الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجور في العطايا
السائل: شيخنا في من المسائل التي تعم بها البلوى في هذا الزمان، بل لعله منذ أزمان الجور في العطية، وحديث وارد عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما الذي فيه أنه نحل ابنه وقال الرسول عليه الصلاة والسلام:«إني لا أشهد على جور» معروف في تحريم أصل إفراد أحد الأبناء بعطية دون الباقين، وهذا أظن شيخنا متفق عليه بين العلماء، لكن هنا مسألتان: مرتبطتان في هذا رأيت يعني بعض أهل العلم يشيرون إليهما وهما من المسائل التي يخطئ كثير من الناس فيهما:
أما المسألة الأولى فهي عند ظن بعض الناس أنهم سيعدلون في العطية، فيجعلون عطية الذكر ضعف عطية الأنثى، يقيسون ذلك على الميراث، فهل هذا القياس صحيح أم أن العطية الأصل فيها التساوي وهي تختلف عن الميراث، هذا السؤال الأول؟
الجواب: لاشك أن قياس الهبة والعطية على الميراث قياس غير جائز؛ لأن الميراث حكم خاص لا يقاس عليه الهبة والعطية، هذا أولاً.
وثانياً: هناك حِكَم واضحة جداً في تفريق الشارع الحكيم في المفاضلة في الإرث حين قال للذكر مثل حظ الأنثيين، ومثل هذا لا يتحقق في كثير من الأحيان في مسألة العطية.
وثالثا: لا يوجد عندنا ما يقتضي تفضيل الذكر على الأنثى بالنسبة لحديث النعمان بن بشير، بل لعموم قوله عليه الصلاة والسلام في بعض روايات الحديث وطرقه:«اعدلوا بين أولادكم ألا تحبون أن يعدلوا معكم في بركم» أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
فهذا يؤكد التسوية في العطية دون المفاضلة؛ لأنه لا مفاضلة شرعية بين الذكر والأنثى بالنسبة للأبوين، فكما أنه يجب على الذكر مثلما يجب على الأنثى، ويجب على
الأنثى مثل ما يجب على الذكر من البر الأكمل بالنسبة للوالدين، فكذلك العطية تجب أن تكون كاملة، تفضل.
مداخلة: وإن كانت العطية في .. الموت أو بعد الموت، هل الحكم هو هو؟
الشيخ: إذا كان يعني في مرض الموت كما لا تنفذ له وصية كذلك لا تنفذ له عطية.
السؤال: هو مَلَّك لمرض الموت مَلَّك بطريقة قانونية، فهذه المسألة نازلة، يعني حطت من أيام يعرف ظلم أولاده وبعدهم عن الدين، وله ولد صغير ملتزم، فيسأل فيقول: ملكنا الأولاد وملك الأخوات البنات، نصيباً متساوياً في أرضه ودوره، وذلك قبل وفاته بقليل، ويعلم أنه يعني على مخايل موته، يعني معه مرض كأنه خبيث أو من هذا القبيل وعنده خبر من الأطباء أنه يعني حياته في ظاهر الأسباب قصيرة فيسأل عن حكم يسأل عن ميراث أخواته، هل هذا الذي ملكوه هو يعني نصيبهم وإلا نص نصيبهم وإلا ما لهم نصيب فيه، وإلا يعني يسأل عن هذا؟
الجواب: هنا ينظر إلى القضية من باب أخرى غير ما قلناه، إنه مرض الموت؛ لأنه حينما يذكر الفقهاء مرض الموت إنما يعنون أن عقله لا يكون حكمه مستقيماً.
مداخلة: هو في عقله يتظاهر.
الشيخ: اسمح لي، هذا الذي أريد أن أصل إليه.
