الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الميت المسلم لا تزال قائمة كما لو كان حياً، ولذلك جاءت أحاديث تنهى المسلم عن أن يطأ قبر المسلم، وعن أن يجلس عليه، بل جاء وعيد شديد فقال عليه الصلاة والسلام:«كسر عظم الميت ككسره حياً» أي من حيث العقوبة، وإلا الميت بعد أن يموت لا يحس بأي شيء يقع في جسده، لكن من حيث الحكم الشرعي، فكسر عظم الميت ككسره حياً، كثيراً ما يرد سؤال في مثل هذه المناسبة أنهم يجرون عمليات جراحية تشريحية ليتعلموا على حساب جثث الموتى، فنقول له: لا؛ لأن الرسول قال: «كسر عظم الميت ككسره حياً» ، بالإضافة إلى أحاديث كثيرة تنهى عن المثلة، عن المثلة بالميت حتى الكافر، لا يجوز التمثيل بالكافر إذا ما قتله المسلم، قتله انتهى أمره، أما يجي يشوه يقطع آذانه أنفه أعضاؤه إلى آخره، فهذا لا يجوز حرمة لهذا الميت الكافر، فضلاً عن المسلم، فنقول: إذا كان لا بد للطبيب المسلم من أن يتمرن على حساب جثث الموتى، فليبتعد عن جثث المسلمين؛ وذلك لأنه جاء في رواية صحيحة:«كسر عظم المؤمن الميت» كسر عظم المؤمن الميت «ككسره حياً» ، حتى هنا نحن نقول: إذا كان هناك مجال للتمرن في التشريح أن يجري هذا التمرن على جثث الحيوانات -أيضاً- ينبغي الابتعاد عن جثث الأموات الكفار فضلاً عن المسلمين لما ذكرت آنفاً من أن النبي عليه السلام نهى عن التمثيل، هذا هو جواب السؤال الذي سألت عنه. تفضل.
(الهدى والنور/678/ 27: 14: 00)
حكم نقل الأعضاء
مداخلة: سمعت لشيخنا فتوى في عدم جواز نقل الأعضاء.
الشيخ: أي نعم، هذا له مجال آخر؛ لأن نقل الأعضاء فيه تمثيل إما بالحي المتطوع أو بالميت المغتصب منه عضوه، فمن أجل هذا لا يجوز.
مداخلة: كنت أريد يا شيخنا إلقاء الضوء على هذه المسألة؛ لأني كان الدم
طريق للمسألة وهل يسوى بينهما، وما الفرق بين جواز نقل الدم، وعدم جواز نقل الأعضاء، مع أن كلاهما نقل؟
الشيخ: صحيح كلاهما نقل، وكلاهما بيع، وبعضه جائز وبعضه ربا، فكون الربا اشترك في البيع، لا يعطي حكم البيع المباح، فهذا نقل وهذا نقل، ورجل ينتقل بطريق مشروع، وآخر ينتقل بطريق غير مشروع، قد لا يضر الاشتراك في جزء ما كهذا الاشتراك في النقل؛ لأن العلة كما ذكرت لك آنفاً إنما هي المثلة، فقد قلت بأن نقل العضو من الحي المتبرع به هو مثلة به، ونقله من الميت فهو اغتصابه منه لا يجوز، فشتان بين هذا وذاك.
مداخلة: لكن المثلة يا شيخنا، مثلاً لو واحد سينقل الكلى، فأين المثلة؟
الشيخ: لكل سؤال جواب، لما قلت أنت نقل الأعضاء أنا أدرت على الموضوع على ما فيه مثلة، بينما أنت تحصر السؤال وتحدده بنقل الكلية مثلاً، نقول هناك بطريقة أخرى إن الله عز وجل ما خلق للإنسان كليتين عبثاً، وإنما لحكمة بالغة والأطباء يعرفون ذلك أكثر من غيرهم، فلو تطوع الرجل بإحدى كليتيه، فمن الممكن أن يعرض حياته للهلاك؛ لأنه قد تتعرض الكلية الأخرى للتعطل، فتقوم الكلية الأولى التي تبرع بها بديلاً عنها، ولذلك فلا يجوز كما لا يجوز تماماً لو فرضنا إنساناً له يدان، فيتبرع بإحدى يديه ولو بثمن باهظ، فهذا بلا شك يدخل أولاً هنا في المثلة، وثانياً في تغيير خلق الله وهذه العلة تشمل التبرع بإحدى الكليتين، ونحن نعلم من مناقشتنا لكثير من إخواننا الأطباء المؤمنين حينما سألناهم هل أنتم على علم بالنسبة لمستقبل الكلية الباقية، فها أنتم استأصلتم بعد فحص دقيق يجرونه على كل من الكليتين، ويشترطون أن تكونا سليمتين، فها أنتم استأصلتم إحداهما، هل أنتم على اطمئنان من أن الكلية الأخرى لا يمكن أن تتعرض لفساد أو لتقصير في القيام بوظيفتها هذا التقصير قد يعرض صاحبها لشيء من الضرر أو الهلاك، قالوا: لا، نحن نحكم بما هو الظاهر الآن فنقول: هاتان الكليتان سليمتان، فإذا أذن صاحبهما بأن نستأصل إحداهما فعلنا، أما أنه يجوز أن يعرض بالكلية الباقية شيء
من التعطل أو الفساد فهذا أمر واقع، ما له من دافع، أو أنه أمر قد يقع، ولا نستطيع أن نضمن عدم وقوعه.
