المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما حرم لسد الذريعة أبيح للمصلحة الراجحة - جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٨

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌فصول وقواعد(من مسوّدات شيخ الإسلام ابن تيمية)

- ‌الفاتحة نصفها ثناء وذكر، ونصفها دعاء ومسألة

- ‌كل واحدٍ من اسمي الذكر والدعاء يتناول الآخر

- ‌ الدعاء يُراد به دعاء العبادة ودعاء المسألة

- ‌الناطق بلفظ الثناء والذكر له ثلاثة أحوال:

- ‌ الشهادةَ على الناس مختصةً بهذه الأمة

- ‌ أخذ المال وصرفَه في مواضعه خيرٌ من تركه حيث لا ينفع

- ‌عمدتهم إما شبه قياسية أو ذوقية

- ‌ حجتهم تقليد كبيرٍ في أنفسهم

- ‌التلاوة تجمع معنى التدبر والاتباع ومعنى السماع

- ‌ جماع الخير في القرآن والإيمان

- ‌الهدى يدخل فيه العلم النافع، ودين الحق يدخل فيه العمل الصالح

- ‌المنحرف إما المبتدع في دينه، وإما الفاجر في دنياه

- ‌ البدع أحبَّ إلى إبليس من المعصية

- ‌ صنفانِ إذا صلحوا صلح الناس: العلماء والأمراء

- ‌ الدينُ كلُّه: العلم والعدل. وضدُّ ذلك: الظلم والجهل

- ‌ تحريم المضارَّة مطلقًا

- ‌ ترجيح جانب الحسنات

- ‌ ليس في أسماء الله الحسنى اسمٌ يتضمن صفة الغضب والعذاب

- ‌ جانب الحسنات هو الراجح في خلقه وأمرِه

- ‌ الجزاء في الحسنات بأفضل أنواعها وصفاتها، بخلاف السيئات

- ‌ الهمَّ بالحسنة يُثَابُ عليه، والهمّ بالسيئة لا يُعاقَب عليه

- ‌ الإرادة الجازمة مشروطة بالعلم المفصل

- ‌الإرادة تقوى وتضعف بحسب القدرة والعجز

- ‌ الحسنات يتعدى ثوابُها فاعلَها، وأما السيئة فلا يُعاقَبُ عليها إلا فاعلُها

- ‌ التفاوت في الحسنات والسيئات يقع من ثلاثة أوجه:

- ‌ وصف المختال الفخور بأنه يبخل ويأمر الناس بالبخل

- ‌ المسالمة لمن أمر الله بمسالمتِه، والمحاربة لمن أمر الله بمحاربته

- ‌فصلُ الخطاب(4): أن "الحدَّ" له عدة معانٍ تَرجِع إلى أصلين:

- ‌أما الحدُّ المركب من الجنس والفصل فلا يجوز في حق الله

- ‌أحدهما: اشتمال ذلك على أداء الواجبات وترك المحرَّمات

- ‌ الثاني: تضمُّنُها نهي المهجور وتعزيره وعقوبته

- ‌ أيهما أفضل؟ كثرة الركوع والسجود أو طول القيام

- ‌ فعلَ الإنسانِ وسائرِ الحيوان إما حركةٌ وإما صوتٌ

- ‌السماع الشرعي

- ‌كل وعد ووعيدٍ في القرآن فهو ترغيب وترهيب

- ‌ لا يتم ذلك إلّا بدفع المكروه

- ‌باعتبار القوى الثلاث كانت الأمم الثلاث المسلمون واليهود والنصارى

- ‌جنس القوة الشهوية: الحبُّ، وجنس القوة الغضبية: البغض

- ‌الحبُّ والبغض هما الأصل

- ‌الربيع هو المطر المُنبِت للربيع

- ‌الحياةُ والنورُ جماعُ الكمال

- ‌ المقصود هو العلم، وطريقه هو الدليل

- ‌الأنبياء جاءوا بالإثبات المفصل والنفي المجمل

- ‌ العلم بالعدم يحصل بواسطة العلم بالموجود

- ‌ العلم بالموجود وصفاته هو الأصل

- ‌ العلم بالسلوب لا يَستقلُّ في المسائل والأحكام، ولا في الوسائل والأدلة

- ‌ المطلوب بالنهي: هل هو نفسُ العدم أو الامتناع الذي هو أمر وجودي

- ‌معاد الأرواح والأبدان جميعًا

- ‌الأول كلام الله وكلام رسله وأنبيائه وخلفائهم

- ‌ الأصوات المثيرة للوجد والطرب

- ‌ أصل الصابئة الحروف والأصوات المجملة المشتركة

- ‌الأصل فيها أنها غير مشروعة ولا مأمور بها

- ‌ هذه الهداية والرئاسة كاملة العلم، ليس فيها نقص علمي

- ‌ أنها كاملة الرحمة

- ‌ أنها كاملة القدرة والسلطان، فإن ناصرها ومؤيدها هو الله

- ‌ تلازمَ العلم التام والعمل

- ‌ الأجسام ليست متماثلةً

- ‌لا يجوز حملُ نصوص الكتاب والسنة وكلام السلف على اصطلاحٍ حادثٍ

- ‌ الشهادة ركن في الخطب الواجبة

- ‌ لابُدَّ في الخطبة من ذكرِ الله وذكرِ رسوله

- ‌ المقصود بالشهادة سلبَ ألوهيةِ ما سوى الله عن القلب

- ‌من بدع ضلالهم وكفرهم

- ‌منشأ التلبيس

- ‌حكاية المناظرة في الواسطية

- ‌الإيمان قولٌ وعمل

- ‌ صفة العلو هل هي صفة كمال

- ‌فصلأصل الإيمان والهدى ودين الحقهو الإيمان بالله ورسوله

- ‌سورة البقرة جماعها في تقرير الرسالة

- ‌الإيمان بالله ورسوله هما المقصود والوسيلة

- ‌الإيمان بالله وباليوم الآخر غايتانِ، والإيمان بالرسل والعمل الصالح وسيلتان

- ‌يجبُ ردُّ جميع ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول

- ‌فصلوصف الله أفضلَ أهل السعادة بالإيمانوالهجرة والجهاد

- ‌فصلفي الكلام على النِّعم، وهل هي للكفار أيضًا

- ‌ هذه اللذات تارةً تكون بمعصيةٍ

- ‌ الأعمال بخواتيمها

- ‌ التنعُّم العاجل ليس بنعمةٍ في الحقيقة

- ‌ وصف المؤمنين بأنهم صابرون في البأساء والضراء وحين البأس

- ‌من لم يتصف بحقيقة الإيمان هو إما قادرٌ وإمّا عاجز

- ‌ حال كثير ممن يُشبِه اليهودَ من المتفقهة والمتكلمة

- ‌فصل في آية الربا

- ‌ حكم الخطاب هل يثبت في حق المسلم قبل بلوغ الخطاب

- ‌ أصل الربا هو الإنْسَاء

- ‌ الربا نوعان: جلي وخفي

- ‌ربا النَّسَاء من الجليّ

- ‌ تنازع السلف والخلف في ربا الفضل

- ‌ما حرم لسدِّ الذريعة أبيح للمصلحة الراجحة

- ‌أواني الذهب والفضة وصيغتها محرمة

- ‌ مسألة «عَجِّلْ لي وأَضَعُ عنك»

- ‌الربا البيّن الذي لا ريب فيه هو ربا النسيئة

- ‌ إذا اجتمع ربا الفضل والنَّساء في جنس واحدٍ حرم

- ‌الفرق بين الحيل وسدّ الذرائع

- ‌النظر إلى الأجنبية

- ‌فصلفي أنه ليس في القرآن لفظة زائدة لا تفيد معنى

- ‌فصلفي توبة قوم يونس

- ‌هل هي مختصة بالقبول دون سائر من يتوب

- ‌ العذاب نوعان: عذابٌ يتيقن معه الموت، وعذاب لا يتيقن معه الموت

- ‌عذابُ الله ثلاثة أنواع:

- ‌المفسرون من السلف يُفسِّرون المعنى، لا يتكلمون في دلالة العربية؛ لأن العربية عادتهم وطبعُهم

- ‌ كل مَنْ تابَ قبلَ الرفع إلى الإمام لم يقم عليه [الحدّ]

- ‌ البدعة أحبُّ إلى إبليس من المعصية

- ‌مسألةعن رجل يزعم أنه شيخٌ ويتوِّب الناسويأمرهم بأكل الحيَّة

- ‌ من أمرَ مُريديه بدخول النار فهو شيخٌ ضالٌّ مبتدع

- ‌ لا يوجد من هؤلاء إلا من هو خارجٌ عن الكتاب والسنة

- ‌ لا يجوز طاعة مخلوق في معصية الخالق، والويل لمن اتبع الأكابر فيما خرج عن سنن المرسلين

- ‌مسألة في الحضانة

- ‌ الحضانة للأم ما لم تتزوج

- ‌ تصرف الولي في بُضْع وليته كتصرفه في مالها

- ‌مسائل مختلفة

الفصل: ‌ما حرم لسد الذريعة أبيح للمصلحة الراجحة

يتصدَّقْنَ، وقال:«إنَّكُنَّ أكثر أهل النار»

(1)

، فجعلت المرأة تُلقِي حليها، وذلك مثل الخواتيم والقلائد. ومعلومٌ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُعطي ذلك الفقراء والمساكين، وكانوا يبيعون، ومعلومٌ بالضرورة أن مثل هذا لابدَّ أن يُباع ويُشترى، ومعلومٌ بالضرورة أن أحدًا لا يبيعُ هذا بوزنه، ومن فعل هذا فهو سفيهٌ يستحقُّ أن يُحْجَر عليه. كيف وقد كان بالمدينة صوَّاغون، والصائغ قد أخذ أجرتَه، فكيف يبيعه صاحبه ويخسر أجرة الصائغ؟ هذا لا يفعله أحد، ولا يأمر به صاحب شرع، بل هو مُنزَّه عن مثل هذا.

