المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ولاية الشرطة والحرب من الولايات الدينية - جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٧

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌مسائل أهل الرَّحبةلشيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌ الرّجُل وقعت عليه جنابة، والوقت بارد، إذا اغتسل فيه يؤذيه

- ‌ إذا عَدِم الماء وبَيْنه نحو الميل، إذا أخَّر الصلاة خرج الوقت

- ‌ الذي يحلف بالطلاق أنه لا يفعل شيئًا ثم يفعله هل يلزمه الطلاق

- ‌ العبد هل يكفر بالمعصية أم لا

- ‌ مافي المصحف هل هو نفس القرآن أو كتابته، وما في صدور القُرَّاء

- ‌الذي يُصلي وقتًا ويترك الصلاةَ كثيرًا أو لا يصلي

- ‌ الكفار هل يُحاسبون يوم القيامة أم لا

- ‌ الشفاعة في أهل الكبائر من أمَّة محمد صلى الله عليه وسلم وهل يدخلون الجنة

- ‌ المطيعون من أمة محمد هل هم أفضل من الملائكة

- ‌ الميزان هل هو عبارة عن العدل أم له كِفَّتان

- ‌سؤال عن الله تعالى هل أراد المعصية من خلقه أم لا

- ‌ الباري سبحانه هل يُضل ويهدي

- ‌ المقتول هل مات بأجله أو قَطَع القاتلُ أجلَه

- ‌ الغلاء والرُّخْص هل هما مِنَ الله تعالى أم لا

- ‌ السؤال عن المعراج، هل عُرِج بالنبيّ صلى الله عليه وسلم يقظة أو منامًا

- ‌ المبتدعة هل هم كفار أو فسَّاق

- ‌ غسل الجنابة هل هو فرض؟ وهل يجوز لأحد الصلاة جنبًا

- ‌ مَلك(2)الموت، هل يُؤتَى به يوم القيامة ويُذْبح أم لا

- ‌من اعتقد الإيمان بقلبه ولم يقر بلسانه، هل يصير مؤمنًا

- ‌ البئر إذا وقع بها نجاسة هل تنجس أم لا، وإن تنجست كم ينزح منها

- ‌ شهر رمضان هل يصام بالهلال أو بالحساب والقياس

- ‌ الصبي إذا مات وهو غير مطهَّر هل يقطع ختانه بالحديد

- ‌ رَشاش البول وهو في الصلاة أو في غيرها ويغفل عن نفسه

- ‌ المقتول إذا مات وبه جراح فخرج منها الدم، فهل يُغسَّل ويُصلى عليه أم لا

- ‌ رجل يقرأ القرآن للجهورة ما عنده أحدٌ يسأله عن اللحن

- ‌ القاتل خطأ أو عمدًا هل ترفع الكفارةُ المذكورة في القرآن ذنبَه

- ‌ الخمر والحرام هل هو رزق الله للجهال، أم يأكلون ما قدّر لهم

- ‌ الإيمان هل هو مخلوق أو غير مخلوق

- ‌ الإمام إذا استقبل القبلة في الصلاة هل يجوز لأحد أن يتقدم عليه

- ‌في قتل الهوام في الصلاة

- ‌ الدابة إذا ذُبحت والغَلْصَمة(3)مما يلي البدن هل يحل أكلها

- ‌ الصلاة في طريق الجامع والناس يصلون برَّا

- ‌ تارك الصلاة من غير عذرٍ هل هو مسلم في تلك الحال

- ‌ الجُبّة الضيِّقة الكُمّين

- ‌ الفَرُّوج

- ‌ السراويل

- ‌ لبس الطيالسة(2)على العمائم

- ‌قاعدة في الفَنَاء والبَقَاء

- ‌سلامةُ القلب المحمودةُ

- ‌النوع الثاني: الفناء عن شهود السّوى

- ‌الرسالة في أحكام الولاية

- ‌ولاية أمور الإسلام(1)من أعظم واجبات الدين

- ‌ولاية الشرطة والحرب من الولايات الدينية

- ‌كتاب الشيخ إلى بعض أهل البلاد الإسلامية

- ‌ الأموال السلطانية

- ‌صورة كتاب عنابن عربي والاعتقاد فيه

- ‌مسألة فيتفسير قوله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ .. }وتفسير آيات أخرى

