الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حول عمليات الإجهاض
السؤال: هناك بعض أسئلة تتعلق بموضوع عمليات الإجهاض بالنسبة للنساء، فهو ممكن يتعلق هذا الموضوع يمكن يكون، مثلاً امرأة لا تريد الولادة أو زوجها لا يريد أنها تنجب، أو أنها من الناحية الصحية أنها إذا عملت عمليتين قيصرتين فهي تخاف لأجل صحتها، أو مثلاً أنها تكون تعرضت لأخذ بعض أنواع أدوية أو إشعاع، تعمل إشعاعات، فيكون الطفل مشوهاً، يكون عنده تشوهات خلقية، كنقص في ذراعية أو مثلاً ضعف في عقله، وممكن بعض هذه التشوهات الخلقية يولد بها الطفل تعرف بالتحليلات، بحيث يكون عندنا تيقن بنسبة 95% أن الطفل سيولد مشوه، فهل يجوز الإجهاض في مثل هذه الحالات أو لا يجوز وكيف؟
الجواب: أولاً: الإجهاض يختلف حكمه بالنسبة لسن الجنين، فيختلف كل الاختلاف بين أن يكون الإجهاض قبل نفخ الروح في الجنين، وبين أن يكون الإجهاض بعد نفخ الروح فيه، فإذا كان الإجهاض في الحالة الثانية أي بعد نفخ الروح فيه فهذا حرام لا يجوز، اللهم إلا في حالة واحدة وهي أن يخشى على حياة الأم الحامل، وحينئذ تقول القاعدة الفقهية العلمية الإسلامية أن المسلم إذا وقع بين شرين اختار أخفهما، وأقلهما شراً، فإذا كان لا بد من مفسدة من المفسدتين، مفسدة المحافظة على حياة الجنين ويترتب من وراء ذلك تعريض حياة الأم للخطر، فحينئذ نتخلص من الجنين لتخليص الأم من الخطر، في هذه الحالة يجوز فقط إسقاط الجنين ما دام أنه قد نفخ الروح فيه.
أما إذا كان الإجهاض أو الإسقاط قبل نفخ الروح فيه، فهنا الأمر سهل إن شاء الله، ولكن يجب أن ينظر إلى الباعث على الإجهاض، فيدرس هذا السبب الباعث دراسة موضوعية خاصة، فينظر: هل هو سبب شرعي مقبول في الإسلام، أم هو مرفوض؟
فإن كان مقبولاً جاز الإجهاض كما قلنا قبل نفخ الروح، وأما إن كان مرفوضاً
فحينئذ لا يجوز؛ لا لأن الإجهاض لا يجوز، وإنما لأنه اقترن معه سبب غير شرعي، وأنا أضرب لكم مثلاً واحداً لهذا النوع من السبب، وهو إذا قيل للوالد أو الوالدة لماذا هذا الإجهاض، فيجيبون بأن مرتبهم قليل، فهنا التقى هذا السبب مع السبب الذي كان يحمل الكفار المشركين قبل الإسلام على أن يئدوا أولادهم، وربنا عز وجل يقول في القرآن الكريم:{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} [الإسراء: 31].
فإذاً: إذا نظرنا إلى السبب الدافع إلى الإجهاض، وكان غير جائز شرعاً كهذا، بالتالي لا يجوز الإجهاض، أما إذا كان السبب جائزاً، ولندرس الآن الصورة التي أنت عرضتها آنفاً، وهو أن يكون قد اكتشف الجنين وهو في بطن أمه أنه غير كامل الخلقة.
هنا لا بد لي من وقفة، إذا سلمنا جدلاً بأن هذا الكشف كشف صحيح، وليس كالكشف الصوفي، هل تعرفون الكشف الصوفي؟
الكشف الصوفي هي عبارة عن خيالات وأوهام لبعض مشائخ الطرق، ويوصلهم في كثير من الأحيان إلى تخيلات يخالفون فيها الشريعة، ومن أخطر ما قرأناه في بعض كتب هؤلاء أنهم كادوا يصححون الأحاديث الموضوعة، والمكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول قائلهم صراحة، هذا الحديث وإن كان موضوعاً عند علماء الحديث، ولكن قد صح عندنا بطريق الكشف.
