الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صورة مكاتبة الشيخ تقي الدين
للسلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين
سنة ثمان وتسعين وستمائة
الرَّحِيمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ بِسْمِ
من الدّاعي أحمد ابن تيمية إلى سلطان المسلمين وولي أمر المؤمنين، نائب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بإقامة فرض الدين وسنته، أيده الله تأييدًا يصلح به له وللمسلمين أمر الدنيا والآخرة، ويقيم به جميع الأمور الباطنة والظاهرة، حتى يدخل في قول الله تعالى:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41].
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سبعة يظلهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظله: إمام عادل، وشابّ نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله ربَّ العالمين، ورجل تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه"
(1)
.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تَبِعه، من غير أن ينقص من أجورهم شيء"
(2)
.
(1)
أخرجه البخاري (660)، ومسلم (1031) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وقد تقدم.
(2)
أخرجه مسلم (2674) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وقد تقدم.
وقد استجاب الله دعاء الأمة في السلطان، فجعل فيه من الخير الذي شهدت به قلوب الأمة ما فضَّله به على غيره، والله المسؤول أن يعينه، فإنه أفقر خلق الله إلى معونة الله [98] وتأييده، حتى يدفع عنه كل ضر، ويجلب إليه كلَّ خير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وصلاحُ أمر السلطان في إقامة سلطان الله، وإنفاذ مرسوم رب العالمين الذي هو كتابه، فإنه سبحانه جعل صلاح أهل التمكين في أربعة أشياء: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
فإذا أقام الصلاة في مواقيتها جميعه
(1)
هو وحاشيته وأهل طاعته، وأمرَ بذلك جميعَ الرعية، وعاقب من تهاون في ذلك بالعقوبة التي شرعها الله، فقد تمَّ هذا الأصل.
ثم إنه مضطر إلى الله تعالى، فإذا ناجى ربه في السحر واستغاث به، وقال:"يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث" أعطاه الله من المكنة ما لا يعلمه إلا الله
(2)
.
ثم كلّ نفع وخير يوصله إلى الخلق هو من جنس الزكاة، فمن أعظم العبادات: سدّ الفاقات، وقضاء الحاجات، ونصر المظلوم، وإغاثة الملهوف، والأمر بالمعروف، وهو: الأمر بما أمر الله به ورسوله من العدل والإحسان، وأمر نوَّاب البلاد وولاة الأمور باتباع حكم الكتاب والسنة،
(1)
كذا، ولعلها:"جماعة".
(2)
انظر "زاد المعاد": (4/ 204)، و "مدارج السالكين":(2/ 448).
وتعظيم حرمات الله. والنهيُ عن المنكر: النهيُ عما نهى الله عنه ورسوله.
* ومما نهى الله عنه ورسوله: إتيان العراف والكُهّان والمنجم
(1)
، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من أتى عرَّفًا فسأله عن شيء لم يقبل الله له صلاة أربعين يومًا". رواه مسلم في "صحيحه"
(2)
.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من اقتبس [علمًا من النجوم اقتبس] شُعبةً من السحر، زاد ما زاد". رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح
(3)
.
وقد تقدم إلى ولي الأمر بالشام بما يشكره الله وعبادُه المؤمنون
(4)
من إبطال هؤلاء ومنعهم من الجلوس بالحوانيت والطرقات، ومن منع الخمر والحشيشة المسكرة، حتى يَعْبد الخلقُ ربَّهم ويتَّكلوا عليه ويستعينوه *
(5)
.
فإذا تقدم السلطان أيّده الله بذلك في عامة بلاد الإسلام، كان فيه من صلاح الدنيا والآخرة له وللمسلمين ما لا يعلمه إلا الله، والله يوفقه بما يحبه ويرضاه.
(1)
كذا في الأصل.
(2)
(2230) عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
(3)
أبو داود (3905) وما بين المعكوفين منه. وأخرجه ابن ماجه (3726)، وأحمد (2000) وغيرهم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(4)
الأصل: "المؤمنين".
(5)
ما بين *-* ليس في "الفتاوى".