المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌معنى اللفظ هو ما يعنيه(3)المتكلم، أي: يقصده ويريده - جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٩

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌فصلفي "الكلام" الذي ذمَّه الأئمَّة والسَّلف

- ‌التحقيق أن الذي نهى عنه السَّلف هو الكلام المبتدَع

- ‌الكلام المبتدَع المذموم هو الذي ليس بمشروعٍ [ولا] مسنون

- ‌لم ينكر السَّلفُ مجرَّد إطلاق لفظٍ له معنًى صحيح

- ‌مسألةفي مذهب الشافعي في القرآن وكلام الله

- ‌مسألةفي الأولياء والصالحين والأقطاب والأبدالورجال الغيب

- ‌ الحكمة في ابتلاء الكُبراء بالذنوب

- ‌ الجهل، والظلم ــ مبدأ الفتن والشرور

- ‌فصلفي الكلام على الاتحادية

- ‌مسألةفي الأفعال الاختيارية من العباد

- ‌ تاريخ المسألة ومكانها

- ‌ فعلُ العبد خلقٌ لله وكسبٌ للعبد

- ‌حُسْنُ المسألة نصفُ العلم إذا كان السائلُ قد تصوَّر المسؤول

- ‌ هل قدرةُ العبد المخلوقة مؤثرةٌ في وجود فعله

- ‌ كيف انبنى الثوابُ والعقابُ(1)، وصحَّ تسميتُه فاعلًا حقيقةً

- ‌في هذا المقام تاهت عقولُ كثيرٍ من الخلائق

- ‌ سبب الفرق بين الخلق والكسب

- ‌ضلَّ بالأسباب خلقٌ كالتراب

- ‌لا يضافُ الفعلُ إلى الأداة، ولا يُجْعَلُ وجودُها كعدمها

- ‌ الأمر والنهي لا بدَّ للناس من معرفته مفصَّلًا

- ‌ليس في الأسباب ما هو مستقلٌّ

- ‌مسائل عقدية

- ‌ كرامات الأولياء

- ‌يأجوج ومأجوج

- ‌ سببُ حياء الملائكة من عثمان

- ‌العدم المحض لا يُسْتَحَقُّ به الثواب

- ‌الفسادُ المطلق يتناول إرادة العلوِّ

- ‌المدحُ بالأمور العدميَّة لا يكونُ إلا لأنها تستلزم أمورًا وجودية

- ‌النفس طبيعتُها الحركة

- ‌{إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} استثناءٌ منقطعٌ في أصحِّ القولين

- ‌العبادة تجمع الحبَّ والخضوع

- ‌أصل كلِّ خيرٍ في الدنيا والآخرة الخوفُ من الله

- ‌الإنسان ضعيفٌ جبَّار، ضعيفُ القدرة جبَّارُ الإرادة

- ‌فصلٌفي الكلام على آياتٍ من سورة الشورى

- ‌ الجمع بين العبادة والاستعانة والتوكل والإنابة

- ‌ خصَّ التوكل بالذكر لوجهين:

- ‌الشهوة الظاهرة شهوةُ البطن والفرج

- ‌مبدأ البغي من البغض والنُّفرة والغضب

- ‌فصلفي تفسير سورة المسد

- ‌الرجلُ في الجملة أشرفُ من المرأة

- ‌العطفُ على الضمير المرفوع مع الفصل عربيٌّ فصيح

- ‌مسألةفي تفسير استعاذة النبي صلى الله عليه وسلممن الهمِّ والحزن، والعجز والكسل

- ‌البخل والجبن" قرينان

- ‌ضِلَع الدين وغلبة الرجال" من جنسٍ واحد

- ‌مسائل حديثية

- ‌ حديث "الصَّلاة في أول الوقت رضوانٌ من الله

- ‌مسألةفي حكم صوم الدهر

- ‌ الشوق فرعُ الشعور، ومن لم يشعُر بالشيء لم يشتق إليه

- ‌رسالةإلى القاضي محمد بن سليمان بن حمزة المقدسيفي حاجة الناس إلى مذهب الإمام أحمدومسألة ضمان البساتين

- ‌لو أنفقتُ ملء القلعة ذهبًا شكرًا على هذه النعمة كنتُ مقصِّرًا

- ‌ مسألة(3)المساقاة والمزارعة

- ‌ لا يُلْزَم الزوجُ بالصَّداق المؤخَّر حتى يحصُل بينهما فُرقةٌ بموتٍ أو طلاق

- ‌ إثبات الجائحة في المَزارع إذا أُكْرِيَت الأرض بألفٍ، وكان بالجائحة يساوي كِرَاها تسعمئة

- ‌الجهاد لا بدَّ فيه من اجتهاد

- ‌فصلإذا استأجر أرضًا لينتفع بها فتعطلت منفعتُها

- ‌ إذا تعطَّلت المنفعةُ المستحَقَّة كلُّها سقطت الأجرة كلُّها

- ‌فصلفي انعقاد النكاح بأي لفظٍ يدلُّ عليه

- ‌إذا أعلنَا النكاحَ، ولم يكتماه

- ‌قاعدةالاعتبار بموجب اللفظ والمعنى

- ‌ إذا عبَّر عن المعنى بأيِّ لفظٍ دلَّ على معناه انعقد به العقدُ

- ‌معنى اللفظ هو ما يَعْنِيه(3)المتكلِّمُ، أي: يَقْصِده ويريده

- ‌فصلالشُّروط في النكاح

- ‌لو تزوَّج المرأة مدَّةً

- ‌إذا تزوَّجها على أنه إن أحبَلَها إلى عامٍ وإلا فلا نكاح بينهما

- ‌سؤال منظومفي حكم الرقص والسَّماع وجوابه

- ‌فصلفي دفع صِيَال الحراميَّة

- ‌وإن قُتِل الدافعُ كان شهيدًا

- ‌وكذلك إذا دخل الحراميُّ إلى داره

- ‌مسائل فقهية

- ‌[الطهارة]

- ‌[الصلاة]

- ‌[الجنائز]

- ‌[الزكاة]

- ‌[الصيام]

- ‌[البيع]

- ‌[الشركة]

- ‌[الإجارة]

- ‌[الغصب]

- ‌[الوقف]

- ‌[الهبة والعطية]

- ‌[الفرائض]

- ‌[النكاح]

- ‌[الطلاق]

- ‌[ما يلحق من النسب]

- ‌[الرضاع]

- ‌[النفقات]

- ‌[الحدود]

- ‌[القضاء]

- ‌قاعدةفي الصبر والشكر

- ‌ الأصل الثاني:

- ‌ الأصل الثالث:

- ‌ الأصل الرابع:

- ‌ الأصل الخامس:

- ‌[الأصل] السادس:

- ‌ الأصل السابع:

- ‌جزءٌ فيه جوابُ سائلٍ سأل عن حرف "لو

- ‌الجواب مرتَّبٌ على مقدمات:

- ‌المقدمة الثانية:

- ‌ المقدمة الثالثة:

- ‌المقدمة الرابعة:

- ‌مسألةفي الانتماء إلى الشيوخ

- ‌مسائل متفرقة

- ‌ هل يجوز لوليِّ الأمر أن يُستفتَى

- ‌ شروط القاضي

الفصل: ‌معنى اللفظ هو ما يعنيه(3)المتكلم، أي: يقصده ويريده

قال شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية رضي الله عنه

(1)

:

فصل

قاعدة: إذا تكلَّم بلفظ العقد يظنُّ أن معناه ومُوجَبُه في الشريعة شيئًا، فتبيَّن بخلافه، فالأصل في مثل هذا أنه لا يثبتُ فيه حكمُ المعنى الذي لم يقصده؛ وذلك لأن اللفظ يَتْبَعُ المعنى، والمعنى هو المقصود.

ولهذا‌

‌ إذا عبَّر عن المعنى بأيِّ لفظٍ دلَّ على معناه انعقد به العقدُ

، سواءٌ كان اللفظ عربيًّا أو عجميًّا معرَّبًا، أو ملحونًا، ولا يفرَّق بين العربيِّ وغيره في ذلك.

لكن قد فرَّق بعض أصحاب الشافعيِّ والإمام أحمد في النكاح بين لفظ العربيِّ وغيره؛ لما فيه من شَوْبِ العبادة. ولكنَّ هذا ضعيف، قد بسطنا الكلام على ضعفه في القواعد الكبار الفقهية الدمشقية

(2)

.

و‌

‌معنى اللفظ هو ما يَعْنِيه

(3)

المتكلِّمُ، أي: يَقْصِده ويريده

. وذلك مشروطٌ بالعلم به؛ فإنَّ قصدَ الشيء إنما يصحُّ إذا كان مشعورًا به، فما لا يَشْعُر به المتكلمُ لا يَقْصِده، وكذلك الفاعل.

(1)

كتب الناسخ عنوانًا لهذه القاعدة: "الاعتبار بموجب اللفظ والمعنى شرعًا لا ظنًّا".

(2)

وهي المطبوعة بعنوان "القواعد النورانية الفقهية"، والتسمية من أحد ناسخيها، وظنَّ الشيخ حامد الفقي في تقدمته لنشرتها أنها القاعدة التي ذكر ابن عبد الهادي في "العقود الدرية" (74) بقوله:"قاعدة كبيرة في أصول الفقه غالبها نقل أقوال الفقهاء"، وليس كما ظن. والموضع الذي يشير إليه شيخ الإسلام هنا فيها (157 - 160).

(3)

الأصل: "يعينه". تحريف.

ص: 271

لكن لو نوى باللفظ معناه عند أهله وهو لا يفهمُه، كما لو تكلَّم بلفظ العجميِّ وهو لا يفهمُه ونوى مُوجَبَه عند أهله، أو نوى مُوجَبَ العربية من لا يفهمُه، أو مُوجَبَ الحساب من لا يفهمُه = ففيه وجهان مشهوران، والأقوى في الحجَّة: أنه لا يصحُّ؛ لأنه قصَدَ ما لا يعرفُه، وذلك لا يصحُّ.

ولهذا لو أقرَّ بمثل هذا، أو شهد بمثل هذا، لم يلزمه إقرارٌ ولا شهادة.

وهذا من باب المخاطرة والقِمَار في الألفاظ؛ فإن حقيقته أني قصدتُ ما يفهمُه غيري من هذا اللفظ كائنًا ما كان. وهذا لا يصحُّ.

وإذا كان المعنى هو المقصود المراد بلفظ العقد، فلفظُ

(1)

"البيع" ونحو ذلك معناه ومقصوده هو انتقالُ المبيع إلى المشتري، وانتقالُ الثمن إلى البائع، وتحصيل المقصود المراد هو إلى الشارع، فالصَّحيح ما ترتَّب عليه مقصوده وحصل به أثرُه، والباطل ما لم يترتَّب عليه مقصوده ولم يحصل به أثرُه.

فإذا كان قد عنَى وقَصَد بلفظ العقد معنًى، فرتَّبه عليه الشارع وحصَّله، كان العقد صحيحًا، وإلا كان فاسدًا.

وإذا كان المقصود بلفظ "البيع" حصول الملك من الطرفين، فإنْ حَكَم الشارعُ بحصول المقصود [في بعضٍ]

(2)

دون بعض، فيكون العقد صحيحًا من وجهٍ دون وجه، كما بينَّاه في غير هذا الموضع

(3)

.

(1)

الأصل: "بلفظ". وأرجو أن الصواب ما أثبت.

(2)

ساقط من الأصل.

(3)

انظر: "بيان الدليل على بطلان التحليل"(464).

ص: 272

فإذا كان هو لم يعرف أن ذلك المعنى هو المقصود المراد باللفظ لم يكن قاصدًا له، فلا يكون قد عناه، فيبقى في حقِّه لفظًا لا معنى له، فلا ينعقد به عقدٌ، كما لو اعتقد أن لفظ "التحرير" المراد به العفاف دون العتق

(1)

، فهذا لا يعتقُ به العبد في الباطن قطعًا. ومتى شاع هذا العُرف في العامة لم يكن اللفظ صريحًا في حقِّهم.

ولو اعتقد أن معنى "الإعتاق" إعتاقه من شغلٍ أو عملٍ ألزمه إياه، ولم يكن يفهم أن معناه التخليص من الرِّقِّ مطلقًا، لم يكن اللفظ في الباطن في حقِّه عتقًا، وأما قبوله في الظاهر ففيه تفصيل.

ولو اعتقد أن "الوقف" معناه تسبيل المنفعة فقط، دون إخراج الرقبة من ملكه، لم ينعقد الوقفُ بمجرَّد لفظه في نفس الأمر.

ولو اعتقد أن لفظ "الطلاق" ليس معناه الفُرقة الناجزة، ولكن معناه أنه إذا أوقعه في الحيض فإن الأمر يتأخر إلى الطُّهر، فإن شاء وقع الطلاق وإن شاء لم يقع، أو أنه إذا أوقعه في الطُّهر فإنه يتأخر إلى الحيض، فإن شاء وقع وإن شاء لم يقع = [لم يقع]

(2)

بهذا اللفظ طلاقٌ منجَّزٌ أو مؤخَّرٌ بدون مشيئته؛ لأنه إذا لم يعلم أن هذا معنى اللفظ ومقصوده ومراده لم يقصد المعنى ولم يُرِده ولم يَعْنِه، وإذا لم يقصده ولم يُرِده ولم يَعْنِه كان لفظًا بدون معنى

(3)

.

(1)

انظر: "مجموع الفتاوى"(32/ 122)، و"جامع المسائل"(1/ 391).

(2)

سقط على الناسخ لانتقال نظره.

(3)

انظر: "مجموع الفتاوى"(33/ 239، 241).

ص: 273

وليس هذا كطلاق الهازل؛ فإن الهازل قَصَد اللفظ عارفًا بمعناه، واللفظُ من آيات الله، فلم يكن له أن يستهزئ بآيات الله.

وقد بسطنا الكلام في ذلك، وبيَّنَّا الفرق بين الهازل والمُكْرَه وخلع اليمين والمحلِّل ونحوهما في "بيان بطلان التحليل"

(1)

.

فإن المُكْرَه والمحلِّل قَصَدا

(2)

اللفظ لأمرٍ آخر غير معناه، هذا قَصَد دفعَ الضرر عن نفسه، [وهذا قَصَد إعادة المرأة إلى المطلِّق]

(3)

، بخلاف الهازل فإنه لم يقصد معنًى آخر غير حكم اللفظ.

وهذا الجاهل بمعنى اللفظ يشبه المُكْرَه، بل هو أقوى من المُكْرَه؛ فإن المُكْرَه عرف معنى اللفظ، وقَصَد اللفظ، لكن لمقصودٍ آخر يُعْذَرُ فيه، وهو دفعُ ضرر الإكراه، ولم يقصد معنى اللفظ وحكمه. وأما الجاهل فإنه قصد معنًى آخر، ولم يقصد معنى اللفظ، ولا يمكن أن يقصده مع عدم العلم به. ومن قال: يقع الطلاق بمثل هذا، فرأيه من جنس رأي من يوقع طلاق المُكْرَه ويمين المُكْرَه؛ نظرًا إلى أنه قاصدٌ للَّفظ مريدٌ

(4)

له، فأشبه الهازل.

ثم كلُّهم متفقون على أنه لو سبق لسانُه إلى اللفظ بغير قصدٍ لم يقع به شيءٌ، ولو نوى باللفظ غير الطلاق، مثل أن ينوي: طالقٌ من وثاقٍ، أو من زوجٍ كان قبلي، أو من نكاحٍ سابق = لم يقع شيءٌ في الباطن.

(1)

(96 - 118). وشيخ الإسلام كثير الإحالة عليه في كتبه وفتاويه.

(2)

الأصل: "قصد".

(3)

زيادة مستفادة من "بطلان التحليل"(97، 100)، ولعلها سقطت على الناسخ سهوًا.

(4)

الأصل: "يريد". تحريف.

ص: 274

فإن قيل: ما ينويه باللفظ لا بد أن يكون اللفظ محتملًا له، بخلاف ما إذا نوى ما لا يحتمله اللفظ.

قيل: هذا صحيح، لكن هو إذا اعتقد أن اللفظ يحتمله، ونواه، كان كمن تكلَّم بلفظٍ يعتقد له معنًى، وكان له معنًى آخر، فلا يلزمه المعنى الذي لم يعلم أن اللفظ دالٌّ عليه، كما قد تقدَّم ذكره.

وهذه المسألة لها صورتان:

إحداهما: أن يقصد بلفظ "الطلاق" هذا المعنى الذي ليس هو معناه في العادة، معتقدًا أن ذلك هو معناه = فهذا ظاهر.

والثانية: أن يكون معتقدًا أن ذلك هو معناه، ويتكلَّم به، غير مستحضرٍ معنًى من المعاني؛ إما لفرط الغضب أو غيره = فهذا أيضًا إنما يُحْمَلُ كلامُه على ما يعتقده معناه؛ فإنه إنما يعنِي باللفظ ويقصِد ما يعتقده معناه، لا يمكن أن يقصِد ويعنِي ما لا يعلمه ولا يقصده، فيكون المعنى المعتاد لم يقصده ولم يَعْنِه، فلا يكون قد أوقعه، فلا يقع.

ص: 275