- ‌مسألة في الرَّمي بالنُّشَّاب

- ‌الرمي بالنُّشّاب من الأعمال الصالحة

- ‌لم يكن السلف يرمون بالبندق

- ‌[مسائل فقهية مختلفة]

- ‌ الدّعاء بعد الصلوات

- ‌ الكلب إذا ولغ في اللبن أو غيره

- ‌ التوضؤ من لحوم الإبل

- ‌مسألة في باب الصفاتهل فيها ناسخ ومنسوخ أم لا

- ‌مسألة: في قول أبي حنيفةفي "الفقه الأكبر" في الاستواء

- ‌مسألة في العلو

- ‌ معنى حديث: «من تقرَّب إليَّ شِبرًا

- ‌الوجه الثاني:

- ‌مسألة في إثبات التوحيد والنبواتبالنقل الصحيح والعقل الصريح

- ‌تعريف الرسل على وجهين:

- ‌قاعدة مختصرةفي الحُسْن والقُبْح العقليين

- ‌فصل في الحكم العقلي

- ‌مجموعةُ فتاوى من:الدُّرَّةِ المضِيَّة في فتاوى ابنِ تيميَّة

- ‌[مسألة: في الجهر بالنية والتكبير والدعاء

- ‌[مسألة في شرائط الصلاة، وصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، والسنن الرواتب]

- ‌مسألةفي زيارة القدس أوقات التعريف

- ‌العبادات مبناها على التوقيف والاتباع

- ‌مَسْألة في عَسْكَر المنصور المتوجِّهإلى الثغور الحلبية سنة 715 هـ

- ‌سَعْي المسلمين في(1)قَهْر التتار والنصارى والروافض مِنْ أعظم الطاعات والعبادات

- ‌صورة مكاتبة الشيخ تقي الدينللسلطان الملك المنصور حسام الدين لاجينسنة ثمان وتسعين وستمائة

- ‌[مسألة في الداء والدواء]

- ‌فصلفيما يجمع كليات المقاصد

- ‌الإعانة على الإثم والعدوان

- ‌الغيرة التي يحبها الله

- ‌[مسائل فقهية مختلفة]

- ‌ فيمن ينوي الغسل، فتوضأ، ثم اغتسل هل يجزيه، أم يتوضأ ثانيًا

- ‌ هل تجب أن تكون [النية] مقارنةً للتكبير

- ‌ في رجلٍ إذا صلّى بالليل ينوي ويقول: أصلّي لله نصيب الليل

- ‌ في إمام مسجد يصلي فيه دائمًا، وينوب في مسجد آخر، فصلاته الثانية تكون قضاء أم إعادة

- ‌[سؤال عن حراسة المكان وقت صلاة الجمعة]

- ‌ في رجل حلف بالطلاق ثلاثًا: إن لفلان على امرأتي

- ‌ع ما يُحْدِثه الناس في أعياد الكفار

- ‌مسألة: في جماعة من النِّساء قد تظاهرنَ بسلوك طريق الفُقَرَاء

- ‌ عادم الماء إذا لم يجد ترابًا، فإنه يتيمم

- ‌في بلدة ليس فيها حمّام والمغتَسَل خارج البلد، وإذا طلع الرجل وقت صلاة الصبح يجد مشقَّة من البرد

- ‌السفر الذي يُقْصَر فيه ويفطر فيه، فيه قولان:

- ‌ رفع اليدين في الصلاة

- ‌[مسألة في إجبار البكر البالغ]

الفصل: ‌ولاية الشرطة والحرب من الولايات الدينية

وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المقسطون عند الله تعالى على منابرَ من نور عن يمين الرحمن ــ وكلتا يديه يمين ــ الذين يعدلون في حكمهم وما وَلُوا عليه

(1)

" رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو

(2)

.