فإذا كان هذا الكشف الطبي اليوم أشبه ما يكون بالكشف الصوفي قبل اليوم، فحينئذ لا قيمة له، وأنا حين أقول هذا الكلام أدري أن الكشف الطبي اليوم ليس كالكشف الصوفي من كل الجوانب والنواحي، ولكن أريد أن أقول شيئاً، بأنه في كثير من الأحيان ليس يقينياً، ولعلك تعرف هذا أحسن مني؟
هل تعرف أن هذا الكشف ليس يقيناً وكثيراً ما يخطئ الطبيب؟
مداخلة: هناك أنواع من الآشعة في الكمبيوتر تكون نسبته عالية ..
الشيخ: لذلك ما دام هناك أنواع، فيجب أن نتأكد من أن هذا الكشف كشف علمي صحيح، حينذاك نقول يجوز، وإلا فنقول مخالفين لقوله عليه الصلاة والسلام:«تزوجوا الولود الودود؛ فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة» لأنه بلا شك المبادرة إلى إسقاط الجنين أو إجهاضه ولو قبل نفخ الروح فيه كما قيدنا أخيراً أقل ما يقال فيه من الشر هو تقليل سواد أمة الرسول عليه السلام، وهو يقول:« .. فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة» ولذلك فقد أمر بأن يتزوج المسلم المرأة الولود؛ لكي يحقق رغبة الرسول عليه السلام بأن يباهي سائر الأمم يوم القيامة، ومما لا شك فيه أن تعاطي أسباب الإجهاض ينافي هذه الرغبة النبوية الكريمة.
لعلي أجبتك عن سؤالك، أم بقي شيء؟
مداخلة: لو أن مثلاً بعد أربعة أشهر، مثلاً عمل كشف للمرأة متبين أن الطفل يولد وفيه تخلف عقلي، ويكون مشكلة على الوالدين، فهل يجوز؟
الشيخ: هذا لا يجوز؛ لأن الله عز وجل كما قلنا آنفاً ما خلق شيئاً عبثاً، يجب أن يكون في المجتمع ما هو مشاهد اليوم، إنسان أبيض البشرة، أسمر البشرة، أسود البشرة، طويل، قصير، كامل، ناقص .. إلى آخره؛ لأنه قديماً قيل: وبضدها تتبين الأشياء.
ولذلك الناس العقلاء كما يقال اليوم، هل هم في نسبة واحد في العقل؟
لا، وأظنكم تشاركونني الرأي بأن البشر لو كانوا بنسبة واحدة فهماً وذكاءً وعقلاً، ما استقامت لهم الحياة، صحيح أو لا؟
فإذاً: هذا التفاوت الذي قد يظهر بسبب ولادة الجنين كما يقولون اليوم في لغة العصر الحاضر معوقاً، فهذا فيه حكمة، ولذلك فنحن يجب أن نرضى بخلق الله عز وجل ما دام ليس لنا فيه كسب، وإنما هو تقدير من رب العالمين تبارك وتعالى.
فإذاً: هذا الإجهاض أيضاً لا يجوز؛ لأنه ينبغي أن يلاحظ الأبوان أن في قيامهما على تربية ولدهما مهما كان شاذاً في الخلق أو في الخلق، في ذلك أجر كبير وكبير جداً،
ونحن اليوم مع الأسف الشديد حينما ران علينا التربية المادية الأجنبية صرنا نعالج الأمور كلها معالجة مادية، فما عدنا ننظر إلى شيء اسمه مثلاً حساب، اسمه جنة، اسمه نار، ثواب، عقاب، كل هذه الأشياء أكثر المسلمين اليوم لا يفكرون فيها؛ لأنهم يفكرون التفكير المادي الأوروبي.
أنتم سمعتم آنفاً أن النبي صلى الله عليه وسلم يحض المسلم أن يتزوج الولود، فمهما كان الأولاد كثيراً، فالأجر كان أكثر، والعكس بالعكس تماماً، هذا المنطق الإسلامي لا يؤمن به الكفار؛ لأنهم كما وصفهم ربنا عز وجل في القرآن الكريم بحق حينما قال:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29].
