الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: هذا كهذا، فلا فرق بين الأمرين.
فالشاهد إذاً التحريم له علتان وكل من العلتين متحقق في الواقع في التصوير الفوتغرافي أو الفيديو كما يقولون اليوم، المضاهاة في أكمل صورها والفتنة في أشد ما تكون، فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا جميعاً من الغرباء الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية:«هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم» وفي رواية أخرى يقول عليه الصلاة والسلام: «هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي» .
(الهدى والنور / 360/ 34: 34: 00)
التفريق بين التصوير الآلي واليدوي
فأي فلسفة هذه دخلت على بعض علماء المسلمين فضلًا عن غيرهم فجوزوا لهم تجويزًا مطلقًا التصوير لأنه تصوير آلي، وحرموا عليهم تصويرًا آخر لماذا؟ لأنه تصوير يدوي، وكل داخل في العمومات من الأحاديث التي سبق ذكره، وقد كان جرى بيني وبين أحدهم مناقشة حول هذه المسألة ويبدو من حديثه أنه كان ظاهريًا عصريًا في هذه المسألة، فناقشته وكان من جملة ما رددت عليه، أني سألته: ما قولك في تلك [المعامل] الضخمة التي [بواسطة] الكهرباء توجد أصنامًا أشكالًا وألوانًا منه الأصنام التي هي من مادة البلاستيك أو نحو ذلك، وهي التي امتلأت أسواق المسلمين بها كلعب للأطفال، وأكثر من ذلك هناك معامل توجد بواسطة آلات ضخمة أصنام هي أجمل من الأصنام التي يقوم على نحوها الممثل والنحات، قلت له: ماذا تقول في هذه الأصنام التي نراها مثلًا موضوعة على بعض المقاعد أو الطاولات؟ ربما كلكم يذكر مثال من ذلك، نرى مثلًا من ضلال الضالين النصارى أنهم يصنعون صورة امرأة متبرجة بطبيعة الحال وورائها كلب، ما مادة هذه الصورة؟ من حجر أو من نحاس أو من معدن آخر، كيف صنع هذا؟ هل قام على صنعه النحات ليلًا نهارًا؟ لا، وإنما بكبسة زر فالآلة تخرج في الدقيقة الواحدة ما شاء
الله من هذه الأصنام، قلت له: ما رأيك في هذه الأصنام، أحرام أم حلال؟ فكر قليلًا فلم يسعه إلا أن يقول: هذا حرام، قلنا: لكن الوسيلة اختلفت، كما اختلفت وسيلة التصوير الفوتوغرافي، فَعَيَى ولم يدر ما يقول، وهذا هو اليقين أنه لا يجوز التفريق بين صنم وآخر بعلة أن أحدهما صنع بالشاكوش والإزميل نحت نحتًا، والآخر لم ينحت كذلك وإنما بالآلة، هذه ظاهرية عصرية مقيتة.
وزعم بعضهم مرة روى قصة خيالية لتقريب هذه المسألة التي ابتلينا بها في العصر الحاضر، قال: زعموا أن عالمًا فاضلًا زار تلميذًا له في داره، فلما جلس وإذا به يرى صورته أمامه معلقة على الجدار، يرى الشيخ صورته معلقة على الجدار، فقال لتلميذه: يا بني! كم مرة أنا درستكم بأن التصوير حرام، فما بالك جعلت صورتي في صدر المكان؟ قال: يا فضيلة الشيخ أنا فعلت ذلك حبًا فيك وذكرى لعلمك وخلقك وإلى آخره، قال: لا، هذا لا يجوز وهذا حرام بارك الله فيك، والملائكة لا تدخل بيتك، فسارع هذا التلميذ البار وأنزل الصورة، وراحت أيام وجاءت أيام ثم عاد الشيخ فزار تلميذه مرة أخرى، وإذا هو يرى الصورة في مكانها، قال له: ما لك يا فلان ألست قد نصحتك وذكرتك وقبلت النصيحة وأنزلت الصورة؟ قال: يا سيدي هذه الصورة صورة فوتوغرافي، وتلك كانت صورة يدوية، ونحن تعلمنا منك التفريق بين الصورتين، فربت الشيخ على كتف تلميذه وقال له: بارك الله لك فقد صرت فقيهًا، هذا فقه العصر الحاضر الجمود على الظواهر دون النظر إلى المقاصد.
إذا علمنا أنه لا فرق بين الصور اليدوية والصور الفوتوغرافية وبالتالي لا فرق بين الصور الفوتوغرافية والصور التلفزيونية إن صح التعبير كل ذلك يدخل في عموم: «كل مصور في النار» من صور صورة لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة، إذا عرفنا هذه الحقيقة نعود لنقول: ألا يوجد لهذا العصر متنفسًا لإباحة بعض الصور، وبخاصة إذا كانت الضرورة العلمية توجبها أو الحاجة الملحة تقتضيها، أقول أنا: نعم، هذا موجود ودليلنا على ذلك حديث عائشة في الصور التي كانت تعلب بها