و‌

‌ولاية الشرطة والحرب من الولايات الدينية

والمناصب الشرعية، المبنيّة على الكتاب والسنة، والعدل والإنصاف، ولها قوانين صنّف العلماءُ فيها مصنّفات كما صنفوا في ولاية القضاء.

فإنّ والي الحرب يُقيم الحدودَ الشرعية على الزاني والسارق والشارب ونحوهم. ويقيم التعزيرات الشرعية على من تعدَّى حدودَ الله. ويحكم بين الناس في المخاصمات والمضاربات، ويعاقب في التُّهَم المتعلقة بالنفوس

(3)

والأموال، وينصب العُرَفاء الذين يرفعون إليه أمر

(1)

"عليه" ليست في (ك).

(2)

(1827). و"رواه مسلم

" إلخ من (ك).

(3)

الأصل: "المعلقة بالنفس".

ص: 203

الأسواق، والحرَّاس الذين يُعرّفونه

(1)

أمور المساكن، وغير ذلك من مصالح المسلمين.

وكلُّ هذه الأمور من الأمور الشرعية التي جاء بها الكتاب والسنة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "حدٌّ يُقام في الأرض خير من أن تُمْطروا أربعين صباحًا"

(2)

.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من حالت شفاعتُه دون حدٍّ من حدود الله فقد ضادَّ اللهَ في أمره، ومن قال في مسلم ما ليس فيه حُبِس في رَدْغة الخَبال حتى يخرج مما قال، ومن خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع" رواه أبو داود

(3)

.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون ــ رضي الله عنهم ــ يقيمون العقوبات الشرعية، ويُعرِّفون العُرفاء، وينقِّبون النُّقباء، ويحكمون بين الناس في الحدود والحقوق، وقد جعل الله لكلِّ شيء قدرًا.

(1)

الأصل: "يرفعون".

(2)

أخرجه أحمد (8738)، والنسائي في "الصغرى"(4904)، وفي "الكبرى"(7350)، وابن ماجه (2538)، وابن حبان (4398). واختلف في إسناده بين الرفع والوقف، ورجّح الدارقطنيُّ في "العلل":(11/ 112)، والنسائيُّ الوقفَ.

(3)

رقم (3597). وأخرجه أحمد (5385)، وعبد الرزاق:(11/ 425)، والحاكم:(2/ 27)، والبيهقي:(6/ 82)، وغيرهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. قال الحاكم: صحيح الإسناد، وجوَّد إسناده المنذري في "الترغيب":(3/ 198)، وابن القيم في "إعلام الموقعين":(6/ 573)، والذهبي في "الكبائر":(ص/477)، وصححه أحمد شاكر في تعليقه على "المسند":(7/ 204).

ص: 204

فإذا ادَّعى الرّجلُ على آخر أنه باعه أو أقرضه، أو نحو ذلك من العقود؛ لم يكن في ذلك عقوبة، بل إن أقام المدَّعي بيّنةً وإلا حُلِّف المدَّعى عليه. وإذا حَلَف بَرِئ في الظاهر وكان المدَّعي هو المفرِّط حيث لم يُشْهِد عليه.

وقد [ق 3] جرت العادةُ: أن ما فيه شهادات وتعديل وإثبات وأيمان فمَرْجِعه إلى القضاء.

وأما التُّهَم، وهو إذا ما قُتل قتيل لا يُعرف قاتِلُه، أو سُرِق مال لا يُعْرف سارِقُه؛ فالحكم في هذا على وجهٍ آخر. فإنه لو حُلِّفَ المتّهمُ وسُيِّب، ضاعت الدماء والأموال، وكذلك لو كُلِّف المدَّعي بالبينة، فإن القاتل والسارق

(1)

لا يفعل ذلك غالبًا قُدَّام أحد.

