الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: أنه كما قال سعيد بن جبير: "التوكلُ جِمَاعُ الإيمان"
(1)
، كما قال تعالى في الأنفال:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2] ، فهذا مثل ذاك.
ثم قال تعالى: {يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} ، فإن السيئات لها سببان: إما الشهوة والحبُّ والطمع، وإما النُّفرة والبغض، وذلك هوى النفس والغضب.
و
الشهوة الظاهرة شهوةُ البطن والفرج
، كما سئل النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ما أكثر ما يُدْخِل الناسَ النار؟ قال: "الأجوفان: الفم، والفرج"، وسئل: ما أكثر ما يُدْخِل الناسَ الجنة؟ فقال: "تقوى الله، وحُسْن الخلق" رواه الترمذي
(2)
وصحَّحه.
وفي حديث
…
(3)
: "من تكفَّل لي ما بين فُقْمَيه
(4)
ورجليه تكفَّلتُ له بالجنة"
(5)
.
(1)
أخرجه عبد الرزاق في "التفسير"(2370) ، وابن أبي شيبة (30205) ، وأحمد في "الزهد"(103) وغيرهم بإسناد صحيح.
(2)
(2004) ، والبخاري في "الأدب المفرد"(294) ، وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وصححه ابن حبان (476) ، والحاكم (4/ 324).
(3)
بياض في الأصل بمقدار كلمتين.
(4)
بضم الفاء وفتحها، وهما اللَّحيان. أي من حفظ لسانه. "النهاية"(فقم).
(5)
أخرجه أحمد (19559) ، وأبو يعلى (7275)، وغيرهما من حديث أبي موسى رضي الله عنه بلفظ:"من حفظ ما بين فقميه ورجليه دخل الجنة"، وروي من حديث أبي رافع وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، وهو حديثٌ واحدٌ اضطرب فيه عبد الله بن محمد بن عقيل ــ وفيه ضعف ــ على ألوان.
وأصحُّ ما في الباب حديث سهل بن سعد رضي الله عنه في البخاري (6807) بلفظ: "من توكَّل لي ما بين لحييه وما بين رجليه توكَّلت له بالجنة".
وفي رواية: "قَبْقَبه وذَبْذَبه"
(1)
.
والفواحشُ ظاهرةٌ في فواحش الفرج ومقدِّماتها من المباشرة والنظر، وكبائرُ الإثم ظاهرةٌ في المطاعم الخبيثة، كما قال في الخمر والميسر:
{فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219].
وجمَع هنا بين الإثم والفواحش كما جمَع بينهما في النجم في قوله: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32]، وفي قوله:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف: 33].
وأما النُّفرة والغضب، فقال:{وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} ، وهنا كان
(1)
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5026)، والديلمي في "مسند الفردوس" من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا بإسنادٍ واهٍ بلفظ:"من وُقِيَ شرَّ لقلقه، وقبقبه، وذبذبه، فقد وُقِيَ الشرَّ كلَّه". وقال البيهقي: "في إسناده ضعف". وذكره السبكي في "طبقات الشافعية"(6/ 336) فيما لم يجد له أصلًا من أحاديث "الإحياء". وضعَّفه العراقي في "المغني عن حمل الأسفار"(996).
وإنما يروى عن أبي الأشهب العطاردي قال: كان يقال
…
، فذكره. انظر:"الأمثال" لأبي عبيد (42) ، و"تاريخ ابن معين" رواية الدوري (4/ 338) ، و"غريب الحديث" لابن قتيبة (1/ 430) ، و"المجالسة" للدينوري (880). وروي عن أبي الأشهب عن الحسن عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أخرجه ابن الأعرابي في معجمه (1706) ، وهو منقطع، والأول أشبه.
واللقلق: اللسان، والقبقب: البطن، والذبذب: الفرج.