وعلى ذلك فحكمة الله تبارك وتعالى في خلقه كليتين هو حكمة ظاهرة بالغة لا يجوز لهذا الإنسان الذي تفضل الله عليه بهما أن يظن أن يتفضل بإحداهما على حساب الأخرى.
هذا الذي ندين الله به، وخلاصة الكلام أن التبرع بعضو من الأعضاء إما أن يكون ظاهراً ففيه علتان المثلة والتغيير لخلق الله، وإما أن تكون باطنة كالكلية ففيها العلة الواحدة وهي تغيير لخلق الله عز وجل من جهة، ويضم إلى ذلك أنه قد يعرض نفسه للهلاك أو الضرر على الأقل من جهة أخرى.
مداخلة: طيب بالنسبة للميت يا شيخنا، هذا لو أوصى وقال مثلاً ابني يحتاج إلى كلية أو إلى كبد أو إلى هذه الأشياء، فإذا أنا مت فانتزعوا هذا العضو وأعطوه لولدي حتى يشفى من مرضه أو نحو ذلك ..
الشيخ: يفهم الجواب مما سبق، وخلاصته أن نقول إنها وصية جائرة وباطلة لا يجوز تنفيذها؛ لأن الميت إذا مات لا يملك أن يقول افعلوا أو لا تفعلوا في بدنه ما يشاء، وبخاصة إذا كان ما يوصي به مخالفاً للشرع كما قلنا آنفاً، صحيح أنه هنا الميت لا يتضرر، ولكن أليس ذلك يتطلب إن كان قد وضع في قبره أن يكشف عن جثته وإن كان لم يدفن بعد في قبره أن تجرى له عملية جراحة، فهذه العملية الجراحية هي من المثلة بالميت؛ لكي يستأصلوا منه ما أوصى بالتبرع به من الكلية.
مداخلة: لكنها ستحيي الحي، ويقولون لك في كل كبدة رطبة أجر، فيقولون هذا الإنسان لو نقلنا إليه هذا العضو لأنه سيأكله الدود سنحيي به رجل آخر، أو نتسبب في إحيائه.
الشيخ: أي نعم، هكذا يقولون، وهنا يرد قول من قال: استضعفوك فوصفوك، هلا وصفوا لك شبل الأسد.
ما يجوز التسلط على الميت، والرسول عليه السلام حينما نهى عن المثلة فهو من باب إكرام الإنسان كما يقولون اليوم بصورة عامة، أما نحن فنقول إكرام المؤمن على أن يمثل به، وقد جاء في الحديث الصحيح وهذا لعله ختام الجواب عن هذه المسألة وهو قوله عليه السلام:«كسر عظم المؤمن الميت ككسره حياً» .
فإذاً: لا يجوز أن نعمل فيه عملية جراحية لاستئصال شيء من أعضائه وليكن الكلية. هذا آخر ..
مداخلة: شيخنا بالنسبة للحديث: «كسر عظم المؤمن الميت ككسره حياً»
…
العظم، فهل المقصود كسره عن الهيئة التي خلقه الله عليها، أم دق العظم وكسره فعلاً؟
الشيخ: كسره، لا نتوسع نحن فنقول أكثر مما جاء في الحديث، يعني إذا جاز لنا أن ننقل عظم الساق من هنا إلى هنا، فهذا ليس كسراً، ولكن إذا اضطر الأمر إلى جعله قسمين فهذا هو الكسر، فالذي يأخذ السكين ويقطع البطن والأعصاب ونحو ذلك يصل إلى مكان الكلية، فهذا لا شك أنه أولاً مثلة وأنه شبيه بالكسر الذي ذكر في الحديث علماً بأن الحديث عالج أول ما عالج موضوع الميت الموضوع في قبره، فيجب العناية به وعدم تعريض شيء من عظامه للكسر، أما اليوم العملية أن الميت يتسلطون عليه قبل أن يوضع في القبر بطريقة فتح البطن والتشريح ونحو ذلك ..
مداخلة: يظهر من الجواب يا شيخنا أنك تمنع تشريح الجثة أيضاً؟
الشيخ: هو كذلك وبخاصة أن هذا التشريح قائم على النظام الكافر أولاً، وعلى عدم الاعتماد على الوسائل والأسباب الشرعية التي يوقف عندها باستكشاف أسباب القتل، ثم يضاف إلى ذلك أن ثمرة هذا الذي سميته التشريح معرفة الجاني، ثم إذا ما وصلوا إلى معرفة الجاني لم يقيموا حكم الله عليه، فما فائدة هذا التشريح؟
مداخلة: نعم.