ولو كان كلُّ من اتهمه صاحبُ الدمِ والمالِ يُضْرَب، لكان يُضْرَب الصالحون، وأهلُ البرّ والتقوى، والعلماءُ والمشايخ، والقضاة، والأمراء، وكلُّ أحدٍ بمجرَّد دعوى المُتَّهم

(2)

. وهذا ظلم وعدوان، فإنَّ الظلم لا يُزال بالظلم.

بل الاعتدال في ذلك: أن يُحبس المتّهم الذي لم تُعلَم براءتُه، فقد روى بَهْزُ بن حكيم عن أبيه عن جدِّه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(3)

حَبَس في

(1)

من (ك).

(2)

في الحاشية إشارة غير واضحة إلى أنها في نسخة: "التهمة".

(3)

في الأصل: "صلى الله".

ص: 205

تهمة

(1)

.

وهذا حديث ثابت، وقد عمل به

(2)

الأئمة وأتباعُهم من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم ــ رضي الله عنهم ــ.

ثم يُنظَر في المتّهم، فإن عُرف قبل ذلك بسرقة، أو قامت أمارات تقتضي أنه قد سَرَق= فقد رخَّص كثير من العلماء في ضربه حتى يعترف بالسّرِقة.

وقد روى البخاري في "صحيحه"

(3)

أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم سلَّم إلى الزُّبير ابن العوَّام رجلاً ليعاقبه على مال اتُّهِم بكتمانه، حتى اعترف بمكانه.

(1)

أخرجه أبو داود (3630)، والترمذي (1417)، والنسائي (4875)، والحاكم:(4/ 102)، والبيهقي:(6/ 53). وغيرهم من حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده. قال الترمذي: حديث حسن. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرّجاه.

وأخرجه الحاكم: (4/ 102)، والبيهقي:(6/ 77) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وفيه إبراهيم بن خثيم، قال الذهبي: متروك.

(2)

ليست في (ك).

(3)

وعزاه المصنف في "السياسة الشرعية": (ص 61 - بتحقيقي) للبخاري، وفي "الفتاوى":(35/ 40) للصحيح. أقول: والبخاري إنما ذكر سنده فقط دون متنه عقب حديث رقم (2730) وقال: "اختصره"، وعزاه الحميدي في "الجمع بين الصحيحين":(1/ 121) مطولًا للبخاري، والمصنف كثير الاعتماد على كتاب الحميدي، وهو من أوائل محفوظاته، فالغالب أنه اعتمد عليه في العزو. وانظر للمزيد تعليقي على "السياسة الشرعية" للمصنف.

والرجل هو: سَعْية عم حُيي بن أخطب.

ص: 206

وإن شهد الناسُ لذلك المتّهم أنه من أهل الثقة والأمانة، لم يجز أن تُباح عقوبته بلا سبب يُبيح ذلك. فإنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"ادرأوا الحدودَ بالشُّبُهات، فإنَّ الإمام أنْ يخطئ في العفو خيرٌ مِن أن يخطئ في العقوبة"

(1)

.

وأكثر ما يُفعل بمن يكون هكذا أن يضمن عليه، ويحَلَّف الأيمان الشرعية على نفي ما ادُّعِيَ به عليه.

وقد روى أبو داود في "سننه"

(2)

أن قومًا جاؤوا إلى النعمان بن بشير فقالوا: إن هذا سرق لنا مالاً فاضربه حتى يعترف به، فقال: إن شئتم ضربته، فإن ظهر مالكم عنده وإلا أخذت من ظهوركم مثل ما أخذت من ظهره. فقالوا: هذا قضاؤك؟ قال: هذا قضاء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

(1)

بعده في (ك): "رواه أبو داود" ولم أجده فيه.

والحديث أخرجه البيهقي في الكبرى: (8/ 238) عن عليّ مرفوعًا بلفظ: "ادرؤوا الحدود" وضعّفه، وقال في "خلافياته": إنه شبه لا شيء.

