الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الجنائز]
* مسألة: أيما أفضل للميت: أن يُقْرَأ له الختمُ على هيئة ما يفعله الناس، أو صرفُ ذلك على الفقراء من أهل القرآن وغيرهم؟ وأيهما أفضل؟
الجواب: الحمد لله، بل الصدقةُ على الفقراء وغيرهم أفضلُ من ذلك؛ فإن هذا مشروعٌ بالنصِّ والإجماع، وهو واصلٌ إلى الميت باتفاق الأئمَّة.
ثم تلك الصدقة إذا انتفع بها من يقرأ القرآن كان للميت أجرُ ما يقرؤونه من القرآن؛ فإنه "من جهَّز غازيًا فقد غزا، ومن خَلَفَه في أهله بخيرٍ فقد غزا"
(1)
، "ومن فطَّر صائمًا فله مثلُ أجره"
(2)
، فهكذا من أعان القارئ على قراءته والمصلِّي على صلاته.
وأما إذا استأجر من يقرأ بالكِرَاء، فالقارئ لا يقرأ لله، فلا يثاب على ذلك، والمعطي ما أعطى لله، فلا يثاب على ذلك، فأيُّ شيءٍ يصلُ إلى الميت؟!
ولم يكن أحدٌ من السلف يفعل ذلك، ولا قال أحدٌ من العلماء بأنه يستحبُّ مثل ذلك، وإنما النزاع فيمن قرأ لله وأهدى إلى الميت، والصَّحيح
(1)
أخرجه البخاري (2843)، ومسلم (1895) من حديث بسر بن سعيد عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه مرفوعًا.
(2)
أخرجه أحمد (17033)، والترمذي (807) وصححه، وابن خزيمة (2064)، وابن حبان (3429)، وفي إسناده انقطاع، عطاء لم يسمع من زيد بن خالد، كما قال علي بن المديني في "العلل"(328)، ولعل الشيخين أعرضا عنه عمدًا لهذه العلَّة، وله شواهد لا يصحُّ منها شيء.
أنه يصلُ إليه، والله أعلم
(1)
.
*
…
*
…
*
* مسألة: في جامعٍ في قريةٍ بجبل نابُلُس، تقام فيه الجمعة، وفي المسجد قبر، قيل: إنه قبر نبيٍّ من أولاد يعقوب عليهم السلام، وثَمَّ أناسٌ سامِرةٌ ينوِّروا
(2)
الضريح كلَّ ليلة، ويدخلون المسجد غالبًا، وربما كانوا سكارى، فهل يجوز ذلك؟ وهل يثابُ وليُّ الأمر على منعهم من المسجد؟
الجواب: الحمد لله، ليس لأهل الذمة
(3)
أن يدخلوا مسجدًا للمسلمين، لخدمة ضريحٍ هناك، لا سيما مع ما ذُكِر، بل يجبُ منعُهم من ذلك.
بل ولا يجوز اتخاذُ القبور مساجد، ولا إيقادُ السُّرُج عليها؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من يفعل ذلك
(4)
.
(1)
انظر: "مجموع الفتاوى"(24/ 300، 31/ 316)، و"جامع المسائل"(3/ 133)، و"الفروع"(3/ 431).
(2)
كذا في الأصل.
(3)
كسامرة اليهود المذكورين في السؤال، ولهم في نابلس جبلٌ يسمى "جرزيم" و"جبل الطور"، يعظمونه ويصلُّون إليه. انظر:"الملل والنحل"(2/ 24)، و"بدائع الفوائد"(1606).
(4)
أخرجه أحمد (2030)، وأبو داود (3236)، والترمذي (320)، والنسائي (2043) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وقال الترمذي:"حديث حسن"، وصححه ابن حبان (3179). وفي إسناده مقال. قال الإمام مسلم:"هذا الحديث ليس بثابت، وأبو صالح باذام قد اتقى الناس حديثه، ولا يثبت له سماعٌ من ابن عباس". انظر: "فتح الباري" لابن رجب (1/ 648)، و"العلل" للإمام أحمد (3/ 322 - رواية عبد الله)، و"البدر المنير"(5/ 347).
وقول القائل: إن هذا قبر نبيٍّ من أولاد يعقوب قولٌ لا تُعْرَفُ صحَّتُه
(1)
،
بل يجبُ أن يُجْعَل هذا كسائر مساجد المسلمين، ويُسَوَّى ذلك المكان، فلا يُتْركُ فيه صورة قبر، والله أعلم.
*
…
*
…
*
* سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه: هل صحَّ أن في جامع دمشق قبورًا، كقبر هود؟
فأجاب: ليس في جامع دمشق قبرٌ أصلًا، ومن قال: إن فيه قبر نبيٍّ من
(1)
يُزْعَم أن في نابلس قبور يوسف وأبناء يعقوب عليهم السلام. انظر: "الإشارات إلى معرفة الزيارات" للهروي (31)، و"الأنس الجليل"(1/ 155، 2/ 137).
وأكثر ما يُذكر من قبور الأنبياء عليهم السلام لا يصحُّ تعيين موضعه، بل ذهب بعض أهل العلم، كالإمام مالك وعبد العزيز الكناني وابن الجزري وأبي زرعة العراقي وغيرهم إلى أنه لا تصحُّ نسبة شيء من هذه القبور المضافة إلى الأنبياء إلا قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأثبت بعضهم أيضًا قبر إبراهيم عليه السلام. انظر:"اقتضاء الصراط المستقيم"(2/ 656)، و"جامع المسائل"(4/ 340)، و"مجموع الفتاوى"(27/ 254، 273، 444 - 446)، و"قاعدة في الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق"(105)، و"طرح التثريب"(3/ 303)، و"كشف الخفا"(2/ 403)، و"الأنس الجليل"(2/ 76)، و"آثار المعلِّمي"(5/ 111، 128).
وإنما وقع الاضطراب في العلم بأمر هذه القبور لأن ضبط ذلك ليس من الدين، ولا في معرفته فائدةٌ شرعية؛ فلم يجب ضبطه، ولو كان من الدين لحفظه الله تعالى كما حفظ سائر الدين. انظر:"مجموع الفتاوى"(4/ 516، 27/ 444)، و"جامع المسائل"(4/ 161).
الأنبياء فقد كذب
(1)
، والله أعلم
(2)
.
*
…
*
…
*
(1)
انظر: "اقتضاء الصراط المستقيم"(2/ 160)، و"مجموع الفتاوى"(4/ 502، 516، 27/ 48، 128، 445، 447، 491)، و"جامع المسائل"(4/ 155، 340).
(2)
علَّق أحدهم في طرة الأصل: "الحكم بأنه ليس فيه قبر نبيٍّ أصلًا مُشْكِل، وهو تهوُّرٌ بلا دليل، ولو قال: ليس ذلك بثابتٍ لاستقام. وقوله: من قال: إن فيه نبيًّا كَذَبَ عجيبٌ أيضًا". يريد أن النفي هنا كالإثبات، كلاهما يحتاج إلى دليل. ولشيخ الإسلام فيما ذهب إليه من النفي أدلةٌ وقرائن، كما في المصادر المذكورة في الحاشية السابقة، وما تقدم من القول في تعيين قبور الأنبياء.