ولذلك فهم هؤلاء الكفار أن يعيش في هذه الدنيا متنعماً بزوجته، بولده، بابنته، وخامسهم كلبهم كما جاء في القرآن الكريم، هذه الحياة التي يتمتع بها، أما أن يكون عنده عشرة من الولد يتعذب بتربيتهما والإنفاق عليهما .. إلى آخره، فهذا مما لا يسعى إليه هؤلاء الكفار؛ لأنهم إنما يعيشون ويتمتعون كما تتمتع الأنعام، بل هم أضل؛ لذلك فيجب أن يختلف منطق المسلم وتفكيره عن منطق الكافر وتفكيره، بالتالي يجب أن يختلف أثر هذا التفكر عن أثر ذاك التفكير، أما اليوم نحن مع الأسف فقد اختلط الحابل بالنابل، فأصبح كثير من المسلمين يفكرون تفكير الغربيين، لا ينظرون إلى ما يدخر لهم من الأجر يوم القيامة.
اسمعوا هذا الحديث الذي لا يعرفه الكفار إطلاقاً؛ لأنهم حرموا الإيمان بدين الإسلام، يقول عليه الصلاة والسلام:«ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد إلا لن تمسه النار، إلا تحلة القسم. قالوا: يا رسول الله! قال: واثنين» في الحديث قال ثلاثة.
«ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا لن تمسه النار؛
إلا تحلة القسم، قالوا: واثنان يا رسول الله؟ ! قال: واثنان».
قال راوي الحديث: حتى ظننا أننا لو قلنا: وواحد، لقال: وواحد.
قوله: «لم يبلغوا الحنث» يعني: سن التكليف.
قوله: «تحلة القسم» إشارة إلى قوله تعالى في القرآن الكريم: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 71 - 71].
فهذا قسم من رب العالمين أنه لا يبقى بر ولا فجر من الثقلين الإنس والجن، إلا وهو داخلها، لكن هذا الذي يقول في نهايته ينقسم إلى قسمين:
إما أن يظل فيها معذباً إلى ما شاء الله، وإما أن يمر مر الكرام يرى الناس الكفار والفساق يعذبون، وهو كأنه في حصن حصين لا تمسه النار بسوء.
وقد جاء في حديث في مستدرك الحكام بإسناد على طريقة علماء الحديث فيه ضعف، لكن معناه صحيح على ضوء هذا الحديث الصحيح وهو الحديث الأول: «ما من مسلمين
…
» وهو في صحيح البخاري ومسلم، أما الذي في مستدرك الحاكم فيقول: بأن رجلاً من التابعين كان في مجلس تحدثوا فيه عن هذه الكريمة، عن تفسيرها، وبخاصة عن تفسير:{وَارِدُهَا} .
قال: فاختلفنا على ثلاثة أقوال:
منهم من يقول: {وَارِدُهَا} أي: داخلها ولا بد.
منهم من يقول: يمر من فوقها، وهو الصراط.
ومنهم من يقول: واردها يعني: طرفها، كما يقال أورد الناقة كذا .. يراد هنا ليس معنى الورود الدخول، وإنما من الحافة أي: الطرف.
ثلاثة أقوال اختلفوا ثم لم يأتهم أحد بالقول الفصل؛ لأن ربنا عز وجل يقول: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]. فأي مسألة
فيها أقوال كثيرة هي مسألة واحدة، فيجب أن يعتبر المسلم أن هذا الاختلاف ليس من الله، وإنما هو من عباد الله، من العلماء، من المشايخ .. إلى آخره.
فحينما اختلفوا هنا على أقوال ثلاثة، وانفصلوا على هذا الخلاف، أحد هؤلاء الذين كانوا في الجلسة حينما خرج منها لقي جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، الذي استشهد أبوه في أحد، فذكر له الخلاف الذي جرى في المجلس حول قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71]، كأنه يقول له: ما عندك يا جابر؟ فما كان منه إلا أن رفع إصبعيه، ووضعهما في أذنه، وقال: صمتا، إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«لا يبقى بر ولا فاجر إلا ويدخلها، فتكون برداً وسلاماً على المؤمنين كما كانت على إبراهيم» .
