الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
أثبتَ أئمة من أهل السنة "الحدَّ"، كما قيل لعبد الله بن المبارك: بماذا نَعرِف ربَّنا؟ قال: بأنه فوقَ سماواته على عرشِه، بائن من خلقِه، قيل له: بحدٍّ؟ قال: بحدٍّ
(1)
.
وكذلك أحمد في أشهر الروايتين عنه، وكثير من أصحابه كالقاضي وابن الزاغوني وغيرهما، وإسحاق بن راهويه، وعثمان بن سعيد الدارمي في ردّه على المريسي
(2)
وحكاه عن أهل السنة، وشيخ الإسلام الهروي
(3)
، وخلق كثيرين.
وأنكر ذلك آخرون من المتكلمين، كأبي المعالي الجويني وطوائف من المعتزلة والأشعرية، وبعض الحنبلية.
و
فصلُ الخطاب
(4)
: أن "الحدَّ" له عدة معانٍ تَرجِع إلى أصلين:
(1)
أخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية (ص 39 ــ 40، 83) وعبد الله بن أحمد في كتاب السنة (1/ 111) والخلال في كتاب السنة كما في درء تعارض العقل والنقل (2/ 34) وبيان تلبيس الجهمية (2/ 605، 613) والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 537، 538).
(2)
(ص 70).
(3)
في كتابه ذم الكلام (4/ 337، 338).
(4)
انظر ما كتبه شيخ الإسلام في هذا الموضوع في: بيان تلبيس الجهمية (2/ 604 وما بعدها) و (3/ 23 وما بعدها) ودرء التعارض (2/ 34، 35).
منها ما هو متفق عليه بين المسلمين، ومنها ما هو متفق عليه بين أهل السنة، ومنها ما هو متنازَعٌ فيه؛ فإن "الحدَّ" يكون لحقيقة الشيء النوعية، وهو حدُّ الماهية. ويكون لعينه الذاتية، وهو حدٌّ لوجوده.
فالأول هو الحدُّ الذي يتكلم فيه المتكلمون من المنطقيين وغيرهم.
والثاني كالحدّ الذي يَنعَتُه الشروطيون
(1)
في حدود العقار وفي حُلَى الأشخاص.
فإذا انحصر نوعُه في شخصه كالشمس مثلاً كان له حدٌّ بالاعتبارين، وهو بالاعتبار الأول كليٌّ، لا يمنع نفسُ تصور معناه من وقوع الشركة فيه. وهو بالاعتبار الثاني عينيٌّ، يمنع تصورُه من وقوع الشركة فيه
(2)
.
وإن قيل: إن وجود كلِّ شيء عينُ ماهيته، أو قيل بذلك في حق الله تعالى فقط، كان الحدُّ الذي هو حقيقته العينية الوجودية هو الحدّ الذي هو الماهية النوعية إذا عُنِي به حقيقةُ المحدود. وإن عُنِي بالحد القول الدالُّ على ماهية الشيء لم يكن لذلك وجودٌ إلّا في الذهن لا في الخارج. والله أعلم.
فأما الأول فقد يُعنَى بالحدّ حقيقةُ الشيء، وقد يُعنَى به القول الدال على ماهيته.
(1)
في الأصل: "الشروطيين".
(2)
بعدها في الأصل على الهامش عبارات غير واضحة لم أستطع قراءتها.