الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم وجود تماثيل في بعض الدول تسمى بالآثار وحكم زيارتها والكلام على بعض مسائل التصاوير
مداخلة: ما حكم [ما نراه] في بعض بلاد المسلمين من أفكار الأمم الهالكة وحضارتهم الزائلة كالأصنام .. كأصنام الفراعنة وأبي الهول، وما حكم زيارتها ومشاهدتها بقصد الاتعاظ والعبرة؟
الشيخ: لا شك أن اتخاذ الأصنام هي عادة الكفار قديماً وحديثاً وهي [تدخل] فيما يشملها النهي عن الصور التي تعرفون الأحاديث الكثيرة التي جاءت مؤكدة للنهي عن تصويرها وعن قنيتها واستعمالها، والعلماء قد اختلفوا في هذه الأحاديث التي تنهى عن التصوير وعن اقتناء الصور، هل المقصود بها الصور المجسمة، أي: الأصنام فقط أم هي تشمل أيضاً الصور التي ليست مجسمةً والتي يعبر عنها بعضهم بأنها لا ظل لها وهي الصور التي تصور على الجدران أو على الأوراق أو في الكتب أو نحو ذلك، اختلفوا لكن الصواب الذي لا ريب فيه كما ذكر ذلك الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم أن الأحاديث الواردة في ذلك تشمل نوعين معاً المجسم وغير المجسم .. الذي له ظل والذي لا ظل له، بدليل حديث قرام عائشة الذي ينص أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من سفر له وأراد أن يدخل بيت عائشة وجدها قد نصبت قراماً لها ولم يدخل، وقال:«ما هذا يا عائشة؟ قالت: قرام اشتريته لك، قال: ألم تعلمي أن أشد الناس عذاباً يوم القيامة هؤلاء المصورون يقال لهم: أحيوا ما خلقتم» هؤلاء المصورون أي: الذين صوروا هذه الصور التي لا ظل لها وليست مجسمة؛ لأنها على الستار وهو القرام، فإذاً: هذا حديث صريح الدلالة في أن النهي عن التصوير يشمل أيضاً الصور التي لا ظل لها.
بالتالي قوله عليه السلام: «لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة أو كلب» يشمل أيضاً كل صورة سواء كانت لها ظل أو لا ظل لها .. مجسمة كانت أو غير مجسمة، كل
هذه الصور تمنع دخول الملائكة.
وعلى ذلك فلا يجوز استعمال الأصنام والتماثيل بنوعيها المجسمة وغير المجسمة إلا ما لا بد منه وما فيه مصلحة راجحة ولا مفسدة فيها، في هذه الحالة يمكن أن يستثنى من الصور المحرمة بعضها بهذا القيد الذي أخذناه من أحاديث في لعب السيدة عائشة رضي الله تعالى عنه وهي أحاديث بعضها ثابت في الصحيح، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسرب إلى عائشة بنات من جيرانها يلعبن معها بلعبها.
فهذه اللعب هي التي ينبغي أن يستفاد منها جواز اقتناء بعض الصور التي لها فائدة تذكر وليس لها ضرر يذكر، ففي هذه المناسبة أقول: ليس من قبيل لعب السيدة عائشة رضي الله عنها اللعب التي ابتلي المسلمين اليوم باستيرادها من بلاد الغرب وهي التي تعرف بلعب الأطفال أو بالدمى؛ لأنها أولاً ليست من صنع أهل البيت هذا البيت الذي فيه تنشأ البنت وتترعرع على عادات البيت المسلم وتقاليده وإنما هي هذه اللعب تأتي من أوروبا مجسمةً مصبوبة بالبلاستيك ونحوه وفيها تحمل قسماً كبيراً من عادات الأوروبيين الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله.
من ذلك مثلاً تأتي الصورة تارة صغيرة وتارة تحملها البنت لخفتها وهي قامتها أطول منها مجسمة هكذا لها شعر شاليش .. يا ليت! لها خراطة يسمونها ببعض البلاد أو تنورة تصل إلى أصناف الأفخاذ، هذه عادات الغرب والكفر ندخلها في بيوت المسلمين بطريق هذه اللعب لعب الأطفال، هذا ليس هو المقصود بحديث عائشة أو لعب عائشة إنما هي التي تصنع بيتياً من خرق .. من خيوط يركب لهذه الدمية يد ورجل ونحو ذلك وفي ذلك تمرين وفائدة لهذه البنت تمشي على شيء لما يعرف اليوم بتدبير المنزل، لا ضرر في هذا إطلاقاً.
فلا جرم أن الله عز وجل أباح ذلك أو أباح تلك الصور في بيت النبوة والرسالة .. في البيت الذي كان ينزل فيه جبريل عليه الصلاة والسلام على نبينا صلى الله عليه وسلم حتى قال ذات يوم لعائشة: «يا عائشة! هذا جبريل يقرئك السلام، قالت: وعليه
السلام يا رسول الله» وفي رواية صحيحة: «عليك وعليه السلام يا رسول الله ترى ما لا نرى» .
في هذا البيت أذن الرسول عليه السلام لعائشة بلعبها هذه، أما لو رأى الرسول صلى الله عليه وسلم هذه اللعب التي ملأت الأسواق والبيوت فاعتقادي جازماً أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرضى بذلك؛ لأننا قلنا مستشهدين بحديث عائشة أن الصور هذه سواءً كانت صور يدوية أو كانت صور فوتوغرافية فهي سواء في التحريم ولكن يستثنى من ذلك ما لا بد منه مما فيه مصلحة راجحة، وليس في ذلك مفسدة.
أما هذه الألعاب التي أشرنا إليها آنفاً فالمفاسد مخفية تحتها؛ ولذلك لا يجوز بيعها ولا شراؤها ولا إدخالها في بيوت المسلمين
…
وأظن أن في السؤال بقية.
لا يجوز للمسلمين أن يدخلوا بيوت الأصنام ولا أن يزوروا الأماكن التي حل بها العذاب في بعض الأقوام الذين تقدموا الإسلام إلا مضطرين مروراً، وكما قال عليه السلام في بعض الأحاديث الصحيحة أنهم إن اضطروا أن يمروا فليبكوا، فإن لم يبكوا فليتباكوا؛ لأن هذه مصيبة عظيمة جداً لا تزال آثارها قائمة في بعض البلاد العربية.
فتقصد الإتيان أماكن العذاب لا يجوز لكن من كان مروره من هناك فيمر سراعاً خشية أن يصبيه ما لا يسره، وأن يصيبه ما يكرهه.
(رحلة النور: 07 أ/00: 24: 35)