فإذاً: معنى قوله عليه السلام في الحديث السابق: «إلا تحلة القسم» ، أن هذين الزوجين الذين مات لهما ثلاثة من الولد، بل اثنان، لم يبلغا الحنث واحتسبا أجرهما عند الله، لا يدخلون النار إلا بمقدار تنفيذ القسم الإلهي، وهذا المرور الذي لا تمسه النار بعذاب.
هذا المعنى الكفار لا يعرفونه، ولذلك لا يهتمون بتربية الأولاد من الناحية الأخلاقية، ومن الناحية الدينية؛ لأنه لا دين لهم، وفاقد الشيء لا يعطيه.
فالمسلم لا يجوز له حينئذ أن يعيش كما يعيش هؤلاء الكفار، ومن حياتهم تقليل النسل، وهذا خلاف النهج الإسلامي؛ لأنه يأمر بتكثير النسل، والصبر على تربية الأولاد؛ لذلك قلت آنفاً: يجب أن تكون ثمرة المسلمين في حياتهم غير ثمرة الكفار في حياتهم.
فهذا النظام في الإجهاض، الإسقاط الذي تلقيناه من الغربيين يجب أن ندخل فيه تعديلاً يتوافق مع الأحكام الإسلامية، وأن لا نأخذها كما تأتينا من الغرب؛ لأن ما يلبسه الكافر الغريب لا يصلح للمسلم الشرقي، وهذا مثال في الماديات، ولا شك أن المعنويات .. أهم وأهم بكثير، أظن انتهى الجواب عن سؤال إن شاء الله.
مداخلة: يعني لا يجوز الإجهاض على أي سبب؟
الشيخ: ما يجوز على التفصيل السابق، إما أن يكون بعد نفخ الروح فهذا حرام قولاً واحداً، وإما أن يكون قبل نفخ الروح، فلا بد فيه من التفصيل، وهو النظر إلى الباعث، فإذا كان الباعث هو خشية إملاق لا يجوز كما ذكرنا، أما إذا كان خوف على الأم مثلاً لسبب، هنا في أسباب كثيرة يعرفها الأطباء حينئذ يجوز؛ لأنه قبل نفخ الروح.
أما بعد الروح فلا يجوز؛ لأنه بنسبة قتل نفس حية، لذلك جاءت تسمية العزل بالموءودة الصغرى في بعض الأحاديث. أي نعم.
مداخلة: يعني حديث ابن مسعود: «أن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً»
…
فيه نفخ الروح بعد أربعة أشهر، والأطباء يقولون أن الأصل الطفل بعد ستة أسابيع القلب ينبض ومن هنا
…
الشيخ: يجب أن نعلم بأن النظرة الطبية، ولنقلها بعبارة أعم النظرة العلمية، قد تختلف عن النظرة الشرعية، وأنا لا أريد من هذه الكلمة أن أقول بأن العلم يتناقض مع الشرع، لكني أريد أن أقول إن العلم قاصر، وسيظل قاصراً، ولعلكم تعلمون بأن الأوربيون أنفسهم مع الأسف يشهدون شهادة حق .. هم يقولون أو بعضهم على الأقل يقول: كلما ازددنا علماً ازددنا معرفة بجهلنا. لعلكم سمعتم مثل هذه الكلمة.
لكن الشرع هو تنزيل من حكيم عليم، وهو لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ولذلك فالشرع علمه أوسع من العلم التجربي هذا، فالعلم التجربي له حدود يقف عندها.
