الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الحدود]
* مسألة: في امرأةٍ اتَّهمها أهلُها، فضربوها، وحبسوها، وأرادوا قتلَها، فهل لهم ذلك؟
الجواب: الحمد لله. لا يجوز لهم قتلُها ولو تيقنوا أنها أتت الفاحشة؛ فإن الحدود لا يقيمها إلا الإمام أو نائبُه، لكن يحفظونها ويحتاطون عليها، والله أعلم
(1)
.
*
…
*
…
*
* مسألة: في امرأةٍ أخبرت أنها مُصَابة
(2)
، وأن الجنَّ يخبرونها بما يجري، وأنها تُكاشَفُ بما في الخاطر، بحيث إن الجنَّ يُعْلِمونها بذلك، والناسُ قد ارتبطوا على قولها.
الجواب: هذه يجبُ أن تُعَزَّر على ذلك تعزيرًا بليغًا يردعُها عن أن تُخْبِر الناسَ بمثل ذلك، سواءٌ كان معها قرينٌ أو لم يكن؛ فإنه إن كان معها قرينٌ فالجنُّ كذَّابون، يَكْذِبون كثيرًا، لا يوثقُ بأخبارهم ولا بأخبار من يُخْبِر عنهم.
وغاية هذه أن تكون من جنس الكهَّان الذين كان لهم من الجنِّ من
(1)
انظر: "مجموع الفتاوى"(34/ 178).
(2)
أي: أصابها طائفٌ من الجنِّ فذهب بعقلها. وقصَّرت المعاجم إذ فسَّرت المصابَ بالمجنون حسب. انظر: "مسند أحمد"(39/ 490)، و"نوادر الأصول"(1/ 638)، و"حلية الأولياء"(10/ 11، 181)، وشواهده كثيرة.
يُخْبِرهم بخبر السَّماء، والكاهنُ يجب قتلُه عند أكثر العلماء
(1)
، وهكذا هذه المرأة تستتابُ من ذلك.
ولا يجوز لأحدٍ أن يعتمد على ما تذكره من خبر الضائع؛ لوقوع الكذب في مثل ذلك منها ومن القرين الذي معها إن كان معها قرينٌ.
وقد ثبت في الصَّحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أتى عرَّافًا، فسأله عن شيءٍ لم تُقْبل له صلاةٌ أربعين ليلة"
(2)
، وثبت في الصَّحيح أنه قيل له: إن قومًا منَّا يأتون الكهَّان، قال:"فلا تأتوهم"
(3)
.
فمن سأل مثل هذه عن المغيَّبات، واعتمد على خبرها، فقد عصى الله ورسوله، والله أعلم
(4)
.
*
…
*
…
*
* وسئل الشيخ رضي الله عنه في السِّحر: هل هو موجود؟ وهل يجوز تعلُّمه أو تعليمُه؟ وماذا يجبُ على فاعله ومعلِّمه ومتعلِّمه؟ وهل يجوز تعليمُه وتعلُّمه بنية العمل به أو للرد على فاعله أو معلِّمه ومتعلِّمه؟
أجاب رضي الله عنه: الحمد لله. نعم، السِّحر موجود، ولا يجوز تعلُّمه وتعليمُه والعملُ به.
(1)
انظر: "أحكام أهل الملل" من "الجامع" للخلال (533)، و"المغني"(12/ 305)، و"النبوات"(1045)، و"الفروع"(10/ 207).
(2)
أخرجه مسلم (2230) من حديث بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
(3)
أخرجه مسلم (537) من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه.
(4)
انظر: "مجموع الفتاوى"(19/ 62، 13/ 85).
وإن كان يجوز أو يجبُ ما يُمَيَّز به بين السِّحر وغيره، كما أن المسلم يميِّز بين الخمر والفاحشة وبين ما ليس كذلك من غير احتياجٍ إلى مباشرة ذلك وذَوْقِه.
فالكلام الذي هو محرَّم، والعمل الذي هو محرَّم، يُعْرَف؛ ليميَّز به بينه وبين غيره. وذلك بخلاف معرفته المفصَّلة لمن يعتقده أو يعمل به.