وأخرجه الترمذي (1424)، والحاكم:(4/ 384) من حديث عائشة بلفظ: "ادرأوا الحدود عن المسلمين

" الحديث. قال الترمذي: "لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث محمد بن ربيعة عن يزيد بن زياد الدمشقي

وهو ضعيف في الحديث. ورواه وكيع ولم يرفعه، ورواية وكيع أصح". وضعفه البيهقي والحافظ ابن حجر في "البلوغ" (1220). وقال الحاكم: صحيح الإسناد.

وروي أيضًا من حديث أبي هريرة بنحوه. أخرجه ابن ماجه (2545) وغيره. وهو ضعيف. وروي موقوفًا على عمر وابن مسعود.

(2)

رقم (4382) بنحوه. وأخرجه النسائي (4874)، وفي "الكبرى":(7320). وقال في الكبرى: هذا حديث منكر لا يحتج بمثله، وإنما أخرجته ليُعرَف.

ص: 207

وإذا عُرِف أن الرجل عنده مال يجب عليه أداؤه، إما دينٌ يَقْدِر على وفائه وقد امتنع من الوفاء، وإما وديعة أو عاريَّة، وإما مال سرقَه، أو غَصَبَه

(1)

، أو خانه من مال السلطان الذي يجب عليه دفعه، أو من مال الوقف أو

(2)

اليتيم، أو من مال موكِّله أو شريكه، أو نحو ذلك= فإذا عُرف أنه قادر على أداء المال، وهو ممتنع، فإنه يُضرب مرةً بعد مرةٍ حتى يؤديه. قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ليُّ الواجِدِ يُحلّ عِرْضه وعقوبتَه"

(3)

.

الليُّ: المطل، والواجد: القادر.

[ق 4]

(4)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَطْل الغنيِّ ظلم"

(5)

.

وهذا أصل متفق عليه بين العلماء: أن مَن ترك الواجبات فإنه يُعاقَب

(1)

كلمة شبه مطموسة في الأصل، والمثبت من (ك).

(2)

"الوقف أو" ملحقة في هامش الأصل ولم يظهر منها إلا "أو" والتصحيح.

(3)

أخرجه أحمد (17946)، وأبو داود (3628)، والنسائي (4690)، وابن ماجه (2427)، وابن حبان (5089)، والحاكم:(4/ 114)، والبيهقي:(6/ 51)، وعلقه البخاري في كتاب الاستقراض، باب لصاحب الحق مقال.

والحديث صححه ابن حبان، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وصححه العراقي في "تخريج الإحياء":(2/ 824)، وابن الملقن في "البدر المنير":(6/ 656)، وحسنه الحافظ في "الفتح":(5/ 76)، وفي "التغليق":(3/ 319).

(4)

سقطت هنا [ق 4] من نسخة الأصل. فلا أدري هل هو من مصورتي أو من الأصل.

(5)

أخرجه البخاري (2287)، ومسلم (1564) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 208

حتى يفعلها، ومن ارتكب الحُرُمات عوقب على ركوبها. وأداءُ الحقوق إلى أصحابها من الواجبات.

لكن هذا إذا عُرِف أن الحق عنده، فأما مع التهمة فيفرَّق بين الأبرار والفجّار، وقد جعل الله لكل شيء قدرًا.

وإن لم يفعل الوالي ذلك وإلا تناقضت أحكامه، فقد يكون المتهم متجوّهًا

(1)

أو يشفع إليه فيه ذو قَدْر، فيحتاج أن يُعاقب له أهل الأمانة والصدق والصلاح، وكل هذا عدوان، وإنما العدل أن يحكم بين الناس حكمًا واحدًا يسوّى فيه بين القوي والضعيف والشريف والوضيع بحسب قدرته وطاقته.

