الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: كبيع التلفزيون لا يجوز.
(الهدى والنور / 175/ 52: 26: 00)
حكم التلفاز
سؤال: سؤال في التلفاز، معلوم أنه من أشد أجهزة الإعلام إضراراً بالعقيدة والأخلاق والدعوة الإسلامية، وقد اختلفت ردود وأفعال العلماء بالنسبة إليه، فمنهم من قال بحرمته ابتداء واعتبره من التصوير المحرم، ومنهم من أقره كجهاز نافع لو أحسن استغلاله، غير انه اعتزل التعامل معه لما غلب عليه من المنكرات، وفريق ثالث يرى وجوب اقتحام هذا الجهاز ومحاولة التأثير من خلاله بما يخدم الدعوة الإسلامية، فما تعليقكم خاصة وأن بعض الملتزمين صار يتجرأ على شراء التلفاز وإدخاله بيته احتجاجاً بما أصبح فيه من برامج مفيدة وتحقيقات بناءة، خاصة في بعض دول الخليج؟
الشيخ: أنا الذي أراه وقلت هذا مراراً وتكراراً أن التلفاز كالراديو كالمسجلة، وإن كان يختلف عنهما في ناحية واحدة وهي أن فيها صور، فالراديو والمسجلة ليس فيها إلا استعمال الصوت، فهذان أو هاتان الوسيلتان من الراديو والمسجلة وسيلة يمكن استعمالها في الخير، ويمكن استعمالها في الشر، فلا يقال: يجوز أو لا يجوز، أنا أتكلم الآن عن الراديو وعن المسجلة، لا يقال في كل منهما إطلاقاً يجوز أو إطلاقاً لا يجوز، وإنما الجواز وعدم الجواز منوط ومربوط كل منهما بطريقة الاستعمال، فإذا استعمل كل منهما فيما ينفع فهو خير ومستحب ووسيلة طيبة، وإن استعمل في الشر فهو شر، وإن استعمل في المباح فهو مباح، لذلك حكمهما تماماً كهذا اللسان، اللسان ممكن إنسان أن يذكر الله وممكن أن يتكلم بكلام مباح، وممكن أن يتكلم بكلام حرام، فاللسان كخلق من خلق الله هو نعمة، لكن قد تنقلب هذه النعمة إلى نقمة بسبب سوء الاستعمال، كذلك الآلتان المذكورتان آنفاً.
بعد هذه التوطئة وهذه المقدمة نعود إلى التلفاز، التلفاز من حيث حكم
الاستعمال عندي كحكم استعمال الجهازين السابقين ذكراً، مع ملاحظة الفرق بالمسبوق أيضاً ذكره وهو أن فيه صوراً، لكني أنا أجد في السنة التي أطبقت على تحريم التصوير أولاً وتحريم استعمال الصور ثانياً، وأن هذه الصور المحرمة لا تدخل الملائكة داراً فيها صورة، مع هذا أقول: بأن التلفاز أو التلفزيون يجوز استعماله لو ضبط استعماله، ولما كان التلفاز له علاقة بالدولة وليس بالأفراد، ولا يستطيع أن يوجهه الوجهة التي هو يريدها، وقبل هذا أقول: وبناء على ذلك إذا كانت الدولة مناهجها لا تتقيد فيها بحكم شرعي يجيز نشر ما يجب أو ما يستحب أو ما يجوز في التلفاز، إذا كان لا يوجد في الدولة مثل هذا التحديد، وذلك لا يكون بطبيعة الحال إلا فيما لو كان هناك لجنة تدرس البرامج التي تأتيها من كل بلاد الدنيا، وتميز الصالح منها من الطالح، فما كان صالحاً نشر، وما لم يكن كذلك طوي ورمي أرضاً.
لما كان الأمر ليس كذلك فأنا أرى أنه لا يجوز للمسلم أن يدخل هذا التلفاز داره؛ لأن الغالب عليه الشر، والغالب عليه إفساد الأهل وبخاصة الناشئين والأطفال الصغار، لا سيما وقد تطور الوضع في التلفاز إلى اتخاذ هذه الصور ما أدري ماذا يسمونها الكرتونية هذه.
مداخلة: الرسوم المتحركة، أفلام الكرتون.