وذلك كما أن المسلم يَعْلَمُ مقالات اليهود والنصارى والمشركين
(1)
معرفةً مقرونةً بذمِّها، والنهي عنها، وبيان بطلانها. وذلك بخلاف تعلُّم ذلك وتعليمه لمن يعتقده ويعمل به.
ومن دخل في السِّحر أو في غيره من المقالات الكفرية، متعلِّمًا أو معلِّمًا، على وجه الاعتقاد أو العمل بها، فهو كافر؛ قال تعالى:{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} [البقرة: 102].
ويجبُ قتلُ الساحر والكاهن
(2)
، كما قد نصَّ على ذلك جماهير أئمَّة الإسلام
(3)
، وذلك ثابتٌ باتفاق الصَّحابة، كعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن عمر، وحفصة بنت عمر، وجندب بن عبد الله البجلي
(4)
.
ولم يختلف في ذلك الصَّحابة، بل ثبت أن عمر رضي الله عنه كتب إلى نوَّابه
(1)
الأصل: "المشركين" بلا حرف عطف، والمثبت أشبه.
(2)
انظر: "مجموع الفتاوى"(28/ 346، 29/ 384).
(3)
انظر: "الإشراف" لابن المنذر (8/ 241)، و"المغني"(12/ 302).
(4)
انظر: "المصنف" لعبد الرزاق (10/ 179)، وابن أبي شيبة (14/ 591).
أن يقتلوا كلَّ ساحرٍ وساحرة
(1)
.
وثبت أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قتلت جاريةً لها سحرتها، وأن عثمان لما بلغه ذلك ذكر له عبد الله بن عمر أنها سحرتها، وأنها أقرَّت بذلك؛ فأقرَّ ذلك
(2)
.
والآثار في ذلك متعددة، والله سبحانه أعلم.
صورة خطه: كتبه أحمد بن تيمية.
نقلتها من خط الإمام شمس الدين محمد ابن المحب، وقال: نقلتها من خط شيخ الإسلام. كتبه محمد بن الحبال الحراني سبط سبط الشيخ محمد بن قوام.
*
…
*
…
*
* وسئل أيضًا: ما تقول السادة العلماء رضي الله عنهم أجمعين، ووفَّقهم للصواب، في رجلٍ زنى بامرأةٍ ــ والعياذ بالله ــ، ثم تاب، لكن ترتَّب على زناه أذًى لأهلها أو زوجها، بحصول العار، وتنكُّس الرأس، أذًى لا يُعَبَّر عنه؛ لعِظَمه، فهل تُسْقِطُ التوبةُ كلَّ ذلك؟ أو يكون الزنا وحده ساقطًا إثمُه بالتوبة، وإيذاءُ أهلها وزوجها من مظالم العباد يحتاجُ في التوبة منه إلى ما يحتاجُ في سائر المظالم أم لا؟ وهل بزناه تعلَّق في ذمته لأهلها أو زوجها حقوقٌ يُطَالَبُ بها في الدنيا والآخرة أم لا؟ أفتونا مأجورين.
أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني رضي الله تعالى عنه:
(1)
أخرجه أحمد (1657)، وأبو داود (3043) بسند صحيح.
(2)
أخرجه مالك (3247)، وعبد الرزاق (18747)، وغيرهما من طرقٍ يصحُّ بها.
الحمد لله. إن كان الزنا قد خَفِيَ بحيث لم يَلْحَق أحدًا ضررٌ بذلك؛ إذ لم تَحْمِلْ منه، ولا عَيَّر أهلَها بذلك أحد، لأنه لم يَعْلَم بذلك أهلُها ولا غيرُهم، فهذا يتوبُ الزاني منه.
وأما إن كان قد لَحِقَهم ضررٌ، فهو ظالمٌ لهم، فلا بدَّ من أن يُحْسِن إليهم بالدعاء لهم ونحو ذلك بقدر ما ظلَمَهم، وإلا أخذوا من حسناته بقدر مَظْلَمَتِهم، والله أعلم. كتبه أحمد بن تيمية
(1)
.