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه لما تولّى: "أيها الناس! القويّ فيكم الضعيف عندي حتى آخذ منه الحقَّ، والضعيف فيكم القويّ عندي حتى آخذ له الحق، فأطيعوني ما أطعتُ الله، فإذا عصيتُ الله فلا طاعةَ لي عليكم"

(2)

.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما هلك مَن كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ، والذي

(1)

تجوّه إذا تكلّف الجاه وليس به ذلك. "التاج": (36/ 371).

(2)

أخرجه ابن إسحاق في السيرة (سيرة ابن هشام 2/ 661) من طريق الزهري عن أنس، وصحح إسناده ابن كثير في "البداية والنهاية":(9/ 415)، وأخرجه معمر في "جامعه":(11/ 336).

ص: 209

نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقَتْ لقطعتُ يدَها" أخرجاه في "الصحيحين"

(1)

.

فلهذا يجب على الوالي إذا ثبت أن الرجل قد سرق ما مقداره ربع دينار، وهو نحو خمسة دراهم بهذه الدراهم، فإنه يجب قطع يده ولا يحل تأخيره لغير عذر، ولا يحلّ لأحدٍ أن يشفع إليه في ذلك، ولا يحلّ له قبول الشفاعة.

بل قد جاء في الحديث: "إذا بلغت الحدودُ السلطانَ فلعَنَ الله الشافِعَ والمشفّعَ"

(2)

.

وسوف إن شاء الله تعالى أكتب للأمير ــ أحسن الله إليه ــ شيئًا جامعًا، فإن والي الحرب قد كان في هذه البلدة ــ يعني دمشق ــ الافتخار، وكان عند الناس من أولياء الله تعالى، وقد كان عندهم قاضٍ يقال له: الرفيع، وكان من أعداء الله تعالى، ليُعلم أن الاعتبار في الحمد والذم والثواب والعقاب في جميع الولايات بطاعة الله ورسوله واتباع الكتاب والسنة وتحرّي العدل والإنصاف والله أعلم

(3)

.

(1)

أخرجه البخاري (3475)، ومسلم (1688) من حديث عائشة رضي الله عنها.

(2)

أخرجه مالك في "الموطأ"(2417) عن ربيعة الرأي موقوفًا، وأخرجه الدارقطني (3467) وغيره عن عروة بن الزبير عن الزبير، لكن ضعفه عبد الحق في "الأحكام الوسطى":(4/ 95) وابن القطان في "بيان الوهم": (3/ 140 - 141)، وأخرجه ابن أبي شيبة (5/ 473) بإسناد حسن كما قال الحافظ ابن حجر.

(3)

هنا انتهت الرسالة في نسخة (ك)، وفي آخرها ما نصه:"نقلتها من خط الإمام شمس الدين محمد بن المحبّ. وقال: نقلتها من خط الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن سونج بن عمر بن إبراهيم بن الدمشقي نسبا البكري خرقة، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا. محمد بن الحبال الأنصاري الحراني عفا الله عنهم ولطف بهم وبالمسلمين آمين".

ص: 210

(1)

{[لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ] [ق 5] هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر:8] وهؤلاء المهاجرون.

ثم قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر:9] وهؤلاء الأنصار.

ثم قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:10].

وهذا الصنف الثالث إلى يوم القيامة، وصفهم بالاستغفار للسلف وسؤال الله ألا يجعل في قلوبهم غلًّا لهم، وهؤلاء يلعنون السلف ولا

(1)

بقية الرسالة من نسخة الأصل فقط، والأمر فيها مضطرب، هل هي من الرسالة نفسها أو من رسالة أخرى سقط أولها؟ لم يتبين لي، فأثبتنا النص على حاله.

ص: 211

يستغفرون لهم، ولا يطلبون من الله منع الغل، بل يسعون في قوَّة

(1)

الغلِّ والبغض والعداوة لخيار أهل الإيمان.