فقد يقال بالنسبة لإنسان معين وهذا الطبيب موجود هو مريض ومحكوم عليه بالموت، لكن عقله سليم، فإذا كان من هذا القبيل ولو كان مريضاً مرض الموت، فحينئذ كما لو لم يكن مريضاً، يكون تكون عطيته وتكون وصيته نافذة، لكن الموضوع حسب ما ذكرت أنت آنفاً يبدو أنه احتيال على الحكم الشرعي، وهو الإرث، فهو قسم إرثه في قيد حياته بعلة أو أخرى أنه حتى ما يختلف، أو حتى ما يبغي بعضهم على بعض أو ما شابه ذلك.
فإذا كان الأمر احتيال، فلا ينفذ أو لا تنفذ هذه العطية؛ لأنه هو نفذ الإرث في
قيد حياته، واضح؟
مداخلة: واضح.
الشيخ: هو هذا.
السؤال: يا شيخنا المسألة الثانية في هذا الباب: لو كان قسمته بالوجه الشرعي الصحيح، وخائف من أنه الأولاد ما يقسمون صحيح، فطبعاً تنفذ؛ لأنها مسألة الإرث.
الشيخ: يعني أعطى للذكر مثل حظ الأنثيين؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: فهذا حتى يقال كذلك: يجب أن يقدم إلى القضاء الشرعي بيان بواقع هذا المتوفى، فإذا جاءت الفتوى، أو القضاء موافقاً لتقديمه فهو كما قلت.
مداخلة: هذا الأخير مخصوص بالقضاء يعني أنه ينظروا القضاء؟
الشيخ: أي نعم ..
مداخلة: يا شيخنا.
الشيخ: نعم.
مداخلة: وهناك مسألة ثانية وهي مسألة مهمة واقعية مثلاً: لو أن بعض الآباء اختصوا بعض أبنائهم بعطايا وهبات دون إخوانهم الآخرين، ثم مات هؤلاء الآباء فترى هؤلاء الأبناء يقولون: ليس علينا ضير ولا إثم، فإن الإثم على أبينا، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول في الفتاوى: بأنه يجب على هذا الابن أن يرد جور أبيه، وأن يرد الظلم الذي أوقعه على بقية إخوانه من هذا الأب الجائر، بأن يرد الحق إلى نصابه، فمدى صحة هذا الكلام يا شيخ؟
الجواب: هذا هو الكلام.
مداخلة: يا سلام.
الشيخ: لأن الابن المفروض فيه: أن يتعاطى وسائل الرحمة لأبيه والمغفرة لأبيه، بل يجب على المسلم أن يكون أرحم من ذلك بغير أبيه، فبالأولى أن يكون أرحم ما يكون بأبيه، ولذلك فلا يجوز أن تتغلب عليه الشهوة المادية، فيقول: أنا ما دخلني كيف ما دخلك، لازم تخلص أباك من الجور الذي حققه في قيد حياته، لعل في ذلك نجاة له بعد وفاته من ظلمه.
مداخلة: نعم.
الشيخ: الذي نقلته عن ابن تيمية هو عين الصواب والحمد لله، وليس ذلك غريباً من شيخ الإسلام، فهو ثقة.
مداخلة: شيخنا مسألة ثالثة وإن كانت يعني المسألتان كافيتين يعني في البحث لكن أيضاً، يعني حتى نلم بالموضوع من أطرافه.
كثير من الآباء أيضاً: يأتي إلى بناته في موضع العطية فيقول: بدي أعطي فلاناً أنت موافقة؟ تقول: نعم يا أبي موافقة مثلاً، وهكذا تمضي القضية، فهذا أيضاً يعد من الباب نفسه جوراً وظلماً.
الشيخ: أي نعم. على العكس يجب أن يعطي البنت التي تهضم عادة، ينقدها ما تستحقه لا أن يجرها جراً إلى أن توافق على قسم الجاهلية التي تقام على منع البنات من حقوقهن.
مداخلة: جزاك الله خير. يا شيخنا يعني نقول: أنه الأب إن رزق بأولاد صالحين وردوا المظالم إلى أهلها فهو معافى عند الله ومغفور له؟
الشيخ: ذلك هو الأمل والرجاء.
مداخلة: هل يمكن أن يأخذها من باب أن الولد من كسب أبيه؟
الشيخ: نعم.