الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم رسم وتعليق الصور في مجال التعليم
مداخلة: ما حكم رسم وتعليق الصور في مجال التعليم؟
الشيخ: في مجال التعليم.
مداخلة: أنا مُدرسة في مجال الروضة فأجبرت على العمل .. أنا أحتاج الرسم كثيرًا
…
الشيخ: أنا أقول لك: أعانك الله فيما أنت فيه؛ لأنك في زمن عم البلاء فيه وطم، وصار التعليم في مدارس المسلمين كالتعليم في مدارس الكافرين، أصبحنا لا نتبع شريعة الله متأثرين بأساليب الكفار في تعاليمهم.
ما أظن أن الأمر يحتاج إلى كثير من الكلام والبيان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم التصوير عملاً كما حرمه اقتناءً، فهو يقول:«من صور صورةً كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ» وقال: «كل مصور في النار» ، وقال:«لا تدخلوا الملائكة بيتاً فيه صورة أو كلب» وامتنع جبريل عليه السلام أن يدخل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان على موعد سابق معه حينما خرج الرسول عليه السلام ليتلقى جبريل خارج الحجرة وهو يمتنع من الدخول قال للرسول عليه السلام: «انظر فإن في البيت جرو كلب، وانظر فإن في البيت قراماً فيه تماثيل رجال، فمر بالكلب فليخرج ولينضح مكانه بالماء، ومر بالتمثال فليغير حتى يصير كهيئة الشجرة» فهو عليه السلام بادر إلى تنفيذ أمر جبريل نظر في البيت فوجد جرو كلب جاء به الحسن أو الحسين فأمر بإخراجه ونضح مكانه بماء، ثم وجد هناك ستار عليها تماثيل أي: صور لرجال فغير بالتخطيط حتى صارت كأنها شجرة لها فروع، حينذاك دخل جبريل عليه الصلاة والسلام.
هذه بعض الأحاديث التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم الصور تصويراً واقتناءً، وصل بنا الزمن إلى عهد ابتلينا بالاستعمار الغربي الفكري بعد أن استعمرنا
في بلادنا، خرج المستعمر من بلادنا ولكنهم خلفوا فيها آثاره السيئة وتقاليده وعاداته وأخلاقه ونحو ذلك، منها: هذه الأساليب في تعليم الأطفال.
نحن نعتقد أن الأصل في التصوير ما ذكرناه آنفاً: التحريم، لكن قد أباح النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة رضي الله عنها اللعب التي كانت تلعب بها في بيتها، فتعرف هذه عند العلماء بلعب البنات حتى كان من أدبه عليه السلام وحسن خلقه أنه كان يسرب إلى زوجته عائشة البنات من جيرانها لكي تتسلى عائشة معهن.
ورأى في بيتها اللعب لعب البنات، فرأى في بعض هذه اللعب صورة خيل لها أجنحة، فداعبها عليه الصلاة والسلام قائلاً لها:«يا عائشة! فرس وله أجنحة؟ ! قالت: ألم يبلغك يا رسول الله بأن خيل سيلمان عليه السلام كانت ذوات أجنحة، فضحك صلى الله عليه وسلم وأقرها على ذلك» .
هذه القصة نستفيد نحن منها في استثناء بعض الصور مما ذكرنا آنفاً من التحريم تصويراً وقنيةً، لكن الأمر يجب أن يوقف عند حد؛ ذلك لأن من المعلوم عند العلماء أن الضرورات تبيح المحضورات، فما كان أصله محرماً في الشرع لا يجوز استحلاله واستباحته بأدنى مناسبة.
الآن ندخل في صميم الجواب عن السؤال: تعليم الأطفال بالصور، أصبح هذا التعليم كما أننا نعلمهم ألف باء تاء ثاء هذا لا بد منه للعلم، لكن أين الضرورة أننا نصور له مثلاً: الغزال أو الحمار أو الدب أو الأسد أو ما شابه ذلك، قال: هذا من أجل تنمية فكر الولد، هذه التنمية تأتي معه في الحياة مستقبلاً، فليس من الضروري نحن إن كنا معلمين أو معلمات أن نصور لهم هذه الصور ليفهم أن هذا حمار وليس تيساً.
مداخلة: وكيف يعرف يا شيخ؟
الشيخ: نعم؟
مداخلة: كيف يعرف؟ أليس من اللازم أن آتي له بصورة؟ يعني: من أجل
أوضح له الشيء لازم آت له بصورة من أجل ينظر إليها.
الشيخ: بارك الله فيك انتبهي لما أقول: الحرام لا يحل إلا بضرورة، أين الضرورة لنفهم الولد الفرق بين التيس والحمار، هذا من نافلة العلم ليس فرضاً، أنا أقول لك مثلاً تصوير اللصوص في سبيل تسهيل طريق القضاء على لصوصيتهم .. تصوير الجسد لكي يكون مساعداً للطبيب على معرفة وإمكانية تمكن الداء أو المرض في مكان البدن هذا أمر ضروري، فكل شيء يقاس بما يناسبه.
الآن نحن نقول: تصوير هذه الصورة للولد لهذا التمييز هذا ليس بالأمر الضروري وليس بالأمر يعني: الذي إذا لم يعرفه الولد في سن طفولته حينما يبلغ سن التكليف يعني: سن الرجال يكون بليداً .. يكون أحمق، كلنا نشأنا دون هذه الوسيلة وها نحن كغيرنا ممن يعيشون بهذه الوسائل.
الشاهد: يجب أن يوسع في أذهاننا أن ما كان محرماً شرعاً فلا يجوز استحلاله بأدنى الأسباب، اليوم مثلاً مما ابتلينا به بسبب الغفلة عن هذه القاعدة أن ما كان حراماً لا يجوز استحلاله بأتفه الأسباب، اليوم مثلاً ابتلينا بأن موضة العصر أن المرأة الحامل ينبغي أن تلد في المستشفى، كان من قبل المرأة تلد في بيتها، إذا تعسرت ولادتها جيء بالطبيب إليها أو الطبيبة إن كانت موجودة، الآن سواء كان الحمل طبيعياً أو كان غير طبيعي لازم نأخذها إلى المستشفى ونولدها هناك حيث يطلع على عورتها من يجوز له أن يطلع ومن لا يجوز، هذا توسع في استحلال ما حرم الله من كشف للعورات.
ولذلك يقول العلماء: قاعدتان لا يجوز أن تؤخذ إحداهما لوحدها دون الأخرى: الضرورات تبيح المحضورات، هذه القاعدة الأولى، والقاعدة الثانية: الضرورة تقدر بقدرها، فإذا كنا مؤمنين حقاً بأن التصوير حرام، وأنه من أشد المحرمات، كما جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان مسافراً وجاء ويريد أن يدخل على عائشة وجد في بيتها ستار فامتنع من الدخول قال: ما هذا يا
عائشة؟ قالت: اشتريته لك، فهتكه عليه السلام وقال:«إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة هؤلاء المصورون» أشد الناس يوم القيامة هؤلاء المصورون! هل نحن تشبعنا بهذا الوعيد الشديد من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أصبح التصوير عندنا كالكتابة العادية تماماً.
يجب أن نكون يقظين، وأن لا نكون غافلين عن أحكام شريعة سيد المرسلين، التصوير من الكبائر:«أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون» ما كان كذلك في التحريم فلا يجوز استحلاله لسبب بسيط جداً هو: أننا نفهم الولد أمراً ليس من الضروري تفهيمه.
أنا أقرب لَكُنّ هذا المثال بصورة: توجد حيوانات محرمة أكلها .. أخرى مباح أكلها، الرجال ربما لا يعرفون بعض الحيوانات المحرم أكلها، فإذ صورنا لهؤلاء الرجال الحيوان المحرم ليعرف الحرام هذا مثال مما يجوز أن نقول بجوازه؛ لأن فيه مساعدةً على معرفة حكم شرعي وهو الحلال والحرام، أما والله الأطفال الصغار .. نثقفهم ونوسع أفقهم بهذه الصور.
أصبح الأمر اليوم أكثر بيوت المسلمين حينما يدخلها الداخل لا يفرق بينه وبين بيت الكافر، أصبحت أنا مثلاً أدخل في بيت بنتي بيت صهري هذا أجد هنا صورة وهنا صنم وهنا صنم، أصبحت بيوت المسلمين كبيوت الكافرين لماذا؟ لأننا توسعنا في إباحة التصوير المحرم أشد التحريم لأتفه الأسباب، ولذلك يجب أن نحفظ هاتين القاعدتين: الضرورات تبيح المحضورات، لكن ليس هكذا مطلقاً، يقول بعض الناس: أنا والله مضطر أن أودع مالي في البنك، أين الضرورة؟ والله أخشى اللصوص يسطون على مالي، سبحان الله! الضرورات تبيح المحضورات يعني: وقع الإنسان في الضرورة فهو يريد الخلاص منها، هم قبل أن يقعوا في الضرورة يستحلون الحرام يقول: أنا أخشى أن اللصوص يسطون على داري كأنه يصور الناس ويضع راية على رأس الدار هنا الكنز هنا المال، لا أنت اتخذ الأسباب التي أباحها الله لك ثم توكل على رب الأرباب:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب} [الطلاق: 2 - 3].