ولا يُعرَف عن الصحابة أنهم أمروا في مثل هذا أن يباع بوزنه، وإنما كان النزاع في الصرف والدرهم بالدرهمين، فكان ابن عباس يبيح ذلك، وأنكره عليه أبو سعيد وغيره. والمنقول عن عمر إنما هو في الصرف.

وأيضًا فتحريم ربا الفضل إنما كان لسدّ الذريعة، و‌

‌ما حرم لسدِّ الذريعة أبيح للمصلحة الراجحة

، كالصلاة بعد الفجر والعصر، لما نُهِيَ عنها لئلا يُتشبَّه بالكفار الذين يعبدون الشمس ويسجدون للشيطان، أبيح للمصلحة الراجحة، فأبيح صلاة الجنازة، والإعادة مع الإمام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما صلَّى الفجر ورأى رجلين لم يصلِّيا وقالا: صلينا في رحالنا، فقال: «إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجدَ جماعةٍ فَصَلِّيا

(1)

أخرجه البخاري (1462) ومسلم (80) من حديث أبي سعيد الخدري.

ص: 292

معهم، فإنها لكما نافلة»

(1)

. وكذلك ركعتا الطواف، وكذلك على الصحيح ذوات الأسباب مثل تحية المسجد وصلاة الكسوف وغير ذلك.

وكذلك النظر للأجنبية لما حُرِّم سَدًّا للذريعة، أبيح للمصلحة الراجحة، كما أبيح للخُطَّاب وغيره. وكذلك بيع الربوي بجنسه، لما أمر فيه بالكيل والوزن لسدّ الحاجة أبيحَ بالخرص عند الحاجة، وغير ذلك كثير في الشريعة.

كذلك هنا، بيع الفضة بالفضة متفاضلًا لما نُهِيَ عنه في الأثمان لئلا يُفضِي إلى ربا النَّساء الذي هو الربا، فنُهِيَ عنه لسدّ الذريعة، كان مباحًا إذا احتيج إليه للمصلحة الراجحة. وبيعُ المصوغ مما يحتاجُ إليه، ولا يمكن بيعه بوزنه من الأثمان، فوجب أن يجوز بيعُه بما يقوم به من الأثمان، وإن كان الثمن أكثر منه تكون الزيادة في مقابل الصيغة. والزيادة هنا تُعقَل، إذ مَنْ يأخذ لها أجرة بخلاف الزيادة في الأصناف الأربعة، فإنها من نعم الله المخلوقة، فجاز أن يؤمر ببذلها إذا بيعت بجنسها أحيانًا، وأما هنا فهو ظلم لمن أعطى أجرة الصياغة أن يقال: بِعْها واخسر الأجرة.

(1)

أخرجه أحمد (4/ 160، 161) وأبو داود (575) والترمذي (219) والنسائي (2/ 112) من حديث جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

ص: 293

والدراهم والدنانير لا تتقوّم فيها الصنعة، وأما النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه فلم يضربوا درهمًا ولا دينارًا، بل كانوا يتعاملون بضرب غيرهم، وأول من ضربهما في الإسلام عبد الملك بن مروان. والسلطان إذا ضربهما ضربهما لمصلحة الناس، وإذا ضربهما ضاربٌ بأجر، والضارب الآخر ضربهما بأجر.

والمقصود أن كلَّ معارٍ للناس لا يَتّجرون فيها كما تقدم، فلا يُشبه بيع بعضها ببعضٍ متساويًا ببيع المصوغ. ولهذا ما زال الناس يقايض بعضهم بعضًا الدراهم، مثل أن يكون عند هذا دراهم كاملة ثقيلة، وهو يطلب خفافًا وأنصافًا، فيطلب مَن يقايضه، فيقايضه الناس ولا يرون أنهم خسروا شيئًا، بخلاف ما لو طلب أن يبيعوه المصوغ بوزنه دراهم، فإنهم يرونه ظالمًا لهم معتديًا، ولا يجيبُه إلى ذلك أحد.

وبالجملة فلابد من أربعة أمور:

إما أن يقال: هذه لا تُباع بحالٍ، فهو ممتنع في الشرع.

أو يقال: لا تُباع إلا بوزنها، ولا يُحْتال في بيعها بغير الوزن، وأيضًا لا يفعله أحد.

أو يقال: لا تباع إلا بوزنها، ولكن احتالوا في ذلك حتى يبيعوها بوزنها، فهذا مما لا فائدة فيه، بل هو أيضًا إتعابٌ للناس وتضييعٌ للزمان به، وعيبٌ ومكرٌ وخداعٌ لا يأمر الله به.

وإما أن يقال: بل تُباع بسعرها بالدراهم والدنانير، وهذا هو

ص: 294