الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مسألة في شرائط الصلاة، وصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، والسنن الرواتب]
مسألة: ما تقول أئمة الدين فيما يتعلق بالنية في شروط الصلاة، والشرط السابع، وما كان يصلي مع المكتوبات.
الجواب: الحمد لله.
أما شروط الصلاة، فهي الطهارة، والستارة، واستقبال القبلة. والطهارة نوعان: طهارة الحَدَث، وهي الوضوء والاغتسال إن كان جنبًا، أو كانت امرأة حائضًا
(1)
. وطهارة الخَبَث
(2)
اجتناب النجاسة في بدنه وثيابه وموضع صلاته، فإن كان معذورًا مثل أن يكون قد نسيها أو جهلها فلا إعادة عليه في أصحِّ القولين للعلماء، وأما طهارة الحَدَث إذا نسيها فعليه الإعادة.
والنية محلُّها القلب، ولا يحتاج الإنسان
(3)
أن يتكلم بها باتفاق العلماء، وكلّ من علم ما يريد فعله فلا بدّ له من أن ينويه.
ومن العلماء من استحبَّ التكلّم بالنية، والصحيح أن ذلك لا يستحب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا يتكلمون بالنية، لا في طهارة، ولا في صيام، ولا نحو ذلك.
(1)
بعده في الأصل: "بالضاد" وهي إما مقحمة، أو محرفة عن "أو نفساء".
(2)
الأصل: "الجنب" تصحيف.
(3)
تحرفت في الأصل إلى: "إلى بيان"!
والشرط السابع: هو الوقت للمكتوبات، ولا يصلي المكتوبة إلا بعد دخول الوقت.
ووقت الفجر: من طلوعه إلى طلوع الشمس.
ووقت الظهر: من الزوال إلى أن يصير ظلّ كلّ شيءٍ مثله
(1)
سِوى ظلّ الزوال عند جماهير الأئمة، وهذا مذهب الشافعي، وأحمد، وأبي يوسف، ومحمد، ومالك، وغيرهم من العلماء، وبذلك جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ووقت العصر: [إلى] أن تصفرّ الشمس في أصحّ قولي العلماء، وإذا صلَّاها قبل الغروب صلَّاها أداءً، وليس له أن يؤخرها إليه ــ يعني الغروب ــ.
ووقت المغرب: إلى غروب الشفَق، في أحد القولين.
ووقت العشاء: إلى ثلث الليل أو نصفه.
وأما أركان الصلاة: فالقيام، والركوع، والسجود، والذكر في أوّلها، كما يفتتح بالتكبير. وهذه أركان باتفاق الأئمة.
وكذلك قراءة الفاتحة، لكن عند أكثرهم، فمن تركها أعاد، وعند بعضهم هي واجبةٌ إن تركها أساء ولا يعيد، وهذا مذهب أبي حنيفة، والأول مذهب الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد.
(1)
كانت: "مثليه" ثم أصلحها إلى ما أثبت.
وكذلك الاعتدال إذا قام من الركوع، والقعدة بين السجدتين، والطمأنينةُ في جميع ذلك ركنٌ عند الشافعي وأحمد وغيرهما، وهو واجبٌ عند أبي حنيفة.
والقعود في آخر الصلاة، والتشهد، والسلام ركنٌ أيضًا عند الشافعي وأحمد وغيرهما.
[69]
فصلٌ
وأما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: فإنه كان يقرأ في الفجر بطوال المفصَّل، مثل ق، والطور، والذاريات، ونحو ذلك. ويقرأ في الظهر بمثل سورة تبارك، والسجدة، وأقلّ من ذلك، ويقرأ في العصر بأقلّ من ذلك، ويقرأ في المغرب بأقلّ من ذلك، ويقرأ في العشاء بنحو صلاة العصر. وكانت صلاته معتدلة، يتم الركوع والسجود.
وكان إذا رفع رأسه من الركوع يقوم حتى يقول القائل: قد نسي. وإذا قعد بين السجدتين يقعد حتى يقول القائل: قد نسي. ويسبِّح بنحو عشر تسبيحات، وقد ينقص من ذلك أحيانًا، ويزيد على ذلك أحيانًا، بحسب المصلحة.
ويقول في ركوعه: "سبحان ربي العظيم". يكرِّر ذلك. ويقول في سجوده: "سبحان ربي الأعلى". يكرر ذلك. ويقول بين السجدتين: "ربِّ اغفر لي، ربِّ اغفر لي، ربِّ اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وعافني وارزقني".
وكان يقول إذا رفع رأسه من الركوع: "ربّنا ولك الحمد، ملء السموات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيءٍ بعد، أهل الثناء والمجد، أحقّ
(1)
ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانعَ لما أعطيتَ، ولا معطيَ لما منعت، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ".
ويدعو في آخر صلاته فيقول: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال". وكان لا يدعو دعاءً إلا ختمه بقوله: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار".
مسألة: وكان يصلّي مع المكتوبات عشر ركعات، أو اثنتي عشرة
(2)
ركعة؛ يصلّي قبل الظهر إما ركعتين وإما أربعًا، وبعد الظهر ركعتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين، وقبل الفجر ركعتين، وهما أوكد هذه الصلاة، فإنه كان يأمر بذلك، ويأمر بالوتر، وكان وتره و
(3)
صلاته بالليل إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة
(4)
ركعة، وكان مجموع ما يصليه من الفرض والنفل بالليل والنهار نحو أربعين ركعة.
(1)
الأصل: "حق".
(2)
الأصل: "اثني عشر".
(3)
الأصل: "هو" والصواب ما أثبت.
(4)
الأصل: "أحد عشر .. ثلاثة عشر".
ولم يكن يصلي قبل العصر والمغرب والعشاء شيئًا، لكنه كان يقول:"بين كلِّ أذانين صلاة" ثم قال في الثالثة: "لمن شاء"
(1)
كراهية أن يتخذها الناس سنة، وكان أصحابه يصلون قبل المغرب بين الأذان والإقامة ركعتين، وهو يراهم ولا ينهاهم. فمن صلّى قبل العصر أو المغرب أو العشاء، فقد أحسن، ولكن ليس ذلك بسنة راتبة.
وكان إذا نام عن صلاة الليل صلّى بالنهار بَدَل ذلك، فإنه كان إذا عمل عملًا أثبته، وكان عمله دِيمةً.
(1)
أخرجه البخاري (627)، ومسلم (838) من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه.