ إذا حلف بالله يمينًا فاجرةً لا يهدّدونه، وإذا حلف بالبندق يمينًا كاذبةً يهدّدونه. وهذا حكم من لا يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر.
وكذلك القوانين التي وضعوها بمنزلة الشريعة، ويقدّمون فيها أكابرهم، يسألونهم فيفتوهم
(2)
، ويحكمون بينهم بغير ما أنزل الله، بل يحكم بجهالته، من جنس يساق
(3)
التتر، وسوالف الأعراب، وشرّ من ذلك. وقد قال تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44].
وحكّامهم يحكمون بالجهل وبغير ما أنزل الله، يرفعون من لم يأمر الله ورسوله برفعه، ويخفضون من لم يأمر الله ورسوله بخفضه،
(1)
بعدها في الأصل «وقال رسول» ولعلها سبق قلم.
(2)
الأصل: «فيقنوهم» .
(3)
تحرفت في الأصل إلى: «فساق» ، واليساق أو الياسق سيأتي التعريف به (ص 439).