الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الغصب]
* مسألة: في رجلٍ من أهل الدين والصَّلاح، يطلبُ ولايةً ببلده، مثل استيفاء أموالٍ سلطانية، وفيها مكوسٌ ونحو ذلك، وفيها خراج، وإذا تولى خفَّف الظلمَ وعَدَل، وإن تولى غيرُه زاد. فهل تجوز له الولاية أو لا؟ وإذا قبض مالًا على هذه الصفة هل يَضْمَنُه لأربابه؟
الجواب: بل إذا تولى مثلُ هذا الرجل، وأقام العدلَ بحسب اجتهاده، ودفَعَ الظلمَ بحسب اجتهاده، أثابه الله على ما فعله من العدل، ولم يطالبه بما يعجزُ عنه.
والوظائف السُّلطانية
(1)
التي لا يمكنُه رفعُها عن الناس، إذا اجتهد في أن يعدل فيها بين الناس، وفي أن يخفِّف عنهم بحسب الإمكان، أثيب على الاجتهاد في العدل فيها وفي تخفيفها، ولم يؤاخذ بما يعجز عنه.
وإذا قبض تلك الأموال من تولِّيه، وحمَلها، لم يكن عليه إثمٌ في ذلك ولا ضمان.
وكذلك لو احتاج إلى أن يكون هو القابض الدافعَ لها، بمنزلة وكيل المظلومين الذي يَقْبِض منهم ما يُطالَبون به من المظالم، ويدفعُها إلى القاهر
(1)
المكوس والضرائب. ومنها ما هو ظلمٌ عظيمٌ وحرامٌ حكى ابن حزم الاتفاق عليه في "مراتب الإجماع"(121)، وذكر ابن تيمية أنه لا أصل لها في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، وسمَّاها مرة "الوظائف الظُّلمية"، كما في "الفتاوى"(29/ 201).
وانظر: فصل "المظالم المشتركة" في "الفتاوى"(30/ 337 - 355)، ولتحرير القول في أصلها وتاريخها:"جامع المسائل"(5/ 392 - 396).
الظالم، فإنه لا إثم عليه في ذلك ولا ضمان، بل إذا أعان المظلوم كان محسنًا في إعانته له.
وهكذا ناظر الوقف، ووليُّ اليتيم، والعامل في المضاربة، إذا دفعوا إلى الظَّلمة الكُلَفَ
(1)
التي يطالبون بها على العقار والمَتاجِر وغير ذلك، لم يكن عليهم في ذلك إثمٌ ولا ضمان، بل من كان قادرًا على تخفيف الظلم، لا على رفعه كلِّه، وجب عليه أن يحقِّقه، وهو آثمٌ بما يتركه من الواجب عليه، فإذا قدر على بعض العدل لم يجز تركُ ذلك الواجب لعجزه عن تمامه؛ فإن الله يقول:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم"
(2)
، فلا يُتْرَكُ المقدورُ عليه من العدل للعجز عن غيره، والله أعلم
(3)
.
*
…
*
…
*
* مسألة: في الرجل إذا باع بضاعةً، وأخذ منها ديوانُ السلطان بسببها شيئًا، على جاري عادتهم بمرسوم السلطان، فهل يكون أجرُه للبائع أو المشتري؟ وإذا دفعها الرجلُ بنيَّة الزكاة أو الصَّدقة، هل تكونُ زكاةً أو صدقة؟
الجواب: أجرُ ذلك للبائع. ولا يجوز أن يعتدَّ بها المكلَّفُ من الزكاة؛ والدواوينُ المُوَلَّون على هذه الجهات لم يُوَلَّوا لقبض مال الزكاة، فدفعُ
(1)
هي الوظائف السلطانية المتقدم ذكرها.
(2)
أخرجه البخاري (7288)، ومسلم (1337) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
انظر: "مجموع الفتاوى"(30/ 336، 356 - 360).
الزكاة إليهم كدفعها إلى من لا يستحقُّ الزكاة ولا له ولايةُ قبضها، وذلك لا يبرأ بالدفع إليه باتفاق الأئمَّة، كما لو دفعها إلى والي الشَّرط، والحاجب، ونقيب العسكر، والله أعلم
(1)
.
*
…
*
…
*
* مسألة: في أقوامٍ مقيمين ببلاد التَّتر من العَرَب، يُغِيرون على المسلمين، ويقتلون النفس، وينهبون المال، إذا أُخِذَت الأموالُ التي بأيديهم، هل تزكَّى
(2)
أو تُرَدُّ إليهم؟
الجواب: هؤلاء المعروفون بقتل النفوس، وأخذِ أموال المسلمين بالباطل، الذين كانوا قد أخذوا من أموال المسلمين وغيرهم أكثر من هذه الأموال
(3)
= لا تُرَدُّ إليهم هذه الأموالُ التي أُخِذَت منهم، لكنها تُصْرَف في مصالح المسلمين، فتُصْرَف جميعها في الزكاة وغيرها من مصالح المسلمين، فيُطْعَم منها الفقراء، والضيف، وأبناء السبيل، وأما الأغنياء فينبغي أن يستغنوا عنها، والله أعلم
(4)
.
(1)
نقل عنه البعلي في "الاختيارات"(155) جواز دفع ما يؤخذ من المكوس بنية الزكاة، وهو خلاف كلامه هنا ومواضع أخرى. وتعقبه الشيخ ابن عثيمين في حاشيته. وانظر:"مجموع الفتاوى"(25/ 93)، و"مختصر الفتاوى المصرية"(275).
(2)
رسمت في الأصل: "نركي".
(3)
كذا في الأصل.
(4)
انظر: "مجموع الفتاوى"(28/ 568، 29/ 263، 276، 321، 30/ 336، 413)، و"جامع المسائل"(1/ 47).
* مسألة: في رجلٍ حَمَل فَحْلَه على حِجْرةٍ
(1)
لغيره، فولدت حصانًا، فَلِمَن الحصان؟
الجواب: الحملُ لربِّ الحِجْرة، لكن إن نقصت قيمةُ الفحل ضَمِن صاحبُها النقصَ لربِّ الفحل، والله تعالى أعلم
(2)
.
*
…
*
…
*
(1)
الحِجْرة: الأنثى من الخيل. انظر: "تاج العروس"(10/ 536 - حجر).
(2)
انظر: "مجموع الفتاوى"(30/ 320)، و"الاختيارات" للبعلي (240).