الشيخ: أفلام الكرتون نعم، فالأفلام هذه الحقيقة يضطرني هذا أن أبحث مسألة التصوير في العصر الحاضر فيه خلاف كبير جداً بين الإسلاميين أو الدعاة منهم أو الكتاب، فكثير منهم يقول بأن التصوير الفوتوغرافي جائز، وهذا أنا في اعتقادي كما قلت مراراً وتكراراً ظاهرية عصرية لا يجوز التمسك بها، ولا استباحة التصوير بوسائلها، لأن الإسلام لا يفرق بين وسيلة وأخرى إذا كانت الثمرة واحدة، فهذه الصورة يدوية هذه حرام لأنها باليد، وهذه صورة فوتوغرافية حلال لأنها بالآلة.
الشاهد: أن بعض الناس اليوم تورطوا وقالوا: الصور الفوتوغرافية جائزة، لكن ماذا يفعلون الآن بهذه الصور الكرتونية كما قال بعضهم آنفاً؟ هذه صور يعني الحقيقة أنا أكاد أتفجر غيظاً على هؤلاء الناس الذين يصورون إنسان له فكين أكبر من رأسه، كأنه لا يعجبهم خلق الله، ولذلك يقدمون إلى أطفال صور غريبة لا وجود لها في خلق الله، خيالية محضة، هذا محرم حتى عند الذين يقولون بإباحة التصوير الفوتوغرافي، لأنه من حجتهم إضافة على ما ذكرناه آنفاً أن هذه الآلة الفوتوغرافية هذه ما تجيد إلا أن تقدم الصورة التي خلقها الله، يعني: ما توجد شيئاً جديداً، طيب وهذا ماذا تفعلون بهذه الصور الكرتونية التي يتقزز منها بدن المؤمن حينما يقابل هذا الخلق الذي هم أوجدوه بخلق الله الذي قال ربنا فيه:{مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3].
إذاً: لا أرى لمسلم أن يدخل بيته هذا الجهاز إلا يوم الله أعلم متى يكون هذا اليوم يكون هناك دولة إسلامية تتبنى نظاماً إسلامياً مائة في المائة، لا بأس أن يكون هناك آراء اجتهادية وقد تختلف الآراء ولو من بعض العلماء، لكن المهم أن يكون الرأي صدر من لجنة من أهل العلم، وبناء على نصائح هذه اللجنة تذاع الأخبار والمناظر وما شابه ذلك في التلفاز، لا شك أنه يكون من أحسن الوسائل للتأثير في الناس، ولتوجيههم، ولتعليمهم.
وأنا أقول كثيراً بمثل هذه المناسبة من البيان، أقول: ليت هناك تلفاز إسلامي يعرض شيخاً يطوف حول الكعبة، يعلم الحجاج قبل أن يذهبوا إلى الحج وهم لا يعرفون كيف يحجون، وإذا عادوا يقول لهم قائدهم أو فقيههم: ما حججت ولكن حجت الإبل، يعني: اليوم حجت السيارات، لماذا؟ لأنهم لا يحسنون الحج، فليت هناك تلفاز فعلاً يرينا رجلاً عالماً يتكلم ويعمل، يبين للناس كيف يبدأ الطواف، كيف يقبل الحجر الأسود، متى لا يقبل، كل هذه الأشياء التي تقع اليوم هو يمثلها بصورة واضحة بينة، وقس على ذلك جميع مناسك الحج، حتى الإنسان يكون قد حج نظرياً ثم يطبق ذلك عملياً، لا نجد شيئاً من هذا إطلاقاً، لماذا؟
لأن القائمين على هذه الأجهزة اليوم ليسوا من الملتزمين أولاً بالإسلام، ثم ليسوا من أهل العلم، وأخيراً مع الأسف رئيس الدولة لا يكلف هؤلاء الموظفين وهم موظفون عنده بأن يأخذوا رأي أهل العلم في هذا الذي ينشرونه، وكلكم يعلم الانتقادات التي توجه على بعض الإذاعات في بعض البلاد الإسلامية ينشر فيها الخلاعة ينشر فيها التبرج .. إلخ، ولكن كما قال الشاعر:
ولو ناديت أسمعت حياً
…
ولكن لا حياة لما تنادي
ولو ناراً نفخت بها أضاءت
…
ولكن أنت تنفخ في رماد
هذا رأيي في التلفاز.
