الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: وفي هذه الحالة، ألا يجوز أنه سيلحقها شيء من الإجحاف والظلم؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: إذاً: ما الحل؟
مداخلة: الانفصال.
الشيخ: نعم، الانفصال، كل واحد يأخذ سبيله، ليس هناك مانع، الإسلام أباح الطلاق بدون ما يلحق ظلم بالمطلقة بلا شك، إذا ما حصل وفاق لسبب أو آخر، والأسباب كثيرة جداً، اختلاف أخلاق، والأطباع، اختلاف الصلة الجنسية، ليس هناك توافق في كثير من الأحيان، فيخلي سبيلها وكل واحد يأخذ نصيبه.
المهم الإجهاض بعد نفخ الروح هذا لا يجوز إلا إذا تعرضت الأم الحية للموت، أما الإجهاض قبل نفخ الروح فهذا يجوز إذا كان السبب المسوغ له جائز شرعاً، وهذا كل سبب يجب أن يدرس لوحده.
(الهدى والنور /403/ 12: 12: 00)
(الهدى والنور /403/ 07: 14: 01)
حكم إسقاط الجنين المشوه
مداخلة: امرأة ذهبت إلى مستشفى قصر شبيب وأسقط الأطباء لها جنين له من العمر أربعة شهور؛ بحجة: أن المرأة معها حصبة ألمانية، فقال لها الأطباء: هذا لولا ما أسقطناه لكان خرج مشوه، أو حتى معوق عقلياً، فما قولكم جزاكم الله خيراً؟
الشيخ: هذا كثيراً ما نسأل عن مثله، ولا نرى التجاوب مع هؤلاء الأطباء؛ لأن لسان حالهم يقول: إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين، وقد أخبرنا من أكثر من مصدر واحد أن بعض النسوة أخبرن من بعض الأطباء مثل هذا الخبر فلم ترض بالإجهاض والإسقاط وولدت ولادة طبيعية، وهذا يؤكد أنهم يظنون ظناً.
ثم الأمر كله بيد الله تبارك وتعالى، فله الأمر والخلق كله، فلا ينبغي لبعض الأطباء أن يشاركوا في مثل هذه الأمور التي تخفى حقائقها على الناس جميعاً، وقد يطلعون أحياناً على بعض الأمور دون الناس الآخرين، فلا يجوز أن ننظر إلى المستقبل المجهول لدى جميع الناس، ولا يعلم الغيب إلا الله تبارك وتعالى، فكون المرأة قد تضع جنيناً مشوهاً أو نحو ذلك مما يقال اليوم: إنه معوق .. أو ما شابه ذلك، فنحن باعتبارنا مسلمين مؤمنين بالله عز وجل، وبأنه حكيم عليم، ما ترى في خلقه من تفاوت، هذا التفاوت الذي نراه نحن بين البشر عامة، سواء في لون البشرة أو في الطول والقصر، أو في الذكورة والأنوثة، أو في الصحة والسلامة، أو في العلل والمرض .. ونحو ذلك، هذا كله تقدير العزيز العليم، يعني: ربنا عز وجل يريد أن يري عباده ما يحسن عندهم وما يقبح، ولكن كل ذلك عند الله عز وجل حسن، فنظرتنا إلى خلق الله عز وجل ليست كنظرة الخالق نفسه تبارك وتعالى؛ لأنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11].
بهذه المناسبة لا بد لي أن أذكر حديثاً أعتبره رائعاً جداً بالنسبة لهذا الموضوع والجواب عن هذا السؤال: لقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من أصحابه يمشي وإزاره طويل دون الكعبين، فقال له عليه الصلاة والسلام:«يا فلان! ارفع إزارك فإنه أتقى وأنقى، فقال له: يا رسول الله! إني أحنف» ماذا يعني أحنف؟ يعني: منحني الساقين، تعرفوا أيش هي؟ لا لا منحني مقوس، الساق مستقيمة في نقص بتلافي هون في فجوة طويلة وتكاد القدم يمس القدم الأخرى، هذا معناه أحنف، فهو أي: هذا الذي أطال إزاره ليستر هذا العيب في ظنه، فاعتذر بهذا السبب لإطالته لإزاره، فقال له عليه الصلاة والسلام:«يا فلان! -وهنا الشاهد- كل خلق الله حسن» .
ولهذا فما نراه نحن بأعيننا المادية البشرية يجب أن نحكم رأساً أنها رؤية قاصرة، هي لا تنظر كما يقول المثل العربي القديم: إلى أبعد من أرنبة أنفه، فلان يقولون: فلان لا ينظر إلى أبعد من أرنبة أنفه، يعني: من هنا إلى هنا، أما أن ينظر إلى بعيد فلا، ثم مهما كانت نظرة الإنسان بعيدة وبعيدة جداً فهي نظرة قاصرة.
هذا صحابي من أصحاب الرسول يرى نفسه معيباً؛ بسبب الحنف والانحناء الذي في ساقيه، فستره بإطالة الإزار؛ لأنه لو جعله فوق ذلك لظهر شيء من الحنف هذا، فلفت النبي صلى الله عليه وسلم نظره بأن هذا الذي تراه أنت عيباً ليس عيباً؛ لأن الله هو الذي خلقه، وليس هذا من صنعك، كما قال عز وجل:{هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: 11]، ما يخلقون من شيء.
إذاً: هذا الجنين إذا ولد ولادة طبيعية وكان معوقاً أو كان مصاباً بمرض قدره الأطباء سلفاً، فهذه مشيئة الله، وهذا قدره؛ ليكون عبرة للأصحاء كما قيل: الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى.
وأيضاً هناك توجيه نبوي كريم وعظيم جداً وهو: «لا تنظروا إلى من فوقكم ولكن انظروا إلى من هو دونكم؛ فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم» ، فقد يكون هناك إنسان جميل الصورة، ولا خلاف حتى عند الذين ينظرون إلى أنفسهم بأنهم قبيحين صورة، قد يقولون: والله هذا جميل، هذا التفاوت في الخلق، وفي الجمال هو من تقدير الله العزيز العليم الحكيم، فحينما خلق الله الجمال وخلق نقيضه فذلك لما قلنا لحكمة بالغة يمكن التعبير عنها بما قيل قديماً، وبضدها تتبين الأشياء، فلولا القباحة ما عرف الجمال، لولا المرض ما عرف الصحة، لولا الذكر ما كان الأنثى، لولا الأنثى ما كان الذكر، فكل هذا الخلق الذي نراه على ما فطر الله عز وجل الناس عليها هو من حكمة الله عز وجل.
ولذلك فلا ينبغي التجاوب مع آراء الأطباء في الأمور التي لم تخرج بعد إلى ميدان الحياة، فإذا ما خرجت إلى ميدان الحياة فهناك يأتي قوله عليه الصلاة والسلام:«يا عباد الله! تداووا؛ فإن الله لم ينزل داء إلا وأنزل له دواء» ، هذا حديث أسامة بن شريك رضي الله عنه، وروى هذا الحديث صحابي آخر جليل وهو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه بزيادة فقال:«تداووا عباد الله فإن الله لم ينزل داء إلا وأنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله» .
إذاً: لا مانع من التداوي فيما بعد، ولكن هنا شرط لا بد من ملاحظته وهو: أن يكون التداوي لأمر عرض لهذا الوليد، أي: لا يجوز تغيير خلق الله عز وجل؛ لأن الله عز وجل حكى عن الشيطان الرجيم في القرآن الكريم أنه تحدى إيرادة رب العالمين عز وجل في خصوص آدم وذريته فقال: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119]، فلا يجوز تغيير خلق الله عز وجل.
وهذا له أمثلة وأمثلة كثيرة جداً، مثلاً: ولد جاء أفطس الأنف، فلا يجوز إجراء عملية كما يزعمون اليوم عملية تجميلية من أجل رفع أرنبة الأنف وإذهاب الفطس منه، لا؛ لأن هذا بما قلناه آنفاً هذا خلق الله، وعلى ذلك فقس.
ومن المهم جداً أن أذكر من يبتلى اليوم في العصر الحاضر بتغيير خلق الله من حيث لا يشعرون جلهم، أما بعضهم فقد يعلمون ذلك، ومع ذلك يسايرون العصر الحاضر، ألا وهو: تشبه الرجال بالنساء في حلق اللحى، وهذه آفة عامة، شملت كثيراً من الشباب المسلم، بل أكثر الشباب المسلم اليوم يحيا هذه الحياة غير الطيبة؛ لأن الحياة الطيبة هي التي تتجاوب مع أحكام الله عز وجل وشريعته، ولا تتجاوب مع رغبات الشيطان الرجيم الذي ذكرت آنفاً، نقلاً عن القرآن الكريم أنه قال:{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119].
فالله عز وجل كما قال: خلق الذكر والأنثى، عبثاً؟ حاشا لله عز وجل، هناك مفارقات معلومة لدى الجميع بين الرجال وبين النساء، قسم منها ظاهر وقسم منها باطناً، ويهمنا الآن من تلك المفارقات القسم الظاهر، المرأة لا لحية لها، {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [الأنعام: 96]، أما الرجل فالله عز وجل فطره على أن ميزه على المرأة بالشوارب واللحى؛ ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح مؤكداً النهي المضمن فيما حكاه الله عز وجل عن الشيطان:{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119].