فالآن أقول بأن الطبيب يقول بأن الحياة تدب في الجنين في الأسبوع السادس، فنحن نقول ليس هذا هو الروح الذي جاءنا الخبر عن الله من طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هناك روح منفصلة، ومخلوقة من القديم والقديم جداً تنفخ في الجنين بعد
الشهر الرابع، هذه الحياة غير تلك الحياة التي يكتشفها الأطباء، والذي يقرب الموضوع أن المني كما تعلمون جميعاً في هذه الحوينات الصغيرة وصغيرة جداً التي لا ترى إلا بالمجهر، المنظار المكبر جداً جداً، فهذه الحوينات أليس فيها حياة، لكن هذه الحياة غير الروح، غير الروح التي تنفخ في الجنين، ولذلك نحن نمشي العلم في طريقه، ونمشي الشرع في سبيله، ولا نضرب أحدهما بالآخر، وأنا أضرب لكم مثلاً:
من المعلوم من الناحية الفلكية الجغرافية أن هذه الشمس لا تغيب عن الكرة الأرضية، أليس كذلك؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: لكن طلوعها وغروبها أمر نسبي بالنسبة للبلاد الموجودة على وجه الكرة الأرضية، من ذلك مثلاً حينما نرى الشمس تطلع من المشرق، نقول نحن في عرفنا، العرف البشري العام، نقول: طلعت الشمس، والشرع أيضاً يقول في تحديد وقت صلاة الفجر: حتى تطلع الشمس، فيقول عليه السلام:«من أدرك ركعة من صلاة الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك، ومن أدرك من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك» .
هذا الشرع وهذا هو المرئي، لكن العلم يقول حينما نرى الشمس على قمة الجبل هي في الحقيقة لا تزال وراء الجبل، وإنما انعكاسات الأشعة هي التي أظهرتها لعيننا.
إذاً: نستطيع أن نقول الآن لما طلعت الشمس، طلعت بالنسبة للرؤية العامة البشرية، لكن من الناحية النظرية العلمية ما طلعت.
إذاً: هل هناك تناقض؟
لا، لا تناقض، طلعت الشمس كما نراها، ما طلعت الشمس كما يرى العلم
الدقيق.
كذلك مشكلة الأرض وكرويتها وحركتها التي أشكلت على بعض المشايخ، وقالوا: لا، الأرض جامدة ومسطحة وليست كروية .. إلى آخره.
يا أخي الأرض كما نراها، الأرض بساطاً، أي: من حيث التصرف فيها كما لو كان بساطاً، لكن نحن لا نراها إلا بأعيننا، في جبال، في وديان، في بحار، فهي ليست بساطاً .. لكن من حيث التمكن في التصرف فيها وإتيان العباد عليها، يعني: يأتون مصالحهم فيها ذللاً؛ كأنها بساط.
فإذا قال العلم بأن الأرض كروية؛ لأن الأرض تدور كذا سرعة، ونحن ننكر هذا؛ لأن العلم نكتشف ما لا نراه نحن بأعيننا كما قلنا آنفاً، لكن هذا لا يحملنا على أن نتكلف في تفسير الآيات الكريمة، ونحملها من المعاني ما لا تطيق، من أجل أن لا تختلف مع العلم، لا.
نقول العلم يمشي في سبيله، والشرع يمشي في سبيله، وكلاهما حق، فحينما قال تعالى بالنسبة لقصة أهل الكهف:{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف: 17]، إذا طلعت أي: بالنسبة لرؤية العين، لا يهمنا بعد ذلك أن يقول العلم أن الشمس لم تطلع بعد؛ لأن الأشعة هي التي رفعتها.
إذاً: المسلم يجب أن يكون وسطاً بين العلم الشرع ويتمسك به ويعض عليه بالنواجذ، وبالعلم أيضاً الذي ثبتت قطعيته، فيأخذ به، ولا تنافر حينذاك بين العلم الشرعي والعلم التجريبي.
هذا ما ينبغي أن يقال بمثل هذه المناسبات.
مداخلة: تنظيم النسل في الحدود التي تكلمت فيها، بمعنى أنني لن أنظمه خشية إملاق أو .. إلى آخره، ولكن تطبيقاً لقول الله سبحانه وتعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233]، وانتقل
لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إياكم والغيلة .. » فيما معنى الحديث يعني، وقيل ما معناه أن الغيلة تحمل المرأة وهي ترضع رضيعها، أن لديها سنتين يمكن أن يعزل الرجل عن امرأته في وقت الخصوبة لكي لا ينجب منها، وسنة تقريباً في الرضاعة، فتكون ثلاث سنوات، فهل يجوز شرعاً أن يعزل عن امرأته في الخلفة أو ينظم الإنجاب كل ثلاث سنوات، والإرادة أولاً وآخراً لله سبحانه وتعالى.