السائل: طيب موقف الدعاة والعلماء، منهم من يرى اقتحام هذا الجهاز للتأثير من خلاله، ومنهم من يرفض ذلك؟
الشيخ: من فهم الجواب بارك الله فيك، من فهم الجواب لما نقول: لا يجوز إدخال هذا الجهاز إلى بيت مسلم.
السائل: أنا أتكلم الدعاة الذين يقولون: نغزوه لكي نؤثر من خلاله عند من لديه هذا الجهاز، الجهاز موجود في البيوت بلا شك عند كثير من الناس، فهو يقول: ما دام كله شراً أنا أدخل أعمل مثلاً مجلة إسلامية، أعمل أحاديث فيها من الخير كذا وكذا، حتى أؤثر تأثيراً نافعاً بجوار التأثير السيء، والبعض يقول: لا، حتى لا يشتري هذا الجهاز الصالحون بهذه الحجة أن فهي أشياء نافعة؟
الشيخ: فهمت منك، كأنك تريد تقول: أنه مثلاً رجل عالم فاضل هل يعرض نفسه أو إذا طلب أن يلقي درساً مثلاً ويذاع في التلفاز درسه على ملأ من الناس هل يفعل ذلك أو لا، هكذا تقريباً؟
السائل: نعم.
الشيخ: نعم، أنا أقول: لو كان شر التلفاز أقل من خيره كان أوافق على هذا
الفعل، أما وشره أكثر من خيره فالرأي الذي حكيته هو الوارد هنا، يعني: يكون فيه إذاعة لإدخال التلفاز في البيوت، والذي سيصير أن البيت الفلاني ما عنده تلفاز، لما فلان من العلماء أو الوعاظ أو المرشدين يبلغه أنه أصبح هو له جلسات خاصة في الأسبوع يوم أو يومين .. إلخ، ينشط ليشتري التلفاز وما دخل التلفاز داره أبداً، لكن الذي سيصير سيستعمل هذا التلفاز لغير ذلك، وهنا يحصل الفساد، وحينئذٍ تأتي القاعدة العلمية: دفع المفسدة قبل جلب المصلحة.
ثم أرى أنا أن هذا أو هذه الدعوة التي حكيتها آنفاً، أو الصورة التي أنا عرضتها، فأنا أقول: ما فائدة تجاوبي مع اللجنة المسئولة في التلفاز أن ألقي درساً منظماً بواسطة التلفاز، ما الذي يستفيده الناس سوى أن يروا صورتي، لكن يمكنهم أن يسمعوا صوتي بدون طريقة التلفاز، فالفائدة المرجوة والمؤثرة ليست هو بروزي أنا بشكلي، وإنما بروزي أنا بصوتي، فإذاً: ليس منها فائدة كبرى من وراء تبرير هذا العمل من أجل إفادة ناس آخرين، فليكن ذلك بطريق الإذاعة بالراديو وليس في التلفاز.
سؤال: بالنسبة للتصوير يقولون من شبهاتهم ومن أقوى شبههم: أنه يشبه المرآة، وأيضاً حديث:«إلا رقماً في ثوب» فما الرد على هذه الشبهة؟
الشيخ: يكفي وأظنك تنقل عنهم نقلاً صحيحاً، قولكم عنهم: يشبه، فإذاً: هو ليس مرآة.
السائل: هم قاسوا.
الشيخ: إيه قاسوا، يشبه، لكن إذا قيل: مثل الأسد فهو يشبه الأسد لكن ليس أسداً، فإذا رأى الناظر نفسه في المرآة فلا يقال: هذه صورة، لأنها زائلة، بينما الصورة هي الصورة الثابتة.
أما حديث: «إلا رقماً في ثوب» فهذا في الواقع مما يحتاج ويفيد البحث فيه، «إلا رقماً في ثوب» ليس استثناءً من تعاطي تصوير الصور المحرمة، وإنما هو استثناء من استعمال الصورة ولا أقول الآن محرمة، لكن أظن ظهر لك الفرق بين الأمرين،