الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[النساء: 140]، ولئلا يُوقِعوه في بعض ذنوبهم، فإن "المرء على دين خليله فلينظر أحدُكم من يخالل"
(1)
. فالأول يكون بترك مخالطتهم وقتَ الذنوب، وإن خُولِطوا في غيرِها للضرورة. والثاني يكون بترك عِشْرتهم مطلقًا، فإن المعاشرة قد تَجُرُّ إلى القبيح، فمن كان مضطرًّا إلى معاشرتهم أو كان هو الحاكم عليهم دينًا ودُنيا فهذا لا يُنهَى عن المعاشرة، بخلاف .......
(2)
الذين قد يُفسِدون عقلَه أو دينَه أو نحو ذلك.
المقصود
الثاني: تضمُّنُها نهي المهجور وتعزيره وعقوبته
فيكون جزاءً له .......
(3)
له ولغيره من ضُرَبائه، كسائر أنواع التعزير والعقوبات المشروعة. فهذه الهجرة من جنس العقوبات والتعزيرات لتنكيل المهجور وغيره على ذلك الذنب، وتلك الهجرة من جنس التقوى والاحتراز عن مواقعة المحظور [ات] البدعية والفجورية، فالأولى تحقيق التقوى، والثانية تحقيق الجهاد، فالأولى من فعل الذين هاجروا، والثانية من فعل الذين جاهدوا. {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 72].
(1)
أخرجه أبو داود (4833) والترمذي (2379) عن أبي هريرة. وإسناده حسن.
(2)
هنا كلمة غير واضحة.
(3)
هنا كلمات مطموسة.
ولهذا لا يصلح ......
(1)
إلا مع المكنة والقدرة، كما لا تصلُح المعاقبةُ إلا للقادر المتمكن، بخلاف الأولى. ولهذا كانت الأولى مشروعة بمكة، والثانية إنما شُرِعتْ بالمدينة بعد تبوك لما كان الإسلام في غاية القوة، فإن الثانية تتضمن تركَ السلام عليه وتركَ عيادتِه وتقديمِه في شيء من المراتب الدينية، كالإمامة والحكم والشهادة والحديث والفتوى.
وهذا إذا كان ممن يؤثر في المهجور حصول المنفعة، وربما كان فيه منفعة ومضرة فيُراعَى ما غلبَ منهما، وقد يختلف ذلك باختلاف الأحوال والأوقات، وتختلف فيه الاجتهادات، وقد يُستغنى عن الهجرة بالتأليف. فالغرض النهيُ عن المنكر بأقرب الطرق، وتحصيلُ المعروف على أكمل الوجه. والله أعلم.
وأهل السنة والحديث يهجرون الداعية إلى البدع من الكلام أو الرأي أو العيادة، ولهذا كان أهل السنة قد تجنبوا فيها الرواية عن الدعاة إلى البدع عندهم من أهل الكلام كعمرو بن عبيد وغيره، ومن أهل الرأي كأهل الرأي من أهل الكوفة، وهو فعل أحمد بن حنبل معهم، وهذا تفصيله مذكور في غير هذا الموضع.
(1)
هنا كلمة مبتورة. ولعلها "الهجر".
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده لا شريك له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا.
قاعدة في جماع الدين
قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ} [الحديد: 25]، أخبر سبحانه أنه أنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، وأنزل الحديد فيه بأس شديدٌ ومنافع للناس، فالكتاب يهدي والحديد ينصر، وكفى بربك هاديًا ونصيرًا.
فأول ما أنزل على الرسول الأمر بقراءة الكتاب بقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