*
…
*
…
*
(1)
انظر: "الاستقامة"(2/ 246)، و"جامع الرسائل"(2/ 387 - 391)، و"الفروع"(10/ 93)، و"الآداب الشرعية"(1/ 97 - 98)، وفي الأخير نصٌّ نفيسٌ لابن تيمية في هذه المسألة.
[الصيد]
* مسألة: في الصَّيد الذي يفعله التُّركُ مِن صيد الوحش والطير، والصائدُ ليس محتاجًا فقيرًا، بل قادرًا على المؤونة من غيره، هل يُكْره أو يحرم؟
الجواب: الصيد الذي فيه إيذاءُ الخيل، أو إفسادُ الزَّرع، أو غير ذلك من العدوان، يَحْرُم.
وإن لم يكن فيه عدوانٌ، وصاحبُه يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها، ويؤدي الواجبات، لم يكن محرَّمًا، لكن الاشتغال عن مصالح الدين والدنيا مكروه.
وإن كان يُنْتَفَعُ به في رياضة الخيل والرِّكاب للجهاد من غير ضرر، فهو حسن، فإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، والله أعلم
(1)
.
*
…
*
…
*
[الذكاة]
* مسألة: في بلدٍ يَذْبَحُ فيها اليهودُ والنصارى والمسلمون، فمن هو أولى بالذبيحة؟
الجواب: الحمد لله. بل ذبحُ المسلمين أولى، وقد كره طائفةٌ من أهل العلم أن يُتْرك أهلُ الذمَّة ذبَّاحين للمسلمين
(2)
، وكرهوا أن يكونوا
(1)
انظر: "مختصر الفتاوى المصرية"(520)، و"الاختيارات" للبعلي (470).
(2)
نص عليه الإمام مالك وأصحابه. انظر: "النوادر والزيادات"(4/ 365)، و"التبصرة"(4/ 1533)، و"البيان والتحصيل"(3/ 353)، و"مناهج التحصيل"(3/ 218).
وقال عمر بن عبد العزيز: "لا يَجْزُر للمسلمين اليهود"، وقال:"في المسلمين كفاية". انظر: أحكام أهل الملل من "الجامع للخلال"(2/ 437).
صيارِفَ؛ لأنهم لا يُؤمَنون، بل قد يفعلون ما لا يحلُّ في دين المسلمين، مثل أن يُسَمُّوا غير الله على الذبيحة؛ فتحرم عند جماهير العلماء. وليس أكلُنا لما ذبحوه لأنفسهم مثل أن يُتْرَكوا منتصبين لهذا الأمر. بل تفويضُ ذلك إلى المسلمين هو الأولى، والله أعلم
(1)
.
*
…
*
…
*
* مسألة: تجوز ذبيحة المرأة أم لا؟
الجواب: تجوز، كما مضت بذلك سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
، وهو مذهب الأئمَّة الأربعة
(3)
، والله أعلم
(4)
.
*
…
*
…
*
* مسألة: في بقرةٍ أو شاةٍ يجرحها الذئبُ، ويُخْرِج مُصْرَانها، ويَخْلُص، فيدركها صاحبُها حيَّةً ويذبحها، هل تحلُّ؟ وهل إذا ذُبِحَت البهيمةُ وقامت ومشت مقدار رمية سهمٍ، ثم وقعت، هل تحلُّ؟
(1)
انظر: "الاختيارات" للبعلي (313).
(2)
أخرجه البخاري (2304) من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه.
(3)
انظر: "الإجماع"(61)، و"الإشراف"(3/ 432)، و"المغني"(13/ 311).
(4)
انظر: "مجموع الفتاوى"(35/ 234).
الجواب: إذا كان فيها حياةٌ مستقرَّةٌ وذُكِّيَت
(1)
أُبِيحَت
(2)
.
وتباحُ
(3)
الذبيحة وإن كان
…
(4)
.
ولو قام وقعد، ثم مات من الذبح، جاز أكلُه.
*
…
*
…
*
* مسألة: في دابةٍ أخرج الذئبُ حشوتَها، وفيها حياة، هل تذكَّى وتحلُّ؟
الجواب: إذا خرج منها الدمُ وتحرَّكت جاز أكلُها، والله أعلم.