الشيخ: شوف يا أستاذ، كلمة التنظيم هذه لفظاً ومعنى في الاصطلاح الحاضر أيضاً جاءنا من أوروبا، فهم لا يؤمنون بالقدر الذي نحن نؤمن به كما قال ربنا عز وجل في القرآن الكريم:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2].
وقال نبينا صلوات الله وسلامه عليه: «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس» .
فالأوربيون لا يوجد عندهم شيء اسمه قدر بخلاف المؤمنين، وبناء على هذا التفاوت في الفكر وفي العقل والعقيدة، هم يقولون بشيء اسمه تنظيم؛ لأنهم لا يؤمنون بأن هناك القدر قد يتدخل في الموضوع، فيقلب عليهم تنظيمهم رأساً على عقب.
باختصار أنه لا تنظيم في الإسلام؛ لأن الإنسان الذي ينظم حتى تنتهي زوجته من إرضاع وليدها قبل أن تحمل بأخيه أو أختها، قد يتدخل القدر الإلهي فيأخذ هذا الرضيع. عرفت كيف؟
مداخلة: أيوه.
الشيخ: فإذاً: دعها تجري على قدر، ربنا هو الذي ينظم الأمر، لاحظت الجواب.
مداخلة: نعم، جميل
…
مداخلة: .. حديث الرسول: «فإياكم والغيلة» ..
الشيخ: لا، «إياكم والغيلة» وفقد جاء في الحديث الصحيح معناه لقد هممت أن
أنهى عن الغيلة، فرأيت فارس والروم تفعل ذلك، وفعلاً مجرد تجربة أنا شخصياً زوجتي كانت تحمل في كل سنة، فليست قاعدة مضطربة أن الغيل قد تؤثر، ليست قاعدة ما أقول لا يؤثر، قد يؤثر، لكن قاعدة بحيث أنه يتخذها نظاماً، ونبني عليها علالي وقصورا، فالتنظيم لا نراه أيضاً مشروعاً، ولكن إذا وضعنا القيود السابقة لا نقول بتحريمه، وإنما بكراهته لما ينتج من وراء ذلك من تقليل نسل أمة الرسول عليه الصلاة والسلام.
مداخلة: نرجع لكلامك السابق،
…
لا يجوز الإجهاض على أساس أن الجنين العلم أكد فيه ممكن يكون فيه عته أو فيه
…
أنا أعرف زوج وزوجة دائماً كلما ينجبون أولاد معوقين نتيجة جينات معينة بالنسبة للزوج، اجتماع جينات الزوج مع هذه الزوجة يترتب عليها أطفال معوقين، على الرغم أنه لو الزوج تزوج واحدة أخرى، والزوجة تزوجت شخص آخر ممكن يخلفوا أطفال عاديين أو طبيعيين فما رأي حضرتك بهذا الموضوع؟
الشيخ: في ظني أنني أجبت عن مثل هذا السؤال.
مداخلة: لا، بالنسبة لحياتهم هم الاثنين مع بعض
…
مداخلة: رجل متزوج امرأة الطبيعة الجسمانية لها، والجينات الذكرية والأنثوية غير متطابقة بينهما معاً، فبالتالي الرجل كلما يلقح هذه المرأة وكذا، ينتج ولد معوق، لكن لو أنه تزوج امرأة أخرى وهي تتزوج رجل آخر؛ لأتى الجنين طبيعياً، فهل تستمر حياتهما على هذا ويصبران، أم يجيز لهما الشرع الطلاق، أم يوجب عليهما ذلك؟
الشيخ: أنت تقصد هذا؟ الأخ سمعت منه كلمة الطلاق، وأنا ما سمعتها منك.