ثم إن هؤلاء يخونون ولاة أمور المسلمين في الجهاد وحفظ البلاد، وهم أعداؤهم عداوةً دينية؛ إذ كانوا يعادون خيار الأمة، وخيارَ ولاة أمورها الخلفاء الراشدين، والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار.

والذي ابتدع الرَّفْض كان منافقًا زنديقًا أظهر موالاة أهل البيت؛ ليتوسل بذلك إلى إفساد دين الإسلام، كما فعل بولص مع النصارى. ولهذا كانت الرافضة ملجأً لعامَّة الزنادقة القرامطة، والإسماعيلية، والنصيرية، ونحوهم.

فلا يصلح لولاة الأمور أن يولّوهم على المسلمين، ولا استخدامهم في عَسْكر المسلمين، بل إذا استبدل بهم من هو من أهل السنة والجماعة= كان أصلح للمسلمين في دينهم ودنياهم.

[و] إذا أظهروا التوبة والبراءة من الرفض، لم يوثق بمجرَّد ذلك، بل يُحْتاطُ في أمرهم، فيفرّق جموعهم، ويُسكنون في مواضع متفرّقة بين أهل السنة، بحيث لو أظهروا ما في أنفسهم عُرِفوا، ولا يتمكنون من التعاون على الإثم والعدوان. فإنهم إذا كان لهم قوَّة وعدد في مكان، كانوا عدوًّا للمسلمين مجتمعين، يعادونهم أعظم من عداوة التتر بكثير.

(1)

هكذا استظهرتها.

ص: 212

ولهذا يخبر أهل الشرق القادمون من تلك البلاد: أن الرافضة أضرّ على المسلمين من التتر، وقد أفسدوا مَلِك التتر وميَّلوه إليهم، وهم يختارون دولته وظهوره

(1)

، فكيف يجوز أن يكون في عسكر المسلمين من هو أشدّ عداوةً وضررًا على المسلمين من التتر؟!

والتتريُّ إذا عَرَف الإسلام ودُعي إليه أحبّه واستجاب إليه، إذ ليس له دين يقاتل عليه ينافي الإسلام، وإنما يقاتل على الملك.

وأما الرافضة فإن من دينهم السعي في إفساد جماعة المسلمين وولاة أمورهم [ق 6]، ومعاونة الكفار عليهم؛ لأنهم يرون أهل الجماعة كفارًا مرتدِّين، والكافر المرتدّ أسوأ حالاً من الكافر الأصلي، ولأنهم يرجون في دولة الكفار ظهورَ كلمتهم وقيام دعوتهم ما لا يرجونه في دولة المسلمين، فهم أبدًا يختارون ظهور كلمة الكفار على كلمة أهل السنة والجماعة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج:"يقتلون أهل الإسلام ويَدَعونَ أهلَ الأوثان"

(2)

.

وهذه سواحل المسلمين كانت مع المسلمين أكثر من ثلاثمائة سنة، وإنما تسلَّمها النصارى والفرنج من الرافضة، وصارت بقايا الرافضة فيها مع النصارى.

(1)

الأصل: "وظهور"، وفي هامش النسخة إصلاح للكلمة لكنه لم يظهر.

(2)

أخرجه البخاري (4351)، ومسلم (1064) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

ص: 213

وأما دولة التتر؛ فقد علم الله أنَّ الذي دخل مع هولاكو ملك التتر، وعاونه على سفك دماء المسلمين، وزوال دولتهم، وسَبْي حريمهم، وخراب ديارهم، وأخْذِ أموالهم= فهم الرافضة، وهم دائمًا مع اليهود والنصارى أو المشركين.

فكيف مثل هؤلاء ولاةً على المسلمين أو أجنادًا، لهم مقدَّم منهم في عَسْكر المسلمين، يأكلون أموال بيت المال، منفردين في بلادٍ عن جماعة المسلمين؟!

فمن أعظم النُّصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم= دفع ضرر هؤلاء عنهم. والله تعالى أعلم.

تمت.

ص: 214