*
…
*
…
*
* مسألة: في الحيوان المأكول يَلُزُّه
(5)
سبعٌ، أو يُضْرَبُ، أو يتردى عن حائط، أو ينطحه حيوانٌ آخر، فيبلغ ما لا يعيشُ معه، هل تنفعُ فيه الذكاة؟
الجواب: إذا تحرَّك منه شيءٌ عند الذبح، كعينه، أو ذنبه
(6)
، أو رجله، وجرى منه الدم، حلَّ أكلُه في أظهر قولي العلماء، كما نُقِل عن أصحاب
(1)
الأصل: "ودامت". تحريف.
(2)
انظر: "مجموع الفتاوى"(35/ 236 - 238)، و"جامع المسائل"(7/ 107، 285)، و"الفروع"(10/ 397)، و"الاختيارت" للبعلي (468).
(3)
الأصل: "وثباج". تحريف.
(4)
كلمتان في الأصل لم أتبينهما:.
(5)
مشتبهةٌ في الأصل، وأثبتُّ ما يحتمله رسمها من الصواب، يلزُّه، أي: يطعنه. والأولى أن تكون: يأكله. وهي أكيلة السبع. انظر: "المغني"(13/ 308)، والمصادر السابقة.
(6)
الأصل: "دينه". تحريف.
رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
، وهو داخلٌ في قوله تعالى:{وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3].
فما جرى دمُه، وتحرَّك، فقد ذُكِّي.
وكونُه يُتَيقَّن موتُه
(2)
أو لا يُتَيقَّن لا أصل له في كلام الشارع؛ فقد تيقَّن الناسُ موت عمر لما جُرِح، وعاش ثلاثًا، وأمر ونهى وأوصى، فإنه كان حيًّا وإن تُيُقِّن أنه يموتُ من جرحه
(3)
، والله أعلم.
*
…
*
…
*
* مسألة: في صيادٍ يصيدُ الطير في الماء، ويغوصُ الطيرُ في الماء فلا يمكنه ذبحُه إلا فيه، فهل يؤكل لكونه ذُبِح تحت الماء أم لا؟
الجواب: الحمد لله، متى أعان الماءُ على موته لم يَجُز أكلُه، مثل أن يكون رأسُه غاطسًا في الماء. وأما إن كان الغاطسُ رجليه، أو ذنبُه، ونحو ذلك، لم يضرَّه، والله أعلم
(4)
.
*
…
*
…
*
(1)
أخرجه عبد الرزاق (4/ 499)، وابن جرير (8/ 63، 64) عن علي وأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم.
(2)
انظر: "المغني"(13/ 315)، وشرح الزركشي على الخرقي (6/ 669).
(3)
انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (3/ 204)، و"الحاوي"(15/ 58).
(4)
انظر: "مجموع الفتاوى"(35/ 236).
* مسألة: في رجلٍ صال عليه جملٌ، فهرب منه، فأمسكه بفمه ورَبَض
(1)
عليه، ثم إن الراعي نَحَره، هل يؤكلُ أم لا؟ فإنه لمَّا نَحَره قطع أكثر كل وَدَج
(2)
، ومشى الجملُ ومات.
الجواب: إذا كان نوى بنحره ذكاتَه جاز أكلُه، ولا ضمان عليه في نحره. وإن كان إنما قتله لمجرَّد دفعه، لا قَصْدَ تذكيته، لم يؤكل
(3)
، ولا ضمان عليه أيضًا عند جمهور العلماء كمالك والشافعي والإمام أحمد، وهو الأصحُّ، والله أعلم.
*
…
*
…
*
* مسألة: في شاةٍ وقعت، فذُبِحَت، فلم تتحرَّك، لكن جرى دمُها، هل تؤكل؟
الجواب: نعم، تؤكل في أصحِّ قولي العلماء، والله أعلم
(4)
.
*
…
*
…
*
(1)
الأصل: "وربظ".
(2)
رسمت في الأصل: "ودخ"، ولست منها والتي قبلها على ثقة، ولعلهما تحريف كلمة واحدة: الودجين.
(3)
انظر: "بيان الدليل على بطلان التحليل"(375).
(4)
انظر: "مجموع الفتاوى"(35/ 235)، و"جامع المسائل"(7/ 285).