ومما لا شك فيه أن إطاعة الشيطان عصيان للرحمن، وإطاعة الرحمن عصيان للشيطان، وبذلك ينجو الإنسان من العذاب الأليم في الآخرة، قال عليه السلام
مؤكداً هذا المعنى في وجوب مخالفة الشيطان فيما سبق ذكره عنه: «لعن الله النامصات والمتنمصات، والواشمات والمستوشمات، والفالجات المغيرات لخلق الله للحسن» ، انظروا الآن في هذا الحديث ليتبين لكم منه خطورة إطاعة الشيطان في تغيير خلق الله، كلنا يعلم أن المرأة خلقت في ذلك الوضع الذي أشرنا إليه ليتمتع بها الرجل تمتعاً حلالاً، فخلقها في وضع كما وصفت آنفاً، فلو أنها أرادت أن تتزين تزيناً زائدة على ما فطرها ربنا عز وجل عليه تكون بذلك قد اكتسبت اللعنة المذكورة في هذا الحديث، «لعن الله النامصات» أي: التي ينتفن شعورهن، في أي مكان من بدنهن؟ الجواب: نعم، إلا ما كان من الفطرة، قال عليه السلام:«خمس من الفطرة: وذكر منها: نتف الإبط، وحلق العانة» ، فهذا النتف وذلك الحلق كقص الأظافر، كل ذلك من الفطرة، وكقص الشارب، ذلك من الفطرة، أما أن تتزين المرأة بأن تنتف شعرها من ذراعيها مثلاً .. من ساقيها .. من خديها .. كل ذلك بهذا الحديث يجب أن تعلموا هذه الحقيقة، ولو أن دائماً تكون الحقائق مرة، خاصة على الذين اعتادوا عادة خالفوا فيها الشريعة وعاشوها، وربما ما طرق سمعهم حياتهم كلها أنهم يعصون ربهم في مثل هذه العادة التي اعتادوها، سواء كان المعتادون رجالاً أو نساء.
فالرسول عليه السلام: «لعن الله النامصات» ، ترى إذا كانت المرأة وهي موضع للزينة يحرم عليها أن تنتف شعر خديها، أو شعرات تنبت على وجهها، ترى ماذا يكون حكم الرجل؟ ذلك بلا شك من باب أولى. يا إخواننا المسلمين، فإذا كان يلعن المرأة تنتف شيئاً من شعرها بغير إذن ربها أو نبيها بعلة: المغيرات لخلق الله للحسن، إذاً لا يجوز للرجال أن يغيروا خلق للحسن؛ لأن فيه إطاعة للشيطان وعصيان للرحمن.
«لعن الله النامصات والمتنمصات» النامصة: هي المزينة، والمتنمصة: هي المنتوفة خلينا نقول.
«النامصات والمتنمصات، والواشمات» التي تشم أختها، «والمستوشمات» التي تفعل الوشم في بدنها.
هذا من الأدلة الواضحة جداً أن فطرة هؤلاء الناس ذكوراً وإناثاً قد فسدت؛ لأنهم استحسنوا ما استقبحه الشرع، واستقبحوا ما حسنه الشرع، تكون المرأة مثلاً لها ذراع أبيض جميل حتى ما فيه شعر، فلا يعجبها خلق الله فتأتي وتشمه، هذا الوشم في ظنها أجمل من بياض بشرتها، هذا هو فساد العقل وفساد الفطرة؛ ولذلك فيجب على المسلمين جميعاً نساء ورجالاً أن يسلموا أنفسهم لله؛ لأننا عباد الله، لا نملك لأنفسنا ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله، لا نملك تحليلاً ولا تحريماً.
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلل شيئاً أو حرم شيئاً فإنما هو بوحي من الله تبارك وتعالى، ويجب أن نعلم بهذه المناسبة أن التحليل والتحريم قد يكون اعتقاداً وعلماً، وهذا لا يجوز لأي مسلم أن يقع فيه؛ لأنه يقع في الشرك؛ لأن الله عز وجل يقول:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21]، وتارة يكون التحريم عملاً، تارة يكون التحريم والتحليل عملاً، وهذا ما يقع فيه كثير من المسلمين اليوم حيث يستحلون ما حرم الله، واسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم:«ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر» أي: الفرج، أي: الزنا، «ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، يمسون في لهو ولعب، ويصبحون وقد مسخوا قردة وخنازير» ؛ لأنهم استحلوا عملاً ما حرم الله عز وجل، كجماعة الليالي الحمراء، يمسون في لهو ولعب .. في معاقرة الخمر، ومخالطة النساء، والتفاحش معهن، والغنى والطرب .. ونحو ذلك، «يمسون ويصبحون وقد مسخوا قردة وخنازير» ، قوله عليه السلام:«يستحلون» يعني: عملياً؛ ولذلك فلا يجوز المسلم أن يستحل عملاً شيئاً مما حرم الله عز وجل، سواء كان تغييراً لخلق الله، أو ارتكاب لمحرم مما حرم الله: كالربا والسرقة وشرب الخمر .. ونحو ذلك. هذا ما أردت التذكير به بمناسبة ذاك السؤال، وهو: أن الجنين إذا كان في بطن الأم وتنبأ الطبيب بأن هذا إذا لم يجهض ولم يسقط سيكون معوقاً، هذا الكلام لا يلتفت إليه؛ لأن الله عز وجل