مداخلة:
…
أنا أتكلم هل من مصلحة الإسلام والمسلمين أن يكون لهم أطفال معوقين ويكون معلوم مسبقاً أنهم معوقين .. ؟
الشيخ: أنا أعتقد يا أخي أن هذا أجبنا عنه، قلنا لما تحدثنا مع الأخ، أنه هل هذا
كون الولد سيكون معوقاً يقيناً؛ لأن العلم لا يكون يقيني، والظاهر ما أدري أنت كنت حاضراً أم لا.
مداخلة: أنا كنت حاضر، بس هذا الكلام في حالة عندما يحصل حمل فعلاً، لكن نحن نتكلم قبل الحمل الآن.
مداخلة: .. يقين أو غير يقين.
مداخلة: يعني هذه الحالة ممكن تكون حالة في كل ستة عشر طفل ينتج طفل سليم، وخمسة عشر حالة يكون مثلاً
…
الشيخ: قلنا يجب أن يرى في هذا المجتمع الناس على اختلافهم وتفاوتهم في عقولهم، في كمالهم .. إلى آخره، بالضد يتبين الأشياء، وأنا شايف أن السؤال هو هو، لكن ربما يكون هو في نفسه شيء زائد عما سبق، بس أنا لا أتمكن أن القصة ليست منه.
مداخلة: أنا أقصد بالنسبة لهذا الزوج وهذه الزوجة، حياتهم تصبح جحيم، عندما يكون لهم أكثر من طفل معوق يعني ..
الشيخ: أنا أراك ستعود إلى كلام الأخ هنا.
طيب، إذا حياتهم جحيم، ما هو المخلص؟ هل المخلص مثلما أنت أشرت أنه كل واحد يأخذ سبيله، فقد يتزوج بزوجة أخرى وما تحصل مشكلة، وقد تتزوج تلك بزوج آخر، ولا تحصل مشكلة.
أي: هل يطلق الزوج زوجته هنا؟ أم أنك تريد حل المشكلة بالإجهاض؟
مداخلة: لا.
الشيخ: فإذاً ما هو السؤال؟
مداخلة: هل من الأفضل أن الزوج يترك زوجته لكي لا ينجب، يعني الرسول عليه الصلاة والسلام يقول:«تكاثروا تناسلوا؛ فإني مباهي بكم الأمم» فالرسول
عليه الصلاة والسلام يباهي الأمم الذي هو على أساس أننا سنكون ناس ..
الشيخ: متكامل ..
مداخلة: نعم، فهل من مصلحة الإسلام أن يأتي له أولاد معوقين، أو معتوهين، أو متخلفين عقلياً.
الشيخ: لا ليس من مصلحة الإسلام، لكن ما هو الحل، هل هو الإجهاض؛ لأنك أنت تبحث عن حل.
أنا أعطيتك الجواب، ليس من مصلحة الإسلام، فما هو الحل؟
مداخلة: هل من الأفضل أن الزوج يبحث عن زوجة أخرى، ويطلق زوجته؟
الشيخ: لا، الأفضل لو كان عنده زوجة تأتي له بأولاد كاملين، أنه يبحث عن زوجة أخرى، مش لأنه لديه زوجة تأتي له بأولاد معوقين، لو كان عنده زوجة تأتي له أولاد كاملين، فهل يتزوج واحدة أخرى عليها، هذا أفضل له، فما بالك بالحالة التي أنت تسأل عنها! أخذت الجواب أو لا.
مداخلة: نعم.
الشيخ: له أن يتزوج عليها، لكن قل لي الآن، نحن نعالج الموضوع معالجات جزئية.
هذه الزوجة الأولى التي تأتيه بأولاد معوقين على ذمة السائل كما أنت تقول، هل يحتقر بها ويأتي بها، وهل يكون ولا حياء في الدين كما يقال، وهل يكون جماعه للثانية كجماعه للأولى أم يكون مجامعته للأولى أقل بكثير؟ ما رأيك؟
مداخلة:
…
يمنع الحمل الذي يأتي منه
…
الشيخ: الرجل هذا إذا تزوج بأخرى سيكون اتصاله معها أكثر من الأولى، أليس كذلك؟
مداخلة: نعم.