غرضي من هذا أن المسلمين لا يتمسكون بشريعة الله عز وجل، يستعملون أهوائهم، الضرورات تبيح المحضورات صحيح، لكن الضرورة تقدر بقدرها، ومتى تكون الضرورة؟ حينما نقع: كالرجل في الصحراء مثلاً ينفذ الماء لا يجد أن يشرب إلا نجساً نقول: هنا الضرورة، لكن واحد يتزود بالحرام من هنا حتى لا يقع في العطش أو في الضرورة في الصحراء هذا لا يجوز إسلامياً.
المسألة تحتاج إلى علم وتحتاج إلى فقه، حين يعوز المعلم أو المعلمة أن يفهم الولد شيئاً ضرورياً ليس كمالياً حينذاك لا بأس أن يقرب له ذلك بصورة ثم يقضى عليها وانتهى الأمر، أما.
مداخلة: نشتريها ممكن.
الشيخ: نعم؟
مداخلة: اشتريها ممكن أريها له بعد ذلك أسحبها، أشتريها يعني: الصورة هي مرسومة في مكان
…
أريها له وبعد ذلك أسحبها منه.
الشيخ: أنت تريها له، لكن هذه الصورة من أين جاءت؟ من صورها؟
مداخلة: من المكتبة.
الشيخ: لا يجوز هذا.
مداخلة: [طيب الضرير الذي] لا يرى، كيف نعلمه الأشياء [إلا بالتصوير]؟
الشيخ: كلامي السابق هو جواب كلامك، أنتِ تريد أن تعلمي الضرير القراءة والكتابة ليس ضروري تعلميه ما هو الفرق بين التيس وبين مثلاً [الحمار].
هل هذا ضروري يعني فرض عليه؟ ليس فرضاً عليه، يعني: الحرام لا يستحل إلا بمقابل فرض يعني: الرجل أو الإنسان حينما يكون في الصحراء ويتعرض للموت هذا هو الهلاك، والله يقول:{وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] هذا حرام، فإذاً هو الآن بين ضرورتين: إما أن يأكل لقيمات أو يشرب جرعات من الماء في سبيل أن يخلص
نفسه من الموت فهو لا يجوز مثلاً وهذا من دقائق المسائل: إذا جاء فوجد لحم خنزير أو ميتة فلا يجوز له أن يجلس فيأكل ويشوي من هذا اللحم كما لو كان يأكل من لحم الضأن الحلال حتى يمتلئ لا، وإنما يأكل لقيمات ينجي نفسه من الهلاك، هذا معنى قول العلماء: الضرورة تقدر بقدرها، من أين أخذوا هذا؟ قال تعالى:{إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] أي: إلا المقدار الذي أنتم تضطرون إليه فيجوز أكله ولو كان أصله حراماً.
فالآن مثال الأعمى: نحن نعلمه القراءة والكتابة، وليس من الضروري أن نفهمه كما قلنا الفرق بين الدب وبين الغزال ونحو ذلك، هذه أمور من نافلة العلم وليس يجب أن نعلم الناس بالوسيلة المحرمة ما ليس بواجب، هذه الخلاصة.
مداخلة: نريد .... لو سمحت [قولك] حسب الضرورة، يعني: الضرورة غير الحاجة، الضرورة سمعت أنها هي التي تفضي إلى الموت، ولكن الحاجة التي نحتاج إليها؛ لأننا سمعنا أنه يجوز الصور في جوازات السفر وغير ذلك لبيان الشخصية، هذه تعتبر حاجة وليست ضرورة.
الشيخ: أنا أقول: هذا يجوز، لكن هذا ليس كمسألة تعليم للأطفال يا بنت الحلال.
مداخلة: نعم، أنا أسأل عن مثلي.
الشيخ: لا مثلك نحن نقول فيها، نحن نقول: لا يستطيع الآن الإنسان أن يحج إلا ومعه هوية ومعه جواز.
مداخلة: نعم، ولكن أنا أعني: أن هذه حاجة وليست ضرورة، أنني أحتاج إلى أن أحج إلى الكعبة، أو أحتاج إلى سفر، ولكن هذا ليس ضروري؛ لأنه لم يفضي إلى الموت إذا لم أفعل هذا الفعل.
الشيخ: صحيح هذا، لكن ما كنا في صدده هو هكذا؟
مداخلة: لا أنا أتحدث فقط عن الحاجة.
الشيخ: أنا أجبتك هذا جائز.
(الهدى والنور / 99/ 47: 37: .. )