الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء بسلاحٍ، وخيف هجومُه، جاز رميُه أيضًا.
فإذا كان يطمعُ في الحُجَّاج إذا صِيحَ به، وإنما يَفْزَعُ من النُّشَّاب، رُمِي بالنُّشَّاب. وإن أمكن دفعُه بالصِّياح، فهل يجوز رميُه قبل الصِّياح به؟ فيه نزاعٌ بين العلماء.
وكذلك إذا دخل الحراميُّ إلى داره
، فهل يجوز دفعُه بالسِّلاح قبل الصِّياح؟ فيه قولان:
قيل: يجوز، كما دخل لصٌّ على ابن عمر رضي الله عنهما، فقام إليه ابن عمر بالسيف. قالوا: فلولا أنا نهيناه عنه لضرَبَه
(1)
.
وقد ثبت في الصَّحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن رجلًا اطَّلع في دارك بغير إذنك، فطعنتَه، ففقأتَ عينَه، لم يكن عليك بأس"
(2)
.
وثبت أيضًا في الصَّحيح أن رجلًا اطَّلع في دار النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يتبعُه بمِدْرًى
(3)
، ليفقأ عينَه
(4)
.
فالنبي صلى الله عليه وسلم أباح فقأ عين هذا المعتدي الناظِر، بدون نهيه والصِّياح عليه.
وهذا مذهبُ فقهاء الحديث، كالشافعي، وأحمد بن حنبل، وغيرهما،
(1)
أخرجه عبد الرزاق (10/ 112، 198)، وابن أبي شيبة (14/ 346)، والخلال في "السنة"(1/ 167)، بإسنادين صحيحين.
(2)
أخرجه البخاري (6888)، ومسلم (2158) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
المِدْرى: حديدةٌ تشبه المشط. وانظر لتنوينها: "التوضيح" لابن الملقن (29/ 52، 31/ 450).
(4)
أخرجه البخاري (6242)، ومسلم (2157) من حديث أنس رضي الله عنه.
في الناظر
(1)
.
فكذلك قال من قال في كلِّ صائل
(2)
.
وقيل: يجبُ دفعُه بالأسهل فالأسهل، ولا يُرمى إلا إذا احتيج إلى ذلك.
ولو طلبَ من مال الحاجِّ أو غيرهم مالًا قليلًا أو كثيرًا، وأمكن دفعُهم بالقتال، لم يجب على الحاجِّ بذلُ شيءٍ من أموالهم، وجاز لهم قتاله
(3)
.
وإذا أُمْسِك الحراميُّ وقد قَتَل، قُتِل حتمًا وصُلِب.
وإن أخَذ المالَ ولم يَقْتُل، قُطِعَت يدُه اليمنى ورجلُه اليسرى جميعًا، وحُسِمتا بالزيت المغليِّ.
وإن لم يَقتُل ولم يأخذ مالًا، وأمكن نفيُه بحبسه أو إخراجه من الأرض، فُعِل به ذلك. ويجوز عند بعض العلماء إذا شَهَر السلاحَ على الحُجَّاج قتلُه وإن لم يَقتُل ولم يأخذ مالًا. وإن كان بغير سلاحٍ عُزِّر بالحبس وغيره بعد أن يُمْسَك، والنفيُ
(4)
هو حبسٌ في السفر، والله أعلم
(5)
.
(1)
انظر: "الإشراف"(7/ 386)، و"نوادر الفقهاء"(209)، و"المغني"(12/ 539).
وللمذهب الآخر: "شرح مشكل الآثار"(2/ 396)، و"فتح الباري"(12/ 245).
(2)
انظر: "السنة" للخلال (1/ 176، 178، 180، 184)، و"المغني"(12/ 533).
(3)
انظر: "السياسة الشرعية"(112)، و"مجموع الفتاوى"(28/ 540، 34/ 242)، و"جامع المسائل"(4/ 229).
(4)
رسمت في الأصل: "والزنجير". ولعل الصواب ما أثبت.
(5)
انظر: "المغني"(12/ 475)، و"السياسة الشرعية"(99، 103، 104)، و"مجموع الفتاوى"(28/ 100، 34/ 239).